قبل 40 عاماً.. هكذا صعد الإسلام السياسي عقب الثورة الإسلامية في إيران

قبل 40 عاماً.. هكذا صعد الإسلام السياسي عقب الثورة الإسلامية في إيران


كاتب ومترجم جزائري
09/01/2020

ترجمة: مدني قصري


يوم 11 شباط (فبراير)؛ مرت الذكرى الأربعون للثورة الإسلامية في إيران، ويمثل عام 1979، من جميع النواحي، نقطة تحوّل رئيسة لتاريخ الإسلام المعاصر، مع السلام الإسرائيلي – المصري، والغزو السوفييتي لأفغانستان.
انبهار الأجيال بانتصار الخميني

اقرأ أيضاً: جواد ظريف: استقال أم أقيل؟.. ماذا يحدث في إيران؟
في 11 شباط (فبراير) 1979؛ انتصرت الثورة الإسلامية الأولى في التاريخ في إيران، بعد الإطاحة بنظام الشاه، وما كان يسمّى "جيش العالم الرابع"، في أعقاب هذا الحدث التاريخي تمّ احتلال السفارة الإسرائيلية القوية، وتحويلها إلى "سفارة فلسطين"، وتسليمها إلى ممثل زعيم منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، في طهران، في العالم الإسلامي؛ انتقل جيل كامل من المناهضين للإمبريالية، من الذين انبهروا بانتصار آية الله الخميني، من الماركسية الأكثر تشدداً إلى أكثر الإسلام راديكالية.
تأثير الثورة الإسلامية على مصر
في يوم 26 آذار (مارس)؛ وقّع رئيس الوزراء الإسرائيلي، مناحيم بيغن، والرئيس المصري، أنور السادات، في واشنطن، معاهدة سلام، تم التفاوض عليها تحت رعاية الرئيس الأمريكي، جيمي كارتر، وهكذا فازت إسرائيل بانتصار ثلاثي: انتصار رمزي، من خلال الاعتراف الرسمي وإقامة علاقات دبلوماسية مع مصر، أكبر دولة عربية، وانتصارٌ إستراتيجي؛ بشلّ قوة خصمها الأكثر رعباً، وانتصار سياسي، مع تفكك المعسكر العربي، غير القادر على التضامن النشط مع السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ عام 1967.

اقرأ أيضاً: الملك سلمان يهاجم إيران.. هذا ما قاله
حصل أنور السادات على معونات أمريكية كبيرة، سمحت له بتصفية إرث عبد الناصر لصالح طبقة من "الأغنياء الجدد"، من مؤيدي الغرب، ومناصري الأسلمة عن طيب خاطر، استعادة سيناء، التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967، بُرمجت على ثلاث مراحل؛ من 1979 إلى 1982، لكن مصر أقصيت من جامعة الدول العربية، التي غادر مقرّها القاهرة للانتقال إلى تونس، الرئيس كارتر، الذي لم يكن يتطلع إلى أقل من مصالحة "أبناء إبراهيم"، رضيَ بسلام جزئي.
رئيس الوزراء الإسرائيلي، مناحيم بيغن، والرئيس المصري، أنور السادات

إعلان الجمهورية نظاماً ثيوقراطيّاً
في 1 نيسان (أبريل)؛ أعلِنت الجمهورية الإسلامية في إيران، بعد يوم من المصادقة عليها بنسبة 98٪ من خلال استفتاء أجري بدون صناديق اقتراع، وببطاقة انتخابية واحدة، في الواقع؛ لكلّ عنصر سياسي تفسير مختلف لهذا الشكل الجديد للجمهورية، دون قياس إلى أي مدى كان "الإمام الخميني" مصمّماً على إنشاء سلطة مطلقة.

تركت هزات 1979 ندوباً عميقة بالعالم الإسلامي؛ حلّ الإسلام السياسي محلّ القومية المناهضة للإمبريالية كأفضل قوة لمعارضة أمريكا وإسرائيل

في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر)؛ اقتحم "طلاب خطّ الإمام" السفارة الأمريكية في طهران، التي أطلق عليها اسم "عش الجواسيس"، في موكب مُهين، استعرضوا مع 66 رهينة أمريكية معصوبة العينين، بالنسبة إلى "الخمينيين"؛ فإنّ الأزمة التي فتحت على هذا النحو تسمح بإسكات أيّة معارضة داخلية. وعلى هذا النحو فرضوا في الشهر التالي دستوراً جعل من الجمهورية الإسلامية نظاماً ثيوقراطياً.
حصار مكة المكرمة
في 20 تشرين الثاني (نوفمبر)؛ في اليوم الأول من القرن الخامس عشر في التقويم الإسلامي، استولت مجموعة من المتمردين على المسجد الكبير في مكة المكرمة، وأعلن زعيمهم أنّه المهدي المنتظر، الذي من المفترض أن يستعيد ظهوره الدينَ والعدل، ويفتح دورة نهاية الزمن، وقد فرضت السلطات السعودية تعتيماً على هذه المغامرة، وانتشرت شائعات مجنونة حول احتلال أكثر مكان قداسة في الإسلام من قبل الجيش الأمريكي، وأدّى ذلك إلى خروج الآلاف من المتظاهرين في شوارع إسلام آباد، في باكستان؛ حيث تمّ نهب السفارة الأمريكية من قبل مثيري الشغب في 21 تشرين الثاني (نوفمبر)، كما قُتل أمريكيان، أحدهما من قوات البحرية، في ذلك الهجوم. ولم ينه ذلك الحصار، الذي دام خمس ساعات، سوى عملية مروحية عسكرية قام بها الجيش الباكستاني الذي تمكّن من إنقاذ 140 موظفاً في السفارة (دبلوماسيين أمريكيين وموظفين محليين).

 

 

الجيش الأحمر ينقذ النظام الشيوعي
من جانبها؛ أصبحت أفغانستان، منذ عام 1978، خاضعة لقيادة الحزب الشيوعي المحلي (الحزب الديمقراطي للشعب الأفغاني (PPDA))، بدعم من موسكو، قدّم اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية دعماً عسكرياً مهماً ضدّ مختلف الانتفاضات الإسلامية (خاصة في هرات)، لكن مستشاري الاتحاد السياسيين كان عليهم بشكل خاص تهدئة صراعات الفصائل التي لا هوادة فيها داخل الحزب الحاكم؛ لقد ساءت وتفاقمت هذه الصراعات في خريف عام 1979، لدرجة أنه، في 27 كانون الأول (ديسمبر)؛ تدخل الجيش الأحمر مباشرة لمنع انهيار النظام الشيوعي، لقد قضت القوات الخاصة السوفييتية على سيد كابول، حفيظ الله أمين، ونصبت مكانه رجلها الوفي، بابرك كارمل، وسيطر اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية على الطرق الرئيسة للبلاد، بينما أدى غزو "الكفار" إلى رفعٍ جماعي للجهاد المسلح المتمرد، بقيادة قادة كاريزماتيين، أمثال مسعود.
هكذا ظهر بن لادن
تركت هزات عام 1979 ندوباً عميقة في العالم الإسلامي؛ حلّ الإسلام السياسي محلّ القومية المناهضة للإمبريالية كأفضل قوة لمعارضة الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ "الثورة الإسلامية" عملت، مع الحرب ضدّ العراق، على تشديد أبعادها الشيعية، مما أدى إلى تفاقم الصراع الطائفي.
مصر؛ التي تمّ تهميشها بسبب السلام مع إسرائيل، والجزيرة العربية، التي زُعزع استقرارها بسبب التمرد في الحرم المكي، وجدتا في الجهاد المناهض للسوفييت في أفغانستان قضية "إسلامية" أصيلة، سمح لهما بنسيان تنازلاتها مع الولايات المتحدة. في هذه الأثناء؛ برز سعودي وُلد عام 1957، أغرته واستهوته ملحمة الجهاد، ذهب ليستقر في باكستان ويجمع الأموال في الخليج لفائدة هذه القضية، فكان تألقه المتزايد بحجم كرمه؛ هذا الشخص اسمه أسامة بن لادن.


المصدر: lemondedesreligions*


هامش:

*جان بيير فيليو؛ مؤرخ متخصص في الإسلام المعاصر، وآخر إصداراته: "الجنرالات والعصابات والجهاديون: قصة الثورة المضادة العربية"، (La Découverte، 2018).



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية