غريفيث والمهمة المستحيلة

غريفيث والمهمة المستحيلة


04/03/2019

فاروق يوسف

هناك نفاق سياسي عالمي في ما يتعلق بالمسألة اليمنية.

فبعد فشل المبعوث الدولي السابق الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ احمد يبدو البريطاني مارتن غريفيث في طريقه إلى الفشل في مهمته الدولية للأسباب نفسها التي تتكتم عليها الجهات ذات العلاقة.

فالحوثيون لا يرون حلا إلا في استسلام المجتمع الدولي لشروطهم التي لا يعترفون من خلالها بالشرعية. وهو ما يعني أن على المجتمع الدولي أن يخضع لمنطق الانقلاب الذي يستندون إليه.

يرغب الحوثيون في أن يفرضوا واقعا صنعوه بديلا عن الحكومة الشرعية التي تحظى باعتراف العالم. وهو ما يناقض المساعي التي تبذلها الأمم المتحدة من أجل انهاء الحرب. وهي مساع تضع في اعتبارها الاعتراف بجزء من ذلك الواقع، الذي صنعه الحوثيون، كونهم يمثلون طرفا في النزاع. وهو ما فهمه الحوثيون خطاً، حين اعتقدوا أنهم الجهة الوحيدة التي يجب على المجتمع الدولي أن يفاوضها. 

وقد يكون متأخرا القول إنه كان أولى بالمجتمع الدولي أن يتعامل مع الحوثيين باعتبارهم جماعة انقلابية وأن يقف بشكل مطلق مع الحكومة الشرعية التي سبق لليمنيين أن انتخبوها.

فما يتعثر به المبعوث الدولي الحالي من أسباب للفشل هي ذاتها الأسباب التي تعثر بها المبعوث السابق. ما من شيء تغير في موقف الجماعة الانقلابية التي دأبت على أن تنقض الاتفاقات التي توقع عليها.

صار جليا أن الحوثيين لا يملكون حلا يجتمع عليه اليمنيون. ليس لديهم ما يقدمونه سوى فرض الواقع الانقلابي الذي جر البلاد إلى الحرب. ذلك ما عرفه ولد الشيخ وهو ما يصطدم به غريفيث اليوم.

هناك حقيقة صارخة يحاول الكثيرون الالتفاف عليها هي التي تقف حائلا دون تمكن المجتمع الدولي من اقناع الجماعة الحوثية بالانضمام إلى حوار وطني حقيقي والالتزام بمخرجات ذلك الحوار.

فتلك الجماعة هي واحدة من أذرع إيران الطائفية الممتدة في العالم العربي. وهو ما يعني أن قرار تلك الجماعة مرتبط بما تجده طهران مناسبا لها.

لذلك فإن أي حوار مع الحوثيين لا جدوى منه.

حقيقة لابد أن يكون المبعوث الدولي قد لمسها وتأكد منها.

من جهته فإن النظام الإيراني لا يخفي رغبته في أن يقوم المجتمع الدولي بالتفاوض معه في ما يتعلق بالمسألة اليمنية. وهو يسعى من وراء ذلك إلى الحصول على اعتراف دولي صريح بأن إيران قد تحولت إلى مرجعية إقليمية، في العودة إليها يتمكن المجتمع الدولي من فرض رغبته في نشر السلام.
تلك أمنية إيرانية تتناقض كليا مع الواقع الذي تعيشه إيران حاليا.

فإذا كان نظام آيات الله قد نجح في التمدد على حساب العالم العربي من خلال عصاباته الطائفية وجماعاته الإرهابية فإن الأولى بالمجتمع الدولي أن يتصدى بحزم وصرامة له كونه نظاما داعما للإرهاب وممولا له.

وهو ما يقع في صلب العقوبات التي نتجت عن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الذي سبق وأن ابرم مع إيران.

ومن المؤكد أن إيران تسعى إلى أن تزيد مساحة الفوضى في المنطقة من خلال أذرعها في محاولة منها لفك الطوق المضروب عليها. وهو ما لن تنجح فيه بغض النظر عما يقوم به حزب الله والجماعة الحوثية من عمليات على مستوى الحصول على أسلحة أو التهديد بشن حروب جديدة.

ولهذا فإن أي حل للمسألة اليمنية لن يجد طريقه إلى النور إلا بعد أن يتم احتواء إيران ويتم تحجيمها. فما دامت إيران قادرة على الحركة خارج حدودها وتمويل الميليشيات التابعة لها فإن لغة الحرب ستكون أعلى صوتا من لغة السلام في المنطقة.

الفشل الاممي في التصدي للأزمة اليمنية هو تجسيد لنفاق، سيتم الكشف عنه حين يضطر المجتمع الدولي إلى مواجهة إيران، باعتبارها واحدة من أهم الدول الراعية للإرهاب.

عن "ميدل إيست أونلاين"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية