العلاقات الأمريكية التركية.. هل تتجه نحو القطيعة؟ وما علاقة أردوغان؟

تركيا

العلاقات الأمريكية التركية.. هل تتجه نحو القطيعة؟ وما علاقة أردوغان؟


12/03/2019

تكاد تكون العلاقاتُ الأمريكية مع تركيا أقرب إلى قطيعةٍ لم تخطر على بال أكثر المتشائمين في البلدين، على الرغم من أنّ تلك العلاقات بدأت بالتمزق على امتداد ثلاث إدارات في البيت الأبيض: جورج بوش الابن وباراك أوباما ودونالد ترامب، وخلالها تنامى اعتقادٌ في تركيا بأنّها باتت قادرةً على تحديد العلاقة مع الولايات المتحدة، بغض النظر عن المصالح الأمريكية.

تعتقد شخصيات أمريكية مهمة في الإدارة والكونغرس أنّ المحركَ الرئيسي لتمزق العلاقات مع الولايات المتحدة كان أردوغان

وتعتقد شخصياتٌ أمريكية مهمة في الإدارة والكونغرس، فضلاً عن كبار المستشارين والخبراء في مراكز البحوث، أنّ المحركَ الرئيسي لهذا التمزق في العلاقات كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. فقد قام على مدى العقد الماضي بتعديل الجغرافيا السياسية في تركيا، فتخلى عن الجمهورية العلمانية المتوجهة نحو المثال الغربي التي أنشأها مصطفى كمال أتاتورك، لصالح "تركيا العثمانية الجديدة" التي هي أكثر انسجاماً مع جيرانها الشرقيين، بما في ذلك روسيا.

دفع الرئيسان؛ جورج دبليو بوش وباراك أوباما، أوروبا إلى قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي

 

ومن جانبه، يقول رئيس مشروع تركيا في "مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية" الذي تأسس بالعاصمة الأمريكية قبل 50 عاماً، بولنت علي رضا: "منذ نهاية الحرب الباردة، كانت هذه العلاقة في مأزق؛ لأن التهديد المشترك للاتحاد السوفييتي قد اختفى، فيما حاول الرؤساء الأمريكيون التماشي مع أردوغان دون التفريط بمصالح بلادهم لكن دون جدوى".

اقرأ أيضاً: شكوى للأمم المتحدة ضد تركيا بسبب جماعة الإخوان

تتجه البلدان الآن نحو المواجهة الأكثر خطورة. فقد حذرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الإثنين الماضي من أنّ تركيا ستواجه "عواقب وخيمة" إذا مضت في عملية الشراء المخطط لها لنظام الدفاع الجوي الروسي "إس-400" بدلاً من نظام "باتريوت" الذي عرضته الولايات المتحدة. وناشد قائد قوات حلف شمال الأطلسي الجنرال "كورتيس سكاباروتي"، الثلاثاء الماضي، أنقرة لإعادة النظر في قرارها.

جاء رد أردوغان متعارضاً بشكل واضح مع سياسة "تماشي البيت الأبيض مع سياساته"، وقال في تصريح صحفي له الأربعاء الماضي "لقد انتهينا من قضية شراء صواريخ "إس-400"، ولا يمكن أبداً العودة إلى الوراء. فهذا لن يكون أخلاقياً، ولا ينبغي لأحد أن يطلب منا أن نعلق اتفاقاً نحن بصدد إنجازه".
يأتي قرار أردوغان (تصفه أوساط أمريكية بكونه منحازاً ضدها) على الرغم من تحذيرات الولايات المتحدة من أنّ تركيا كانت تهدد دورها كشريكٍ في بناء المقاتلة من طراز "إف-35" الأمريكية التي صمم صاروخ "إس-400" الروسي لإسقاطها.

اقرأ أيضاً: تركيا وسياسة التتريك.. ماذا يحدث في شمال سوريا؟

وهنا تؤكد واشنطن أنّ وجود أنظمة أسلحةٍ متنافسة في نفس البلد، يمكن أن يضرّ بأمن الطائرة "إف-35". وهم الآن يتدافعون مع شركة لوكهيد مارتن (المصنعة للطائرة)، للعثور على مصادر بديلة لأجزاء جسم الطائرة ومئات مكوناتها الأخرى التي كان من المقرر صنعها في تركيا.

وفي هذا الأمر شديد الحساسية يقول مسؤولٌ كبيرٌ في إدارة ترامب: "علينا أن نأخذ كلمتها، الحكومة التركية، على محمل الجد والخطورة، بالمقابل لدينا مسؤولية من جانبنا لاتخاذ الخطوات الضرورية".

 

الزعيم التركي يخرّب تقدم بلده، الذي كان واحداً من قصص النجاح العظيمة في العالم

وتنقل صحيفة "واشنطن بوست" عن إيريك إيدلمان، الذي عمل سفيراً للولايات المتحدة في أنقرة من 2003 إلى 2005: "تركيا حليفٌ لا يمكن الاعتماد عليه بشكل كامل".

وكان إيدلمان يحذّر من "الاستبداد الوحشي" لأردوغان وذلك في برقية في كانون الثاني (يناير) 2004 كشف عنها موقع "ويكيليكس"، وفيها يوضح أنّ "أردوغان قد أصبح يمتلك من الصفات ما يجعله عرضةً بشكلٍ خطير لخطأ في حساب الديناميكية السياسية، وخاصة في الشؤون الخارجية".

كان البندول التركي يتأرجح بعيداً عن الغرب، على الرغم من محاولات الرؤساء الأمريكيين الثلاثة طمأنة الزعيم التركي. فقد دفع الرئيسان؛ جورج دبليو بوش وباراك أوباما، أوروبا إلى قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي، كما تعامل أوباما مع أردوغان كـ "قائد مسلم نموذجي خلال الربيع العربي"، مغازلًا الزعيم التركي في أكثر من 20 مكالمة هاتفية شخصية. بينما احتضن الرئيس ترامب، أردوغان، وعرض في كانون الأول (ديسمبر) 2018 سحبَ قوات الولايات المتحدة من شمال شرق سوريا، وترك القوات التركية هناك، وهو موقفٌ ما لبث أن تراجع عنه.

دافيد أغناثيوس: الزعيم التركي يخرّب تقدم بلده، فقد سحق أردوغان صحافةً حرةً مزدهرة، وسجن الآلاف من المعارضين

بدوره يقول الخبير الاستراتيجي الأمريكي دافيد أغناثيوس إنّ "الزعيم التركي يخرّب تقدم بلده، الذي كان واحداً من قصص النجاح العظيمة في العالم، فقد سحق أردوغان صحافةً حرةً مزدهرة، وقضى على الجيش القوي مرةً واحدة، وسجن الآلاف من المعارضين، وقوّض الاقتصاد التركي، بمجرد أن أصبح جوهرة الأسواق الناشئة".

كما تلفت واشنطن النظر دائماً في باب افتراق الطرق مع أنقره إلى أنّ "أردوغان يؤسس لنموذج من القومية الشعوبية عبر هجمات شديدة على حزب العمال الكردستاني، وحليفه الكرد في سوريا على الرغم من أنّ "وحدات حماية الشعب" الكردية هي أفضل حليف لأمريكا ضد تنظيم الدولة الإسلامية". وهنا تؤكد واشنطن نقلاً عن وزير الداخلية التركي أنّ بلاده وإيران تخططان لعمليات مشتركة ضد الكرد السوريين.

القس الأمريكي، أندرو برونسون

اقرأ أيضاً: تركيا تضرب العرب بالكرد في سوريا لخدمة أحلامها العثمانية

وتعرض أوساط أمريكية بارزة إلى "سلسلة من التحركات المعادية" لبلادها من قبل أردوغان في السنوات الأخيرة، ومنها "تقويض العقوبات الأمريكية ضد إيران، وسجن القس الأمريكي، أندرو برونسون، بالإضافة لإلقاء اللوم على الولايات المتحدة في محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016، والسماح لحراسه الشخصيين بمهاجمة المتظاهرين الغاضبين على سياساته في واشنطن أثناء زيارته الرسمية لها عام 2017، وتأكيده للديكتاتور الفنزويلي مادورو على أن تركيا تقف معك".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية