هل ستكون حماس الطرف الفلسطيني الذي سيمرر "صفقة القرن"؟

هل ستكون حماس الطرف الفلسطيني الذي سيمرر "صفقة القرن"؟


04/04/2019

إلى فترة قريبة، كانت مخرجات ما يسمى "صفقة القرن" يتم تداولها في إطار كونها مجرد تسريبات غير مؤكدة، تنسب إلى مصادر موثوقة وعليمة أحياناً، تتداولها كبريات الصحف، الأمريكية والأوروبية، وسرعان ما تصدر تصريحات عن مسؤولين أمريكيين، دون أن تنفي أو تثبت تلك التسريبات، حتى وصل الأمر بنتنياهو نفسه أن يصرح، قبل أيام، بأنّه لا يعرف شيئاً عن شيء اسمه صفقة القرن.

اقرأ أيضاً: صراعات حماس وفتح ..هل تعبد الطريق أمام صفقة القرن؟
لكن، مع تحديد الإدارة الأمريكية موعداً للإعلان عن بنود هذه الصفقة، وهو بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية، المقررة في التاسع من نيسان (أبريل) الجاري، وهو موعد مؤجل بعد فشل الإعلان عنها في مؤتمر وارسو، الذي عقد قبل أسابيع لبحث سبل مواجهة إيران، أصبحت الإدارة الأمريكية أكثر جرأة في الحديث عن جوهر الصفقة؛ فعلى هامش اجتماعات منظمة "الآيباك" للأمريكيين اليهود، تداولت الأوساط الإعلامية تصريحين أمريكيين على درجة من الأهمية حول الصفقة، الأول لديفد فريمان، سفير أمريكا لدى إسرائيل، بوصفه أحد الثلاثة الذين "هندسوا" الصفقة إلى جانب غرينبلات وكوشنير، وأعلن خلالها فريدمان ثلاثة محددات للصفقة، وهي: "السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية، الوجود الإسرائيلي الدائم في غور الأردن، واعتبار القدس عاصمة لإسرائيل"، والثاني لوزير الخارجية الأمريكي، بومبيو، الذي أكّد فيه أنّ خطة السلام الأمريكية تستند إلى الوقائع على الأرض، وتتخلى من "المعايير القديمة بخصوص المستوطنات والقدس واللاجئين، وأنّ هذه المعايير فشلت في تقديم حلول مقبولة.

التسريبات الأمريكية حول مضامين "الصفقة" تشير إلى أنّ المطروح دولة فلسطينية في قطاع غزة، قابلة للتوسع في سيناء

التسريبات الأمريكية حول مضامين "الصفقة" تشير إلى أنّ المطروح دولة فلسطينية في قطاع غزة، قابلة للتوسع في سيناء، تبدأ بمشاريع اقتصادية ضخمة في سيناء، تخدم سكان القطاع، بتمويل خليجي وأوروبي، وضمّ ما سيتبقى من الضفة الغربية "لا يتجاوز ما سيتبقى، وفقاً للأمر الواقع، 20% من مساحة الضفة" إلى هذه الدويلة، وهو ما يشكل الترجمة الفعلية لما قاله بومبيو، بكون الخطة الأمريكية الجديدة تستند "إلى الوقائع على الأرض"، هذه الوقائع بالمفهوم الأمريكي تعني أنّ القدس واللاجئين، وهما قضيتان جوهريتان في الحلّ النهائي، خارج أية مفاوضات مستقبلية.
وإذا كانت السلطة الفلسطينية لا تملّ الإعلان عن رفضها لما ستتضمنه صفقة القرن، بعد أن قطعت اتصالاتها مع الجانب الأمريكي، بوصفه طرفاً منحازاً إلى جانب إسرائيل، رغم محاولاتها التكيف مع الصفقة بما يضمن بقاء مقعدها على الطاولة، بكونها الطرف الشرعي الممثل للشعب الفلسطيني، إلا أنّ ما يجري بين حماس وإسرائيل على حدود قطاع غزة، بما في ذلك الحضور المصري المكثف في التوسط بين الجانبين، على خلفية إطلاق صواريخ من قطاع غزة على إسرائيل، والردّ الإسرائيلي عليها، يطرح تساؤلات عميقة حول موقف حماس الحقيقي مما هو مطروح، خاصة أنّها، ومعها الجهاد الإسلامي، أكّدا أنّ أياً منهما لم يقم بإطلاق تلك الصواريخ.

اقرأ أيضاً: هل تقبل حماس بـ"صفقة القرن" على قاعدة دولة في غزة؟
الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة واضح في التعامل الإسرائيلي؛ ففي الوقت الذي تتعايش فيه إسرائيل مع العمليات التي تنفذ ضدّ جنودها والمستوطنين في الضفة، بتعاون مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، هذا التعاون الذي يشكل المظهر الوحيد القائم، وفق اتفاقات أوسلو، والعمل ضمن هذا التعاون على اجتثاث أيّ حضور لحماس والجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، اتخذت إسرائيل بعد أسبوع ساخن مع غزة إجراءات لافتة؛ حيث قررت توسيع المساحة البحرية للصيادين في قطاع غزة، وسمحت بدخول حملة تصاريح الدخول من غزة إلى إسرائيل، فيما قررت السماح بزيادة دخول مبالغ مالية من المخصصات القطرية إلى قطاع غزة، وهو ما يؤكد حقيقة أنّه لا إسرائيل ولا حركة حماس تخطط لحرب جديدة في قطاع غزة.

السلطة الفلسطينية التي تواجه أزمات مركبة ومعقدة تؤكد أنّ حماس تتعاطى مع إسرائيل في إطار الموافقة على صفقة القرن

السلطة الفلسطينية التي تواجه أزمات مركبة ومعقدة، تؤكد أنّ حماس تتعاطى مع إسرائيل في إطار الموافقة على صفقة القرن، وانتزاع شرعية السلطة لصالحها، بدعم من جهات عربية وإقليمية ودولية، عبر مفاوضات سرية جرت في عواصم أوروبية، جرى خلالها تقديم تنازلات متبادلة بين إسرائيل وحماس، بما فيها تنازل إسرائيل لحماس عن مطلب تسليم أسلحتها وصواريخها، فيما حماس تعمل بكل جهد لإفشال المصالحة الفلسطينية، وتتنازع على القيادة الفلسطينية مع حركة فتح والسلطة الفلسطينية.
الرهانات على موقف فلسطيني مناهض لصفقة القرن، أو للخطة الأمريكية للسلام، المزمع طرحها بعد العاشر من نيسان (إبريل) الجاري، في ظلّ تفاقم الخلافات بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، تبدو موضع شكوك لدى كثير من المتابعين المنطقة، ولا تساعد على بناء موقف عربي وإسلامي، خاصة أنّ أطرافاً عربية وإسلامية استمرأت مقولة "نقبل ما يقبل به الفلسطينيون"، فهل سيكون هناك طرف فلسطيني يقبل بالصفقة مع تحسين شروطها؟ وهل ستدفع مطامع حماس للاعتراف بها بديلاً للسلطة الفلسطينية لتكون الطرف الفلسطيني الذي سيمرر تلك الصفقة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية