السودانيون يواجهون القمع بالأناشيد الوطنية: هل حانت ساعة رحيل البشير؟

السودان

السودانيون يواجهون القمع بالأناشيد الوطنية: هل حانت ساعة رحيل البشير؟


10/04/2019

رصدت الكاميرات، مساء أمس، ما يمكن أن يعد إشارة فرح حملها عرس فني أقامه المحتجون في السودان في محيط مقر وزارة الدفاع، وسط العاصمة الخرطوم. وفي فيديو ليلي آخر، ظهرت المطربة هدى عربي تتوسط مجموعة من المحتجين، وهي تنشد أغنية وطنية، في مشهد يعكس نجاح الجيش السوداني في حماية الاعتصام والمعتصمين.

اقرأ أيضاً: هل يسلك الجيش السوداني سيناريو الجزائر في إقالة البشير؟
وفي سياق التطورات المتلاحقة في السودان، دعا تجمع المهنيين والأحزاب السياسية، اليوم الأربعاء، إلى مزيد من الاحتشاد في ساحة الاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع للضغط على الرئيس عمر البشير بالتنحي عن السلطة.
وتزامنت هذه التطورات مع إعلان أجهزة الأمن وقوفها إلى جانب المحتجين المطالبين ودعم مطالبهم.
وجاءت هذه الانعطافة في موقف أجهزة الأمن السودانية، بعد تصعيد مكثف خاضه المتظاهرون والناشطون الذين توجهوا إلى مجمع وزارة الدفاع، في محاولة لإقناع القوات المسلحة بالوقوف إلى جانبهم.
نجاح الجيش السوداني في حماية الاعتصام والمعتصمين

بماذا طالب بيان "الترويكا"؟
ودفع العنف الناجم عن محاولة فض الاعتصام الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج إلى إصدار بيان مشترك، أمس الثلاثاء، يطالب السلطات السودانية الاستجابة للمحتجين، وطرح خطة ذات مصداقية لانتقال سياسي.
وقالت الدول الثلاث "إنّ الإخفاق في ذلك ينذر بحدوث المزيد من الاضطرابات، كما أنّ القيادة السودانية عليها مسؤولية كبيرة لتجنب حدوث مثل هذه النتائج".
وأضافت الدول، المعروفة باسم "الترويكا"، أنها يمكن أن تعمل للمساعدة في حل الأزمة الاقتصادية في البلاد.

شهد حكم البشير اتهامات بخروقات لحقوق الإنسان. وفي عامي 2009 و2010 وجهت المحكمة الجنائية الدولية إتهامات له بالإبادة الجماعية

كما دعت الدول الثلاث السلطات السودانية إلى الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين "والكف عن استخدام العنف ضد المحتجين السلميين وإلغاء القيود على الحريات ورفع حالة الطوارئ والسماح بحوار سياسي مقبول".
وفي إشارة لافتة وحاسمة، أكدت وزارة الداخلية السودانية احترامها التجمعات السلمية للمواطنين في العاصمة الخرطوم، وطالبت أفراد الأمن بعدم التعرض للمتظاهرين وحمايتهم. كما شدّدت على ضرورة الانتقال السلمي للسلطة.
وقالت الوزارة في بيان رسمي، أمس الثلاثاء، "إنّ قوات الشرطة ظلت خلال الأحداث الأخيرة تؤدي واجباتها في إطار القانون". وأضافت "بعد الاطلاع على تطورات الأحداث الأمنية والجنائية في البلاد أصدرت توجيهاتها لكل قوات الشرطة بالمركز والولايات بعدم التعرض للمواطنين والتجمعات السلمية، وأن تتوجه للقيام بواجباتها في حفظ الأرواح والممتلكات ومنع الجريمة وتنظيم المرور وإجراءات السلامة العامة".
وناشدت الداخلية في بيانها المواطنين "مراعاة السلمية والبعد عن التخريب"، وأعلنت جاهزيتها لتلقي البلاغات الجنائية.

اقرأ أيضاً: آخر تطورات المشهد السوداني.. هل يسلم البشير السلطة للجيش؟
كما دعت إلى "انتقال سلمي يجنّب البلاد الفتن"، وقالت "نسأل الله أن يحفظ بلادنا آمنة مطمئنة وأن يجنبنا الفتن ويوحد كلمة أهل السودان إلى رشد وتوافق يعزز الانتقال السلمي للسلطة واستقرار البلاد."
المهدي يضع البشير أمام 3 خيارات
وفي إطار الضغط على سلطة البشير، جدد زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي دعوته للرئيس السوداني بالتنحي وتسليم السلطة للجيش، كما نقل موقع "بي بي سي".
وقال في موتمر صحفي، أمس الثلاثاء، إنّ أمام النظام الحاكم ثلاثة خيارات هي "إما الاستمرار في المواجهات الخاسرة" مع المتظاهرين وإسالة المزيد من الدماء"، أو "تسليم السلطة لمجلس عسكري، يقود عملية التفاوض مع المتظاهرين في مرحلة انتقالية" أو "أن يستجيب البشير لمطالب الشعب ويتنحى عن السلطة". وقال المهدي إنّه يفضل الخيار الأخير.

اقرأ أيضاً: الأمن السوداني يحاول فضّ التظاهرات.. من تصدى له؟
ويلقى خيار اللجوء إلى الجيش لحسم الأمر، ودفع البشير إلى التنحي، رضى شعبياً واسعاً، حسبما عبر عن ذلك الكاتب السوداني محمد عبد القادر الذي يرى أنّ الجيش "ما زال ضامناً وحارساً لقيم الوطن العليا، بعيداً عن الانتماءات الضيقة والأجندة الصغيرة".
وأكد أنّ "نجاح الجيش في عبور اختبار الوطنية والاحترافية التي تحافظ على كيانه كمنظومة مدخرة لحماية السودان وأهله أمر يثلج الصدور، ويجعلنا نطمئن على أن قواتنا المسلحة مازالت ملكاً للوطن وأهله، تصون العهد وتأبى أن تكون إلا ترسانة لحماية بلادنا والإبقاء عليها حرة وعزيزة وكريمة".

يلقى خيار اللجوء إلى الجيش لحسم الأمر، ودفع البشير إلى التنحي، رضى شعبياً واسعاً

نسج علاقة بين الجيش والشعب

وشدد على أنّ تعظيم ثقة المواطن في جيشه يعد "نقطة تلاحم ستثمر روحاً خلاقة إن كان هنالك توافق على تجنيب البلاد مخاطر التشرذم والانزلاق في الفوضى"، لافتاً، كما نقل موقع "الراكوبة نيوز" إلى أنّ "نسج علاقة بين الجيش والشعب على نحو ما شهدنا خلال الأيام الفائتة سيطمئننا على وجود لغة للتفاهم بشأن مستقبل السودان بين المعتصمين وقيادة القوات المسلحة تعبر بنا إلى بر الأمان الذي نريد".

يلقى خيار اللجوء إلى الجيش ودفع البشير إلى التنحي رضى شعبياً لدى السودانيين الذين يعتبرون الجيش حارساً للقيم العليا

وقال عبد القادر: "الجيش وبحكم ما أظهره من انحياز بائن للقضية الوطنية، يصلح أن يكون وسيطاً مقبولاً وضامناً نزيهاً لأي اتفاق يفضي بالبلاد إلى الانتقال لمربع جديد أكثر من الواجهات السياسية الأخرى، هو مؤهل تماماً للعب دوره التاريخي في حماية البلاد عبر قيادة حوار بين المكونات المختلفة في الميدان السياسي، يجعله جسراً لعبور المرحلة الوطنية الحرجة".
وأعرب الكاتب عن عدم قناعته بتدخل السياسيين: "سئمنا من وعود السياسيين ومبادراتهم المثقوبة، امنحوا الجيش فرصة أن يكون حارساً وضامناً ووسيطاً نزيهاً في حوار حقيقي مع مكونات الميدان السياسي يفضي إلى انتقال جديد"، إذ "لن يثق المحتجون في أي جهة غير الجيش، ولن تجد الحكومة من هو أحرص على أمننا الوطني من (الحارس مالنا ودمنا)".
وخاضت أجهزة البشير مواجهات مباشرة وعنيفة مع المحتجين السلميين

كيف بدأت الاحتجاجات في السودان؟
ويشهد السودان احتجاجات منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي عندما رفعت الحكومة أسعار الخبز وتحولت الاحتجاجات إلى أكبر تحد للبشير، الذي تعهد مراراً، منذ بداية الأزمة، باتخاذ خطوات إصلاحية.
وفي شباط (فبراير) الماضي بدا كما لو كان البشير سيستجيب للمتظاهرين ويتنحى، ولكنه أعلن حالة الطوارئ في البلاد.

اقرأ أيضاً: السودانيون يتظاهرون أمام مقرّ البشير.. تفاصيل
وخاضت أجهزة البشير، الذي حكم البلاد ثلاثين عاماً، مواجهات مباشرة وعنيفة مع المحتجين السلميين، أسفرت كما قالت السلطات عن مقتل 32 شخصاً، ولكن منظمة "هيومان رايتس ووتش" تؤكد أنّ العدد يبلغ 51 شخصاً، ويقدّر ناشطون أن يكون العدد قد فاق ذلك.
وبالإضافة إلى خنق الحريات بعامة وبخاصة حرية التعبير والرأي والنشر، يعاني اقتصاد السودان كثيراً منذ فرضت الولايات المتحدة عقوبات على البلاد منذ 20 عاماً، متهمة الخرطوم بدعم جماعات إرهابية.
وفي العام السابق لذلك شهدت معدلات التضخم في السودان ارتفاعاً كبيراً، وتدهورت قيمة الجنيه السوداني بصورة كبيرة.
وشهد حكم البشير اتهامات بخروقات لحقوق الإنسان. وفي عامي 2009 و2010 وجهت المحكمة الجنائية الدولية إتهامات له بالإبادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وصدرت مذكرة اعتقال في حقه.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية