هل تغذي "دولة غزة" الأحلام الانفصالية لدى "حماس"؟

فلسطين

هل تغذي "دولة غزة" الأحلام الانفصالية لدى "حماس"؟


22/04/2019

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لإيجاد أكثر من سيناريو لتطبيق "صفقة القرن"؛ حيث يبدو السيناريو الأقرب في الوقت الراهن، هو فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، والسيطرة على غالبية مساحة الأولى وتهجير سكانها، وإقامة كيان منفصل في القطاع، تحت مسمى "دولة غزة".

محلل مقرب من حماس طالب العام الماضي بالانفصال عن السلطة الفلسطينية وتأسيس كيان مؤقت كنواة انتقالية تجمع الكلّ الفلسطيني

وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في الآونة الأخيرة، خرائط وصور توضح ملامح "دولة غزة"، والأماكن التي سيقيم بها سكان قطاع غزة والضفة الغربية، بعد الاستيلاء على أجزاء كبيرة من أراضي الضفة، وضمها إلى دولة الاحتلال، ومنح سكان القطاع أراضي في سيناء.
فما هو السيناريو المتوقع حول "دولة غزة"؟ وهل تقبل حماس بإقامة كيان منفصل لها في قطاع غزة؟ وهل ستكون تفاهمات التهدئة، غير المباشرة، مقدمة لفصل غزة عن الضفة؟ وما هي الخيارات المطروحة لمواجهة الخطط الأمريكية والإسرائيلية الساعية لتصفية القضية الفلسطينية؟
محللون وسياسيون تحدثوا لـ "حفريات" عن السيناريوهات المتوقعة حول "دولة غزة".
فصل الضفة عن القطاع مخطط قديم
يقول المحلل السياسي، جهاد حرب، لـ "حفريات" إنّ "مخطط فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة ليس بالجديد، فهو منذ عام 2002؛ ولكن لم يتم تنفيذه لأنّ "إسرائيل لم توافق على منح الفلسطينيين أرضاً، واليوم يدور الحديث عن ضمّ 720 كيلومتراً من أراضي سيناء إلى قطاع غزة؛ أي ضعف مساحة القطاع، مقابل الاستيلاء على ما يعادلها من الضفة الغربية".
ويؤكد أنّ جميع المخططات لن تنجح؛ لأنّ الشعب الفلسطيني لا يقبل التفريط بجزء من أرضه، بإقامة "دولة بغزة" وحدها أو الضفة، فهذا هو خارج عن المشروع الوطني، ويلبي رغبات الاحتلال بفصل الضفة عن غزة، وإحكام السيطرة على الضفة الغربية، وضمّ أجراء كبيرة منها لإسرائيل.

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لإيجاد أكثر من سيناريو لتطبيق "صفقة القرن"
ومن الواضح، بحسب حرب، أنّ "حماس أبدت موافقة مبدئية على فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، من خلال تفاهمات التهدئة والإبقاء على كيان فلسطيني في قطاع غزة، منفصل تماماً عن الضفة الغربية، وتنفيذ تهدئة مع إسرائيل حفاظاً على كيانها وسيادتها في قطاع غزة، مقابل مجموعة من التسهيلات الاقتصادية، دون أن يكون هناك أيّ توافق سياسي".
تجربة حماس ضرورية للإخوان
ونبّه حرب إلى أنّ حماس تريد إبقاء سيطرتها وقوتها على قطاع غزة، "كون الإخوان المسلمين يرون أنّ تجربة حماس الموجودة في قطاع غزة، وسيطرتها على بقعة جغرافية، هي التجربة الضرورية لإبقاء جدوى للإخوان المسلمين على المستوى الدولي، وجزء من القواعد (الآمنة) التي يمكن الانطلاق منها لدعوتهم، وأيضاً لانتشارهم السياسي على المستوى الدولي".

اقرأ أيضاً: الاحتلال ينزع فرحة الفصح من مسيحيي غزة
ويشدد على أهمية تحدي المخططات الأمريكية والإسرائيلية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية "من خلال الوحدة الوطنية، وإنهاء سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، التي تسيطر عليه منذ ما يزيد عن 12 عاماً، والعمل تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".
ويشير حرب إلى أنّ مصر لن تكون جزءاً من المخططات الساعية لتصفية القضية الفلسطينية، لذلك ترفض التفريط بجزء من أراضي سيناء ومنحها للفلسطينيين ضمن مخطط "صفقة القرن"، وفصل غزة عن الضفة، وإقامة "دولة غزة".

 

سيطرة حماس على غزة
وفي سياق متصل،  يرى المحلل السياسي هاني حبيب، أنّ هناك بعض المؤشرات التي تدفع نحو تأسيس دولة في قطاع غزة، أولها إصرار حركة حماس على تحقيق تهدئة من الممكن أن تتطور إلى هدنة طويلة الأمد، إضافة إلى إصرار دولة الاحتلال على تمرير مجموعة من التسهيلات المتعلقة بإيجاد بنية تحتية لهذه الدولة، ربما في المستقبل القريب؛ من خلال مناطق صناعية، وميناء في القطاع، مما يسهم في تشجيع حركة حماس لبسط سيطرتها على القطاع".

اقرأ أيضاً: غزة..حصيلة إصابات مسيرة العودة بجمعة "يوم الأسير"
ويقول حبيب لــ "حفريات" إنّ "حركة حماس تتذرع بالإجراءات التي يتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لاستعادة قطاع غزة، والتي تتمثل في خصم رواتب الموظفين، ليكون لها مبرر لعملية الانفصال عن الضفة الغربية، وإحكام سيطرتها على قطاع غزة، وتحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة".
وعما أشار إليه بعض المسؤولين الأمريكيين، وخصوصاً مستشار الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، من أنّ هناك حلاً اقتصادياً لقطاع غزة، يرى حبيب أنّ ذلك يعني توفير أرضية وبنية تحتية اقتصادية لعملية الفصل، يضاف إلى ذلك ما أشارت إليه الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يسمى "ملحق غزة"، وهو "أحد الفصول القادمة من صفقة القرن".
مؤشرات لفصل غزة عن الضفة
ويشدّد حبيب على أنّ إعطاء ملف التهدئة الأولوية أكثر من ملف المصالحة الفلسطينية، الذي غاب عن المشهد السياسي الفترة الماضية، من مؤشرات فصل غزة عن الضفة، وتأسيس دولة في قطاع غزة.

دعوات إلى التشديد على أهمية تحدي المخططات الأمريكية والإسرائيلية من خلال الوحدة الوطنية، وإنهاء سيطرة حماس على قطاع غزة

ويوضح أنّ حركة حماس تستغل إصرار القيادة الفلسطينية في إزاحتها عن لعب دور في منظمة التحرير الفلسطينية، والحكومات الفلسطينية، لإيجاد مبرر لوضع سياسي خاص بها، والاستقرار في قطاع غزة، لافتاً إلى أنّ ذلك، من وجهة نظر حركة حماس،" يحقق كينونة ما، تستطيع من خلالها فرض سياستها على الواقع الفلسطيني".
وفي المقابل، يعارض المحلل والكاتب السياسي، د. مأمون أبو عامر، الرأي القائل برغبة حماس في إقامة دولة بغزة، ويرى أنّ "هذا الأمر ليس مقبولاً بين عناصر الحركة، فمن الصعب قبول مثل تلك الفكرة داخل حركة حماس؛ لأنّ طبيعة القاعدة الشعبية والتنظيمية للحركة لا تتفق مع تلك الأفكار مع أي حال من الأحوال، والعنوان السياسي لهذا المشروع غير متوفر حالياً؛ سواء في قطاع غزة، أو في الضفة الغربية".

حركة حماس لا يمكنها أن تكون عنواناً لدولة في غزة

حلم الدولة تبخّر
ونوّه أبو عامر إلى أنّ فكرة أن يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون في دولة واحدة، كان حلماً، وبدأ يتبخر، وتشكيل دولة في غزة يحتاج إلى مساحة جغرافية، ويكون في إطار حلّ سياسي، "وهذا من المستحيل تحقيقه في الوقت الراهن، بعد رفض مصر التخلي عن شبر واحد من أراضي سيناء إلى قطاع غزة".

اقرأ أيضاً: هل يعلن ترامب ضمّ الضفة الغربية لإسرائيل ودولة غزة لحماس؟
وفي نظر أبو عامر؛ فإنّ "حركة حماس لا يمكنها أن تكون عنواناً لدولة في غزة، فهي غير مقبولة سياسياً من الأطراف الدولية، وبالتالي ستبقى تعاني، فوجودها كسلطة حاكمة لقطاع غزة لن يحلّ المشكلة، بل يجعلها قائمة ويزيدها تعقيداً".

من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، لـ "حفريات": "لا توجد دولة في غزة، دون بقية الأراضي الفلسطينية، وما نشر من خرائط ومخططات هي دعاية إسرائيلية أمريكية، لتدجين الشارع الفلسطيني، فالمؤامرة التي تدار بحقّ القضية الفلسطينية هي أكبر من ذلك بكثير، لتطبيق ما يعرف بـ (صفقة القرن)، وفصل غزة عن الضفة الغربية".
غزة مخزن الثورة
ويعتقد الصواف أنّ حركة حماس لا تسعى لإقامة دولة في قطاع غزة؛ "ولكن ربما توافق على غزة من منطلق تحرير الأرض الفلسطينية، وغزة ليست الدولة التي يحلم بها الشعب الفلسطيني، لذلك حماس وفتح، وغيرهما من القوى، لا يمكن أن يقبلوا بغزة دولة للشعب الفلسطيني، فالقطاع سيكون مخزن الثورة الذي يمكن من خلاله تحرير بقية الأرض".

اقرأ أيضاً: إسرائيل تمتدح بقاء "فصل غزة" بمساعدة مالية قطرية

ويردف: "الوحدة الوطنية هي الخيار الأول والأخير، وعلى المجتمع الفلسطيني أن يعي أننا في مرحلة خطيرة، وحتى يمكننا تخطيها، لا بدّ من توحيد القاعدة، وكلّ الأرض، للشعب الفلسطيني، لا غزة دولة والضفة الغربية دولة، فهناك قاعدة يجب على الجميع فهمها: (لا دولة في غزة، ولا دولة دون غزة)".
وكان المحلل والكاتب السياسي، إبراهيم المدهون، المقرب من حركة حماس، قد طالب عبر حسابه على فيسبوك، في 28 آب (أغسطس) 2018؛ بالانفصال عن السلطة الفلسطينية، وتأسيس كيان فلسطيني مؤقت، كنواة انتقالية تجمع الكلّ الفلسطيني، مما سبّب له انتقادات واسعة من الجمهور الفلسطيني.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية