ما مدى واقعية اندلاع حرب أمريكية إيرانية؟

ما مدى واقعية اندلاع حرب أمريكية إيرانية؟


08/05/2019

تنشغل أوساط إعلامية ودوائر استخبارية وسياسية، إضافة إلى مراكز بحوث، في الاجتهاد للإجابة عن الأسئلة الأكثر أهمية، والمطروحة في الشرق الأوسط على خلفية التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران، والذي تشير مقدماته إلى انتقال مستوى التصعيد لاحتمالات المواجهة العسكرية، خاصة بعد قرار الولايات المتحدة إرسال حاملات طائرات جديدة الى المنطقة، وهدفها، وفق، مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون: "إيصال رسالة واضحة لإيران، مفادها أنّ أيّ هجوم على مصالح الولايات المتحدة أو حلفائها سيقابل بقوة شديدة".

اقرأ أيضاً: إيران تتراجع عن تعهداتها في الاتفاق النووي.. ماذا سيكون ردّ أوروبا؟

الأسئلة الأكثر إلحاحاً، تتركز اليوم حول عناوين مرتبطة باحتمالات وقوع صدام عسكري بين أمريكا وإيران، في منطقة الخليج، واحتمالات أن تقوم إيران بإغلاق مضيق هرمز الحيوي في حال إنفاذ أمريكا عقوباتها، بالوصول إلى مستوى "صفر" بالنسبة إلى الصادرات النفطية الإيرانية، التي تقع تحت الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية.

المرجح وفق تصريحات أمريكية وإيرانية أنّ إيران وأمريكا ليستا في وارد الذهاب لخوض حرب عسكرية

المرجح، وفق تصريحات أمريكية وإيرانية؛ أنّ إيران وأمريكا ليستا في وارد الذهاب لخوض حرب عسكرية، رغم ما يصدر من تصريحات من كلا الجانبين حول احتمالات وقوع تلك الحرب، في إطار "تفاهم ضمني" بين الجانبين، في الحفاظ على أن تبقى المعركة بمستوى "العضّ الناعم" على الأصابع؛ حيث أكد بولتون "لا تسعى الولايات المتحدة إلى حرب مع النظام الإيراني، لكننا مستعدون تماماً للردّ على أيّ هجوم، سواء من وكلاء إيران، أو من الحرس الثوري، أو الجيش النظامي الإيراني".

التصعيد الأخير، بإرسال حاملات الطائرات الأمريكية للمنطقة، وقاذفات "بي 52"، يرتبط، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال"، بـ "معلومات استخبارية لدى الإدارة الأمريكية أفادت بأنّ إيران تخطط لاستهداف مصالح أمريكية في عدة دول بالمنطقة، عبر هجمات متنوعة، تشمل غارات بطائرات مسيرة وتفجيرات واغتيالات، تشمل مضيق باب المندب، وقواعد أمريكية في الخليج، عبر طائرات مسيرة، والقوات الأمريكية في العراق وسوريا".

اقرأ أيضاً: خطط إيرانية لاستهداف قوات أمريكية.. تفاصيل

ورغم استمرار أجواء التصعيد بين الجانبين، إلا أنّ احتمالات وقوع حرب إيرانية أمريكية، تشترك فيها دول الخليج وإسرائيل، ما تزال غير ناضجة بالكامل، وما تزال المعركة في إطار التصعيد وعضّ الأصابع، ويبدو أنّ لدى إيران القدرة على إدارة معركة دبلوماسية صعبة، واستيعاب التهديدات الأمريكية، عبر سلسة خيارات واسعة، ربما ليس من بينها الخيار العسكري، خاصة أنّ مستوى التهديدات المتبادلة لم يصل بعد للمستوى الذي انتهت إليه التهديدات المتبادلة مع كوريا الشمالية "الضغط على الزرّ النووي"، وانتهت بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، كما أنّ إرسال حاملات الطائرات الأمريكية، وقاذفات "بي 52" إلى المنطقة لا يعني شيئاً؛ إذ إنّ تلك القاذفات سبق أن شنت هجوماً على أفغانستان، وعلى العراق، ونفذت ضرباتها من فوق الأجواء الإيطالية والإيرلندية، كما لدى أمريكا من القواعد العسكرية والذخيرة في قواعدها المنتشرة بدول الخليج والعراق، ما يكفي لشنّ حرب عالمية ثالثة.

اقرأ أيضاً: هل تشنّ أمريكا حرباً على إيران؟

أما بخصوص التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، في حال منعها من بيع نفطها وتصديره عبر هذا المضيق الحيوي؛ فإنّ إيران تؤكد أنّ إغلاق المضيق هو أحد خياراتها النهائية في حال فشل كافة الخيارات، علماً بأنّ هناك عاملين مهمين في قضية هرمز، الأول: أنه ممرّ دولي تنطبق عليه القوانين الدولية الخاصة بالملاحة البحرية، وتدرك إيران أنّ أيّ قرار بإغلاقه سيرتب عليها التعامل مع ردود فعل دولية واسعة، بما فيها دول لا تتوافق مع أمريكا في ضغوطها على إيران، وثانياً: أنّ إقدام إيران على إغلاق المضيق يعني شمولها بهذا الإجراء، إضافة إلى أصدقائها: "العراق، قطر، والكويت"، ويبدو أنّ قضية التهديد بإغلاق مضيق هرمز، وتأكيد القيادة الإيرانية عليها بشكل متكرر، يأتي في إطار الحرب النفسية التي تردّ بها إيران على ما تصفه بالحرب النفسية، التي تشنها أمريكا، بهدف التأثير في أسواق النفط العالمية، ورفع أسعار النفط، خاصة أنّه رغم حالة التصعيد في المنطقة، إلا أنّه لم يتم إغلاق مضيق هرمز في أية مرحلة، ويرجح أنّ إيران ستذهب لخيار إغلاق المضيق فقط في اللحظة التي ستذهب فيها إيران إلى الأخذ بمقولة: "علي وعلي أعدائي"، ويبدو أنّ الوقت ما يزال بعيداً للوصول إلى اللحظة، وفق تقديرات كثير من الخبراء والمتابعين.

التهديد بإغلاق مضيق هرمز يأتي في إطار الحرب النفسية التي تردّ بها طهران على ما تصفه بالحرب النفسية التي تشنها أمريكا

وإذا كان من المستبعد في المدى المنظور أن تقع حرب بين الجانبين، الأمريكي والإيراني، كما أنّ احتمالات إغلاق هرمز تبدو ضعيفة، فما الذي يمكن أن تفعله إيران رداً على العقوبات والتصعيد الأمريكي؟ تقديرنا أنّ الردّ الإيراني بدأت ملامحه تتوضح، داخلياً؛ بالانسحاب من الاتفاق النووي، واستئناف تخصيب اليورانيوم، وإنتاج الماء الثقيل، وربما لاحقاً الانسحاب من اتفاقية انتشار الأسلحة النووية.

أما خارجياً؛ فإنّ إيران، التي لن تجرؤ على الرد على القوات الأمريكية، حتى لو استفزتها، على غرار الضربات الإسرائيلية للقوات والمليشيات الإيرانية في سوريا، فإن إيران ستردّ، وفق قناعات واسعة في المنطقة، من خلال الحرس الثوري على حلفاء أمريكا في الخليج وسوريا والعراق، إضافة إلى لبنان وفلسطين، فيما لا يستبعد كثيرون إمكانية التوصل إلى صفقة جديدة بين الجانبين، خاصة أنّ لأمريكا سوابق في هذا الخصوص (إيران غيت)، وتحديداً مع الجمهوريين، وهو ما يشكل أحد أركان عقيدة الرئيس ترامب، بإنجاز تسويات على أساس "صفقات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية