المنشق عن الجماعة الإسلامية عوض الحطاب: العنف لن يتوقف بوجود أمراء الدم

المنشق عن الجماعة الإسلامية عوض الحطاب: العنف لن يتوقف بوجود أمراء الدم

المنشق عن الجماعة الإسلامية عوض الحطاب: العنف لن يتوقف بوجود أمراء الدم


26/03/2024

أجرى الحوار: ماهر فرغلي


أخذ عوض الحطاب على عاتقه، هو وبعض رفقائه، المساهمة في إنشاء ما يسمَّى "جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية"، وحين فشلوا في إصلاحها أعلن ذلك بوضوح، وأكد أنّ على الدولة المواجهة بكل أدواتها، خاصة عقب انتشار العنف المسلح حين وصل الإخوان للحكم بمصر، وفي هذا الحوار يتحدث عن تجربته وعن انشقاقه عن هذه التنظيمات.

اقرأ أيضاً: 10 محطات شكلت موقف الجماعة الإسلامية في مصر من العنف
"حفريات" التقت الحطاب، حيث أكد أنّ العنف لن يتوقف ما دام أنّ أمراء الدم يصولون ويجولون ويسيطرون على القرارات المصيرية في عمل "الجماعات الإسلامية".
هنا نص الحوار:
لماذا انشققت عن الجماعة الإسلامية، رغم تلك الأعوام الطوال التي قضيتها معها داخل وخارج السجون؟

انشققت عنها بعد أن قرأت عدة كتب حول شبهات التكفير، وفرقة الخوارج، وبعض الكتب الأخرى وقارنتها بالأبحاث التي كانت الجماعة تدرّسها لنا، سواء خارج السجن أو داخله، فوجدت أنّ هناك ازدواجية في كلّ شيء، مثال ذلك، ما يسمى العذر بالجهل، وإثبات الإسلام لمظهر الشعيرة، اللذان يثبتان الإسلام، وعكسهما في أفعال مثل القتل دون إقامة حجة، والقتل العشوائي لمن أثبتوا لهم الإسلام، فكيف نقول على شخص مسلم وفى نفس الوقت نقتله؟! وكذلك حين كانوا يدرّسوننا كتاب "نيل الأوطار" للشوكاني، كانوا يتجاهلون باب وجوب طاعة الخلفاء والأمراء، وكانت أفعالهم تدلل على أنهم هم الأمراء بالفعل رغم أنهم ليسوا كذلك.

اقرأ أيضاً: عمر عبدالرحمن.. الأب الروحي لتكفيرية "الجماعة الإسلامية"
كتاب "نيل الأوطار" للشوكاني

بمناسبة ذكرك ما يسمى أبحاث الجماعة هل كانت ترقى إلى أن تكون كذلك؟
لم تكن ترقى بالطبع، لكنّهم كانوا يطلقون عليها ذلك، وكلها صفحات مقتطعة في غير سياقها، على سبيل المثال؛ بحث قتال الطائفة الممتنعة، الذي تجد فيه فتوى لابن تيمية، كانت الجماعة تستغلها للقتل، وهي "أيما طائفة ممتنعة عن شعيرة من شعائر الإسلام وجب قتالها"، وستجد في أبحاثهم أنهم لم يسردوا بقية الفتوى، أي أنها مبتورة للافتراء على ابن تيمية أيضاً، لإشباع رغباتهم، دون دليل شرعي، وقد قرأت الفتوى كاملة في كتاب "التوحيد"، فلم أجدها كذلك!

هل المصريون خارجون عن الإسلام؟

كانوا يحكمون على المصريين أنهم خارجون عن الإسلام
إذاً، كانت مشكلتك الأساسية معهم أنهم ينزلون فتاوى التراث على الواقع الحالي، ما يوقعهم في أخطاء شرعية فادحة؟

الحطاب: جبهة إصلاح الجماعة تأسست من أجل عزل قادة العنف وأمراء الدم والدعوة إلى العودة لصحيح الدين

نعم، لقد كانوا يحكمون على المصريين أنهم خارجون عن الإسلام، وكانوا يرون الخلافة من أساسيات الإسلام والدين وينزلون أحكامها على قياداتهم، وينعتون أنفسهم أنهم أهل الحق حصرياً، وهذا غير الأخطاء التنظيمية الأخرى، والجهل الديني الذي تتمتع به قيادات الجماعة، وكذلك فقدان الإنسانية في التعامل مع من خالفهم فكرياً، والأمر الأدهى عدم قدرتهم على الفهم السياسي، وخطاب القتل والجهاد الذي يرددونه ليل نهار، دون أن يوجهوه لأعداء الأمة، وكانوا يوجهونه لصدور المصريين.
هل حديثك هذا عن الجماعة في مرحلة ما قبل مبادرة وقف العنف أم بعدها؟
عن المرحلتين معاً؛ فالمرجعات القديمة ما تزال، وينقصها الكثير من الشرح والتفصيل وإظهار العور الحقيقي في فكر الجماعة، على سبيل المثال، التنظيم والحزب، والعمل في مؤسسات الدولة، وهذا مثل رجل أقلع عن شرب المخدرات لأنه ليس معه أموال لشرائها، لكن حاله اختلف حين حصل على الأموال، وهذا ما رأيناه بعد أحداث يناير 2011، فمنهم من عمل كياناً آخر، وهو حزب البناء والتنمية، كحزب سياسي يخدم الجماعة، إضافة إلى تنظيم الجماعة نفسها، بل تعدى الأمر ذلك، وتمّ عمل جمعية عمومية بانتخابات هزلية بعزل القيادات المقتنعة بالمبادرة وفكر التصحيح، ومنهم: كرم زهدي، وناجح إبراهيم، وغيرهما، وتم استبدالهما بعاصم عبد الماجد ورفاعي طه ومن على شاكلتهما.
هل ما تقوله يؤكد أنّ مبادرة وقف العنف لم تنجح بشكل كامل؟
في الحقيقة هي لم تنجح بالقدر المطلوب؛ بسبب سيطرة قادة العنف وأمراء الدم على المناصب القيادية بعد أحداث يناير، وأسلوب التربية لعناصر الجماعة، التي أهمها السمع والطاعة العمياء، وتحالف الجماعة مع الإخوان.

3 محاور لأزمة الجماعة الإسلامية

سيطر قادة العنف وأمراء الدم على المناصب القيادية بعد أحداث يناير
بماذا تفسّر أزمة الجماعة المستمرة حتى الآن؟

أزمة الجماعة هي في 3 محاور؛ الأول: القيادة الجاهلة، التي لا تفهم في الإسلام ولا الإدارة، والثاني: أنّ الجماعة لا ترجع إلى العلماء في الأمور الشرعية، والمحور الثالث: هو الأفراد الذين تربّوا على العداء لمن خالفهم، والعزلة، والبعد عن العلم الشرعي والوعي السياسي، ويسمعون فقط ويطيعون دون تفكير، والأمر المشترك بينهم هو العداء للدولة ومن فيها، طالما لم يكن لهم نصيب منها، أو هي تحت سيطرتهم.
كيف تفكر أزمة القيادة التي تحدثت عنها؟
القيادي بصفة عامة بهذه التنظيمات تحركه قوته فقط، أما إذا شعر بالضعف تجده تحت الأقدام يقدم الأطروحات والتنازلات ويصبغها بصيغة شرعية وإصلاحية، ظناً منه أنّ من يقرأ له هو مثل أفراده أو من يطيعونه معدومو العقل والفهم، ومن هنا رأيناهم ينقضون عهدهم مع الدولة المصرية، التي منحتهم الكثير والكثير، وتحالفوا مع الإخوان طمعاً في تقسيم (التورتة)، وعدم انفراد مكتب الإرشاد بالسلطة وحدهم، وكان هذا من أجل الحكم، وليس من أجل الإسلام، كما يزعمون.
لكن الجماعة الإسلامية انسحبت من هذا التحالف المسمى "دعم الشرعية"؟
هي لم تنسحب فعلياً، إنما انسحبت إعلامياً، فما تزال قياداتها تحت رعاية الإخوان في تركيا وقطر، بينما الأفراد في الداخل حوسبوا قضائياً على أفعال تمت بأوامر القيادات الهاربة، ودفعوا الثمن، بينما الآخرون فيرفلون بالنعمة.

"لا يصلحون إلا أن يكونوا موظفين"

 لم يقدموا أيّ شيء للبلد، ولن يقدموا
لماذا تعتقد أنّ تجربة حزب البناء والتنمية خاطئة؟

لأنهم بالحزب لم يقدموا أيّ شيء للبلد، ولن يقدموا، لأنهم ببساطة لا يصلحون إلا أن يكونوا موظفين يتلقون الأوامر ممن يمولهم؛ حيث إنّهم ينفّذون دون وعي وعلم، فكلهم أو أكثرهم حصلوا على مؤهلاتهم العلمية بالغشّ في الامتحانات داخل المعتقلات، وقادة الحزب ما يزالون يفتون بتكفير الحاكم وجواز الخروج عليه والتحالف، رغم أنهم يعملون من داخل نظامه السياسي!
في ظلّ تلك التغيرات؛ هل من المتوقع إجراء مصالحة أو مراجعة جديدة؟
مستقبل المصالحة مع الإخوان مرهون بالفهم الصحيح للإسلام، والعمل من خلال مؤسسات الدولة المدنية، وأن ينتموا للوطن كأفراد من الشعب، ويحافظوا على أمن بلادنا القومي، وليس ككيان موازٍ للدولة؛ لأنّ تجربة الجماعة الإسلامية غيرت المفاهيم والنظرة إلى الجماعات المسماة الإسلامية.
حدثنا عن جبهة إصلاح الجماعة بصفتك أحد المؤسسين لها؟
السبب الرئيسي في تأسيسها؛ كان من أجل إصلاح الجماعة، وعزل قادة العنف وأمراء الدم من قيادتها، وإعادة الشيخ كرم زهدي إلى قيادتها، والدعوة إلى العودة لصحيح الدين، وحلّ حزب البناء والتنمية، ذراعها السياسي، والانسحاب من تحالف دعم الشرعية؛ لأنّه تحالف غير شرعي وغير دستوري، ولا يخدم إلا طائفة الإخوان المسلمين وعودتهم للحكم، والاعتراف بمؤسسات الدولة الدينية، المتمثلة في الأزهر الشريف والكنيسة، لكننا حين فشلنا في الإصلاح حللنا هذا الكيان، وأدركنا أنه لا حلّ مع هذا التنظيم من الداخل.

قبل عزل "الإخوان"

 

ماذا فعلتم بجبهتكم خلال حقبة الإخوان؟
قبل عزل الإخوان؛ كنا نحذّر من الإخوان ومن أفعالهم، التي لا ترتقي إلى درجة رجال دولة، وأثناء اعتصام رابعة، دعونا الحكماء للتدخل بعد تحالف الجماعة الإسلامية مع الإخوان، واعتلاء منصة رابعة من قبل طارق الزمر وعاصم عبد الماجد، وساعتها قلت: إنّ مبادرة وقف العنف انتهت بعد التحالف مع الإخوان والخروج عن الإجماع الوطني، خاصة بعد تهديد البلتاجي بإشعال سيناء، لكن للأسف كان ردّهم هو من خلال تشويه جبهة الإصلاح، والافتراء على شخصي.
بعد تجربة جبهة الإصلاح؛ هناك تجربة أكبر هي جماعات التكفير بمدينة دمياط، التي هي أكبر البؤر التكفيرية بمصر، ماذا تقول عنها؟
مدينة دمياط تنتشر فيها جماعة القطبيين، وكذلك التوقف والتبين، وهذا يرجع إلى الستينيات؛ حيث إنّ مؤسس فكر التكفير، علي عبده إسماعيل، من المدينة نفسها، وبعد أن تنازل عنه وتراجع خلفه أخوه، عبد الفتاح إسماعيل، حتى أعدم مع سيد قطب، وخلفه ابنه نجيب عبد الفتاح، ومع ظروف الدولة الصعبة والجهل الديني، وتكاسل بعض الدعاة، انتشر في دمياط ومنها إلى باقي الجمهورية، بل تعدّى الأمر لبعض البلاد العربية، أما أفعالنا تجاهه؛ فقد بيّنا لكثير من النشء خطأ هذا الفكر المخالف للإسلام، وخطورته على الإسلام والمسلمين، إلا أنه عندما وصل الإخوان إلى الحكم انتشر في دمياط مرة أخرى، كالنار في الهشيم، وظهر الإخوان على حقيقتهم التكفيرية، وحدث ما حدث من قتلى ومواجهات داخل دمياط.

 

 

جماعة الخوارج

الحلّ: هو في عودة وزارة الأوقاف إلى إدارة الوقف الخيري
هل كان الاقتصاد عاملاً في انتشار هذا الفكر بدمياط؟
الاقتصاد سلاح ذو حدّين؛ إن كان ضعيفاً فيزرع في بعض النفوس الحقد والعداء مع المنحرفين فكرياً، خاصة جماعات الخوارج، التي تتخذ منه طريقاً للدخول إلى عقولهم وزرع التطرف في النفوس، أما مع ازدهاره فيستخدم لتوجيه مَن تمت السيطرة عليهم للمواجهة مع الدولة، إما لصالح الأعداء أو صالح القيادات المرتزقة.
وما هو، في رأيك، الحلّ مع تلك الجماعات وهذه التنظيمات؟
الحلّ: هو في عودة وزارة الأوقاف إلى إدارة الوقف الخيري، وترك الدعوة والمساجد تحت إشراف الأزهر الشريف، قسم الدعوة، وأن يكون هناك دور للإعلام في نشر حقيقة هذه التنظيمات وحقيقة قياداتها، وإطلاق العلماء الحقيقيين في المساجد لنشر الفهم الصحيح للإسلام، وليس نشر فكر الجماعات والتنظيمات، وأن يكون لمؤسسات الدولة دور في حلّ مشاكل المجتمع، من خلال العمد ومشايخ القرى وأقسام الشرطة، كإصلاحيين، وليس كجهات أمنية، كما يجب توجيه الدراما السينمائية لمعالجة مشكلات المجتمع، وليس لنشر الأخطاء أو الاستهزاء ونشر السخرية، وأن يكون هناك أحزاب حقيقية تحتك بمشاكل المجتمع، وتكون نبضاً حقيقياً للمعارضة البنّاءة، لا للوجاهة الاجتماعية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية