ما هي الأطراف المحتملة وراء "حادث السفن" قبالة الفجيرة؟

ميناء الفجيرة

ما هي الأطراف المحتملة وراء "حادث السفن" قبالة الفجيرة؟


14/05/2019

مع التزام دولة الإمارات الهدوء والتأني في عدم توجيه أيّ اتهامات لجهة محددة تقف خلف الأعمال التخريبية قبالة ميناء الفجيرة قبل انتهاء التحقيقات الجارية، ومع عدم إعلان جهة محددة مسؤوليتها عن الأعمال التخريبية التي استهدفت سفن شحنٍ تجارية من جنسيات عدة في خليج عمان في المياه الاقتصادية الإماراتية، وقبالة المياه الإقليمية لدولة الإمارات، في شرق إمارة الفجيرة، فإنّ من الطبيعي التساؤل عن الجهة المستفيدة من هذا الحادث، ويبدو أنّ إيران هي من الأطراف المحتملة التي تحقق فائدة من ذلك، برغم مساعي طهران إلى إبعاد الشبهة عن نفسها وتعبيرها عن "قلقها" لتعرض سفن في الإمارات لأعمال "تخريبية"، وحضها على إجراء تحقيق. ونُقِل عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، في بيان نشر على موقع الوزارة بالانكليزية أنّ "الأحداث في بحر عُمان مقلقة ومؤسفة"، ودعا إلى إجراء تحقيق في الهجمات، محذراً من "مغامرة لاعبين خارجيين" لعرقلة أمن الملاحة.

اقرأ أيضاً: هل تقف إيران وراء العمليات التخربيبة في ميناء الفجيرة؟
هذا يعني أنّ السيناريوهات المحتملة بخصوص من يقف وراء هذا العمل التخريبي، تشمل:

1.  إيران
2.  وكلاء طهران أو حلفاؤها أو المرتبطين بها من مجموعات أو كيانات.
3. أسباب أخرى؛ قد تتوصّل إليها التحقيقات التي تجريها دولة الإمارات.

عدم وجود استنتاج نهائي حول عملية الاستهداف التي تسببت بأضرار في هياكل السفن
وقد شدد عدد من المسؤولين الأمريكيين، بحسب "سي إن إن"، على عدم وجود استنتاج نهائي حول عملية الاستهداف التي تسببت بأضرار في هياكل السفن، وأشاروا إلى أنه من الممكن أن تكون العملية ناتجة عن أسباب أخرى؛ برغم أنّ هذه الفرضية تبقى بعيدة عن الواقع إلى حد ما، وفقاً لـ"سي إن إن"، التي نقلت عن مسؤول أمريكي تأكيده أنّ فرضية هجوم إيران ووكلائها على المصالح الأمريكية في المنطقة تبقى قائمة في الوقت نفسه.

الفجيرة منفذ بحري إماراتي وميناء للنفط على الساحل الشرقي للإمارات والأهمية الإستراتيجية للفجيرة تكمن في وقوعها على بحر العرب

وناقش المسؤولون الأمريكيون مع نظرائهم الأوروبيين في بروكسيل أمس ما بدا أنه هجمات على سفن تجارية كانت راسية قبالة الفجيرة. وحسب الممثل الأمريكي الخاص لإيران، براين هوك، الذي رافق وزير الخارجية الأمريكي، مايكل بومبيو، في زيارته إلى بلجيكا، طلبت الإمارات من الولايات المتحدة المساعدة في التحقيق، وقال: "ويسعدنا أن نقوم بذلك". ورفض هوك التعليق على سؤال حول إذا ما كان هناك احتمال أن تكون إيران قد لعبت دوراً في الاعتداء على السفن. لكنّ المسؤول الأمريكي، كما أفاد "راديو سوا"، ذكر أنه لا يمكن للإيرانيين أن ينظموا ويدربوا ويجهزوا وكلاءهم، ثم يتوقعون أن نصدق أنه لا دور لهم، مشيراً إلى أنّ واشنطن لن تفرق بين الحكومة الإيرانية ووكلائها.
 مجموعات مدعومة من إيران استخدمت متفجرات لإحداث أضرار بسفن في الخليج

الشبهات تلفّ إيران
لكن ما يزيد الشبهات حول تورط إيران في الحادث ما يلي:
أولاً، أنّ تقييماً أولياً لفريق عسكري أمريكي يشير إلى أنّ إيرانيين أو مجموعات مدعومة من إيران استخدموا متفجرات لإحداث أضرار بسفن في الخليج. ونقلت وكالة "أسوشيتيد برس" عن مسؤول عسكري أمريكي، رفض ذكر اسمه، قوله إنّ الفريق الأمريكي يرى أنّ الثقوب ناجمة عن عبوات ناسفة، وأنّ طول الثقب يتراوح بين 5 إلى 10 أقدام، بالقرب من مستوى المياه أو أسفله مباشرة. وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية بأنّ التقييم الأولي يرجح وقوف إيران وراء الهجوم الذي تعرضت له أربع سفن شحن في الخليج، لكنه ليس تقييماً نهائياً بعد.
ثانياً، أنّ الظروف التي حدثت الأعمال التخريبية في سياقها قبالة ميناء الفجيرة، إنما ترتبط أساساً بإيران؛ حيث جاء استهداف هذه السفن بالتزامن مع حملة تهديد ووعيد شنّتها إيران بعد اشتداد الضغوط الأمريكية عليها، وبعد تصنيف حرسها الثوري تنظيما إرهابياً، كما تذكر صحيفة "العرب" اللندنية.

لإيران سوابق في التعرّض للملاحة الدولية وتفخيخ الممرات البحرية كما فعلت من خلال وكلائها كميليشيات الحوثي في اليمن

ثالثاً، يتمتع ميناء الفجيرة بموقع إستراتيجي يتيح للإمارات تصدير النفط من دون المرور بمضيق هرمز، وبالتالي ضمان حركة التصدير في حال حصول أي توترات إقليمية. وقد جددت الإمارات أمس التأكيد بأنّ حركة العمل في ميناء الفجيرة تسير بشكل طبيعي من دون توقف مع دخول وخروج السفن من وإلى الميناء بطريقة اعتيادية. ولا شك في أنّ استهداف المنطقة المقابلة لميناء الفجيرة مقصود، تضيف "العرب" اللندنية؛ لأنه يسعى لإرسال رسالة بأنّ السفن والمنشآت التي تقع خارج منطقة مضيق هرمز ستكون أيضاً في قائمة بنك الأهداف الإيرانية.
رابعاً، أنّ هذا العمل التخريبي لا يُحمّل إيران أي مسؤولية رسمية مباشرة (والتحقيقات جارية للوقوف على حقيقته وخفاياه) لكنّ هذا ينسجم مع أسلوبها وتهديداتها في الردّ على الضغوط الأمريكية المتزايدة، التي تستهدف تخليها عن مشروعيها النووي والصاروخي، وأن تتوقف عن تهديد الأمن الإقليمي. ولذلك يميل المستشار سالم اليامي، في حديث لـ"بي بي سي" إلى الاعتقاد بأنّه إذا لم تكن إيران هي من نفّذ مباشرة الأعمال التخريبية قبالة ميناء الفجيرة، فمن المرجّح منطقياً أن يكون من قام بذلك أحد أذرعها (وكلائها) في المنطقة، أو الأطراف المؤيدة لإيران.

اقرأ أيضاً: تخريب السفن في الفجيرة.. استهداف للسعودية والإمارات معاً
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول أمريكي مطلع على معلومات الاستخبارات عن إيران، أنّ بلاده تشتبه بمسؤولية طهران عن الهجمات التخريبية. وقال المسؤول: "هذا ما تفعله إيران، ويتماشى مع سلوكها ونمط عملياتها. يمكنك أن ترى طهران تفعل شيئاً كهذا"، معتبراً أنّ البيانات الرسمية التي أصدرتها إيران سعياً للنأي بنفسها عن الهجوم هدفها "محاولة خلط الأوراق"، للتشويش على تورط محتمل.
ولإيران، بحسب "العرب"، سوابق في التعرّض للملاحة الدولية وتفخيخ الممرات البحرية بشكل مباشر؛ كما فعلت خلال حرب الثماني سنوات ضدّ العراق، أو من خلال وكلائها عن طريق ميليشيات الحوثي في اليمن؛ الذين تعرّضوا في أكثر من مرّة لسفن قبالة السواحل اليمنية، مستخدمين تقنية إيرانية تقوم على تفخيخ الزوارق الصغيرة وإطلاقها صوب السفن.

احتفاء إيراني بالاعتداء؟!
خامساً، برغم نفي طهران مسؤوليتها عن الحادث وسعيها لإبعاد الشبهات عن نفسها، فإنّ مستويات مختلفة رسمية وإعلامية في إيران احتفت بالاعتداء، وفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط"؛ ففي أول رد من مسؤول إيراني، كتب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان حشمت الله فلاحت بيشة عبر حسابه في "تويتر" أنّ "تفجيرات الفجيرة أظهرت أن أمن الخليج من زجاج". وفُسّرت تغريدة فلاحت بيشة، بحسب "الشرق الأوسط"، على أنها تأييد من الجهات المسؤولة للهجوم، وأثارت جدلاً واسعاً اضطره إلى أن ينفي لوكالة "إرنا" أن تكون بلاده وراء الحادث. وقال إنّ طهران "حريصة على أمن المنطقة ووقعت في التسعينات (من القرن الماضي) على اتفاقيات أمنية مع دول المنطقة". وأضاف أنه كان يقصد أنّ "الخليج تحول إلى منطقة عسكرية ويلحق أضراراً بدول المنطقة وهو ما أظهرته التفجيرات".

اقرأ أيضاً: على النعيمي: الزج بميناء الفجيرة في واقعة تخريب السفن محاولة للزوبعة
ورداً على سؤال عما "إذا كان الحادث عملاً تخريبياً من طرف ثالث"، أجاب: "هناك مجموعات مختلفة توفر مصالحها من تهديد أمن المنطقة". ودعا إلى رسم "خط أحمر بين إيران والولايات المتحدة في إدارة التطورات كي لا تتمكن أطراف ثالثة من خلق أزمة".
كما أفردت صحيفة "خراسان" المحسوبة على "الحرس" على صفحتها الأولى تفاصيل لم تعلنها الإمارات، ولم يتسن التأكد منها عن العمل التخريبي.
كما نشرت وكالتا "إرنا" و"فارس" والتلفزيون الرسمي صوراً لسفينة تحترق، تبين لاحقاً أنها تعود إلى حريق اندلع في 2009 بسفينة في جبل علي قرب دبي. وتناقلت وسائل إعلام "الحرس"، أول من أمس، "معلومات" عن الهجوم، بما فيها مواصفات وأرقام مزعومة للسفن قبل نشر أي معلومات رسمية من الجانب الإماراتي.
ما أهمية ميناء الفجيرة؟
والفجيرة منفذ بحري إماراتي وميناء للنفط يقع على الساحل الشرقي للإمارات والأهمية الإستراتيجية للفجيرة تكمن في وقوعها على بحر العرب. ويعتبر ميناء الفجيرة بوابة التقاء خطوط النقل والتجارة البحرية بين الشرق والغرب. ويتيح الميناء أيضاً الوصول المباشر إلى خليج عُمان والمحيط الهندي والبحر الأحمر وشرق إفريقيا والعديد من الدول المجاورة، كما تذكر قناة "الحرة". وميناء الفجيرة له قدرة تخزين كبرى تبلغ 70 مليون برميل. وتخطط موانئ أبو ظبي التابعة التي تدير الميناء لتطوير وتعزيز دوره الإستراتيجي ضمن خطط البلاد للميناء المستقبلية.
وتعمل موانئ أبو ظبي على بناء مصفاة في ميناء الفجيرة بطاقة 400 ألف برميل يومياً. وتذكر "الحرة" أنه مع أعمال التطوير سترتفع طاقة الميناء الاستيعابية إلى 1.5 مليون حاوية بواقع 700 ألف طن من البضائع العامة سنوياً بحلول 2030، وسيشهد الميناء زيادة الأرصفة إلى 21 رصيفاً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية