حركة الشباب الصومالية تتخذ من إيران نقطة عبور لتهريب العاج

الإرهاب

حركة الشباب الصومالية تتخذ من إيران نقطة عبور لتهريب العاج


23/05/2019

تلعب الموارد الطبيعية، على اختلاف مصادرها، دوراً مركزياً في إمداد التنظيمات الإرهابية في شرق إفريقيا بشرايين الحياة، وربما كانت حالة الفوضى، مع انتشار الفساد الحكومي، سبباً مباشراً في تعاظم دور الشبكات الإجراميّة المتواطئة مع التنظيمات الإرهابية، من خلال تسهيل أعمالها الدائمة، وأنشطتها غير المشروعة عبر الحدود بين دول المنطقة.

تُعدّ حركة الشباب المجاهدين الصومالية أبرز تلك التنظيمات التي لجأت إلى ممارسة الأنشطة الاقتصادية المشبوهة في منطقة القرن الإفريقي

وتُعدّ حركة الشباب المجاهدين الصومالية، أبرز تلك التنظيمات التي لجأت إلى ممارسة الأنشطة الاقتصادية المشبوهة، من أجل تمويل عملياتها، التي روعت منطقة القرن الإفريقي لأعوام طويلة، وهو ما دفع الباحثين إلى محاولة تتبع مصادر تمويلها الرئيسة، خاصة بعد الهجوم الإرهابي الذي شنّته على مركز "ويست جيت" التجاري، في العاصمة الكينية نيروبي، في أيلول (سبتمبر) من العام 2013، والذي أسفر عن مقتل نحو 68 شخصاً، وإصابة أكثر من 175 آخرين، وهو ما كشف عن خيوط العلاقة التي تربط ما بين أنشطة الصيد غير المشروع، التي تمارسها الحركة على نطاق واسع، وبين تعاظم قدرتها على الاستمرار والسيطرة على الأرض، رغم الضربات العسكرية التي وُجهت إليها.
كانت حركة الشباب الصومالية قد حققت مكاسب إقليمية هائلة، بين عامي 2009 و2010؛ حيث نجحت في السيطرة على نحو نصف مساحة اليابسة في الصومال، ورغم هزيمة الحركة وطردها من العاصمة مقديشو، عام 2011، إلا أنّها ما تزال تهيمن على التخوم الحدودية الطويلة مع كينيا، وعلى مساحات واسعة من المناطق الريفية الصوماليّة، باعتبارها، أي الحركة، القوة السياسية والدينية الرئيسة هناك.
وصل حجم تجارة العاج إلى 3 مليارات دولار سنوياً

الصيد غير المشروع شريان حياة للإرهابيين
رغم دخول اتفاقية "سايتس" (CITES)، الخاصة بحظر تجارة العاج، حيّز التنفيذ، عام 1975، إلا أنّ معدلات صيد الأفيال ظلّت منذ هذا التاريخ في ارتفاع مستمر، ووفق تقارير الأمم المتحدة؛ فإنّ قرابة الـ 100 ألف من الفيلة الإفريقية قُتلت بين عامي 2010-2012.

اقرأ أيضاً: القرن الإفريقي والتسليح.. مخاوف من وقوع الأسلحة بأيدي حركة الشباب المتشددة
وعام 2012، أصدرت منظمة الفيلة (EAL) تقريراً، بعد نحو عام ونصف العام من العمل الميداني، أكدت فيه أنّ "40% من موارد حركة الشباب الصومالية أصبحت تأتي من عائدات تهريب العاج، وهو ما انتبهت إليه التنظيمات الإرهابيّة الأخرى، مثل: حركة سيليكا في جمهورية أفريقيا الوسطى، ومليشيات الجنجويد في السودان، فسارت على خطى حركة الشباب، لتمويل العمليات العسكرية وشراء الأسلحة، بالتواطؤ مع مسؤولين حكوميين هناك".

مراقبون يؤكدون أنّ شبكات التهريب تتخذ من إيران نقطة عبور مركزية لصادرات الفحم والعاج التي تقوم بها حركة الشباب

ومع تضاعف تكلفة إنتاج العاج الخام، في الأعوام الأربع التي سبقت العام 2014؛ حيث بلغ سعر الجملة نحو 2100 دولار أمريكي للكيلو، وصل حجم تجارة العاج إلى 3 مليارات دولار سنوياً، وبالتالي أصبحت عمليات القنص في تزايد مستمر، وأصبحت تداعياتها على الحياة البرية من أبرز الأمور التي تزعزع استقرار المناطق الريفية، وهو ما حرم السكان المحليين من أيّة فرصة للسلام والازدهار.
وبحسب تقرير نشرته "TSAVo"، بعنوان"Ivory and Terrorism in East Africa: Dispelling the Myth" ؛ فإنّ إذكاء نزعات التمرد، وتأجيج الصراع بين الميليشيات المسلحة، بات أفضل الوسائل لبسط السيطرة على المناطق الحدودية، من خلال شراء العملاء بالمال، كوسيلة لإخضاع المجتمعات المحلية، وهو ما تقوم به حركة الشباب المجاهدين الصومالية بامتياز؛ حيث يُعدّ وجودها السبب الرئيس في حالة الفوضى وعدم الاستقرار، وانتشار العنف والتطرف في أنحاء القرن الأفريقي، وهو ما سهل لها تعزيز هذا النوع من الإجرام الدولي، الذي يساعد على تمرير أنشطتها غير المشروعة، فيما يتعلق بتجارة العاج والفحم، اللذين تنهبهما من الأراضي الصومالية، ويحققان لها إيرادات تبلغ نحو 25 مليون دولار سنوياً، ويتم ذلك عبر شبكة من رجال العصابات والوسطاء حول العالم، وقد أدّت خسارة الحركة لمساحات من الأراضي إلى فقدانها عائدات مالية ضخمة من تجارة الفحم الحجري، وهو ما استعاضت عنه بممارسة أنشطة تتعلق بأعمال القرصنة وتجارة العاج، والتي  تدر عليها عائدات بملايين الدولارات سنوياً، وهو ما مكّن الحركة من بسط نفوذها، ومع اتساع نشاطها استطاعت مواصلة تحصيل الضرائب التي تفرضها على السكان المحليين، إلى الحدّ الذي جعلها تفرض على القراصنة دفع 20٪ من عائدات الفدية التي يتحصلون عليها، نظير حمايتهم!

قرابة الـ 100 ألف من الفيلة الإفريقية قُتلت بين عامي 2010-2012
وفي أول تقرير رسمي؛ أكدت وزارة الخارجية البريطانية، عام 2013؛ أنّ جماعة الشباب الصومالية المسلّحة، تعتمد في تمويل أنشطتها الإرهابية بشكل أساسي على بيع العاج غير الشرعي، عبر عصابات متخصّصة في ذلك، كما أشارت تقارير محلية إلى أنّ الحركة لم تكتفِ بفرض أتاوات لتسهيل عمليات الصيد الجائر؛ بل أصبحت تباشر عمليات القنص وتهريب العاج بنفسها، ضمن سلسلة من أنشطة التهريب غير القانونية، ورغم طردها من مينائها الرئيس في كيسمايو، إلا أنّها استفادت من اضطراب الأوضاع في اليمن؛ حيث أصبح لها وسطاء على الساحل المقابل، يباشرون عمليات التهريب، ويسهلون كذلك حصولها على شحنات السلاح.

اقرأ أيضاً: حركة الشباب الإرهابية تستهدف موانئ تديرها دبي في بلاد بنط
وفي تقرير رسمي حول انتهاك العقوبات المفروضة على الصومال، عام 2018، أكّد مراقبون أنّ شبكات التهريب تتخذ من إيران نقطة عبور مركزية لصادرات الفحم والعاج غير المشروعة، التي تقوم بها حركة الشباب المجاهدين، ثم تعيد تصديرها بعد ذلك على أنّها صادرات إيرانية.
ولمنطقة الحدود الصومالية مع كينيا، والتي تسيطر عليها حركة الشباب، تاريخ طويل مع تجارة العاج، وهو ما سهّل للحركة إقامة روابط مباشرة مع العصابات التي تمارس الصيد الجائر. ويذكر تقرير "TSAVO"، أنّ الحركة نجحت في اختراق المحميات الطبيعية في كينيا، ومارست عمليّات الصيد الجائر وأنشطة تهريب العاج عبر طريق كيتوي الريفي، وهو ما منحها مصدراً لتجارة لحوم حيوانات الأدغال والعاج وعظم وحيد القرن والأسود.
جدير بالذكر؛ أنّ تجارة العاج تأتي في المرتبة الرابعة، في قائمة أنشطة التجارة غير المشروعة، بعد المخدرات والسلاح وتهريب البشر، بحسب تقرير للصندوق الدولي لحماية الحيوانات صدر في أيلول (سبتمبر) 2013.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية