سلفيون في مصر ينشغلون بالحكم الشرعي للانتخابات الرئاسية

الإسلام السياسي

سلفيون في مصر ينشغلون بالحكم الشرعي للانتخابات الرئاسية


23/01/2018

اقتربت انتخابات رئاسة الجمهورية في مصر، منذرة ببدء موسم سياسي ساخن، يحد قليلاً من  قسوة موجات البرد القارس، وبينما المصريون منشغلون في الاستحقاق السياسي المقبل معتبرين أنّه سيعطي حراكاً إيجابياً يلقي حجراً في بحيرة السياسة الراكدة، تشتعل سراديب السلفيين في مصر بخلافات من نوع آخر.

معركة في غير معترك

بينما صرح حزب النور السلفي، الذراع السياسي لجماعة الدعوة السلفية في مصر، بأنّ قراره، بدعم مرشح رئاسي ما زال قيد النقاش، أشعل التيار السلفي المدخلي، نسبة إلى الداعية ربيع بن هادي المدخلي، معركة "حرمة" الانتخابات الرئاسية.

فخرج الشيح محمد سعيد رسلان، في خطبة جمعة له مؤخراً، ليؤكد "بطلان" إجراء الانتخابات الرئاسية شرعاً، بحجة أنّ "ولي الأمر لا ينازع في مقامه ومنصبه الذي بوأه الله تعالى إياه، ولا ينافس عليه؛ بل هو باقٍ فيه، إلا إذا عرض عارض من موانع الأهلية فذلك شيء آخر".

يعتبر الرجل أنّ ما يجري في مصر الآن "هو إصرار على إسقاط مصر وإحداث الفوضى فيها، فإنها الجائزة الكبرى، ولا تبلغ دول مما وقعت فيها الفوضى، عشر معشار الأهمية التي تحوذها مصر  عند أولئك الساعين في التهامها"..

وما يجري في مصر، وفق تفسير رسلان "مؤامرة كبرى، في توقيت مقصود، يقصد منه أنّ الأمة المصرية ستشغل على حسب ما قرر دستورها في معركة في غير معترك، وهي معركة الرئاسة".

لا يختلف "المداخلة" عن غيرهم من التيارات السلفية غير الجهادية الأخرى في اعتقادهم بعدم الخروج على الحاكم

وفي هذا السياق قال رسلان "لا مجال للتقتل وإخراج العداوات، ونصب الشباك والمؤامرات في الفترة القادمة، لن تسقط القدس وحدها، ولن يهدم المسجد الأقصى وحده، إنها المؤامرة، اتقوا الله أيها المصريون، فأنتم الباقون بعد أن ذهب من ذهب من إخوانكم من العرب والمسلمين في الدول العربية والإسلامية، عندما أصاب الضعف قلب الأمة... نتنافس ونتصارع على الحكم..  إنّ الحكم لله، وإنّ الأمر لله، وإنّ الملك لله يؤتيه من يشاء"

تيار  يتمدد

يعتبر الشيخ سعيد رسلان، أهم رموز التيار السلفي المدخلي، والذي انتشر في مصر منذ مطلع الألفية الجديدة، كما يعد من أبرز رموزه أيضاً الشيخان طلعت زهران، وهشام البيلي.

ومع أنّ هؤلاء الشيوخ ينكرون تسميتهم بالمدخلية، ويرفضون وضعهم تحت أي وصف سوى "أهل السنة والجماعة"، فإنّ الخصائص المشتركة ومن أهمها رفض معارضة الحاكم، وهجومهم على التنظيمات والجماعات بكافة تنويعتها، دفعت إلى وضعهم تحت هذا المسمى ، نظراً لتقاربهم الشديد مع التيار السلفي الجامي أو "المدخلي" والذي يحظى بالانتشار في السعودية.

الشيخ محمد سعيد رسلان

وقف هذا التيار ضد مظاهر الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية في مصر والتي سبقت ثورة 25 يناير، وحذّر من اندلاع ثورة ضد النظام الحاكم لا يكون ثمارها إلى الفوضى والتناحر، معتبراً ذلك "مخالفاً" للعقيدة والمنهج النقي لأهل السنة والجماعة، إلا أنّ الثورة كانت قد اندلعت بالفعل لكن رموز هذا التيار أصرّوا على موقفهم، ولم ينجرفوا إلى الانخراط في اللعبة السياسية كما فعل أقرانهم من السلفيين.

وظهر هذا التيار بعد ثورة 30 يونيو من العام 2013، وهو يلتهم جزءاً كبيراً من الخارطة السلفية في مصر، بعد أن نجح في جذب كثير من المنتمين للتيار السلفي العام؛ بل وحتى من بعض المشايخ السلفية ذات الثقل.

تتمايز المدخلية عن غيرها من التيارات السلفية في أنها تعتبر  الجماعة المسلمة هي الدولة والسلطان ومن ثم فهي تشن هجوماً حاداً على  الجماعات الإسلامية

نزاعات داخلية

ومع الخصائص المشتركة بين التيار إلا أنّ هناك نزاعات تنشب بين شيوخه بين الحين والآخر، فذات مرة دعا الشيخ طلعت زهران، المواطنين المصريين للخروج  إلى الشارع استجابة لوزير الدفاع المصري وقتها عبدالفتاح السيسي، بالاحتشاد في الميادين لتفويضه في مواجهة الإرهاب.

استجلب زهران غضب بعض شيوخ تياره، الذين اعتبروه يدعو إلى المظاهرات "المحرمة" شرعاً، وهو ما ردّ عليه "زهران" في خطبة جمعة له بأنّ هذه الدعوة "زحف" ولا ينبغي التولي يوم الزحف!

وهاجمه الشيخ هشام البيلي، في خطبة له، معتبراً أنّ المظاهرات "محرمة" شرعاً أياً كان الغرض من ذلك، مطالباً إياه بمراجعة إخوانه قبل الفتوى؛ لأن "هذه الدعوة سيترتب عليها نزول الشباب السلفي، وربما حصل التحام، وإن لم يحصل فهذا يعني أننا نكون قد جوّزنا ما كنّا نحاربه من قبل لكننا مع ولاة أمرنا ومع حكومتنا".

تبرأ "زهران" من مقولات "البيلي" معتبراً أنّ الأخير قد "بدعه"؛ "إذ إنّ اعتبار أنّ المظاهرات المؤيدة للسيسي "خروجاً" فإنّ هذا يعني أنّ من دعا إليها يوصف بـ"الخارجي" وهذا ما لا نرضاه؛ بل نرى "السيسي" محسناً، ولذا فقد تبرّأنا من "البيلي" حتى لا ينسب هذا القول لنا".

رسلان: ما يجري في مصر، وفق تفسير رسلان "مؤامرة كبرى، في توقيت مقصود

لا معارضة في الإسلام!

لا يختلف "المداخلة" عن غيرهم من التيارات السلفية غير الجهادية الأخرى في اعتقادهم بعدم الخروج على الحاكم المسلم، وإن كان فاسقاً إلا أنّ المداخلة خلافاً لكثير من التيارات السلفية، تعتبر أنه لا يجوز معارضة الحاكم مطلقاً، ولا حتى إبداء النصيحة له في العلن، وتعتبر ذلك أصلاً من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، ومخالفة هذا الأصل يعتبر خروجاً على الحاكم المسلم والاعتراف بالحاكم والولاء له وحده لا يكفي إذا لم يتم الاعتراف بمؤسسات الدولة الأخرى.

كما تتمايز المدخلية عن غيرها من التيارات السلفية في أنها تعتبر  الجماعة المسلمة هي الدولة والسلطان ومن ثم فهي تشن هجوماً حاداً على  الجماعات الإسلامية وتصفها بالحزبية؛ لأنها ضد مفهوم الجماعة في رأيهم ومن ثم فهم "خوارج "على النظام و"مبتدعة" في الدين وهجومهم عليهم يهدف إلى إنهاء الفرقة في الأمة والتفافها حول سلطانها، ويعتبر "المداخلة" أنّ الحكم بما أنزل الله أمراً فرعياً، وليس أصلاً من أصول العقيدة، وبذلك فإنّ من يحكم بغير ما أنزل الله ويشرع القوانين الوضعية لا يكون قد ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام بأي حال من الأحوال"، وفق عدد من شيوخ التيار.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية