هكذا ساهم التنظيم الدولي في إسقاط نظام مبارك (3-4)

الإخوان المسلمون

هكذا ساهم التنظيم الدولي في إسقاط نظام مبارك (3-4)


28/05/2019

تناولت الحلقة الثانية من التنظيم الدولي للإخوان، التحديات التي واجهها نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك منذ تولّيه الحكم عام 1981؛ لأنه وجد نفسه أمام عقبة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي كان بدوره قد استعدّ للتحضير لسلسلة من التظاهرات في استقبال مبارك لدى زيارته عدداً من الدول الأوروبية، كما عرضت الحلقة لتفاصيل الصفقة التي عُقدت مع "الإخوان" آنذاك.
هنا حلقة ثالثة من سيرة التنظيم الدولي للإخوان.

النموذج التركي فيما خص الإسلام السياسي أصبح مقبولاً لدى دول العالم الأوروبي والأمريكي لأنهم قبلوا التعامل مع إسرائيل

أتى العام 2008 على مصر، وهي في ذروة غليانها ضد الأوضاع السياسية والاجتماعية، وتصاعد الحديث عن إمكانية تغيير الأوضاع عبر ثورة تطيح بنظام الحكم، فسارعت جماعة الإخوان المسلمين على لسان مرشدها، في ذلك الوقت، محمد مهدي عاكف، ليس لينفي فقط نية الجماعة القيام بنشاط معاد للنظام، بل ليؤكد على أن تكون الثورة ضمن اعتقادات الجماعة أو أفكارها.
أنكر "عاكف" مبدأ الثورة من جذورها، واعتبرها أسلوباً منافياً لسلوك الجماعة السياسي، وذلك في حوار نشرته جريدة "الدستور" المصرية.
 محمد مهدي عاكف

وجوه متعددة
المدهش هو الجماعة في هذا العام كانت قد عقدت اجتماعاً لتنظيمها الدولي في إسطنبول، ناقشت فيه كيفية تسخين الأوضاع ضد نظام الحكم والمساعدة في وصول الأوضاع لتمرد شعبي "لاعنيف" حسب محضر اجتماع التنظيم الذي تسرب نصه للصحف بعد ثورة يناير العام 2011 في مصر.

اقرأ أيضاً: هل حاول التنظيم الدولي للإخوان قتل اللواء فؤاد علّام في ألمانيا؟ (2-4)
حضر هذا الاجتماع ممثلو التنظيم الدولي لكل من "قطر، الإمارات، السعودية، عمان، الكويت، أوروبا، مصر، الجزائر، اليمن، آسيا الوسطى وشمال القوقاز".
تحدث مندوب مصر، الدكتور محمد سعد الكتاتني، رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان حينها، قائلاً: "يشهد الشارع احتجاجات كثيرة مثل احتجاج العمال وغيرها من المعلمين والأطباء وأعضاء هيئة تدريس، والنظام يتعامل معها قطعة بقطعة، ولا يقوم بحل شامل، وكانت فكرة إضراب 6 إبريل هو أن يتم التحام بين الإضرابات والاحتجاجات السياسية، وتلك العمالية أو الاجتماعية ولم يشترك الإخوان وقتها في إضراب لعدم وضوح الهدف، وخوفاً من حدوث فوضى يتحملها الإخوان.."
عدم وضوح الهدف، والخوف من حدوث فوضى كان رأي القيادي عصام العريان، عندما وجه له سؤال حول موقفهم من التظاهرات التي دعت لها قوى سياسية في ميدان التحرير يوم 25 من يناير (كانون الثاني) إلا أن اللافت هو دعوة الكتاتني للتنظيم الدولي في اجتماع العام 2008 لمساندة الجماعة في مصر بحجة أنها لا تقوى وحدها على مجابهة نظام مبارك، فما كان نوع المساعدة التي طلبت من التنظيم الدولي ولم يفصح عنها الكتاتني بوضوح في حديثه؟
يقول الكتاتني: "الجماعة تقدر حجم الإخوان بالخارج وما لديهم من ثقل دعوي وخبرات، والجماعة تعول عليهم فعلاً في حمل كثير من الملفات الإخوانية الأساسية"
محمد سعد الكتاتني

الدعم الخارجي
وفي كلمته عن دور الإخوان في الخارج، قال حسين إبراهيم، القيادي في الجماعة: حماس في الضفة وغزة هو مشروع إخواني خالص، وهم يستخدمون في الداخل اسم الإخوان ولا يستخدمون اسم حماس .. ينظر إلينا من الجميع على أننا جسد ضخم جداً وبه حيوية وفاعلية كبيرة يستطيع من خلالها امتصاص أي مشكلة داخلية ويتعامل معها.

اقرأ أيضاً: هكذا سيطر إخوان مصر على التنظيم العالمي للجماعة (1-4)
وأضاف: هناك اتفاق بعدم وضع الجماعة على قوائم الإرهاب، وذلك لتيقنهم بأنّ زيادة الضرب على الجماعة يقويها، ويزيد أفرادها خبرة ويصقلهم ويزيدهم تمسكا بها، أيضاً تغلغل الجماعة في كافة أنحاء العالم يجعلهم يترددون في هذا الأمر لأنه لا يمكن تقييم ردة فعلهم.
يربط "إبراهيم" بين السابق وبين وضعهم الداخلي: النظام المصري الآن أصبح في هذه المنظومة لدى الخارج ولم يعد لديه مميزات، أو قدرات تساعده في أن يكون في وضع أفضل، فقد خرجت مفاتيح القضية الفلسطينية من يديه ولم يعد لديه سيطرة عليها، ما يحدث في مصر الآن من مشاكل وكوارث وفضائح لرمز النظام كلها تؤكد أننا مقبلون على نهاية النظام.

 

خطة للإسقاط
كانت الجماعة تدرك إذاً أنّ النظام على وشك الانهيار، وطلبت من تنظيمها الدولي الدعم، فضلاً عن الاستعداد للحظة فاصلة، لكنها أيضاً طلبت دعماً من نوع مختلف كشف عنه جهادي يدعى علاء شتا في حواره مع صحيفة "الوطن" المصرية.
يقول "شتا": "هاتفني أحد الإخوة في تنظيم الجهاد وأخبرني أنّ هناك شيئاً كبيراً سيحدث، وأنه يتوقع أن يكون يوم 25 من يناير". ويُلقي الغموض شباكه عند هذه النقطة، فمن كان يعرف أن هناك شيئاً كبيراً سيحدث وبأي غرض تم إبلاغه للجهاديين؟
يحكي "شتا" كيف اشتركوا في الثورة منذ الـ25 من يناير منسقين مع الإخوان بأسماء و"شفرات كودية".

اقرأ أيضاً: هل تعود جماعة الإخوان من جديد للمشهد العام؟
كان بليغاً "شتا" عندما شبّه حالتهم في الصراع مع النظام السابق بأنهم "كانوا كالذي يدفع عربة إلى الأمام في منزلق وعر، فإذا تراجعوا لحظة داستهم العربة وقضت عليهم"، وبدا أنّ "الإخوان" وظفت الجهاديين لصالحهم في صراعهم مع النظام السابق، وأملت معظم العناصر الجهادية التي كثفت وجودها في ميدان التحرير في أن هذه الثورة ربما حولت مصر إلى دولة إسلامية خالصة وفق رؤيتهم لشكل الدولة الإسلامية وطبيعة المجتمع المسلم.
الهروب الكبير
لكن يبدو أنّ الدعم في محاولة إسقاط نظام "مبارك" لم يكن ليقف عند الجهاديين، بل امتد لعناصر غير مصرية، ربما ساهمت في اقتحام السجون المصرية وإخراج محمد مرسي، ومن معه.

عدم وضوح الهدف والخوف من حدوث فوضى كان رأي عصام العريان حول موقف الجماعة من التظاهر يوم 25 يناير

يروي عبدالناصر أبوالفتوح، الجهادي الذى أخرج محمد مرسي من السجن، لصحيفتي "الوطن" و"التحرير" هذه الرواية: "..سمعنا صوت أقدام من خارج السجن، وصوت هرج من الناحية الخلفية للعنبر وسط الظلام، وأعطى الضباط والحراسة مفاتيح العنابر للمسير -وهو كبير الجنائيين- وسمعنا خارج العنابر أصوات أشخاص يجرون، لكن لم نتبين شيئاً، لأننا كنا في آخر عنبر، وكنا نسمع من فتحات الباب خروج السجناء السياسيين والجنائيين، ولم نتمكن من الخروج، لأن الباب كان مغلقاً، وفي تمام الساعة التاسعة من صباح يوم 29، وجدنا أُناساً يمرون من أمامنا، ومعهم سلالم وأدوات هدم، شواكيش ومرزبات، فطلبنا منهم المساعدة ففتحوا جدار الزنزانة وخرجنا منها واحداً تلو الآخر"
 أبو حمزة المصري

العربة والمنحدر
يعطي "أبوالفتوح" وصفاً لهؤلاء الأشخاص الذين ساعدوه على الخروج فيقول "من لهجتهم وملابسهم أعتقد أنهم أشخاص من سكان المنطقة حول السجن من العرب والبدو"، ولم يستطع "أبوالفتوح" -على حد قوله- أن يحدد هوية المقتحمين ويقول "كنت في حالة ذهول شديد، حيث أصبح السجن شبه خالٍ، فذهبت إلى "عنبر 3"، الذي كانت به قيادات الإخوان، فوجدتهم لم يخرجوا بعد، فأحضرت سلماً كان موجوداً بالسجن، وصعدت به على جدار العنبر، وقمت بإنزاله لهم من الناحية الأخرى، وصعدوا واحداً تلو الآخر بصعوبة شديدة، وخرجت مع قيادات الإخوان حتى خارج السجن، وكان بانتظارهم سيارات أتت لهم من مدينة السادات، فشكروني على ما قمت به معهم، ووفروا لي سيارة كي تقلني إلى أقرب مكان"
قناع معتدل
بعد سقوط نظام "مبارك" كان التنظيم الدولي قد قام بدور مهم في إقناع الغرب بأنهم بديل صالح لتولي الحكم في مصر، وهو ما أشار إليه حسين إبراهيم، في محضر اجتماع التنظيم الدولي العام 2008.

اقرأ أيضاً: الطليعة المقاتلة: الجناح المسلح لجماعة الإخوان في سوريا
يقول: ينظر للجماعة على أنّ وجود هذا الفكر المعتدل ضمانة لعدم حدوث قلاقل واضطرابات في المنطقة، وينظر إليها على أنها جماعة معتدلة وغير إرهابية، ويؤكد ذلك ما حدث في لندن عندما ألغوا الجمعية الخيرية التي كان يديرها أبو حمزة المصري، وصادروا المسجد، ولم يجدوا غير الإخوان للطلب منهم استلام المسجد وأوقافه الكثيرة التابعة له وجمهوره الكبير من الجاليات المسلمة المهاجرة لكي يديروه.

 

النموذج التركي
يلفت "إبراهيم" للنموذج التركي، كنموذج مقبول لدى الغرب، وأهمية قبول الوجود الإسرائيلي في المنطقة: هذا النموذج أصبح مقبولاً لدى العديد من دول العالم الأوروبي والأمريكي لأنهم قبلوا التعامل مع إسرائيل دون أي مشاكل، وتركيا تعتبر قاعدة متقدمة لحلف الناتو تجاه روسيا، والتي ما زالت عدواً حتى الآن لحلف الناتو، أيضاً هناك حرص على استقرار تركيا لأنها في قلب أوروبا وأي اضطراب أو قلاقل سيصدر الكثير من المشاكل لأوروبا، وبذلك فهم حريصون على أن يحكم تركيا أي حزب قادر على صنع الاستقرار أياً كان توجهه ومن هذا المنطلق فهم يتعاملون مع النظام الحالي.

اقرأ أيضاً: ما هدف الإخوان المسلمين من دعوة تركيا للسيطرة على شمال سوريا؟
يأتي ما سبق منسجماً مع قاله، محمد مرسي، في اجتماع مجلس شورى الجماعة، قبيل الانتخابات الرئاسية العام 2012، وهو الاجتماع الذي تسرب إلى وسائل الإعلام، ونشرته عدد من المواقع "فيديو" على موقع "يوتيوب".
في هذا الاجتماع قال "مرسي" لأعضاء المجلس، في محاولة منه لإقناعهم، بصوابية تقديم الجماعة مرشحاً لرئاسية الجمهورية المصرية: إنه جلس مع السفيرة الأمريكية في مصر، وأبدت له رضاها عن ترشيح أحدهم في الانتخابات الرئاسية.
(يتبع غداً حلقة رابعة وأخيرة)

الصفحة الرئيسية