مع اقتراب الانتخابات.. حزب "العدالة والتنمية" المغربي على صفيح ساخن

مع اقتراب الانتخابات.. حزب "العدالة والتنمية" المغربي على صفيح ساخن


03/08/2021

على إثر وقوعها في مخالفات إدارية، قررت السلطات الإدارية المغربية، شطب عدد من قيادات حزب العدالة والتنمية (المصباح) الذراع السياسي للإخوان المسلمين، من اللوائح الانتخابية، للانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة.

الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعدالدين العثماني، تخلى عن مقتضيات وظيفته العامة، كرئيس للوزراء، ليدلي بتصريحات هاجم فيها قضاء بلاده

قرار الشطب شمل النائب البرلماني عبد العلي حامي الدين، عضو الأمانة العامة للمصباح، وعبد الصمد السكال، رئيس جهة الرباط ـ القنيطرة، والقيادي عبدالصمد أبو زهير، وسعاد زخنيني، رئيسة مقاطعة حسان بالعاصمة الرباط.

من جانبه، أكد مصدر بالمديرية العامة للشؤون الداخلية بوزارة الداخلية، أنّ القرار يأتي في إطار أحكام القانون، لافتاً إلى أنّ "عمليات التشطيب، التي تقوم بها السلطات الإدارية في إطار المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية العامة، تبقى مؤطرة، على غرار باقي الإجراءات؛ كالقيد ونقل القيد، وتصحيح الأخطاء المادية، بأحكام قانونية واضحة". مؤكداً أنّ مثل هذه الإجراءات "محاطة بكافة الضمانات القضائية، التي تتيح لأيّ ناخب يعتبر نفسه متضرراً، اللجوء إلى القضاء؛ باعتباره الضامن الأساسي لممارسة حقوق الأفراد والجماعات".

افتعال الأزمات على منوال الإخوان

عبد العلي حامي الدين، هاجم المؤسسة القضائية المغربية، واصفاً الحكم بـ "الفضيحة السياسية والأخلاقية والقانونية"، قائلاً: "البعض كان يتحيّنُ الفرصة، من أجل شطبنا من اللوائح الانتخابية العامة". على الرغم من أنّ عملية الشطب استندت إلى أحكام القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة، حيث إنّه "لا يقيم بالنفوذ الترابي لعمالة الرباط منذ مدة طويلة، وهو المعطى الذي أكده المعني بالأمر في مذكرة الطعن، المدلى بها أمام المحكمة الإدارية بالرباط".

وبدوره زعم عبد الصمد السكال، أنّه لم يتم إبلاغه، بأنّ هناك قضية مرفوعة ضده، بهدف شطب اسمه من اللوائح الانتخابية، حتى يمارس حقه في الدفاع، وردّ مصدر من وزارة الداخلية عليه بأنّ "اللجنة الإدارية المذكورة، لم تقم بأيّ عملية شطب في حقه، بل تم ذلك بناء على حكم قضائي، بعد مذكرة طعن أدلى بها أحد الناخبين، طبقاً لأحكام نفس القانون، حيث عللت المحكمة الإدارية بالرباط قرارها، بكون المعني بالأمر يقطن فعلياً خارج النفوذ الترابي لعمالة الرباط".

الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعدالدين العثماني، تخلى عن مقتضيات وظيفته العامة، كرئيس للوزراء، ليدلي بتصريحات هاجم فيها قضاء بلاده، زاعماً أنّ "شطب عدد من قيادات الحزب وأعضائه، من اللوائح الانتخابية، هو تحايل سياسي وخشونة قانونية".

كما زعم محمد البزوي، رئيس اللجنة المركزية للانتخابات لحزب العدالة والتنمية، أنّ "عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية، عرفت خروقات، خاصّة فيما يتعلق بالشطب والتغييرات" التي اعتبرها غير قانونية، وهو ما ردت عليه المديرية العامة للشؤون الداخلية بوزارة الداخلية، بأنّه "كان من الأحرى على المعنيين بالأمر، اللجوء للإمكانات القانونية المتاحة؛ لتصحيح وضعيتهم القانونية في الآجال المحددة".

اقرأ أيضاً: القنب الهندي يفجر أزمة جديدة لحزب العدالة والتنمية المغربي

كما أوضح عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية المغربي، في مذكرة رسمية، "أنّه يجوز لكل شخص تم رفض طلب قيده، أو طلب نقل قيده، أو وقع شطب اسمه من اللوائح الانتخابية المقيد فيها، أن يقيم دعوى طعن في قرار اللجنة الإدارية المعنية أمام المحكمة الابتدائية، أو المحكمة الإدارية المختصة، حسب الحالة".

ويبدو أنّ "البيجيدي" الذي يواجه منعطفاً حرجاً، ربما يدفع به خارج السلطة، أراد أن يفتعل أزمة سياسيّة، بدلاً من توفيق أوضاع مرشحيه، اتساقاً وخطاب المظلومية، الذي يعتنقه الحزب الحاكم، منذ تم إقرار قانون القسم الانتخابي، للتغطية على الانشقاقات والأزمات التي باتت تضربه بشكل متلاحق، وكان آخرها النتائج المخيبة للآمال، التي حققها الحزب في الانتخابات المهنية، قبل أسابيع.

أحمد فؤاد أنور: الوضع في المغرب يشهد ضربات متتالية على الصعيد الشعبي والقانوني لحزب العدالة والتنمية، إثر شطب قيادات من الحزب من قوائم الانتخابات

تحالفات سياسية وأزمات داخلية

ومع الجفاء الذي ضرب التحالف السياسي، بين حزبي العدالة والتنمية، وحزب التقدم والاشتراكية المعارض، بات في حكم المستبعد تكرار التحالف بين الحزبين، كذلك الذي أبرمه رئيس الوزراء السابق عبد الإله بن كيران في العام 2012، خاصّة مع التجاذبات الحادة التي جرت بين سعد الدين العثماني، ونبيل بن عبد الله زعيم التقدم والاشتراكية، في الولاية الحكومية الثانية للمصباح، بالتزامن مع إقصاء وزراء التقدم والاشتراكية من الحكومة.

 ويبدو أنّ تحالفاً جديداً قد لاح في الأفق، بين حزب العدالة والتنمية، وحزب الأصالة والمعاصرة، في ظل قيادة عبد اللطيف وهبي للأخير، والمعروف بمواقفه المنفتحة على الإخوان بشكل وصفته دوائر سياسية بالانتهازية، بعد سنوات من العداء بين الحزبين.

من جهته، يرى الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ الوضع في المغرب يشهد ضربات متتالية على الصعيد الشعبي والقانوني لحزب العدالة والتنمية، إثر شطب قيادات من الحزب من قوائم الانتخابات، وقبل ذلك شهدت ساحات القضاء عدة محاكمات لأعضاء من الحزب الحاكم، تورطوا في مخالفات إدارية ومالية، وهذه الضربة التي نالها حزب العدالة والتنمية، سبقتها نتائج الانتخابات النقابية، حيث سقط عدد من المرشحين البارزين، كمؤشر يمكن استخلاص دلالاته منه، ذات التأثير الكبير على الانتخابات المقبلة.

 وبحسب أنور، فإنّ رد فعل العدالة والتنمية، يعكس رغبة الحزب الحاكم في تلاعب قيادات بنصوص القوانين، ومحاولة تجاوزها وعدم الالتزام بشروط التقدم للانتخابات، والاستهانة والتقليل من المنظومة القضائية المغربية، ما يعرضهم للمزيد من الملاحقة، والمزيد من الخسائر، حيث إنّ المؤشر البياني لهذا الحزب في انخفاض لدى الشارع.

نقطة أخرى ربما تسببت في حالة الارتباك الحالية في صفوف المصباح، وهي الحرب الباردة  بين الأمين العام الحالي، سعد الدين العثماني، والأمين العام السابق عبد الإله بن كيران، حيث تؤكد بعض المصادر أنّ بن كيران بدأ في عرض اسمه من جديد، كرئيس للوزراء، في ظل تراجع شعبية العثماني، والذي دفعه توجسه نحو الإقدام على رفض منح بن كيران، تزكية من الأمانة العامة للحزب، من أجل خوض الانتخابات المقبلة، وأصرّ أن يتقدم الأخير بطلب إلى اللجنة المشرفة على الانتخابات، والتي يرأسها سعد الدين العثماني.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية