الحواجز العسكرية الإسرائيلية.. توقف حتى ننتهك إنسانيتك!

فلسطين والاحتلال

الحواجز العسكرية الإسرائيلية.. توقف حتى ننتهك إنسانيتك!


11/06/2019

يعاني الفلسطينيون على الحواجز العسكرية من الانتظار الطويل والتفتيش المذلّ؛ فلا يتورّع جيش الاحتلال الإسرائيلي عن إجبار أيّ منهم على خلع ملابسه، أو إرغامه على السير على الأقدام لاجتياز مسافات طويلة، إضافة إلى استباحة قوات الاحتلال الدم الفلسطيني، من خلال إطلاق النار المتعمد بحجج واهية، للمضيّ قدماً في الاستهداف الممنهج للفلسطينيين وتهديد حياتهم.

اقرأ أيضاً: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف هذا الموقع في سوريا
ووفق إحصائية صادرة عن مركز أبحاث الأراضي التابع لجمعية الدراسات العربية في القدس؛ فقد شهد العام 2016 ارتفاعاً في وتيرة الإجراءات والانتهاكات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس، بحقّ المواطنين الفلسطينيين؛ حيث تصاعدت حواجز الاحتلال في كافة أرجاء الضفة الغربية وشرقي القدس، بزيادة قدرها 126% عن العام الذي سبقه، لتبلغ حوالي 802 حاجز، ما أدى إلى شلّ حياة المواطنين وقطع أوصال المدن والقرى عن بعضها، وعزل مئات الفلسطينيين وعائلاتهم عن قراهم المختلفة، خاصة التي تقع خلف الجدار العازل.
الحواجز العسكرية الإسرائيلية أصبحت جزءاً من معاناة الشعب الفلسطيني

التضييق على المواطنين
مدير وحدة الرصد والتوثيق في مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، عدنان ظافر، قال، في حديثه لـ"حفريات": إنّ "الحواجز العسكرية الإسرائيلية أصبحت جزءاً من معاناة الشعب الفلسطيني لتضييق الخناق عليهم، وشلّ حركة تنقّلهم بين المدن والقرى الفلسطينية، ليعيش المواطنون في كانتونات ممزقة، لمنع الرجال والنساء من الوصول إلى أعمالهم والطلاب إلى مدارسهم والمصلين إلى الأماكن الدينية؛ لتذكيرهم دوماً بأنّ هناك احتلالاً يحرمهم حقوقهم بتلك الحواجز البغيضة".

اقرأ أيضاً: الاحتلال ينزع فرحة الفصح من مسيحيي غزة
ويضيف ظافر أنّ الاحتلال الإسرائيلي، منذ احتلال الضفة الغربية العام 1967؛ "دأب على إقامة المئات من الحواجز الحديدية والكتل الإسمنتية والترابية العسكرية على مشارف المدن والقرى بالضفة الغربية، التي وصل عددها إلى أكثر من 700 حاجز متنوع، وإصدار عدد من القوانين المجحفة التي تهدف للسيطرة على أراضي المواطنين، وإقامة هذه الحواجز عليها؛ كقانون رقم (1) لعام 1969؛ الذي يجيز لدولة الاحتلال الإسرائيلي مصادرة الأراضي الفلسطينية لأغراض عامة، وقد استغل الاحتلال ذلك في إقامة المزيد من الحواجز العسكرية لعزل الفلسطينيين عن بعضهم".

تعدّ الحواجز انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان

انتهاك واضح لحقوق الإنسان

ويشدد ظافر على أنّ الحواجز العسكرية الإسرائيلية، التي ازدادت بعد اندلاع انتفاضة الأقصى، العام 2000، تعدّ "انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان، التي تهدف إعاقة حركة المواطنين، وإنهاكهم؛ اقتصادياً ونفسياً واجتماعياً، باعتبارها تدابير مؤقتة تهدف إلى تعزيز أمن دولة الاحتلال وحماية مستوطنيها، لكنها في الحقيقة هي حواجز وجدت لكسر إرادة الفلسطينيين وإعاقة قضائهم لمصالحهم اليومية، والتي كفلتها لهم المواثيق الدولية".

تصاعدت حواجز الاحتلال في كافة أرجاء الضفة الغربية وشرقي القدس بزيادة قدرها 126% في العام 2016

ويشير إلى أنّه "منذ قيام قوات الاحتلال بإقامة جدار الفصل العنصري، العام 2002؛ الذي عمل على قطع أوصال القرى والمدن الفلسطينية بالضفة الغربية؛ حيث جرى تزويد الجدار بكاميرات مراقبة وأجهزة استشعار عن بعد لمراقبة تحركات الفلسطينيين، ونظراً لأهمية المناطق الشرقية بالضفة الغربية، التي تقدر بـ28% من المساحة الإجمالية للضفة الغربية، والتي رأت فيها إسرائيل أنّها تشمل حدودها الأمنية، دأبت السلطات الإسرائيلية على تضييق الخناق على سكانها، وإقامة المزيد من الحواجز العسكرية بداخلها، وإعلان مساحات واسعة منها بأنّها أراض عسكرية إسرائيلية مغلقة، وفرضت قيوداً على دخول الفلسطينيين إليها، وتفتيش كل من يحاول الدخول إليها بطريقة مهينة".
 إسرائيل تنظر إلى كل مواطن فلسطيني على أنّه خطر أمني يهدّد دولتها العنصرية

عقوبات جماعية
ولفت ظافر إلى أنّ إسرائيل تنظر إلى كل مواطن فلسطيني على أنّه "خطر أمني يهدّد دولتها العنصرية، ولا يسمح لهم بالعبور إلى مناطقهم وقراهم إلا بعد حصولهم على تصاريح من قبل الجنود الإسرائيليين للدخول إليها؛ من خلال الانتظار في طوابير طويلة أمام الحواجز العسكرية لانتهاك حقهم في التعليم والعمل والصحة والتنقل"، مؤكداً أنّ هذه الإجراءات "عقوبة جماعية محظورة في القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة؛ حيث لا يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بأيّة اتفاقية، ويواصل ممارسته لإجراءاته التعسفية بحق المواطنين الفلسطينيين دون ردعه دولياً".

اقرأ أيضاً: الاحتلال ينتهك حقوق الأسيرات الفلسطينيات.. هذه أوضاعهن

ودعا ظافر إلى "الضغط على إسرائيل لاحترام المواثيق والمعاهدات الدولية باعتبارها الجهة المحتلة للأراضي الفلسطينية، وهي المسؤولة أمام العالم عن توفير الاحتياجات الإنسانية والضرورية للمواطنين الفلسطينيين، وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ الذي نصت المادة (3) فيه على أنّه لا يجوز القبض على أيّ إنسان أو نفيه أو حجزه تعسفياً، كما نصت المادة (13) من القانون نفسه على أنّه لكل فرد الحرية في حرية التنقل واختيار محلّ إقامته داخل حدود كلّ دولة، وهو ما يتنافى مع الممارسات الإسرائيلية التعسفية بحق المواطنين الفلسطينيين العزل".

يقيمها الجيش الإسرائيلي بشكل مفاجئ على مداخل الطرق وبين المناطق الوعرة

تكريس الاحتلال
من جهته، يقول الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي، يوسف حجازي: إنّ الجيش الإسرائيلي شرع، منذ تسعينيات القرن الماضي، بإقامة العديد من الحواجز العسكرية وإغلاق مئات الطرق بالسواتر الترابية، لافتاً أنّ هذه الحواجز "تأخذ أشكالاً متعددة؛ كالحواجز الثابتة والمتحركة والمكعبات الإسمنتية والبوابات الحديدية والحواجز الطيارة، التي تعدّ من أخطر أنواع الحواجز، والتي يقيمها الجيش الإسرائيلي بشكل مفاجئ على مداخل الطرق وبين المناطق الوعرة، ويلجأ إليها الفلسطينيون للالتفاف على الحواجز العسكرية الثابتة، ورغم اختلاف أنواع وأشكال هذه الحواجز إلا أنّ هدفها واحد؛ هو إذلال المواطنين الفلسطينيين، وتكريس الاحتلال داخل مناطق الضفة الغربية المحتلة".

اقرأ أيضاً: بروفيسور فرنسي أمريكي يتحدى جرافات الاحتلال تضامناً مع "الخان الأحمر"

ويتابع حجازي حديثه لـ "حفريات" بالقول: "الحواجز العسكرية الإسرائيلية كانت، وما تزال، تمثل عائقاً وسبباً رئيساً في تدهور الأوضاع، الاقتصادية والإنسانية والتجارية والاجتماعية والصحية، وعلى مجمل الحياة العامة في الضفة الغربية؛ فقد منعت هذه الحواجز نقل البضائع والمحاصيل الزراعية من مدينة إلى أخرى، مما أدى إلى تلفها، كما أدت إلى عزل الفلسطينيين عن بعضهم البعض، وحالت دون وصول الأقارب إلى بعضهم، لتقتصر زياراتهم على الأعياد والمناسبات فقط، كما يُمنع المرضى والنساء الحوامل من الوصول إلى المستشفيات، لتضع عدد من النساء أجنّتهن على الأرض، أمام مرأى جنود الاحتلال في خرق واضح للمواثيق والأعراف الدولية".
المتابع لحالات الإعدام الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين يجدها تقع في جميع الأحيان على الحواجز

إفلات من العقاب
ويتابع "إسرائيل تسعى من وراء إقامة الحواجز العسكرية، ومن أبرزها جدار الفصل العنصري، إلى تقسيم الضفة الغربية، وهو الهدف الجيوسياسي الذي تهدف دولة الاحتلال لتحقيقه، للحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967، للنيل من الروح المعنوية للفلسطينيين وفرض العقوبات الجماعية عليهم، والتنكيل بهم على هذه الحواجز بمجرد الاشتباه بأيّ فلسطيني يحاول تخطيها والمرور عبرها، لتشكل عقبة في وجه العمال والطلاب الذين يضطرون للتنقل لمسافات طويلة وفي ظروف مناخية صعبة، للوصول إلى أعمالهم ومدارسهم، التي تقع خارج مناطق سكنهم".

اقرأ أيضاً: يهدمون منازلهم بأيديهم: فلسطينيون على الأطلال يعانون ويلات الاحتلال
ولفت حجازي إلى أنّ "المتابع لحالات الإعدام الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين؛ يجدها تقع في جميع الأحيان على الحواجز الصهيونية، وهي حوادث قتل عمد تقوم بها قوات الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين خارج القانون وبحجج وأسباب واهية، كاتهام الضحية بحيازة سكين أو أسلحة نارية بنيّة إلحاق الضرر بالجنود المدججين بالأسلحة المتنوعة، لكنّ السبب الرئيس من وراء ذلك؛ هو يعبر عن عنصرية إسرائيل وكراهيتها للفلسطينيين، وشعورها الدائم بعدم محاسبتها وإفلاتها من العقاب، مع عدم وجود أيّة إرادة دولية لكبح هذه العنصرية والجرائم المستمرة في ظلّ الصمت الدولي".
تضمّ الحواجز، البالغ عددها 140 حاجزاً، بنية تحتية دائمة

ارتفاع متواصل للحواجز
ووفق تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا)؛ الذي يتخذ من شرق القدس مقرّاً له؛ فقد أفاد بوجود 705 عوائق دائمة في مختلف أنحاء الضفة؛ حيث تقيّد حركة المركبات الفلسطينية، وتنقّل المشاة الفلسطينيين. ويبين التقرير أنّ هذا العدد يشكّل ارتفاعاً تبلغ نسبته 3% عمّا كان عليه الحال، في شهر كانون الأول (ديسمبر) 2016، وهو تاريخ المسح السابق، مشيراً إلى انعكاسات الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة، وانعكاساتها على حياة نحو 2 مليون فلسطيني.

حجازي: الحواجز العسكرية الإسرائيلية كانت وما تزال تمثل عائقاً وسبباً رئيساً في تدهور أوضاع الفلسطينيين

وبيّن المسح أنواع العوائق والحواجز العسكرية الإسرائيلية والبوابات الإلكترونية، وجاء في بياناته: "تشمل العوائق 140 حاجزاً، يتمركز عليها الجنود بشكل دائم 24 ساعة يومياً، وهناك حواجز بين الفينة والأخرى، و165 بوابة طريق لا يتمركز عليها الجنود (ونحو نصف هذه البوابات مغلق في الأحوال العادية)، و149 ساتراً ترابياً، و251 عائقاً غير مأهول (متاريس الطرق، والخنادق، والجدران الترابية، وغيرها)، وتكمن أهم الاختلافات التي لوحظت منذ نشر المسح الأخير من ناحية فئة العوائق في إضافة 39 بوابة طريق وإزالة 31 ساتراً ترابياً، وسُجلت أكبر زيادة في محافظة رام الله؛ حيث شملت ما مجموعه 15 عائقاً إضافياً.
وتضمّ الحواجز، البالغ عددها 140 حاجزاً، بنية تحتية دائمة، غير أنّ 64 منها فقط مأهول بالقوات الأمنية بصورة دائمة، بما فيها 32 حاجزاً يقع على امتداد الجدار أو على الطرق المؤدية إلى "إسرائيل"، و20 حاجزاً في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل، و12 حاجزاً آخر في مناطق أخرى من الضفة الغربية.

اقرأ أيضاً: عهد التميمي لـ "حفريات": لن أتردد في صفع المزيد من جنود الاحتلال
أما الحواجز "الجزئية" الأخرى التي يبلغ عددها 76 حاجزاً؛ فيتمركز عليها أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي بين الفينة والأخرى أو في برج، وليس على الأرض، وتُستثنى من هذه الأرقام ثمانية حواجز تقع على الخط الأخضر (خط الهدنة لسنة 1949).
وبين شهر كانون الثاني (ديسمبر) 2017 ونهاية شهر حزيران (يونيو) 2018، أقامت القوات الإسرائيلية 4,926 حاجزاً "مفاجئاً" إضافياً، أو ما يقرب من 60 حاجزاً في الأسبوع، وتشمل نشر القوات الإسرائيلية لعدة ساعات على طريق بعينه لغايات إيقاف السائقين الفلسطينيين ومركباتهم وتفتيشها، دون أن يكون لهذه الحواجز بنية تحتية مادية دائمة على الأرض.

 

انتهاكات مستمرة
وأكّدت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن خلال تقرير لها، في العام 2007؛ أنّه منذ العام 2000 وحتى أواخر شهر حزيران (يونيو) من العام الماضي؛ هناك 68 امرأة حاملاً أرغمن على الولادة عند الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وعلى مسمع من جنود الاحتلال الإسرائيلي، الذين تجاهلوا صرخات الاستنجاد للسماح لهنّ بالمرور لتلقي الخدمات الصحية اللازمة؛ ما أدى إلى إجهاض ووفاة 34 جنيناً و4 نساء، إثر إصابتهن بمضاعفات ما بعد الولادة والافتقار للعناية اللازمة.

وأشارت الهيئة الفلسطينية، في تقرير لها، إلى أنّ الإجراءات الإسرائيلية التعسفية أدت إلى مزيد من المعاناة للمدنيين الفلسطينيين، ومنهم النساء الحوامل في أوضاع الولادة، بسبب منعهن من الوصول إلى المستشفيات لتلقي الخدمات الصحية اللازمة.

اقرأ أيضاً: أمريكا تشارك الاحتلال الصهيوني في مجزرة الإثنين الأسود
الغريب أنّ وزير الحرب الإسرائيلي السابق، أفيغادور ليبرمان، في تموز (يوليو) 2016؛ اعترف بمساوئ هذه الحواجز، وذلك رداً على سؤال وجهه النائب العربي في الكنيست، يحيى الحاج، الذي طلب تسهيل حركة "عرب إسرائيل" على الحواجز، وردّ وزير الحرب الإسرائيلي قائلاً: "كلّ ما يجري على هذه المعابر أمر غير منطقي وغير معقول، ويشكل مسّاً وخطراً أمنياً وإنسانياً، الجميع يعانون، يهوداً وعرباً، وأنا شخصياً مررت بهذه الحواجز، وأعرف الوضع من مصادره، وقد طلبت ضمن الميزانية الحالية إضافة ميزانيات للمعابر، وأتمنى أن نحصل على دعم الكنيست في هذا المجال".
وأضاف "نحن قريبون من الانتهاء من وضع خطة تسهيلات للفلسطينيين حتى نشجع المعتدلين منهم، وبناء الجيرة الحسنة"، على حدّ تعبيره، وفي تناقض واضح مع هذا الموقف؛ أعلن ليبرمان لاحقاً أمام الكنيست اعتزام وزارة الحرب الإسرائيلية بناء 70 كلم أخرى من جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية المحتلة!

الصفحة الرئيسية