"الإخوان" وحزب "دينك" التركي.. لوبي في هولندا يرعى المتطرفين

"الإخوان" وحزب "دينك" التركي.. لوبي في هولندا يرعى المتطرفين


16/06/2019

هولندا أكثر الدول الأوروبية التي تعي دوافع الرئيس التركي، رجب أردوغان، وحذرت منها كثيرًا، طوال الفترة الأخيرة، لذلك كثرت الخلافات وتوترت العلاقات بين البلدين.

تحركات جماعة الإخوان  لنشر التطرف في هولندا لا تنفصل عن تحركات أردوغان، فتابعوه يعملون على نشر الفوضى في البلد الأوروبي الذي تربطه علاقات متوترة مع أنقرة، بسبب جرائم نظام أردوغان وأجداده "العثمانيين".

في شباط (فبراير) 2016 أعلنت الاستخبارات الهولندية أن أكثر من 200 هولندي، بينهم 50 امرأة، التحقوا بصفوف تنظيم "داعش" الإرهابي في سورية، والعراق، بينما كان للمساجد التي تشرف عليها منظمات وجمعيات تابعة لتركيا وجماعة الإخوان دور كبير في تخريج هذا العدد من المتطرفين؛ فضلًا عن عناصر أخرى انضمت لتنظيم القاعدة، وغيره من الميليشيات .

جماعة الإخوان وبتنسيق مع نظام أردوغان سعت للتواجد في هولندا وتنفيذ خططها لنشر التطرف والفوضى هناك منذ عام 2008، حيث بدأت تنتشر مؤسسات تزعم أنها تشرف على المساجد، مستغلة وجود نحو 900 ألف مسلم في هولندا البالغ تعداد سكانها نحو 17 مليون شخص، ويبلغ عدد المهاجرين المغاربة نحو 350 ألفا، وعدد أقل من ذلك بقليل من أصول تركية.

تقرير استخباراتي
الاستخبارات الهولندية أقرت في نيسان (أبريل) 2010 أن جماعة الإخوان المسلمين وعناصرها المنتشرين في البلاد يشكلون خطرًا على الأمن القومي الهولندي، مؤكدة أنها جماعة "أصولية متطرفة"، كما طالب البرلمان الهولندى من الحكومة الهولندية، التحقق من "الهوية الراديكالية للجماعة".

آنذاك، حاولت "الإخوان" عقد مؤتمر إسلامي ينظمه القيادي، يوسف القرضاوي، وعضو التنظيم الدولي للجماعة، فيما نوه البرلمان الهولندي إلى تقرير الاستخبارات الهولندية الذي صنف الجماعة ضمن الحركات الإسلامية الراديكالية المتشددة، التي تتعارض مع مبادئ النظام الديمقراطي في أوروبا.

تقرير الاستخبارات الهولندية جاء فيه أنه "على الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين تبدو وكأنها تسعى لخلق أجواء إسلامية ودية فى أوروبا، إلا أنه من المحتمل أن يتعارض تفسيرها الأرثوذكسى للإسلام إلى حد بعيد مع مبادئ النظام الديمقراطي".

ألاعيب الجماعة
لورنزو فيدينو، الباحث في جامعة هارفارد، قال تعليقًا على هذا التقرير لهيئة الإذاعة الهولندية: "إن الإخوان المسلمين فى أوروبا لا يهدفون إلى إنشاء دولة إسلامية أو تطبيق الشريعة الإسلامية، لكنهم نفوذ داخل المجتمع الإسلامي والمجتمع الأوروبى"، مشددًا على أن "الإخوان يتكلمون بلسان مزدوج، وأنهم أكثر راديكالية مما يُظهرون".

"فيدينو" بدا على علم بألاعيب الجماعة، فأكد أن عناصر الجماعة "يقدمون أنفسهم للعالم الخارجي كحركة معتدلة تنادى بالاندماج والحوار الدينى وترفض الإرهاب، ولكن ضمن المسجد وفي كتبهم، يعلمون عكس ذلك تماماً، ويعتبرون أوروبا مجتمعاً فاسداً لا ينبغى الاندماج به؛ والإجراءات التي تتخذها الحكومات الغربية يتصورونها حربا على الإسلام".

الإخوان كثفوا من تواجدهم في الدولة الأوروبية، واستغلوا حجة "إدارة وبناء المساجد" للانتشار هناك، وفي مدينة روتردام الهولندية امتلكوا مؤسسة تسمى "مركز السلام الإسلامي الثقافي"، و"مركز الوسطية" الذي اقترن اسمه بيوسف القرضاوي.

كما تواجد الإخوان في مؤسسة "المركز الاجتماعي الثقافي في هولندا"، والتي تتبع بشكل مباشر إخوان تونس "حركة النهضة" ومن خلالها أسسوا مؤسسة تعليمية (مدرسة)، وكذلك أشرف عناصر من الجماعة الأم على إدارة "المسجد الأزرق" في أمستردام.

وتزامنًا مع ذلك، حاول إخوان هولندا تعزيز علاقاتهم مع الإخوان في بريطانيا، فمدير "مركز السلام الإسلامي الثقافي" جاكوب دير بلوم، وهو كذلك مسؤول في مركز الوسطية في روتردام تلقى تدريبًا في الاتحاد الإسلامي في لندن، بحسب المحلل الأمني الهولندي، رونالد ساندي.

ساندي أشار إلى أسماء بعض عناصر الإخوان في هولندا والذين يقومون بتدريب آخرين على أدوات الضغط والتأثير السياسي، ومنهم إبراهيم عكاري ونور الدين العوالي، المقيم في روتردام، منبهًا إلى أن محمد نجل إبراهيم عكاري بات ناشطًا سياسيًا في السياسة اليسارية الهولندية، بعضويته في الحزب الاشتراكي وحزب العمل، وكذلك في حزب "دينك" في روتردام،  وهو أحد الأحزاب الموالية لأردوغان.

حزب إردوغان
في عام 2014، انشق البرلمانيان الهولنديان من الأصول التركية، سيلكوك أوتورك، وتانهان كوزو، عن حزب العمل الهولندي وأطلقا حزبًا يدعى "دينك" denk في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام ذاته، ولا يخفى الحزب واقعيًا أنه تابع لإردوغان والمدافع عن مصالحه وسياساته في أروقة البرلمان الهولندي.

كما أعلن أعضاء جماعة الإخوان في روتردام دعمهم الصريح للحزب الإسلامي الإقليمي بقيادة  نور الدين العوالي في انتخابات هولندا في شهر مارس 2018، وكان العوالي عضوًا سابقًا في مجلس إدارة حزب "الأخضر" الهولندي، وكان أيضًا المتحدث باسم نشاطات شبكات الإخوان في أوروبا.

الإسلاميون المقربون من الإخوان يتعاونون مع حركات وأحزاب يسارية في هولندا، فقد وافق الحزب الإسلامي الإقليمي على الانضمام إلى ائتلاف "يساري إسلامي" رسمي في روتردام، المكون من الحزب الأخضر وحزب العمل والحزب الاشتراكي.

وتعد منظمة "اتحاد الديمقراطيين الأتراك الأوروبيين" واحدة من المنظمات الداعمة للحزب الإسلامي الإقليمي وقد دفعت بشخصيات تنتمي لجماعة الإخوان لتولي مناصب في مجلس مدينة روتردام، مثل التركي أحمت ييلديريم، وباس فان نوبين، وكذلك علي أزوزي الذي عمل كمساعد خاص لحفيد مؤسس الإخوان، طارق رمضان.

الحزب الإسلامي الإقليمي Nida يمتلك اليوم مقعدين في البرلمان الهولندي، بينما حقق حزب Denk ثلاثة مقاعد في أول مشاركة له في الانتخابات في آذار (مارس) عام 2017. وتعني كلمة Denk "عدالة" في اللغة التركية وهو الأول من اسم حزب إردوغان "العدالة والتنمية".

حزب "دينك" يعلن نظريا أنه يسعى لاستقطاب جميع الهولنديين إلا أن مواقفه تؤكد سعيه لاستقطاب المسلمين؛ وهو ما تفطن إليه محللون في هولندا، بالرغم من نفي فريد أزرقان القيادي في الحزب.

الصحافة الهولندية تشدد على أن الحزب مجرد أداة في يد إردوغان يسعى من خلالها للتأثير في السياسة الرسمية لهولندا، بعدما فضحت الحكومة الهولندية صمت حزب العدالة والتنمية التركي على مجازر إبادة الأرمن التي ارتكبها الأتراك في أوائل القرن العشرين.

مدافعون عن الإبادة
الحزب حاول منع تصويت البرلمان الهولندي في 23 شباط (فبراير) 2018 ضد توصية للاعتراف بالإبادة التركية للأرمن، ومقتل نحو مليون ونصف المليون شخص خلالها بين عامي 1915 و1917؛ إلا أنه فشل، وصادق المجلس النيابي بغالبية 142 صوتا على توصية الاعتراف بهذه الإبادة، بينما لم يرفض سوى أعضاء ثلاثة فقط، هم أعضاء حزب إردوغان في هولندا  "دينك".

الخبير الهولندي بيرتوس هيندريكس يؤكد أن "إردوغان يحاول التأثير على هذا النوع من الأحزاب، وهو الذي دعا، بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، الأتراك المقيمين في هولندا للوشاية بالمنتمين لحركة جولن".

في تقرير صادر عن مجلة "عين أوروبية على التطرف" في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، فإن تطرف الشباب المسلم في هولندا، وانضمامه إلى "داعش" وغيرها من التنظيمات الإرهابية يعود إلى انتشار حركات سلفية وجماعة الإخوان التي باتت تنتشر في أمستردام ولاهاي وروتردام.

المجلة نبهت إلى أن تركيا تعد أحد أهم مصادر تمويل عناصر جماعة الإخوان المسلمين في هولندا، مشيرة إلى محاولات الجماعة لاستقطاب المسلمين في هولندا للصلاة في المساجد التي تسيطر عليها، وكذلك لإلقاء دروسٍ في التطرف عليهم بعد وقبل الصلوات.

ويُرجع محللون تزايد حملات "الإسلاموفوبيا" إلى ما تفعله الإخوان والجماعات المتطرفة الأخرى في البلاد من نشر التطرف، مشيرين إلى أن التطرف الإسلاموي يرافقه تطرف يميني يحاول الرد عليه، ما أدى إلى ظهور مجموعات مثل: "إيقاف أسلمة هولندا" و"بيجيدا" وغيرها.

خطر في أمستردام
في أيلول (سبتمبر) الماضي أصدرت الحكومة الهولندية تقييمًا للتهديدات، أكدت فيه أن تنامي تأثير المجموعات الإسلاموية والمتذرعة بأنها إسلامية على حين أنها  متطرفة هو التهديد الأكثر خطورة على الإطلاق في البلاد.

ويسعى البرلمان الهولندي الذي يقف بالمرصاد لمحاولات أردوغان نشر رجاله وأفكاره السامة في عموم البلاد، إلى شن قانون لحظر "التمويل الخارجي" للمؤسسات الدينية، حيث يتم استغلال التمويل القادم إلى القائمين على المساجد من مراكز وجمعيات متطرفة في تحقيق أغراض خبيثة تركز على نشر التطرف بين المسلمين، لا إقامة الشعائر، حسبما هو معلن في أنشطتها الرسمية.

في نيسان (أبريل) الماضي أقرت وكالة الأناضول أن جمعية المجتمع الإسلامي التركية "مللي جوروش" باتت لها أنشطة في هولندا، مشيرة إلى قيام الجمعية بحملة سمتها "حملة للتعريف بالإسلام"، على حين تمارس هذه الجمعية أنشطة استخباراتية وهو ما تفطنت إليه ألمانيا مثلا.

وتحت شعار "أنا مسلم" قامت الجمعية بأنشطتها في عدد من الدول الأوروبية، ونظمت هذه التظاهرات في دول منها النمسا وسويسرا وبلجيكا وفرنسا والدنمارك والسويد والنرويج وإيطاليا.

ويستغل أردوغان أذرعه المتطرفة (أشخاص ومنظمات) للتوغل في أوروبا، وينتشر في هولندا أيضا عن طريق إبراهيم الزيات المعروف باسم "وزير مالية التنظيم الدولي للإخوان"، والذي ولد في مدينة ماربورغ بألمانيا عام 1968، لأب مصري وأم ألمانية.

الزيات انتشر في هولندا وحاول أن ينفذ أفكار إردوغان فيها عبر شغله منصب "سكرتير شركة تعمير المساجد في هولندا"، كما شغل منصبًا في مجلس إدارة شركة (slm) للاستثمار العقاري التي تمول بناء المساجد في أوروبا، ما جعل البعض يطلق عليه "مقاول المساجد"، فيما أنه مهمته في الحقيقة نشر أفكار لتخريب العقول.

عن "عثمانلي" التركي 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية