تركيا: أطفال خلف القضبان

تركيا: أطفال خلف القضبان


27/06/2019

ترجمة: محمد الدخاخني


يتذكّر حسين شاهناز جيّداً اليوم الّذي ولدت فيه ابنته، صفيّة - وكذلك يوم سجنها.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي: تراجع للحريات وقيود على القضاء بتركيا
يقول لدويتشه فيله: "لقد ولدت في يوم جمعة. وبعد يوم واحد، أُجبِرنا على إرسالها هي وأمّها إلى السّجن". اتُّهمت زوجة شاهناز، خديجة، بالانتساب إلى "منظّمة فتح الله الإرهابيّة"، وسوف تقضي أكثر من ستّة أعوام في سجن شديد الحراسة بالقرب من مدينة أنطاليا التّركيّة جنباً إلى جنب مع طفلتها الرّضيعة.

يعيش اليوم، على الأقلّ، 743 طفلاً دون سنّ السّادسة خلف القضبان في تركيا نصفهم تقريباً لم يبلغوا سنّ الثّالثة

يُتّهم المنشقون السياسيون الأتراك بانتظام بأنّهم أعضاء في "منظّمة فتح الله الإرهابيّة" ويؤخذون إلى المحاكمة. ومع ذلك، يتبيّن في معظم الحالات أنّ الادعاءات لا أساس لها من الصّحة.
يشعر حسين شاهناز بقلق بالغ بشأن زوجته وطفلته الرضيعة. في النهاية، السجون ليست تماماً مؤسّسات صديقة للأسرة؛ إذ يجب على الأمّ وطفلتها مشاركة الزّنزانة مع 30 سجينة. ودرجات الحرارة خلال هذا الوقت من السّنة تميل إلى الوصول إلى 30 درجة مئويّة (حوالي 90 فهرنهايت) أو أعلى.
يقول شاهناز: "إنّني قلق، ولديّ كلّ هذه الأسئلة في رأسي: كيف سيقومون بإعالة الطّفل داخل السّجن، وكيف سيتعاملون مع ارتفاع درجات الحرارة"؟

يتذكّر حسين شاهناز جيّداً اليوم الّذي ولدت فيه ابنته صفيّة وكذلك يوم سجنها

ترتيبات معيشية صديقة للأسرة؟
أعلنت وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة في تركيا مؤخراً أنّ الأمهات المسجونات مع أطفالهنّ لن يكون عليهنّ قريباً مشاركة زنازين عاديّة مع سجينات أخريات. فبدلاً من ذلك، يجري الإعداد لترتيبات معيشيّة صديقة للأسرة.
يقول وزير العدل، عبد الحميد غول، إنّ هناك مشروعاً تجريبيّاً يحتوي على زنزانات صديقة للأسرة قيد التّنفيذ في سجن يقع بالقرب من أنقرة. ويشارك 42 سجينة وأطفالهنّ في المشروع. في المرحلة الأوليّة، سيتمّ بناء 48 شقّة مناسبة للأمّهات الّلائي لديهنّ أطفال صغار. وتوجد خطط لإنشاء حديقة بمساحة 430 متراً مربعاً (4,600 قدم مربع) للأطفال للّعب بها، وهي مساحة تعادل حجم ملعب لكرة السّلة. وفي المرحلة الثّانية، سيتمّ بناء شقق صديقة للأسرة في سجن للنّساء في مدينة ديار بكر.

اقرأ أيضاً: الحريات في تركيا.. إلى أين؟!
لكن حسين شاهناز يشكّك في نجاح المشروع التّجريبيّ. فهو متأكّد من أنّ الأمر سيستغرق عدّة سنوات حتّى تصبح الزّنازين الصّديقة للأسرة حقيقة واقعة. يقول: "هذا لن يغيّر حقيقة أنّ ابنتي ستكبر في السّجن".
ويضيف: "ربّما سيكون للترتيبات المعيشيّة الجديدة تأثير إيجابيّ على الأمّهات الّلائي لديهنّ أطفال. لكن أيّاً كان الحلّ الّذي يختارونه، فإنّ السّجن لا يزال سجناً".
تقول المحامية جانسو سيكيرجي: "لا نمتلك أيّ تفاصيل حول هذا المشروع، ونتمنّى أن تتقاسم الحكومة المزيد من المعلومات معنا". وتمثّل سيكيرجي "المجتمع المدنيّ" في "مجموعة نظام العقوبات"، الّتي تناضل من أجل حقوق السّجناء وتعمل عن قرب مع الاتّحاد الأوروبيّ.
تشعر سيكيرجي بالقلق، وقد تلقّت منظّمتها مؤخّراً عدداً متزايداً من الشّكاوى من أمّهات يقبعن خلف القضبان. والمشكلات النّموذجيّة الّتي يعانين منها تتمثّل في قلّة وجود حفّاضات وأغذية وأدوية للأطفال.

اقرأ أيضاً: إيران تواصل قمع الحريات
وبينما تعتقد سيكيرجي أنّ الزّنازين الصّديقة للأسرة المخطّط لها قد تساعد قليلاً، فإنّها تقول إنّ ممثّلي المجتمع المدنيّ لم تتمّ استشارتهم البتّة لضمان تلبية كافّة الاحتياجات. وكذلك، تنتقد عدم إشراك أيّ من التّربويّين أو علماء النّفس في المشروع.

نشطاء حقوق الإنسان لا يزالون متشكّكين

يقول نشطاء حقوق الإنسان إنّ الأطفال الّذين تقلّ أعمارهم عن 6 أعوام يجب أن يتجنّبوا فترة السّجن مع أمهاتهم. وقد اقتُرِح أنّه يمكن السّماح للنّساء الّلائي حُكِم عليهنّ بالسّجن لمدّة تقلّ عن خمسة أعوام بتأجيل العقوبة حتّى يبلغ عمر طفلهنّ 7 أعوام. وطرحَ البعض فكرة استخدام أساور الكاحل لمراقبة مكان وجود الأشخاص إلكترونيّاً، بدلاً من حبسهم.

منسّق جمعيّة حقوق الإنسان التّركيّة: من غير العادل أن يعاقب الأطفال على جرائم الأمّهات المدانات

ويقول حسين كوجوكبالابان، منسّق "جمعيّة حقوق الإنسان" التّركيّة، إنّه من غير العادل أن يعاقب الأطفال على جرائم الأمّهات المدانات.
ولا يستطيع كوجوكبالابان فهم سبب فشل السّلطات التّركية في استشارة ممثّلي المجتمع المدنيّ ونشطاء حقوق الإنسان وغيرهم من الخبراء حول زنازين السّجون الصّديقة للأسرة المخطّط لها حديثاً.
ويقول إنّه لا إصلاح السّجون و "لا حتّى الزّنازين الصّديقة للأسرة سيحسّنان حياة الأطفال المحتجزين". ويجادل بأنّ نظام العقوبات التّركيّ يحتاج إلى إصلاح كامل.

يعيش على الأقلّ 743 طفلاً دون سنّ السّادسة خلف القضبان في تركيا

لا تساهل مع الإرهابيّات المُدانات

اليوم، يعيش على الأقلّ 743 طفلاً دون سنّ السّادسة خلف القضبان في تركيا. ويقول سابان يلماز، الّذي يرأس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، إنّ نصفهم تقريباً لم يبلغوا سنّ الثّالثة.
وفي الوقت نفسه، ينصّ قانون العقوبات التّركيّ على أنّه ينبغي تعليق عقوبة السّجن على الأمّهات الّلائي لديهنّ أطفال تقلّ أعمارهم عن 6 أشهر. ومع ذلك، لا تنطبق هذه القاعدة عندما يُدان الأفراد بأنّ لهم صِلات بمنظّمة إرهابيّة.
وهذا يعني أنّ السّلطات التّركيّة لا تكنّ أيّ تعاطف مع صفيّة، الّتي كانت بالكاد تبلغ من العمر يوماً واحداً عندما سُجِنت مع أمّها.


المصدر: أرام إكين دوران، دويتشه فيله



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية