هل روجت "النهضة" لإشاعة موت الرئيس التونسي لتستولي على الحكم؟

تونس

هل روجت "النهضة" لإشاعة موت الرئيس التونسي لتستولي على الحكم؟


03/07/2019

عاشت تونس الخميس الماضي 27 حزيران (يونيو) 2019، تسارعاً رهيباً في الأحداث؛ إذ تلقى التونسيون، خلال ساعات قليلة، ثلاث عمليات إرهابية، أودت بحياة رجل أمن، وبعض الإصابات الخفيفة، تلاها انتشار إشاعة وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي (93 عاماً)، الذي تعرّض لأزمة صحية استوجبت نقله إلى المستشفى العسكري بالعاصمة، وانتهت بتداول معطيات عن محاولة أطراف سياسية الانقلاب على الحكم، والاستيلاء على السلطة، حتّى إنّ نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي اتّفقوا على تسميته "الخميس الأسود".

اقرأ أيضاً: تونس: مبادرة جديدة للسبسي.. ما هي أهدافها؟
وينص الدستور التونسي في الفصل 84 من الدستور التونسي، على أنّه "في حالة الوفاة، أو العجز الدائم، لرئيس البلاد، أو لأيّ سبب آخر من أسباب الشغور النهائي تجتمع المحكمة الدستورية فوراً، وتقرّ الشغور النهائي، وتبلّغ ذلك إلى رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، الذي يتولى فوراً مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقّتة لأجل أدناه 45 يوماً وأقصاه 90 يوماً".
هل سعت "النّهضة" إلى الاستيلاء على السلطة؟
وفور تداول إشاعة وفاة الرئيس، نقلت الصحافة التونسية عن مصادر برلمانية، تقارير تؤكّد أنّ حركة النهضة الإسلامية (شريكة في الحكم)، حاولت تنفيذ مخطّطٍ انقلاب داخل البرلمان، وسعت إلى استغلال تسارع الأحداث، وغياب رئيس البرلمان محمد الناصر (85 عاماً) بسبب وعكة صحية تزامنت مع مرض الرئيس، في محاولة "الانقلاب" على الناصر وتنصيب نائبه عبد الفتاح مورو (نائب رئيس حركة النهضة) على رأس البرلمان.

رئيس البرلمان محمد الناصر يغيب عن مداولات البرلمان بسبب وعكة صحية
حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس الباجي قايد السبسي، أكّد أيضاً أنّه تحصّل على معلوماتٍ حول وجود محاولاتٍ من بعض الأطراف لافتكاك السلطة عبر التحايل على الدستور، واستغلال انشغال الناس بالتفجيرات الإرهابية، وأيضاً استغلال بعض الثغرات في الدستور، ومن ثم التعامل مع إشاعة موت الرئيس كحدثٍ فعلي، للبحث عن كيفية سد الشغور.

المحلل السياسي جمعي القاسمي: "النّهضة" تحاول الالتفاف على مساعي انتخاب أعضاء للمحكمة الدستورية وتعويضها بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين

ويرى المحلل السياسي جمعي القاسمي، في تصريحه لـ"حفريات"، أنّ الأحداث الأخيرة أنتجت حراكاً سياسياً تخللته بعض المناورات التي سعت من خلالها بعض الأطراف إلى تغيير المشهد بطرقٍ غير دستوريةٍ، وعبر التحايل على بعض بنود الدستور، لافتاً إلى أنّ ما حدث داخل البرلمان أكّد هذه المساعي رغم النفي الذي تواترت عناوينه خلال اليومين الأخيرين.
وأضاف القاسمي أنّ ذلك لا يمنع من التأكيد على وجود رغبةٍ لدى البعض بتغيير المعادلة السياسية بقواعدها الراهنة، تمهيداً لإيجاد أرضية ملائمة، من أجل أن تكون نتائج الانتخابات القادمة على مقاسها، مشيراً إلى أنّ ما تم تداوله داخل أروقة البرلمان يثبت أنّ التحالف الحاكم الحالي (حركة النّهضة ومشروع تونس وتحيا تونس) وراء هذه المحاولات.

اقرأ أيضاً: هل يقلب شيوخ "النهضة" الطاولة على شبابها؟
ولفت المحلل السياسي إلى ضرورة أخذ المسألة بحذرٍ شديدٍ باعتبار تباين الآراء حولها، خاصّةً أنّ هذه الأطراف نفت بشكلٍ قطعي كل ما وُجه إليها، ووصف الوضع بالغامض، مرجحاً حدوث مشاوراتٍ سياسيةٍ مختلفةٍ، في ظلّ تباين الآراء حول إجراء الانتخابات في موعدها من عدمه، في وقتٍ تحاول فيه حركة النّهضة الالتفاف على مساعي انتخاب أعضاء للمحكمة الدستورية، وتعويضها بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، وهو ما يُعتبر أمراً خطيراً.
برلمانيون يؤكدون سعي "النهضة" لاستغلال الأحداث
وحول المعطيات التي استقتها الصحافة التونسية من داخل أروقة البرلمان، أكّد النائب عن الجبهة الشعبية، أيمن العلوي، في تصريحه لـ"حفريات"، أنّ بعض النواب، أغلبهم من حركة النّهضة، حاولوا الدفع نحو قراءات موّجهة لبعض فصول الدستور التونسي، وعملوا على استعجال عقد اجتماع على أن يترأسه نائب رئيس البرلمان عبد الفتاح مورو نظراً لغياب رئيس البرلمان محمد الناصر(85 عاماً)  حينها نظراً لأسبابٍ صحيةٍ.

اقرأ أيضاً: "صواب".. موقع تونسي جديد يسعى لتفكيك الحركات الإسلامية
وأشار العلوي إلى أنّ نواب حركة النهضة حرصوا على أن يتصدّر نائب رئيس البرلمان المشهد بشكلٍ يثير الشك والريبة، كما حاولوا إحداث حالةٍ من الارتباك غير المبرّر.
من جانبه، أقرّ النائب عن حركة نداء تونس، محمد رمزي خميس، في تصريح لـ"حفريات"، بوجود محاولات لعقد اجتماعٍ يضم رؤساء الكتل البرلمانية وأعضاء مكتب البرلمان في غياب رئيس البرلمان، وأنّ النواب الذين دعوا إلى هذه الجلسة، وهم من حركة النهضة، اقترحوا أن يترأسها عبد الفتاح مورو.
عبد الفتاح مورو نائب رئيس البرلمان وقيادي بحركة النهضة الإسلامية

هل روّجت "النهضة" لوفاة الرئيس؟
ووجّه أمين عام حزب "مشروع تونس" حسونة الناصفي، المساند لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، اتّهاماتٍ لحركة النهضة الإسلامية بـ"ترويج إشاعة وفاة رئيس البلاد الباجي قائد السبسي قبل أيام" مشيراً إلى أنّ ابنة رئيس الحركة راشد الغنوشي كانت من السبّاقين إلى ترويج هذه الإشاعة.
وندّد الناصفي، في تصريحاتٍ صحفيةٍ لوسائل إعلامٍ محليّةٍ، بقيادات حركة النهضة، وقال إنّهم روّجوا لخبر وفاة رئيس الدولة، داعياً إيّاها إلى أن تلوم نفسها، وبعضاً من قياداتها، والمنتسبين إليها قبل أن تلوم أطرافاً أخرى"، حسب تعبيره.

النائب عن الجبهة الشعبية أيمن العلوي: نواب النهضة حرصوا على أن يتصدّر عبد الفتاح مورو المشهد بشكلٍ يثير الشك

وكانت  انتصار الخريجي الغنوشي، ابنة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، قد نشرت تغريدةً على حسابها الخاص على موقع "تويتر" الجمعة 28 حزيران (يونيو) 2019، قالت فيها إنّه "يبدو أنّه بات مؤكداً أنّ الباجي قائد السبسي قد وافته المنية"، "وأنّ رئيس البرلمان محمد ناصر سيتولى منصبه في انتظار الدعوة لانتخاباتٍ مبكّرةٍ".
وتابعت ابنة راشد الغنوشي "السؤال المطروح هنا، هل سيصادق على التعديلات التي أدخلت على قانون الانتخابات الأسبوع الماضي"، فيما لاحظ متابعوها أنّ التدوينة لم تتضمّن نعياً أو مواساةً، قبل أن تقوم بحذفها بعد أن تهاطل عليها كمٌّ هائلٌ من الشتائم من مستخدمي "تويتر".
يأتي ذلك في وقتٍ نشرت فيه الحركة بياناً متأخراً، أكّدت فيه رفضها نشر الإشاعات التي تتحدث عن وفاة الرئيس، ونبهت إلى خطورة الانجرار وراءها، مشيرةً إلى أنّ هذه الإشاعات هدفها إرباك الأجواء وبث البلبلة في البلاد.
 راشد الغنوشي لا يستبعد وجود مساعٍ للتخلص من الباجي قايد السبسي

النهضة تتبرّأ من الاتّهامات
في المقابل، تسعى حركة النّهضة إلى تلميع صورتها، سواء بطريقة مباشرةٍ عبر نفي كل التهم الموجّهة إليها، أو عبر بياناتٍ تساند فيها السبسي، وتدين مروّجي خبر وفاته، وقد وصف الناطق باسم حركة النهضة عماد الخميري، في تصريحه لـ"حفريات"، الاتّهامات الموجّهة لحركته بمحاولة الانقلاب على الحكم، والاستيلاء على السلطة، بـ"الخرافة"، ومن "صنع خيال الأطراف التي روّجت لها، والتي حاولت أن تستثمر في مرض الرئيس لتسجيل أهداف سياسية ضدّ خصومها بطرقٍ غير أخلاقية".

الناطق باسم "النهضة" عماد الخميري: الاتّهامات الموجّهة لنا بمحاولة الانقلاب على الحكم والاستيلاء على السلطة "خرافة"، ومن صنع الخيال

وشدّد الخميري على أنّ بعض السياسيين والإعلاميين، تهافتوا على نشر إشاعاتٍ دون معطياتٍ ولا دلائل تثبتها، وحاولوا الترويج لها، لخدمة "مصالح سياسوية"، لم تراعِ أوضاع البلاد، ولا مصلحة الوطن.
في مقابل ذلك، لم يستبعد رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، وجود مخطط للتخلص من الرئيس الباجي قائد السبسي، واعتبر أنّ "الانقلاب يفترض وجود جيش انقلابي"، مشدّداً على أنّ الجيش التونسي هو الذي أشرف على أوّل انتخاباتٍ ديمقراطيةٍ عام 2011، مقابل جيوشٍ انقلبت على الديمقراطية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية