ما الخيارات الفلسطينية المحتملة بعد ورشة البحرين؟

ما الخيارات الفلسطينية المحتملة بعد ورشة البحرين؟


04/07/2019

عوائق كثيرة تحول دون إصدار أحكام قاطعة، بـ "فشل" أو "نجاح" القمة الاقتصادية التي عقدت في البحرين، بوصفها الشقّ الاقتصادي مما يسمى "صفقة القرن"، والتي تسبق الشقّ السياسي، الذي تمّ تسريب الكثير من محاوره، والتي يفترض أن يتمّ الإعلان عنها خلال الأشهر القليلة المقبلة، وتحديداً بعد الانتخابات الإسرائيلية التي تقرَّر إجراؤها في أيلول (سبتمبر) المقبل.

اقرأ أيضاً: هل حققت ورشة البحرين أهدافها؟

ورغم الموقف الفلسطيني الرافض، رسمياً وشعبياً، لصفقة القرن وورشة البحرين، والمعبّر عنه بتوافق، للمرة الأولى، بين حماس وفتح، إلا أنّ صعوبة إصدار أحكام على الورشة ما تزال قائمة؛ لأسباب مرتبطة بصعوبة السيناريوهات القادمة، خلال الأشهر المتبقية من هذا العام؛ حيث الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية نتيجة وقف المساعدات عنها، ونتيجة الانتخابات الإسرائيلية، والتي تشير مقدماتها إلى احتمالات تغيير في الحكومة الإسرائيلية القادمة لجهة "فشل نتنياهو" بهذه الانتخابات، وقرب دخول الإدارة الأمريكية، بوضعية "البطة العرجاء"، في ضوء بدء الاستعدادات للانتخابات القادمة، وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة، تجاه الكثير من الملفات الخارجية، بما فيها تجاه إيران، وملفات الصراع الشرق أوسطية، وجوهرها القضية الفلسطينية، وملفات مرتبطة بالصراع مع الصين وروسيا، والاتحاد الأوروبي.

إنّ قراءة الخيارات الفلسطينية تجاه صفقة القرن وورشة البحرين، المرفوضة فلسطينياً لا تلغي حقيقة الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس

إنّ قراءة الخيارات الفلسطينية تجاه صفقة القرن وورشة البحرين، المرفوضة فلسطينياً، على المستويين؛ الرسمي والشعبي، لا تلغي حقيقة الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس، وإنّ هناك سيطرة لفتح على الضفة الغربية، تنازعها حماس عليها، بالتوازي مع سيطرة لحماس على قطاع غزة، وتبعية لكليهما لتحالفي الاعتدال والممانعة العربية والإسلامية، إضافة إلى غياب الثقة بين الجانبين، بعد أنباء عن شروع حماس بمفاوضات سرّية مع إسرائيل في العواصم الأوروبية، عبر الوسيطين؛ المصري والقطري، وهو ما أثار مخاوف وشكوك السلطة الفلسطينية مما يمكن وصفه "مساعي حماس لانتزاع التمثيل الفلسطيني من السلطة الوطنية الفلسطينية"، خاصّة أنّ صفقة القرن وورشة البحرين، تؤكدان أنّ الدولة الفلسطينية الموعودة ستكون في غزة، وسيتبع لها ما يتبقى من الضفة الغربية.

اقرأ أيضاً: ورشة البحرين: الفلسطينيون يرفضون الرفاهية الاقتصادية تحت الاحتلال

وإذا كانت حماس تحتفظ بخيار المقاومة، في أية تسوية لا تلبي شروطها، بما فيها صفقة القرن، رغم أنّ جوهر الصفقة يلامس تطلعاتها في دولة فلسطينية بقيادتها، مركزها قطاع غزة، ويتبع لها ما يتبقى من الضفة الغربية؛ فإنّ السلطة الفلسطينية تبدو أمام خيارات صعبة جداً؛ إذ إنّ مقاربة المقاومة تمّ إسقاطها منذ أوسلو، واستبدالها بالتنسيق الأمني مع إسرائيل، وتبدو السلطة غير قادرة على الخروج من "التبعية" الاقتصادية والأمنية لإسرائيل في المدى المنظور، بدلالة أزمتها الحالية، وعدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها وأجهزتها الأمنية؛ إذ تؤكد إحصائيات دولية أنّها لن تتمكن من توفير تلك الرواتب إلا لشهر آب (أغسطس) المقبل، من خلال المساعدات التي قدمتها دولة قطر لحماس والسلطة الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: الرفض الفلسطيني لصفقة القرن هل يدفع واشنطن للبحث عن قيادة بديلة؟

في قراءة السيناريوهات المستقبلية، يبرز خيار تحقيق الوحدة بين فتح وحماس، رغم ما يعترض هذا السيناريو من عقبات، مرتبطة أصلاً باختلاف مشروعي فتح وحماس ومنطلقاتهما، واستمرار الخلافات بين مرجعياتهما الإقليمية، كما يبرز وبقوة خيار حلّ السلطة الفلسطينية، بما يعنيه ذلك من "تمكين" حركتي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، وتحميل إسرائيل مسؤولية "الاحتلال"، رغم أنّ خيار حلّ السلطة تمّ استخدامه سابقاً من قبل السلطة الفلسطينية في سياقات التهديد والتلويح به، بما يعنيه ذلك من انطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، مؤكّد أنّها ستكون مختلفة عن الانتفاضتين الأولى والثانية، وستكون ضدّ القيادات الفلسطينية وإسرائيل معاً، وتتدارك عدم القدرة على انتزاع الحقوق الفلسطينية خلالهما، لأسباب مرتبطة بقبول القيادات الفلسطينية بما هو أقلّ من طموحات الشارع الفلسطيني.

إذا كانت حماس تحتفظ بخيار المقاومة في أية تسوية لا تلبي شروطها، فإنّ السلطة الفلسطينية تبدو أمام خيارات صعبة جداً

السيناريوهات القادمة، بما فيها الوحدة الفلسطينية بين فتح وحماس، وحلّ السلطة الفلسطينية، وإطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة، لا تنفي سيناريو قلّما يتمّ الحديث عنه إلّا في أطر ضيقة جداً، وهو سيناريو "أوسلو 2" في الضفة الغربية، أو "أوسلو 1" في قطاع غزة، خاصة أنّ الأعوام القليلة الماضية أثبتت أنّ جوهر التنافس بين فتح وحماس يتركز على قيادة التمثيل الفلسطيني، والتكيف مع طروحات السلام بما فيها، مخرجات "صفقة القرن" وهو سيناريو وارد في ظلّ قناعات إسرائيلية وأمريكية، بأنّ السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لم تعد قادرة على تقديم ما يخدم أهدافهما، باستثناء التنسيق الأمني، الذي بقي البند الوحيد الحي من بنود أوسلو، رغم ما يعترضه من إخفاقات ونجاحات في محطات مختلفة، فيما تتمّ ترجمة المقاربة الأمريكية –الإسرائيلية "غزة أولاً"، عبر تفاصيل وثنايا المقترحات التي تتبنّاها الإدارة الأمريكية، بما فيها تلك التي لم يتمّ طرحها في ورشة المنامة.

اقرأ أيضاً: غزة.. بيضة قبان "صفقة القرن" وموقف حماس الصعب

الأشهر القليلة القادمة حاسمة لجهة التعامل مع مآلات صفقة القرن، وإمكانية فشلها أو نجاحها، في ظلّ سياقات محلية فلسطينية وعربية رسمية، عنوانها إمكانية التعاطي مع الصفقة وتحسين شروطها، ومعطيات إقليمية ودولية، تتعاطى مع القضية الفلسطينية بوصفها "ورقة تفاوضية" لا تشكّل رافعة للمشروع الوطني الفلسطيني، وعنوانه الخلاص من الاحتلال، إلّا أنّ الرافعة المتمثلة بالشعب الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة، ستكون إجابتها هي الحاسمة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية