كيف سعى حزب الله لتصدير الثورة الإيرانية خليجياً؟‎

كيف سعى حزب الله لتصدير الثورة الإيرانية خليجياً؟‎


16/07/2019

يعد حزب الله اللبناني أبرز وكلاء إيران لاختراق دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال استثمار لبنانيين يعملون في دول الخليج، إضافة إلى استثمار أبناء الأقلية الشيعية العربية في دول مجلس التعاون، والمنتشرين في معظم دول الخليج بنسب متفاوتة، تتركز غالبيتها في المنطقة الشرقية بالمملكة  العربية السعودية والبحرين، إضافة إلى نسب أقلّ في الكويت والإمارات وقطر.

اقرأ أيضاً: هل تصنّف ألمانيا حزب الله اللبناني منظمة إرهابية؟

وتحفل سجلات القضاء والمحاكم في السعودية والبحرين والكويت، إضافة إلى الإمارات، بالعديد من القضايا، التي ما يزال بعضها منظوراً فيه، حول نشاطات غير مشروعة، تستهدف تقويض الأمن الوطني للدول المذكورة، من خلال ضبط "خلايا" تمّ تشكيلها من قبل مواطنين وعناصر إيرانيين، وعناصر تابعين لحزب الله اللبناني، تحت مسمّيات مختلفة: "حزب الله/ الحجاز"، و"حزب الله/ البحرين"، وبيّنت تحقيقات مع عناصر تلك الخلايا وجود شبكات معقدة، قاسمها المشترك تخطيط وتمويل من الحرس الثوري الإيراني، وتنفيذ ودعم لوجستي ومالي من حزب الله اللبناني، وتدريبات عسكرية في معسكرات بإيران والعراق، ولدى حزب الله في لبنان، واستغلال لظروف العراق بعد عام 2003، بوصفه ساحة تدريب، واستثمار زيارات الأماكن الدينية المقدسة في النجف وكربلاء، إضافة إلى المشهد وقم الإيرانيتين، في عقد الاجتماعات ووضع الخطط التي تستهدف دول مجلس التعاون.

ازداد الاستهداف الإيراني لدول الخليج بعد التطورات التي شهدها العراق منذ 2003 إضافة للتحولات باليمن وما يجري بسوريا ولبنان

ورغم أنّ دول الخليج تقع في إطار الاستهداف الإيراني، إلا أنّ هذا الاستهداف يتفاوت في حجمه وسعة انتشاره وتأثيره من دولة لأخرى، والذي ازداد بعد التطورات التي شهدها العراق منذ عام 2003، إضافة إلى التحولات في اليمن، وما يجري في سوريا ولبنان، وإعلان القيادة الإيرانية أنّها تسيطر على أربع عواصم عربية، هي: بغداد، دمشق، بيروت، وصنعاء.

إنّ المخاوف الأمنية من انكشاف العلاقات المباشرة بين الحرس الثوري الإيراني والأجهزة الأمنية الإيرانية مع التنظيمات "الشيعية" المعارضة في دول مجلس التعاون الخليجي، دفعت إيران لإيجاد وسيط "طرف ثالث" يقوم بتلك المهمة، فكان حزب الله اللبناني الأكثر وفاءً للقيادة الإيرانية وولاية الفقيه، وهو ما أعلنه زعيم الحزب، حسن نصر الله، مراراً، وبأنّ موازنة الحزب كلّها تأتي من إيران؛ حيث قام الحزب بهذه المهمة في علاقاته بالتنظيمات الشيعية الخليجية، ارتباطاً بـ "سهولة" الحركة بالنسبة إلى كوادر وعناصر تلك التنظيمات من وإلى لبنان، وفتح مكاتب تنسيق لتلك التنظيمات في الضاحية الجنوبية، تحت حماية حزب الله، وتوفير معسكرات التدريب والأسلحة.

اقرأ أيضاً: عقوبات بريطانية جديدة على حزب الله اللبناني

ومن خلال متابعة نتائج تحقيقات معلنة في السعودية والبحرين والكويت، فإنّ دور حزب الله اللبناني في تنفيذ إستراتيجية تصدير الثورة الإيرانية إلى دول مجلس التعاون، يتخذ عدة أشكال أبرزها:

أولاً: بناء علاقات مع المراجع الدينية الشيعية العربية، والترتيب لعقد مؤتمرات لها في العراق، النجف وكربلاء، ومؤتمرات في لبنان، تستثمر المناسبات الدينية للطائفة الشيعية، وتؤكّد على ضمان ولاء تلك المراجع للولي الفقيه الإيراني، علي خامنئي، وتعمل على الحيلولة دون ظهور أية مرجعية شيعية عربية معارضة لمبدأ ولاية الفقيه "الإيرانية"، وقد نجحت جهود حزب الله اللبناني، بالتعاون مع القيادة الإيرانية، في عزل العديد من المراجع الشيعية العربية، خاصّة الرافضين لولاية الفقيه، المختلَف عليها في أوساط المراجع الشيعية؛ من خلال تشكيل مجالس دينية ترعى أبناء الطائفة الشيعية في كلّ دولة، تسمى "المجلس العلمائي"؛ وهي مجالس بمهمات سرية تنفّذ أجندة إيرانية، وظاهرها رعاية أبناء الطائفة الشيعية في كلّ دولة، بما في ذلك الإفتاء في المعاملات والتجارة، وجمع أموال "الخمس"، وتأمينها للقيادة الإيرانية.

اقرأ أيضاً: بهذه الطريقة تهرّب إيران الأسلحة لحزب الله اللبناني

ثانياً: شكّل الحزب قاعدة إيرانية متقدمة في توفير الدعم اللوجستي للأحزاب والتنظيمات الشيعية والسنّية الموالية لإيران، من خلال توفير ملاذات آمنة ومعسكرات تدريب لها في لبنان، وقد أسهمت تطورات العراق، بعد عام 2003، وإنشاء الحشد الشعبي العراقي، في توسيع أدوار حزب الله اللبناني، وتبادل عمليات التدريب في قواعد الحشد الشعبي العراقي، داخل العراق، وفي لبنان؛ حيث يتم استقطاب العناصر الخليجية وإرسالها إلى لبنان والعراق، ومن هناك إلى إيران لتلقّي التدريب.

اقرأ أيضاً: هل يكرس حزب الله اللبناني فكرة العبودية؟

ثالثاً: يدير حزب الله اللبناني، وبأموال إيرانية، شبكة إعلامية وثقافية واسعة، من خلال العديد من المواقع الإخبارية والصحف، إضافة إلى فضائيته المعروفة "المنار"، والتي تتعاون بشكل وثيق مع الفضائيات الإيرانية الرسمية الناطقة بالعربية، مثل: "العالم"، و"الميادين"، والعديد من المحطات الفضائية "الشيعية" العراقية، والتي تكاد تبثّ مضموناً إعلامياً واحداً، يستهدف بثّ رسائل حول قوة إيران وانتصاراتها، ولا تخلو تلك المضامين من إثارة الصراعات المذهبية، وإعادة إنتاج مفردات وقواميس المظلومية التاريخية، والتبشير بقرب "الفرج" والنصر.

أوجدت إيران حزب الله اللبناني كوسيط بينها وبين التنظيمات الشيعية المعارضة في دول مجلس التعاون الخليجي

وقد وقع الجهد الإعلامي لحزب الله، خاصة من خلال محطة "المنار"، في تناقضات مكشوفة؛ إذ تمّ اعتبار ما جرى في البحرين عام 2011 "ثورة"، فيما تمّ اعتبار الثورة السورية، خاصة مع انطلاقة مراحلها الأولى (قبل عسكرتها)، بأنّها "تمرّد"، وتتعامل "المنار"، حتّى اليوم، مع تطورات السودان والجزائر، بما يخدم المشروع الإيراني.

رابعاً: رغم اتخاذ القيادة الإيرانية، ومعها حزب الله، موقفاً معادياً للمنظمات الحقوقية الدولية، المعنية بالحرية والديمقراطية، "والتي تحفل بإدانات واسعة ومتكررة للقيادة الإيرانية، ومدى التزامها بمنظومات حقوق الإنسان"، إلا أنّ الحزب عمل على تمويل العديد من تلك الهيئات في دول الخليج، خاصة في مملكة البحرين، وقام عبر مؤسسات بتقديم تدريب للعاملين فيها على كيفية إعداد التقارير الدورية حول حالة حقوق الإنسان في الدول المستهدفة، وبثّ تقاريرها؛ حيث تكون مصدراً لتقارير المنظمات الدولية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية