الذكاء الاصطناعي قادم.. فهل سيكون السياسيون مستعدين؟

الذكاء الاصطناعي قادم.. فهل سيكون السياسيون مستعدين؟


29/07/2019

يمكن أن يساعد في تتبع الأطفال المفقودين، ولكن يخطئ في التعرف على الأشخاص من خلال اللون. يمكن أن يساعد في اكتشاف السرطان، ولكن قد يوصي بالعلاج الخاطئ. يمكن أن يساعد في تعقب المجرمين، ولكن يمكن أن يساعد أعداء أجانب في استهداف الناخبين. يمكن أن يحسن الكفاءة، ولكنه يعزز استمرارية التحيز.

إنه الذكاء الاصطناعي، وهو تقنية تعليم الآلات كيفية التعرف على الأنماط المعقدة، واتخاذ القرارات بناء على ذلك، بشكل يشبه إلى حد كبير ما يفعله البشر، وفي حين أن الفوائد المرجوة من هذه التكنولوجيا عديدة، إلا أن الجوانب السلبية قد تكون ضارة، بل وخطيرة.
في العام الماضي، تتبعت الشرطة في نيودلهي، على سبيل المثال، 2930 طفلا مفقودا في أربعة أيام باستخدام تقنية تجريبية للتعرف على الطفل من خلال الوجه، والتي تعرفت عليهم عن طريق فحص قاعدة بيانات تضم 45 ألف طفل يعيشون في ملاجئ ومنازل.
ومع ذلك، فإن أداة التعرف على الوجه التي طورتها شركة أمازون واختبرها اتحاد الحريات المدنية الأمريكي في عام 2018 حددت بشكل خاطئ 28 من أعضاء الكونجرس كأشخاص تم القبض عليهم لارتكاب جريمة، واختارت بشكل غير متناسب مشرعين أمريكيين من أصل أفريقي ، بما في ذلك رمز الحقوق المدنية جون لويس.

وأدى التقدم الكبير في قدرة أجهزة الكمبيوتر على التعرف على الأنماط المرئية واللغات البشرية، بما في ذلك التعرف على الشخص من خلال الصوت والمسح الضوئي للبيانات، وعلى التعلم دون إشراف، إلى تقريب الآلات من تحقيق المهام المعرفية التي كانت قاصرة على البشر. وتمثل الكميات الضخمة من البيانات المحفوظة لدى القطاع الخاص والحكومات "الغذاء" الضروري الذي يجب أن تستوعبه أجهزة الكمبيوتر لتعلم المهارات الجديدة.
ويحاول المشرعون والمنظمون، الذين ما زالوا يصارعون سلبيات عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مثل فقدان الخصوصية والقرصنة الإجرامية وانتهاك البيانات، الآن تحقيق التوازن بين فوائد الذكاء الاصطناعي الموعودة ومخاطره.
وتسعى مجموعات الصناعة وجماعات الضغط والنقابات إلى إدارة نقاش حول اللوائح المتعلقة بالتقنيات التي يمكن أن تتسبب ذات يوم في المزيد من فقد الوظائف بسبب زيادة الاعتماد على التشغيل الآلى( الأتمتة). وتطالب منظمات الحقوق المدنية وبعض خبراء التكنولوجيا بمزيد من الرقابة لمنع التحيز والممارسات التمييزية.

وقال جيسون شولتز، أستاذ القانون بجامعة نيويورك المشرف أيضا على قسم القانون والسياسة في معهد "NYU'sAI Now"، إن المضي في الطريق إلى الأمام في هذا المجال، أمر معقد أيضا؛ لأن الذكاء الاصطناعي نشأ تقريبا بشكل أساسي من واقع التكنولوجيا والبيانات الحالية، بعيدا عن العوائق التي تفرضها قيود الخصوصية والاستخدام.
ويضيف شولتز: "نحاول الآن معرفة ما إذا كانت أساليب الدعم التعليمي المتاحة لنا في عصر الإنترنت كافية للذكاء الاصطناعي، أم أننا بحاجة إلى مؤسسة جديدة بالكامل".
على سبيل المثال، تستخدم مؤسسة "Northwell Health"، وهي أكبر مزود للرعاية الصحية في ولاية نيويورك، جهاز "Echo" من إنتاج شركة أمازون، وهو جهاز يعتمد على استخدام الصوت، للمساعدة في الرد على استفسارات المرضى بالمستشفيات عن كل شيء بدءا من الأدوية إلى الموسيقى، وتخزن أجهزة الموجات الصوتية النموذجية تسجيلات طلبات المستخدمين على خوادم أمازون، لكن نورثويل تحرص على امتثال خوادمها لقانون حماية الأفراد المشمولين بالتأمين الصحي الصادر عام 1996 عن الكونجرس، والذي يضع أيضا مجموعة من المعايير الخاصة بتخزين المعلومات الطبية للمرضى والمحافظة عليها.

وتساءل شولتز: "لكن هل هذا يكفي أم أننا بحاجة إلى لوائح جديدة؟". في الولايات المتحدة، بدأ أعضاء الكونجرس إدراك الأخطار المحتملة للاستخدام الواسع النطاق لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وقاموا بصياغة مشروعات قوانين لا تتطلب فقط مزيدا من الشفافية والمساءلة الخاصة بهذه الأنظمة الآلية، ولكنها تسمح أيضا للمستخدمين بحجب بعض المعلومات من مجموعات البيانات الكبيرة التي تحرك الذكاء الاصطناعي.
ويقول المشرعون ذوي المعرفة بهذه التكنولوجيا: إنه يجب أن يكون أعضاء الكونجرس على دراية ومعرفة أفضل، قبل إصدار تشريع يتناول الذكاء الاصطناعي، لتجنب تكرار إخفاقات تقنيات الإنترنت في الماضي.
وبصفته أحد محبي سلسلة أفلام "حرب النجوم"، أعرب المشرع أندريه كارسون عن حماسه واهتمامه بإمكانيات الذكاء الاصطناعي.
وقال كارسون إن التقنيات التي يمكن أن تساعد مكتب التحقيقات الفيدرالي وأجهزة إنفاذ القانون الأخرى، في استهداف المجرمين والإرهابيين المحتملين، يمكن أن تستخدم بسهولة من قبل الخصوم لاستهداف الناخبين وإثارة الخوف، وقال: "كل ما يتم ابتكاره من أجل الخير يمكن استخدامه لأغراض شريرة".
وبصرف النظر عن تعقيدات التكنولوجيا والمنعطف البطيء الذي يواجهه المشرعون في مجال التعليم، فإن جماعات الضغط تتولى متابعة الموضوعات ذات العلاقة بالتكنولوجيا نيابة عن عملائها، حيث عززت وصولها إلى المشرعين بشأن الذكاء الاصطناعي.
وفي عام 2015، كانت جامعة كارنيجي ميلون، هي المنظمة الوحيدة التي كشفت عن "الذكاء الاصطناعي" باعتبارها قضية ضغط فيدرالية، وفقا للتقارير الفصلية المقدمة إلى الكونجرس. وعلى النقيض من ذلك، ففي الأشهر الأولى من هذا العام، قام بهذا الجهد ما يقرب من 100 جهة مهتمة بالأمر، في إشارة إلى أن شارع K Street، مقر عدة جماعات ضغط في واشنطن، يعتبرها مجالا للنمو.

ومن أمثلة ذلك، قيام مؤسسة "Akin Gump Strauss Hauer & Feld". بأكبر ممارسة ضغط في هذا المجال في واشنطن.

في وقت سابق، من هذا العام، عينت المؤسسة النائب السابق لامار سميث، وهو جمهوري من تكساس غادر الكونجرس رقم 115 بعد أن شغل منصب رئيس لجنة العلوم والفضاء والتكنولوجيا في مجلس النواب. واستهدف سميث وآخرون في الشركة العملاء الحاليين والمحتملين لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
ونظمت مؤسسة Akin Gump مائدة مستديرة لإجراء نقاش مع المشرعين في لجنة الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الشخصيات المعنية من خارج اللجنة. ويتنبأ سميث بالكثير من النشاط هذا العام، تتمثل في طرح الكثير من مشروعات القوانين التي تتعلق بالذكاء الاصطناعي بالفعل.
وقال سميث: "أعتقد أن الحكومة مهتمة حقا بالخصوصية، لكنها تشعر بالقلق بنفس القدر إزاء إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، والاستخدام الضار".

عن "الاقتصادية السعودية"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية