الاتّجار بالبشر.. الأرقام ما تزال في صعود رغم جهود المكافحة!

الاتجار بالبشر

الاتّجار بالبشر.. الأرقام ما تزال في صعود رغم جهود المكافحة!


31/07/2019

يعدّ الاتّجار بالبشر من أكبر أنشطة التجارة الإجراميّة على مستوى العالم؛ إذ يأتي بالمرتبة الثالثة بعد تجارتي المخدّرات والسلاح، ورغم محاولات وجهود المنظمات الأممية المتواصلة مكافحته إلا أنّ الملايين يقعون ضحيته سنوياً، وهو ما تثبته لغة الأرقام.

اقرأ أيضاً: في اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر.. تعرف إلى أبرز أشكال العبودية

وتشمل التجارة بالبشر مختلف أشكال الاستغلال بقصد التكسّب، بما يتضمّن؛ تسخير واستغلال أشخاص عبر التهديد بالقوّة أو الاختطاف أو الاحتيال أو استغلال حالة الضعف والحاجة.
وخصصت الأمم المتحدة الـ 30 من تموز (يوليو) من كل عام يوماً عالمياً لمكافحة الاتجار بالبشر؛ لرفع الوعي بمخاطره وتسليط الضوء على الانتهاكات التي يتعرض لها الملايين وسبل الحماية منه والتصدي له، فما هي أشكال هذه الجريمة؟ وما هو حجمها؟

لا تصنّف المواثيق تهريب المهاجرين بحدّ ذاته ضمن أنشطة الاتّجار بالبشر

25 مليون ضحية!
عام 2012؛ قدّرت منظمة العمل الدولية عدد ضحايا الاتّجار بالبشر بـ (21) مليون شخص حول العالم، نحو 78% منهم (14.2 مليون) هم ضحايا للعمل القسري (السُخرة)، و22% (4.5 مليون) يتم استغلالهم جنسياً، لكنّ الأرقام تواصل صعودها، وبحسب تقرير الأمم المتحدة الأخير عن الاتّجار بالبشر، الصادر عام 2018؛ فقد قارب عدد الأشخاص المتاجَر بهم الـ (25) مليون شخص، 30% هم من الأطفال (ذكوراً وإناثاً)، و72% من الإناث (من مختلف الأعمار)، وهو ما يعني استهداف الناشطين في هذه التجارة للنساء بشكل أساسي.

اقرأ أيضاً: ظاهرة العبودية الحديثة.. آخر انتهاكات الحوثيين في اليمن
وبحسب تقرير صادر عام 2007، عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة؛ فإنّ أكثر الوجهات شيوعاً لضحايا الاتّجار بالبشر كانت: تايلند واليابان و"إسرائيل" وبلجيكا وهولندا وألمانيا وإيطاليا وتركيا والولايات المتحدة، أما أكثر الوجهات تصديراً للضحايا فكانت: تايلاند والصين ونيجيريا وألبانيا وبلغاريا وروسيا البيضاء ومولدوفا وأوكرانيا.
السُّخرة.. أشكال متعددة وأرباح طائلة!
تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى وقوع نحو (15) مليون شخص حول العالم ضحية للعمل القسريّ، وبحسب تقديرات المنظمة للعام 2014؛ فإنّ العمالة القسرية (السُّخرة) في الاقتصاد الخاص تدرّ سنوياً أرباحاً غير مشروعة، يصل مجموعها إلى (150) مليار دولار.

تقرير أممي: قارب عدد الأشخاص المتاجَر بهم 25 مليون شخص 30% من الأطفال و72% من الإناث

وتتعدّد أشكال العمل القسري؛ فمن الممكن أن يعمل الضحايا في الزراعة، أو التعدين، أو في أعمال البناء، وحتى عاملات المنازل اللواتي يعملن على نحو كثيف مخالف للقوانين يعتبرن ضحايا للعمل القسري، كما يشمل العمل القسري الإجبار على العمل في أنشطة إجراميّة؛ كالسرقة أو زراعة المخدرات، ويعدّ القسر على العمل في شبكات التسوّل أحد أشكال السخرة والاتّجار بالبشر أيضاً، وهو من الأنواع المنتشرة في المنطقة العربية.
وتأتي أعداد ضحايا العمل القسري بالدرجة الأولى من البلدان النامية؛ حيث ترتفع نسب الفقر والبطالة، وتضم منطقة شرق وجنوب آسيا أعلى عدد من العمال القسريين في العالم (56%)، تليها إفريقيا (18%)، وأمريكا اللاتينية (9%)، ودول أوروبا الوسطى والشرقية (7%)، والشرق الأوسط (3%).

عمل القسر في شبكات التسوّل أحد أشكال الاتّجار بالبشر

الاسترقاق الجنسي... هل بالإمكان أن يشمل الزواج؟
بحسب تقرير الأمم المتحدة للاتّجار بالبشر، الصادر عام 2018؛ فإنّ الاتّجار بالجنس يقع ضحيته اليوم نحو (4.5) مليون شخص حول العالم، غالبيتهم من النساء أو الأطفال.
ويتضمّن الاتّجار الجنسي أشكالاً وأساليبَ عديدة للإيقاع بالضحية، أشهرها ما يكون عبر الإغراء؛ حيث يتمّ إغراء الفتيات من الدول النامية بوظيفة مغرية في إحدى الدول الغنية، وعند وصول الضحية إلى وجهتها المنشودة يتمّ سلبها جواز السفر والبطاقات الشخصية، وإجبارها على الخضوع للاستغلال الجنسي.

اقرأ أيضاً: أرقام صادمة.. "العبودية العصرية" تجتاح العالم
وهناك أسلوب الخطف؛ والذي يكثر في البلدان التي فيها حروب وكوارث؛ حيث يتمّ خطف النساء من قبل عصابات، وتهريبهن خارج حدود الدولة. وتضع مواثيق الأمم المتحدة الإجبار على الزواج، كإجبار الأهل الفتيات على الزواج من أشخاص بدون موافقتهن بهدف الحصول على مقابل، في خانة الاستغلال الجنسي.

مظاهرة في كوريا الجنوبيّة تذكّر بضحايا الاسترقاق الجنسي

تجارة الأعضاء.. الاستغلال يسرق جزءاً من الجسد
في العديد من البلدان النامية ينحصر غطاء التأمين الصحي، ويقلّ عدد المستشفيات والتجهيزات الطبية الكافية، فتكون قوائم الانتظار للعمليات طويلة جداً، ويوفر ذلك الفرصة للمجرمين لاستغلال يأس المرضى، ويجري إخضاعهم لعمليات سريّة يكون الضحية فيها معرضاً لإزالة أحد الأعضاء دون علمه. وفي حالات أخرى؛ يتمّ الاتفاق مع الضحية على بيع عضو معين ويتم خداعه ولا يدفعون له ثمن العضو، أو يدفعون مبالغ زهيدة تكون أقلّ بكثير من السعر المتفق عليه مسبقاً، ليتم بعد ذلك بيع وزراعة العضو في عمليات غير قانونية.

اقرأ أيضاً: العبودية الحديثة.. واقع خطير يصعب اجتثاثه
ووفق منظمة الصحة العالمية؛ فإنّه في عام 2018 كانت 20% من عمليات زراعة الكلى في العالم تجري بشكل غير قانوني، من مجموع (70,000) عملية زراعة سنوياً، ووفق تقديرات أخيرة؛ يحقّق تجار الأعضاء البشرية أرباحاً تتجاوز (1.7) مليار دولار سنوياً.

يحقق تجار الأعضاء البشرية أرباحاً تتجاوز 1.7 مليار دولار سنوياً

تهريب المهاجرين.. هل يصنف ضمن أنشطة الاتّجار؟
لا تصنف المواثيق تهريب المهاجرين بحدّ ذاته ضمن أنشطة الاتّجار بالبشر؛ لأنّه لا يتضمن عنصر القسر والاستغلال، وإنما يتم تهريب المهاجرين بناءً على رغبتهم وموافقتهم، لكنّ ذلك لا ينفي احتمالية أن يقع العديد من المهاجرين ضحية العمل القسري، وأن يجبر المهربون المهاجرين على العمل في ظروف استغلالية لدفع ثمن مرورهم غير القانوني عبر الحدود.

عاملات المنازل اللواتي يعملن على نحو مخالف للقوانين يعتبرن ضحايا للعمل القسري

أما في حالات اللجوء والنزوح الداخلي؛ بسبب الحروب والكوارث، فقد يكون اللاجئون والنازحون بيئة خصبة وهدفاً سهلاً لتجارة البشر، بسبب ضعف ومعاناة وحاجة هذه الفئات.
وتشير التقارير إلى وقوع حالات تجارة بالبشر تعرّض لها اللاجئون السوريون، وقبل ذلك الصوماليون في إثيوبيا، والمنكوبون في هاييتي، وغيرهم، وبالعموم، تعدّ بيئات الحروب والكوارث من بين الأعلى في جرائم الاتّجار.
وبالحديث عن اللجوء السوري؛ فقد تكاثرت التقارير عن تحوّله إلى بيئة خصبة وهدف سهل لشبكات الاتّجار؛ ومن ذلك إعلان مصلحة الأمن في الجزائر، عام 2013، عن وجود شبكة سريّة تعـرض زواج المتعة بلاجئات سوريات، يمتد نشاطها عبر تونس ومصر والأردن ولبنان وتركيا.

اقرأ أيضاً: العبودية "لا تزال موجودة في بريطانيا"
وعام 2014؛ كشف تقرير لصحيفة "دير شبيغل" الألمانية: أنّ لاجئين سوريين في لبنان يعتاشون من بيع الأعضاء البشرية، وأنّ تجارة الكلى هي الأكثر رواجاً؛ حيث تمّ بيع مئة وخمسين كلية خلال مدة 12 شهراَ.
وعام 2016؛ أثارت الرأي العام اللبناني قضية تحرير خمسة وسبعين فتاة، معظمهنّ سوريات، تعرّضن لأبشع جرائم الاستعباد والاستغلال الجنسي على يد شبكة للاتّجار بالبشر.

 

 

وتسعى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين إلى الحدّ من وقوع طالبي اللجوء واللاجئين والنازحين داخلياً، وعديمي الجنسية، ضحايا للاتجار، ومعالجة ذلك عبر منح صفة اللجوء وتقديم المساعدات اللازمة لهم إلى حين انقضاء سبب لجوئهم، أو اكتسابهم الجنسية في دول جديدة.

يعدّ رواج أنشطة الاتّجار البشر في عالمنا، اليوم، بمثابة إعادة إنتاج لأنظمة العبودية والاسترقاق في الأزمنة السالفة، وهي أنشطة مناقضة لحقوق الإنسان وجميع المواثيق الدولية، وما قرار الأمم المتحدة، منذ عام 2010 اعتبار 30 تموز (يوليو) من كلّ عام يوماً عالمياً لمناهضة الاتّجار بالبشر، إلا إضاءة على الكمّ الكبير من أنواع الاتّجار بالبشر بهدف التوعية بمعاناة الضحايا وتعزيز إجراءات المكافحة.

الصفحة الرئيسية