فرصة إستراتيجية ثمينة لدفن الخلافات بين الكويت والعراق.. كيف ذلك؟

العراق والكويت

فرصة إستراتيجية ثمينة لدفن الخلافات بين الكويت والعراق.. كيف ذلك؟


18/08/2019

ثمة تقدير عراقي وكويتي مشترك بأنّ البلدين أمامهما فرصة ثمينة لدفن خلافاتهما، والانطلاق نحو مرحلة جديدة من تطوير وتعزيز مصالحهما المشتركة، مستفيديْن من التحولات الجيوإستراتيجية في محيطهما الإقليمي، وتداعيات اللعبة الدولية حيال إيران وفي منطقة الخليج.

اقرأ أيضاً: الميليشيات المدعومة من إيران تتسلل إلى مراكز السلطة في العراق
ويبدو أنّ حُزمة المصالح المشتركة المحتملة بين البلدين الجارين تتجاوز توسيع محفظة الاستثمارات والتجارة إلى بلورة سياسة خارجية أخرى، والهروب من التوترات في الخليج باتجاه إرساء ملاذات ذات أبعاد إستراتيجية؛ إن تمّ تأمين عوامل الاستقرار لها.

اقرأ أيضاً: تركيا تباشر تعبئة سد على نهر دجلة ما يثير قلق العراق
في هذا السياق، تناولت وكالة "بلومبيرغ" الإخبارية في تقرير لمراسلها بوبي غوش، تطور العلاقات السياسية والاقتصادية بين الكويت والعراق، مشيرة، كما نقلتْ عنها صحيفتا "القبس" و"الأنباء" الكويتيان، إلى زيارة أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد، إلى العاصمة العراقية بغداد في وقت سابق من هذا الصيف، والتي سبقتها زيارة الرئيس العراقي، برهم صالح، للكويت للمرة الأولى في الشتاء الماضي، ثم التصريح الإيجابي الذي أدلى به رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، الشهر الماضي، والذي أكد خلاله أنّ الآفاق والفرص المستقبلية بين البلدين أكبر بكثير من المخاوف والعقبات.
 يخطط العراق والكويت لتطوير حقول نفط مشتركة

ثمار تعزيز الثقة الدبلوماسية بين الكويت والعراق
ومضت الوكالة الإخبارية إلى القول إنّ بناء الثقة الديبلوماسية بين البلدين الجارين، له هدف إستراتيجي كبير لهما. فالعراق، الذي وجد نفسه بين أزمتين إقليميتين (المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران في الخليج، والعداء المتزايد بين المملكة العربية السعودية ونظام طهران)، يرى في الكويت ملاذاً آمناً نسبياً. فالكويت تحتفظ بعلاقات ودية مع هذه الأطراف الثلاثة، ما يسمح لها بتعميق العلاقات الاقتصادية مع العراق من دون إثارة الشكوك أو العداوة.

بناء الثقة الديبلوماسية بين البلدين له هدف إستراتيجي كبير فالعراق الذي وجد نفسه بين أزمتين إقليميتين يرى بالكويت ملاذاً آمناً

والعراق، بالنسبة للكويت، يُعد سوقاً وفرصة استثمارية ضخمة على تخومها، كما أنّه يمثل مهرباً من التوترات الأخرى في شبه الجزيرة العربية. العراق، كذلك، هو أحد الأماكن القليلة في المنطقة الذي يمكن للكويت أن تمد أرجل سياستها الخارجية فيها. هذا التداخل في المصالح يؤتي ثماره بالفعل؛ إذ يخطط العراق والكويت لتطوير حقول نفط مشتركة، أحدهما في منطقة صفوان، المدينة الصغيرة على الجانب العراقي من الحدود مع الكويت. إنها فرصة ليتركا جانباً الخلافات التي استمرت عقوداً حول ملكية الأرض وما يكمن وراءها. (فالرئيس العراقي صدام حسين، ادعى لتبرير الغزو عام 1990، أنّ الكويت كانت تسرق النفط العراقي).

اقرأ أيضاً: العراق يواصل حربه ضدّ داعش.. آخر المعارك
ويقول مراسل "بلومبيرغ" بوبي غوش، إنه كان شاهدَ في الآونة الأخيرة صوراً لحفل مهيب في صفوان قام خلاله الجنود العراقيون، بقيادة عميد في الجيش، بتسليم رفات 48 كويتياً كانوا قد اختفوا خلال فترة الاحتلال العراقي للكويت في الفترة ما بين 1990-1991. ولا يزال هناك أكثر من 550 من الكويتيين في عداد المفقودين. لكن، في النهاية، تمكنت بعض العائلات الآن، من دفن موتاها، وهذه علامة فارقة، ويمثل هذا الاحتفال، أيضاً، علامة فارقة مهمة في الرحلة التي قطعتها الكويت والعراق نحو استعادة العلاقات الطبيعية بينهما منذ سقوط نظام صدام حسين في عام 2003.
واليوم تساعد الكويت العراق أيضاً في تطوير حقول الغاز في جنوب العراق. وترى بغداد أنّ هذه المشروعات تنطوي على إمكانية تطوير إستراتيجية نفطية مستقلة عن المصالح الإيرانية والسعودية والأمريكية.
وعدت الكويت بالاستثمار بكثافة في إعادة إعمار المدن العراقية التي تضررت بالحرب

إعادة الإعمار وتطوير المناطق الحدودية
وانتهت وكالة بلومبيرغ في تقريرها إلى القول إنّه خارج نطاق النفط، فقد وعدت الكويت بالاستثمار بكثافة في إعادة إعمار المدن العراقية التي تضررت بالحرب، إضافة إلى خطط لإنشاء مناطق اقتصادية خاصة على الحدود، ما يتيح لكل جانب حرية الوصول إلى أسواق الطرف الآخر، ومن أجل ذلك زار وزيرا التجارة في كلا البلدين الشهر الماضي موقعاً محتملاً في صفوان لإحدى هذه المناطق المزمع إقامتها.
تخطي التحديات
ولا شك في أنّ هذه الفرص التي تلوح أمام البلدين الجارين تكتنفها التحديات والإشكالات، التي من الضروري تخطيها من أجل المضيّ قُدماً في هذا السيناريو المتفائل.

اقرأ أيضاً: من الطابو العثماني إلى الإصلاح الزراعي.. تحوّلات ملكيّة الأرض في العراق الحديث
فقد تابعت دولة الكويت في الفترة الماضية بحذر شديد تطورات الأوضاع في العراق، حينما كانت تهزّه موجة احتجاجات غير مسبوقة على سوء الأوضاع الاجتماعية وتفشي الفساد، بحسب صحيفة "العرب" اللندنية، التي أشارت إلى أنّ الكويت كانت تتخوف من انزلاق الأحداث نحو حالة من الانفلات، خصوصاً في مناطق جنوب البلاد، وهو ما يسبّب حالة القلق الكويتية التي لطالما عبّرت عنها عدّة دوائر سياسية وإعلامية. وذهبت الحكومة الكويتية إلى التعامل مع تلك التطورات، وفقاً لـ"العرب"، بشكل استباقي وعملي، من خلال تعزيز إجراءات الأمن على الحدود مع العراق بالتوازي مع مساعدة الحكومة العراقية على تهدئة غضب الشارع، وهو الأمر الذي تجلّى عملياً، في العام الماضي، بتزويد محطّات الكهرباء المتوقّفة عن العمل بالوقود اللازم لإعادة تشغيلها، علماً أنّ انقطاع الكهرباء في أوج موجة الحرارة، كان من الأسباب المباشرة لاندلاع موجة الاحتجاجات في العراق.

اقرأ أيضاً: مَن سيحتوي مَن: الدولة العراقية الهشّة أم الحشد الشعبيّ؟
وتقول "العرب" اللندنية إنّ تخلخل الاستقرار الهشّ في العراق، وصولاً إلى تهديد استقراره الحكومي، من شأنه أن ينسف الاتفاقات التي تمّت بين العراق والكويت منذ عام 2003 لحسم العديد من القضايا، وطيّ ملفات خلافية بين الطرفين، حرصت الكويت على إغلاقها بمرونة لتجنّب تعقيداتها وتداعياتها المحتملة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية