4 دلالات لخطاب نصرالله بذكرى حرب تموز 2006

حزب الله

4 دلالات لخطاب نصرالله بذكرى حرب تموز 2006


19/08/2019

ألقى السيد نصر الله خطاباً مطوَّلاً، في احتفال جماهيري بمناسبة ذكرى "انتصار" حزب الله، في حرب تموز مع إسرائيل عام 2006، لم يخلُ من التهديد والوعيد، والكثير من الرسائل الموجهة لأطراف عديدة، محلياً وإقليمياً ودولياً، مرجعيّتها التطورات المرتبطة بالملف الإيراني والتصعيد الذي يشهده الخليج العربي على ضوء حرب الناقلات، والحصار والمقاطعة اللذين تعانيهما إيران، وتوسّع التحالف الدولي ضدّها، إضافة إلى التطورات في سوريا، وإعلان حزب الله سحب الجزء الأكبر من ميليشياته من سوريا، ومقاربة محور المقاومة وقدراته على مواجهة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: لبنان نصرالله: أشلاء وطن مخدوع
ميليشيات حزب الله في سوريا

وفيما يلي قراءة تحليلية لأبرز محاور الرسائل التي أراد نصر الله إرسالها:
أولاً:
لعلّ من المناسب التذكير بأنّ السيد نصر الله قال بعد هذا الانتصار الذي يحتفي به اليوم: "لو كنت أعرف أنّ كلّ هذا الدمار سوف يحلّ بلبنان، لما بدأت الحرب"، وهي ميزة تتميز بها خطابات السيد نصر الله؛ إذ تحفل بتناقضات يتم خلالها توظيف ما يوصف بأنّه انتصار، أو تبرير ما يمكن اعتباره هزيمة، بما يخدم اللحظة، وربما كان فيما أكّده نصر الله من أنّ حرب تموز كانت حرب الولايات المتحدة من أجل شرق أوسط جديد، وأنّ إسرائيل كانت فيها مجرد أداة، فإنّ من المشكوك فيه أن يكون حزب الله هو الطرف المقابل لأمريكا، بوصف حزب الله يعرقل المشروع الأمريكي، وحتى لا نذهب بعيداً في تحليلات وقراءات نصر الله؛ فإنّ حرب تموز بدأها حزب الله بخطف ثلاثة جنود إسرائيليين، وكان هذا التصعيد مرتبطاً ارتباطاً مباشراً حينها بالمرحلة التي سبقت المفاوضات الإيرانية مع أمريكا والغرب حول ملفها النووي، ولا علاقة لخطف الجنود الإسرائيليين بالقضية الفلسطينية، ولا بمبادلة الجنود مع معتقلي حركة حماس أو الجهاد الإسلامي؟

تهديدات نصرالله المتكررة لإسرائيل ما هي إلا للاستهلاك المحلي ومخاطبة عواطف جماهيره بقوته وقدرته على التصدي لأيّ هجوم

ورغم أنّ الاحتفال بـ "نصر حرب تموز" يفترض أن يكون لبنانياً خالصاً، إلا أنّ نصر الله يؤكّد مجدداً أنّه إذا كانت حرب تموز عام 2006 خدمة للمشروع الإيراني، فإنّ الحرب الجديدة لن تكون من أجل فلسطين؛ بل ستكون بخدمة إيران "الحرب على إيران تعني الحرب على محور المقاومة، ويعني أنّ كلّ المنطقة ستشتعل، وهذا الكلام دعوة لفهم الحقائق والرسالة وصلت خلال الأيام الماضية، وأدرك بعض اللاعبين الصغار في المنطقة أنّ النار ستحرق وجوههم وكياناتهم، وأنّ "إيران تملك القوة العسكرية والشجاعة، والدليل إسقاط الطائرة الأمريكية المسيَّرة في الخليج واحتجاز السفينة البريطانية قانونياً".

اقرأ أيضاً: حسن نصرالله .. الأولوية إيرانية
ثانياً: التحذيرات المتكررة من قبل نصر الله لإسرائيل من مغبّة شنّ هجوم على حزب الله، في الوقت الذي تؤكّد فيه إسرائيل أنّها ليست بصدد شنّ أيّ هجوم على لبنان، وأنّ أقصى ما قامت به هدم أنفاق حفرها حزب الله في الجنوب اللبناني، وتوجيه ضربات صاروخية لميليشيات الحزب في سوريا، تؤكّد جميعها أنّ تهديدات حزب الله للاستهلاك المحلي، ومخاطبة عواطف جماهيره بقوته وقدرته على التصدي لأيّ هجوم، بما في ذلك الوعود ببثّ تلفزيوني مباشر لتدمير حزب الله للكتائب والتشكيلات العسكرية "فقط في حال دخولها لبنان"، وأنّ لدى الحزب الإمكانية لتدمير إسرائيل بما لديه من ترسانة أسلحة متطورة ودقيقة، أكثر من تلك التي كان يمتلكها عام 2006، وهو ما يدعو للتساؤل: لماذا لا يقوم حزب الله بذلك ما دام يمتلك كلّ تلك القوة؟


ثالثاً: خضع السيد نصر الله، كما كثير من العرب، في استشهاده بما يردّده خبراء عسكريون ومراكز بحوث إستراتيجية، ومراكز أمن قومي إسرائيلية، حول قوة حزب الله وتهديده المباشر والحقيقي للأمن القومي الإسرائيلي، وقدرة الحزب بما لديه من ترسانة عسكرية ضخمة على تدمير إسرائيل، للدعاية الإسرائيلية المظللة، والتي تقوم على تضخيم قوة العدو لتبرير سحقه، وهي الإستراتيجية التي استُخدمت ضدّ العراق قبل حرب عام 2003، بوصف العراق قوة جبارة، وأنّه يمتلك قنابل عنقودية ومدافع عملاقة، ...إلخ، وهي الإستراتيجية التي تستخدمها إسرائيل اليوم ضدّ إيران، والتحذير من برنامجها النووي والصاروخي.

اقرأ أيضاً: استعراض العضلات أسلوب حسن نصرالله للتغطية على خيبات الأمل
إنّ الانتقادات الموجهة من خبراء ومراكز أمن قومي إسرائيلية للقيادة الإسرائيلية، تتضمن تحذيرات من قوة حزب الله، ما هي إلا دعوات للاستقطاب الدولي ضدّ الحزب، واستخدام تصريحات قادته للتأكيد على قوة الحزب وعدم قدرة إسرائيل على مواجهته، بما يجعل سحق لبنان لاحقاً "في أيّة حرب قادمة" مبرراً أمام العالم.

حزب الله أخفق في إيصال رسائله وأكّد أنّ مخرجات خطابه لم يكن إلا بخدمة القيادة الإيرانية

رابعاً: في الشأن الداخلي اللبناني، ومواقف القوى السياسية اللبنانية من المقاومة، ورغم تأكيدات نصر الله على الموقف الوطني المطلوب، إلا أنّه أخرج كافة القوى من دائرة الوطنية، باستثناء حليفيه: "رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب"، وهو ما يدعو للتساؤل؛ إذا ما كان هذا الخطاب، خاصة في هذه المرحلة التي يواجه فيها الحزب تهديداً، يؤسّس لمواقف وطنية تجعل اللبنانيين يلتفون حول المقاومة ومشروعها؟
وبالخلاصة؛ فإنّ المرجح أنّ حزب الله أخفق في إيصال رسائله، وأكّد مجدداً على أنّ مخرجات خطابه على ما فيه من تناقضات، لم يكن إلا بخدمة القيادة الإيرانية، وهو العنوان المختلَف عليه بين اللبنانيين قبل غيرهم، وتزامن مع تأكيدات لقائد الحرس الثوري الإيراني بأنّ حزب الله قادر وحده على مواجهة إسرائيل، إذا شنّت حرباً عليه، وكلّها، بما فيها رسائل نصر الله، خطابات موجّهة لأمريكا في إطار التنازلات التي تمررها إيران علناً، "وعبر قنوات سرية"، بحدود تنازلاتها الممكنة في المفاوضات القادمة بين الجانبين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية