فيلق القدس الإيراني.. هل له من اسمه نصيب؟!

إيران

فيلق القدس الإيراني.. هل له من اسمه نصيب؟!


19/08/2019

يمثل فيلق القدس القوة الخامسة لقوام قوات الحرس الثوري الإيراني الذي يعمل معها كرأس حربة لتصدير ولاية الفقيه من خلال العمليات الخارجية، عن طريق إدارته السرية للعمليات الخارجية وتدريب وتأهيل الميليشيات الإيرانية، وتشتمل أنشطته العالمية إجراء الاتصالات الدبلوماسية السرية، وتوفير التدريب، وتزويد المنظمات بالأسلحة والدعم المالي، وجمع الاستخبارات التكتيكية، وتسهيل بعض الدعم الإنساني والاقتصادي الذي تقوم به إيران لدعم سياساتها، ووفقاً لمسؤولٍ بريطاني، "يجمع الفيلق بين وظائف جهاز الاستخبارات البريطاني (MI6)، والقوة الجوية الخاصة البريطانية (SAS)، ووزارة التنمية الدولية البريطانية (DfID) إنه اليد الطولى لإيران- في كل مكان".

ذراع إيرانية خارج الحدود

تأسس فيلق القدس خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) للقيام بعملياتٍ سرية داخل العراق، واشتمل ذلك على تقديم الدعم للأكراد العراقيين الذين يقاتلون صدام حسين، غير أنّ الوحدة سرعان ما وسعت أنشطتها لتشمل بلداناً أخرى ذات أولوية في مجال السياسة الخارجية؛ فقد تمثلت إحدى أولى المهمات الإقليمية ذات الأهمية بالمساعدة على إنشاء حزب الله في لبنان في العام 1982، بعد اجتياح إسرائيل. ومنذ ذلك الحين أصبح حزب الله أقوى منظمة سياسية وعسكرية إسلامية شيعية في لبنان وحليفاً قوياً لإيران.

يمثل الفيلق القوة الخامسة من قوات الحرس الثوري الإيراني الذي يعمل معها كرأس حربة

نقلاً عن يوري بوندار، في دراسة نشرها معهد الشرق الأوسط العام 2013، فإنّ قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني ينسق مع وكالة الاستخبارات المركزية التابعة للأركان المشتركة جميع أنشطة الفيلق، وهو له دور كبير للقيام بعمليات خاصة في إيران أو خارجها، ومهمته الرئيسية في زمن السلم هي تعزيز تصدير الثورة الإيرانية إلى دول أخرى، بالإضافة إلى إجراء عمليات الاستطلاع لمصلحة النظام.
وتقدر قوات الفيلق بنحو 50 ألف عنصر، يعملون تحت قيادة سليماني الذي تسلم هذه المسؤولية العام 1998 خلفاً لأحمد وحيدي، ورُقّي لرتبة لواء في العام 2011، وهي أعلى رتبة في الحرس الثوري، وهو يعتبر المخطط لمبادرتين رئيسيتين في السياسة الخارجية الإيرانية وهما: ممارسة وتوسيع نفوذ طهران في الشؤون العربية، وتوسيع نطاق عمل الحرس الثوري الإسلامي "الباسيج الإسلامي".

اقرأ أيضاً: إيران: تجارة المخدرات المربحة التي يديرها "الحرس الثوري"
ويعتبر فيلق القدس أهم ذراع إيرانية تعمل خارج الحدود، ويتكفّل بتشكيل وتدريب وتوجيه المجموعات المختلفة التي ترتبط بإيران، كما أنه يعتبر المسؤول عن التخطيط لحروب العصابات والتحركات العسكرية غير التقليدية، بما فيها استخدام واجهات ثقافية واقتصادية ومدنية لتغطية أنشطته الخارجية.
أما حول آليات عمله، فيقول الباحث المختص في الشأن الإيراني، محمود جابر، في تصريح لـ "حفريات"، إنّ مهمته الرئيسية تتضمن: مكتب العمليات الخاصة، مديرية المعلومات والتحليلات، إدارة اللوجستيات، إدارات الأمن والخدمات، أما فروعه وتمدده فمن خلال مكتب تركيا والقوقاز، مكتب العراق، مكتب لبنان والأراضي المحتلة، مكتب للجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفييتي السابق وأفغانستان وباكستان والهند، ومكتب شمال إفريقيا، ومكتب لأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، ومكتب وسط وجنوب إفريقيا ومكتب لدول الخليج.

اقرأ أيضاً: تصنيف "الحرس" إرهابياً يمهّد لتصنيف إيران
ويضيف جابر أنّ اعتماد القادة الإيرانيين اليوم على أفغانستان وباكستان باعتبارهما القبلة المقبلة للجهاديين السنّة، وأنهم قد يقررون السعي لإعطاء الكتائب الأفغانية والباكستانية الوكيلة لإيران (أي "لواء الفاطميون" الأفغاني و"لواء الزينبيون" الباكستاني) دوراً كـ"جبهة داخلية"، بعد انسحابها من سوريا والعودة إلى بلدانها الأصلية، وهنا تبدأ طهران باللعب على وتر شرعنة تلك الجبهات الداخلية عبر مطالبة أفغانستان بمنح "لواء الفاطميون"، صفة رسمية شبيهة بصفة قوات الحشد الشعبي في العراق، أو أن تعرض المساعدة على تشكيل منظمة شبه عسكرية جديدة تتلقى التدريب من إيران، خاصة أنّ الميليشيات المسلحة غالباً ما تصبح بموازاة الهيئات العسكرية والأمنية في الدولة، أو حتى تحل محلها تدريجياً بفضل الدعم الخارجي، واستغلال افتقار بعض البلدان للقوات الوطنية القتالية العالية، مما يتيح لها زيادة شعبيتها من خلال تحقيق الانتصارات في ساحة المعركة ضد الجهات المعادية من غير الدول.

معسكرات طائفية
في يوم 16 شباط (فبراير) 2017 كشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عن معلومات ووثائق تتعلق بمعسكرات خاصة بفيلق قوات القدس الذي يتزعمه قاسم سليماني، والتابع للحرس الثوري الإيراني، في داخل إيران لتدريب عناصر الميليشيات الطائفية الإرهابية من دول عربية وإسلامية.

تأسس فيلق القدس خلال الحرب العراقية الإيرانية للقيام بعمليات سرية داخل العراق

وقدم نائب رئيس ممثلية المجلس في أمريكا علي رضا جعفر زاده، في مؤتمر صحفي في شباط (فبراير) 2017 في مقر المجلس في واشنطن، شرحاً مفصلاً بالخرائط الموثقة لهذه المعلومات والوثائق، مشيراً إلى أنّ هذه المعلومات قد جرى تجميعها وتوثيقها من خلال شبكات داخل إيران.
تكشف الوثائق أنّ أهم المعسكرات هي ثكنة (إمام علي) وتقع في الكيلو 20 في اتوستراد طهران – كرج – بولفار (اردستاني) نهاية شارع (سروان) ويوجد في الموقع عدة ثكنات للحرس الثوري، ومساحتها حوالي 100 ألف متر مربع.
وهناك قسم آخر لهذه المجموعة يدعى ثكنة "مصطفى خميني" وهي خاصة لقسم اللوجستي لثكنة (إمام علي) ولها بوابة منفصلة للدخول والخروج.
وتم رصد 14 مركزاً للتدريب في هذه المديرية، بحسب ما جاء في المؤتمر الصحافي، وهي بالترتيب:
- مركز واقع في تجريش يسمى بكلية امام علي/ تدريبات نظرية.
- مركز بادينده بورامين/ تدريبات في المدن.
- مركز آمل (مخيم مالك اشتر)/ التدريب على العيش في الظروف الصعبة في الغابة.
- مركز سمنان/ التدريب العملي لإطلاق الصاروخ.
- مركز مشهد (شمال شرق ايران)/ تمركز التدريب للعناصر الأفغانية.
-  ثكنة بازوكي: الخاصة لتدريب العناصر الأفغانية بهدف إرسالهم إلى سوريا على الإطلاق.
-  ثكنة لوشان الخاصة للتدريبات الخاصة.
-  ثكنة جمران الخاصة لتدريب العناصر الأفغانية للإرسال إلى سوريا.
- محور مصعد هوائي/ تدريب قوات المغاوير.
- مدينة عبادان/ تدريب الغوص وما يخص البحرية.
-  مدينة الأهواز/ التدريبات البحرية.
- محور جزيرة قشم.
-  ثكنة شهريار.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب المختص في الشان الإيراني، علي رجب، إنّ هذه المعسكرات مدة التدريبات فيها تستمر 45 يوماً، "ويتم إرسال عملاء عراقيين وأفغان وسوريين إليها لتوظيفهم في المهمات العسكرية على غرار أعمال ونشاطات تقوم بها قوات التعبئة (الباسيج الإيراني) لقوات الحرس، وهناك تدريبات عسكرية كاملة مع دورات تخصصية لأولئك الذين يوظفهم فيلق القدس بشكل دائم، وكذلك دورات أعمال إرهابية تستغرق ما بين 9 و12 شهراً".


ويضيف رجب، في حديثه لـ"حفريات": إنّ المعسكرات لا تقتصر على سوريا وإيران، بل أصبحت في العراق أيضاً، فهناك وفق قوله 6  معسكرات بالقرب من كركوك، و3 معسكرات أخرى بمنطقة جرف الصخر في محافظة بابل، لافتاً إلى أنّ المعسكرات أقيمت على مواقع لثلاث منشآت كانت تابعة لهيئة التصنيع العسكري التي تمّ حلّها، فضلًا عن ميدان الرمي المدفعي التابع لمنشأة (حطين)، والموجود ضمن حدود ناحية جرف الصخر، وهي تتخذ من مواقع منشآت القعقاع وطارق ومصنع المعتصم ومعمل الأثير للكبريت، ساحات تدريب وإيواء للمقاتلين العرب والأجانب، موضّحاً أنّ أغلب المتدربين هم من عناصر جماعة أنصار الله في اليمن، وبعض الشباب من أبناء الطائفة الشيعية في بعض بلدان الخليج يتولى تدريبهم مدربون من حزب الله اللبناني على القتال والتخريب وزرع العبوات والاغتيالات.

اقرأ أيضاً: "الحرس الثوري" منظمة إرهابية: معضلة الميلشيا والدولة.. تداعيات القرار الأمريكي
من جهته، يضيف الباحث محمود جابر، سلسلة من المعسكرات لتدريب العناصر الخارجية المستقدمة من الدول العربية كاليمن أو وسط آسيا، وهي: مركز آمل، المطلق عليه (مخيم مالك اشتر)، وبه يتم التدريب على العيش في الظروف الصعبة في الغابة، ويقع في (اسكو محله) في مدينة آمل (باتجاه امامزاده هاشم)، ومركز سمنان، الذي يتم التدريب العملي لإطلاق الصواريخ، ومنها صواريخ كاتيوشا وصاروخ فلق وسائر الصواريخ، وعقب التدريبات النظرى على السيميلاتور في ثكنة (إمام علي) يدخلون هذا المركز، وكذلك مركز مشهد (شمال شرق ايران) المتمركز به العناصر الأفغانية، وأخيراً ثكنة بازوكي الخاصة لتدريب العناصر الأفغانية، ويقع في منطقة ورامين (جنوب شرقي طهران) إلى جنب قرية جليل آباد.
رغم أنّ اسمه فيلق القدس، إلا أنّ القدس وفلسطين تغيب عنه تماماً، وهذا بسبب إشكالية الثورة وولاية الفقيه، التي تعلو على أي دور آخر، يتم تسويقه بخطاب أيديولوجى وعباءة دينية ورسالة سياسية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية