لماذا ينفذ الرجال البيض عمليات إطلاق النار الجماعية؟

الإرهاب الأبيض

لماذا ينفذ الرجال البيض عمليات إطلاق النار الجماعية؟


26/08/2019

في أعقاب عمليتَيْ إطلاق نار، مطلع الشهر الجاري، أوقعتا 29 قتيلاً في ولايتي تكساس وأهايو، خلال 24 ساعة؛ كتبت ريبيكا تايلور، مراسلة الأخبار في شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، متسائلة: "لماذا ينفذ الرجال البيض المزيد من عمليات إطلاق النار الجماعية؟

اقرأ أيضاً: ما هي نقاط التشابه والاختلاف بين الإرهاب الأبيض و "القاعدة" و"داعش"؟
وأوضحت: "بين عامَي 1982 وآب (أغسطس) 2019، تمّ تنفيذ 110 عملية إطلاق نار جماعي، والبالغ عددها 114 عملية في الولايات المتحدة من قبل الرجال، شاركت النساء في تنفيذ أربع منها فقط، وحالة واحدة نفذها رجل وامرأة معاً (هجوم سان برناردينو، في كانون الأول (ديسمبر) 2015 بولاية كاليفورنيا، نفّذه أمريكي مسلم من أصل باكستاني، ومعه زوجته مواطنته المهاجرة التي كانت قد وصلت حديثاً للبلاد).
64 قاتلاً من البيض و19 من السود
ووفق تحليل إحصائي كان 64 قاتلاً من البيض، في حين كان 19 من السود، و10 لاتينيين، وثمانية آسيويين، وهو ما يعني وفق تلك الإحصائيات؛ أنّ البيض ينفذون حوالي 58% من عمليات إطلاق النار؛ أي إنّ البيض الأمريكيين يفوقون الأشخاص الآخرين.

 المتطرفون اليمينيون مرتبطون بما لا يقل عن 50 جريمة قتل في أمريكا عام 2018
وفي تموز (يوليو) الماضي؛ أخبر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كريستوفر راي، لجنة تابعة لمجلس الشيوخ: "سأقول إنّ غالبية قضايا الإرهاب الداخلي التي حققنا فيها كانت مدفوعة مما قد أسميه عنفاً أبيض، لكنّه يتضمّن أشياء أخرى".

اقرأ أيضاً: هجوم نيوزيلندا: إلى متى يتجنب الغرب الاعتراف بـ"الإرهاب الأبيض"؟
وأضاف: "نحن نأخذ الإرهاب الداخلي، أو جريمة الكراهية، بغضّ النظر عن الأيديولوجيا، على محمل الجدّ، يمكنني أن أؤكّد لكم، ونحن نتابع ذلك بقوة باستخدام كلّ من موارد مكافحة الإرهاب، وموارد التحقيق الجنائي والشراكة عن كثب، نحن "مكتب التحقيقات الفيدرالي" لا نحقق في الأيديولوجيا، بغضّ النظر عن مصدر البغيضة، نحن نحقق في العنف".
موقف رابطة مناهضة التشهير
من جهتها، ذكرت "رابطة مناهضة التشهير"، في كانون الثاني (يناير) 2019؛ أنّ المتطرفين اليمينيين "مرتبطون بما لا يقل عن 50 جريمة قتل في الولايات المتحدة، عام 2018"، وهي أكثر حالات القتل المسجلة منذ عام 1995. ووجدت أيضاً أنّ "73.3٪ من جميع الوفيات يمكن ربطها بالمتطرفين اليمينيين المحليين، في حين أنّ 23.4 ٪ يمكن أن يُعزى إلى المتطرفين الإسلاميين".

يربط ترامب العنف الأهلي في أمريكا بالمهاجرين بينما الحقائق المجردة تؤكّد أنّ أغلب عمليات القتل الواسعة لا ينفذها مهاجرون

رغم أنّ هناك تكهنات متكررة حول مخاوف الصحة العقلية لأولئك الذين يقومون بالأفعال المدمرة، إلا أنّ الحديث أقلّ حول ما إذا كان جنس الجاني يمثل مشكلة أكبر.
وبعد اتهام نيكولاس كروز بـ 17 تهمة بالقتل؛ لقيامه بإطلاق النار في مدرسة مارجوري ستونيمان دوغلاس الثانوية، في باركلاند بولاية فلوريدا، في شباط (فبراير) 2018، قال البروفيسور ديفيد ويلسون، المتخصص بعلم الجريمة في جامعة برمنغهام سيتي: إنّ مطلقي النار في المدارس الأمريكية ذكور استخدموا أسلحة نارية مملوكة قانوناً، عادة أسلحة شبه آلية، أو كانوا طلاباً سابقين في المدرسة التي يستهدفونها".
وبشأن تأثير الصحة العقلية، يقول خبراء أمريكيون: "ليس نقص توفير خدمات الصحة العقلية في الولايات المتحدة هو السبب، بل توافر الأسلحة".
تكهنات متكررة حول مخاوف الصحة العقلية لأولئك الذين يقومون بالأفعال المدمرة

ماذا كان رد ترامب؟
كعادته، لم يخرج رد فعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن القاعدة التي باتت ثابتةً في قراءة السلطات الأمريكية لحوادث إطلاق النار الجماعي في العامَيْن الماضيَيْن، ومعظمها تسبّب بها رجال بيض، فهي حوادث "عنف محلي" ينفّذها (متخلفون عقلياً ومرضى نفسيّون)، بينما وصف "إرهاب" هو صفة العمليات التي ينفذها غير البيض، والمسلمون تحديداً.

نائب وزارة العدل الأمريكية السابق: مكتب التحقيقات يصنّف عمليات القتل على أنّها إرهاب داخلي الوصف الأدقّ هو الإرهاب الأبيض

الغريب فيما اقترحه ترامب غداة حادثتي تكساس وأهايو على الجمهوريين والديمقراطيين حول "التوافق بتشديد القيود على الأسلحة"، هو في ربطه بمشروعه حول الإصلاحات المتعلقة بالهجرة: "على الجمهوريين والديمقراطيين أن يتّحدوا، وأن يقوموا بالتحقق بشكل دقيق من خلفيات الموضوع، وربما ربط قانون (السلاح) بإصلاح الهجرة الذي نحن في حاجة ماسّة إليه".
مرة أخرى، يربط ترامب العنف الأهلي في أمريكا بالمهاجرين، بينما الحقائق المجردة الصادرة عن المؤسسات الأمريكية تؤكّد؛ أنّ أغلب عمليات القتل الواسعة ينفذها مواطنون لا مهاجرين.
ترامب والكراهية والأمراض العقلية
صحيح أنّ الرئيس ترامب، وبعد مقتل 20 شخصاً في أحد فروع "وولمارت"، وهي سلسلة المتاجر الأمريكية الأكبر، في مدينة إل باسو بولاية تكساس، و9 آخرين أمام حانة في حيّ يعجّ بالملاهي الليلية في مدينة دايتون، بولاية أوهايو، بعد 13 ساعة على الحادثة الأولى، قال إنّه "لا مكان للكراهية في بلدنا"، لكنّه عزا أعمال العنف إلى الذريعة الأمريكية الثابتة؛ (فهي ناتجة عن مشاكل أمراض عقلية"، موضحاً "هؤلاء أشخاص مصابون بأمراض عقلية خطيرة جداً"؟
خلاصة ترامب هذه لم يقرّها سواه، والشرطة لم تؤكّد بعد ذلك الاحتمال (إصابة مطلقي النار بأمراض عقلية).

اقرأ أيضاً: "الإرهاب الأبيض": إلى متى تتجاهل أمريكا الخطر الأكبر على أمنها؟
وخروجاً على قاعدة ترامب والنغمة السائدة التي بدا أنّ أحداً لا يصدقها "تفكر السلطات في اتهام المشتبه في عملية تكساس بارتكاب جرائم كراهية فيدرالية" بعد أن أكّد مسؤول فيدرالي، بحسب ما أوردت "نيويورك تايمز"؛ أنّ "المشتبه به قام بإصدار بيان ضدّ المهاجرين".

 المنفّذ باتريك كروسيوس (21 عاماً)
وكان المنفّذ، باتريك كروسيوس (21 عاماً)، "نشر بياناً على الإنترنت من 2300 كلمة مناهضة للمهاجرين قبل دقائق من إطلاقه النار".
وقال خايمي إسبارزا، محامي مقاطعة إل باسو: إنّ مكتبه اتهم كروسيوس بالقتل العمد، وسيطلب عقوبة الإعدام في أيّة محاكمة قضائية.
وفيما لن يمسّ الرئيس ترامب معسكر أشدّ مناصريه (منظمة الأسلحة الأمريكية)، أكّدت السلطات أنّ البندقية المستخدَمة في إطلاق النار في تكساس "تمّ شراؤها بشكل قانوني، وتمّ السماح للمسلَّح بحملها علانية"، هنا يؤكد منتقدو المنظمة التي تشتري معظم السياسيين، وتحديداً الجمهوريين منهم؛ أنّ "معظم عمليات القتل الجماعية تمّت بأسلحة مرخَّصة".
وكان رود روزنشتاين، نائب وزارة العدل الأمريكية السابق، كتب على موقع تويتر: "قتل المدنيين بشكل عشوائي يتم لنشر رسالة سياسية؛ هو الإرهاب، ومكتب التحقيقات الفدرالي يصنّفه على أنّه إرهاب داخلي، لكنّ الوصف الأدقّ هو الإرهاب الأبيض".
وأكّد روزنشتاين أنّ "العديد من القتلة تلقوا تعاليم الكراهية من خلال الإنترنت، مثلهم مثل الإرهابيين الإسلامويين".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية