لمصلحة من عاد تنظيم داعش بقوة شرق سوريا؟

لمصلحة من عاد تنظيم داعش بقوة شرق سوريا؟


08/09/2019

تتواتر معلومات تؤكّد أنّ مناطق الشرق السوري تشهد نشاطاً متزايداً لتنظيم داعش، بشكل سرّي وعلني، وإن كان لا يرقى للمرحلة التي كان عليها قبل إعلان القضاء عليه قبيل حوالي أربعة أشهر، مركّزاً عملياته في ظهوره الجديد على استهداف "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تسيطر على المناطق الشرقية من سوريا، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: "داعشي" تونسي من سجنه شرق سوريا: التنظيم جنَّد المرضى النفسيين في العمليات الانتحارية
ويأتي هذا التصعيد، رغم استمرار عمليات محاربة التنظيم من خلال عمليات سرّية واسعة تشمل إنزالات جوية ومداهمات واعتقالات أعقبت الإعلان عن القضاء عليه في أعقاب معارك "الباغوز"، شمال شرق سوريا، والتي وصفت بأنّها آخر معاقل "داعش"، إلا أنّ التنظيم عاد لاستئناف نشاطاته في مناطق ريف دير الزور، بتعليق منشورات في مساجد بعض القرى، وفرض أتاوات وضرائب على التجار، مقابل عدم التعرض لتجارتهم ومهاجمة آبار النفط، فيما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، اعتقال قائدَين من قادة "داعش" في دير الزور، وبالتزامن؛ شهدت مناطق الرقة والحسكة العديد من عمليات التفجير، التي أعلن أنّ التنظيم يقف وراءها.

تتواتر معلومات تؤكّد أنّ مناطق الشرق السوري تشهد نشاطاً متزايداً لتنظيم داعش بشكل سرّي وعلني

استئناف داعش لنشاطه مرتبط بالتطورات التي تشهدها المنطقة، وفي سياقَيْن: الأول: المنطقة الآمنة التي تمّ الاتفاق عليها بين تركيا والولايات المتحدة، والثاني: حقيقة القضاء على "داعش" في المنطقة.
فعلى صعيد المنطقة الآمنة، وبعد تهديدات تركية متواصلة بشنّ هجوم واسع على "الأكراد" في مناطق الشريط الحدودي مع سوريا (شرق الفرات)، لإقامة منطقة آمنة، تضمن إعادة مليونَي لاجئ سوري من تركيا، وتأمين إقامتهم بالمنطقة، وبما يضمن تغييراً ديمغرافياً، ينهي الأغلبية الكردية في المنطقة، وفق اتهامات يردّدها الأكراد لتركيا، فقد تمّ إنجاز اتفاق المنطقة الآمنة بين تركيا والولايات المتحدة، لكنّه لم يحقّق لتركيا مطالبها؛ إذ يضمن تسيير دوريات مشتركة، خلافاً للرغبة التركية بالانفراد في السيطرة على المنطقة، فيما كانت أطول مسافة بالعمق السوري لهذه المنطقة لا تتجاوز 12 كيلومتراً، خلافاً للرغبة التركية التي كانت تطالب بحدود 40 كيلومتراً، وفي الوقت الذي قامت فيه القوات الكردية بالانسحاب من ثكناتها وتدمير أنفاقها على الحدود، ما تزال تركيا تعتقد أنّ أمريكا تراوغ في تنفيذ المنطقة الآمنة، بما يحقق أهدافها، وأنّ "الحيلة" الأمريكية انطلت عليها، وهو ما يفسّر تصريحات المسؤولين الأتراك، حول "تلكّؤ" أمريكا، وأنّها ستنفذ الخطة "ب" بتنفيذ المنطقة الآمنة بشكل منفرد، ودون التنسيق مع أمريكا.

اقرأ أيضاً: إخوان سوريا ومغارة علي بابا في تركيا
أما السياق الثاني، وهو حقيقة القضاء على "داعش" شرق الفرات، وتحديداً في الرقة ودير الزور وما بينهما، بما في ذلك الشمال الشرقي من سوريا؛ فرغم الإعلانات الأمريكية، ومن قبل قوات سوريا الديمقراطية، قبل حوالي أربعة أشهر حول القضاء على "داعش"، فيما عرف بمعركة الباغوز، بوصفها آخر معاقل التنظيم، إلا أنّه، وعلى خلفية تلك المعركة، اقتصرت الصور التي بثتها وسائل الإعلام على إقامة سجون للهاربين من الباغوز، نساء وأطفال وشيوخ، فيما لم تظهر أية صورة لآلية عسكرية، أو مدافع، أو رشاشات "معطوبة" لتنظيم داعش، كما لم تظهر أية صورة لجثث مقاتلي التنظيم وأسراهم، وبالتزامن تواصلت تأكيدات أمريكية ومن مستويات عسكرية وأمنية ميدانية في المنطقة، بأنّ خطر "داعش" ما يزال قائماً، وأنّ هناك خلايا نائمة، وأنّ التنظيم ما يزال قادراً على إعادة تجميع صفوفه من جديد، تزامنت مع تسريبات تشير إلى أنّ قادة التنظيم هربوا إلى مناطق غرب العراق، فيما ظهر بعد معركة "الباغوز" شريط فيديو لزعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، وحوله عدد من قيادات "داعش"، يوزّع المهمات التنظيمية، ويترحّم على "شهداء" التنظيم في الباغوز، وهو ما أكّد التصريحات الأمريكية حول استمرار خطر "داعش".

اقرأ أيضاً: هكذا دعمت تركيا الجماعات الجهادية في سوريا.. تسريبات
عودة "داعش" خلال الأسبوع الماضي في الشرق السوري، غير معزولة عن السياقَيْن المذكورَيْن، وهي غير بعيدة عن سياقات الاتفاق على المنطقة الآمنة التي تم الاتفاق عليها بين تركيا وأمريكا، وبما يرسل رسالة بأنّ المنطقة (شرق الفرات)، بما فيها الحدود مع تركيا، غير آمنة لإعادة لاجئين سوريين إليها.

عودة داعش غير بعيدة عن سياقات الاتفاق على المنطقة الآمنة التي تم الاتفاق عليها بين تركيا وأمريكا

ورغم الشكوك وأصابع الاتهام التي تشير إلى أنّ تحرّك "داعش" الجديد في المنطقة جاء بدعم جهات فاعلة بالملف السوري، إلا أنّ تلك التحركات تؤكّد أنّ "داعش" أصبح أكثر خبرة في التفاعل مع كافة الأطراف، بوصفه لاعباً أساسياً في الملف السوري من جهة، وهو ما يدعو للتساؤل عن الجهة المستفيدة من تحرك "داعش" في هذا التوقيت، إن كانت الولايات المتحدة، أو تركيا، أو إيران والحكومة السورية؟ خاصة أنّ جهات عديدة معنية بالشأن السوري، تؤكّد أنّ الأطراف المذكورة استفادت من التنظيم، وهناك شكوك في علاقاتها معه، تمّ التعبير عنها بغياب صور قتلى وأسلحة "داعش" بعد الضربات الأمريكية، واتخاذ التنظيم من تركيا نقطة عبور إلى سوريا، والصفقات التي عقدت بين إيران والحكومة السورية وحزب الله مع التنظيم، في دمشق وعلى الحدود اللبنانية؛ حيث تمّ تأمين مروره إلى شرق سوريا برفقة أمنية، وحماية من الجيش السوري والميليشيات الإيرانية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية