سهى بشارة: هل تسقط العمالة لإسرائيل مع مرور الزمن؟

المقاومة

سهى بشارة: هل تسقط العمالة لإسرائيل مع مرور الزمن؟


25/09/2019

في صباح الأحد، الخامس عشر من الشهر الجاري، ظهرت المناضلة اللبنانية، سهى بشارة، في مقابلة عبر "السكايب"، في برنامج "نهاركم سعيد" مع الإعلامية ديما صادق، على قناة "LBC" اللبنانية، وكان محور حلقة البرنامج حول قضية العميل الإسرائيلي، عامر إلياس الفاخوري، الذي أثار دخوله إلى لبنان جدلاً واسعاً.

دخول عامر إلياس الفاخوري للأراضي اللبنانية لم يُقابل باستنكار سهى بشارة فقط بل أثار غضباً شعبياً لبنانياً واسعاً

الفاخوري قائد عسكري سابق في جيش لبنان الجنوبي، والذي كان حليفاً لإسرائيل، وهو الجيش الذي تمّ تأسيسه بالأساس بدعم من إسرائيل، عام 1976، وكان الفاخوري أيضاً المسؤول المباشر عن معتقل "الخيام"، الذي اعتُقلت فيه سهى بشارة لعشرة أعوام، بعد محاولتها الفاشلة لاغتيال القائد العام لجيش لبنان الجنوبي، أنطوان لحد، داخل بيته، عام 1988، وذلك بإطلاق رصاصتين من مسدس عيار 5.45 ملم، لتصيب صدره وذراعه.
سألت ديما صادق سهى بشارة عن وقع خبر دخول العميل عامر إلياس الفاخوري الأراضي اللبنانية، لتجيب الأخيرة: "كان الخبر بمثابة زلزال"، وخلال المقابلة تساءلت بشارة: هل تسقط صفة العمالة لإسرائيل مع مرور الزمن؟ وأردفت قائلة: وكأنّنا نقول لكلّ شخص لبناني يحمل جواز السفر الإسرائيلي "تفضل ونحنا منقدملك الاعتذار ولا منحقق معك ولا بتتوقف للتحقيق معك". 
العميل عامر إلياس الفاخوري

جميع أشكال التعذيب
وقالت سهى بشارة: إنّ "جميع أشكال التعذيب التي كانت تمارس في معتقل "الخيام"، كانت تمارس بالجزء الأكبر منها، من قبل الحراس، الذي يخضعون مباشرة لإمرة قائد هذا المعتقل، والذي هو عامر إلياس الفاخوري، كما رأت سهى بشارة أنّ إسقاط صفة "المبعَدين قسراً" على أشخاص عملاء لإسرائيل، من قبل التيار الوطني الحر، والذي يرأسه وزير خارجية لبنان، جبران باسيل، ليس سوى تمرير مباشر للتطبيع مع إسرائيل"، بحسب رأيها.

اقرأ أيضاً: الجاسوس إيلي كوهين: إسرائيل تفشل في مواجهة "الهجّان"
أثارت تصريحات سهى بشارة، جدلاً واسعاً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وشنّ موالون لجبران باسيل والتيار الوطني الحر، هجوماً عنيفاً على سهى بشارة، وكان أبرزه تغريدة الصحفي والمحلل السياسي اللبناني، جوزيف أبو فاضل، على تويتر، التي قال فيها: "لسهى بشارة التي تسأل باسيل "إذا كان يرى نفسه وطنياً فليترجم أقواله"، أقول: "إنت مينك لترفعي عيونك وصوتك وتحكي معنا بالوطنية! نحنا أساس لبنان بس تحكي معنا، بتحترمي نفسك.. أنا اليوم خارج لبنان بس أرجع سأفحصك طالما حزبك بالسفارة!؟ عمو نحنا عصب المقاومة والممانعة، قال مقاومة قال".
تغريدة جوزيف أبو فاضل المثيرة للجدل

حملة تضامنية مع بشارة
وكانت ردّة الفعل على الهجوم ضدّ سهى بشارة، حملة تضامنية، عبر الفيسبوك وتويتر، تحت "هاشتاغ": "#متضامن_مع_ سهى_بشارة"، الذي أعاد إلى الأذهان قصة نضال سهى بشارة، التي انضمت وهي في العشرين من عمرها إلى الحزب الشيوعي اللبناني، وكانت ضدّ الاحتلال الاسرائيلي، ومحاولتها لاغتيال الضابط العسكري العميل لإسرائيل، أنطوان لحد، والثمن التي دفعته بعد تلك العملية بقضائها عشرة أعوام في معتقل الخيام.
وعلّقت الصحفية اللبنانية، ديانا مقلد، في تغريدة على حسابها الشخصي في تويتر: "تسهيل عودة عميل له تاريخ مشين مثل عامر الفاخوري، ومهاجمة شخصية مثل سهى بشارة، واحد من تجليات "الوطنية" العونية التي ترعاها وتغذيها ورقة التفاهم المشينة مع حزب الله".

اقرأ أيضاً: هل ثمة جدوى من المقاطعة العربية للانتخابات الإسرائيلية؟
دخول عامر إلياس الفاخوري للأراضي اللبنانية، لم يُقابل باستنكار سهى بشارة فقط؛ بل أثار غضباً شعبياً لبنانياً واسعاً، إلى جانب غضب أسرى ومعتقلين سابقين في معتقل الخيام؛ إذ قام بعض الأسرى المحررين بتنظيم وقفة احتجاجية أمام قصر العدل في بيروت، رفضاً للتهاون مع عملاء سابقين لإسرائيل، ومحاكمتهم.
مطالبات بمحاسبة "العميل الموقوف عامر الفاخوري"
وبحسب ما أفاد موقع قناة "LBC" اللبنانية؛ فقد شهد معتقل الخيام أيضاً "اعتصامات عدة مطالبة بمحاسبة العميل الموقوف عامر الفاخوري. وبمناسبة ذكرى استشهاد أول أسير في سجن الخيام، صبحي شكر، من بلدة الريحان، نظّم أهالي الشهيد اعتصاماً في المعتقل، وألقيت كلمات طالبت بمحاسبة الفاخوري "لما ارتكبه من جرائم بحقّ الأسرى"".

اقرأ أيضاً: "لا حصانة لإيران" مقابل "لا أمان لإسرائيل"؟
وفي تصريح لـ "حفريات"، قال الكاتب والروائي الفلسطيني، سليم البيك: "لا يمكن فصل مسألة سهى بشارة مؤخراً عن عموم الحاصل في بلداننا العربية، من ناحية الموقف من إسرائيل، رسمياً وشعبياً، وقد بدأ ذلك مع الاستقطابات المرتبطة بالثورة السورية في الأعوام الأخيرة؛ إذ أبدى بعض المعارضين للنظام السوري تودّداً مباشراً، أو غير مباشر، تجاه إسرائيل، كردّ فعل على الموقف الزائف والخطابي للنظام السوري، وعلى الموقف ذي الحسابات الخاصة التي لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية لبعض أصدقائه".
الكاتب والروائي الفلسطيني سليم البيك

استسهال الهجوم على المقاومة
أضاف البيك: "امتدّ إلى استسهال بعض الدول إخراج علاقاتها مع دولة الاحتلال إلى العلن بعدما كانت تُمارس خفيةً، وصولاً إلى تعاونات ومناورات عسكرية مشتركة، في هذا السياق؛ يأتي الهجوم (استسهال الهجوم) على إحدى أيقونات المقاومة اليسارية العلمانية اللبنانية والفلسطينية والعربية مؤخراً، من قبل فريق لبناني (العونيون)، وهو تشكيلة هجينة من الموقف "المسيحي" الفاشي في الحرب اللبنانية (المقرّب من إسرائيل)، والموقف "الشيعي" في الحرب السورية، من خلال تحالفه مع "حزب الله" (المقرّب من النظام السوري)".

الروائي سليم البيك: لا يمكن فصل مسألة سهى بشارة عما يحصل في بلداننا العربية لجهة الموقف من إسرائيل

ويرى البيك؛ أنّ "هذه التشكيلة الهجينة التي تتجلى في صهر ميشيل عون، وزير الخارجية الفينيقي جبران باسيل، كتجسيد لسطحية تمثيل كهذا، هي -بمجرد حصولها- الأكثر تناقضاً مع ما يمكن أن تمثله سهى بشارة، ومع عموم التراث المقاوم لليسار اللبناني والفلسطيني في لبنان آنذاك، ويبدو أنّ العونيين يدركون ذلك، وهذا الإدراك هو ما يبرر حملة "الذباب الإلكترونيّة" التي يشنونها على سهى بشارة، التي كانت بشخصها وبما تمثّله، مقاومة أصيلة ضدّ كلّ من دولة إسرائيل والنظام السوري آنذاك، فالعونيون هم -بالنظر أبعد قليلاً- تلك التشكيلة الجامعة بين ما هو مصلحة لإسرائيل وما هو مصلحة للنظام السوري".
ويختم البيك كلامه بالقول: "سهى بشارة هي النقيض لهم، هي الكاشف لهم والفاضح، فهي إذاً الأكثر إيلاماً لهم".
ما موقف المحكمة العسكرية في لبنان؟
في المقابل؛ كانت المحكمة العسكرية في لبنان، قد أصدرت مذكرة توقيف في حقّ العميل عامر الفاخوري. وبحسب تقرير نشر على موقع قناة "الجديد"؛ فقد "ادّعت النيابة العامة العسكرية على العميل عامر الفاخوري، ممثلة بالقاضية منى حنقير، التي ادّعت عليه بجرائم مواد تصل العقوبة فيها إلى الإعدام، بتهم التواصل مع العدو وعملائه، وتجنيد أشخاص للعمل لمصلحة العدو، والتجنّد لمصلحة العدو بصفوف ميليشيا لحد، والاستحصال على الجنسية الإسرائيلية، والتسبّب بمقتل وتعذيب لبنانيين، وأحالت النيابة العامة الموقوف والملفّ إلى قاضي التحقيق العسكري".
وبحسب ما جاء في التقرير؛ فإنّ الفاخوري قد خضع أيضاً "للتحقيق مع مخابرات الجيش التي حققت أيضاً مع العميد الركن إلياس يوسف، الذي رافق العميل في مطار بيروت، وتبيّن نتيجة التحقيقات أنَّ تصرّف العميد يوسف كان فردياً، ولا علاقة للقيادة به، وقد رافقه من باب المساعدة والقرابة العائلية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية