هل يغير جنرالات "أزرق أبيض" كلام السلام وصفقة القرن؟

هل يغير جنرالات "أزرق أبيض" كلام السلام وصفقة القرن؟


01/10/2019

لطالما كانوا يتحدثون عن فرصة أخيرة للسلام.. لكن مؤخراً أخذ هذا الكلام يتراجع تدريجياً، ومع الانتخابات الأخيرة في دولة الاحتلال "إسرائيل"، والفوز المتواضع لحزب "أزرق أبيض"، يصبح السؤال حول تلك الفرصة ربما ذا طابع ترفي، على الرغم من كل تلك المقدمات والتبشيرات الإعلامية لـ "صفقة القرن" الموعودة.

اقرأ أيضاً: هل استقالة غرينبلات دليل على فشل صفقة القرن؟
مسيرة طويلة من المفاوضات واللقاءات السرية والعلنية والرعاية الأمريكية والدولية للخطط والخرائط والاتفاقيات، وحتى الآن لا نتيجة أو حتى مدخل مقبول لذلك "السلام الذي يمكن الإيمان به"، على حد تعبير الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، فمن الواضح أنّ كل الاحتمالات مفتوحة على لا شيء في المدى المنظور!

مسيرة طويلة من المفاوضات ولا نتيجة أو حتى مدخل مقبول لذلك "السلام الذي يمكن الإيمان به"

عملية السلام العربية الإسرائيلية، واحدة من أطول العمليات التفاوضية في التاريخ، ودائرتها المستديرة لم تخلُ أبداً من المتحاورين والمتفاوضين، حتى في أحلك أوقات القطيعة؛ فثمة دائماً حضور فلسطيني عربي على أهبة الاستعداد، ولعل هذا من أهم أسباب الفشل؛ فنحن دائماً جاهزون ومستعدون للتفاوض وفي كل الأحوال والظروف، يحكمنا ذلك الهاجس بالخوف من أن تهرب تلك الفرص.. "المستحيلة".
إنّ الذهاب إلى أي معركة أو مواجهة بغير سلاح ليس له من معنى سوى الانتحار أو الهزيمة، ونحن نتناسى أنّ عملية السلام هي معركة حقيقية فيها تضحيات وثمن لا بد من دفعه، والسؤال الذي نتجنب الإجابة عنه ما هو ذلك الذي يتسلح به المفاوض الفلسطيني والعربي حتى يمنع الطرف الآخر من الانتصار المجاني، أو أن يمنع نفسه من الهزيمة؛ فأضعف الإيمان ألاّ يحقق الغريم مكتسبات على حساب مصالحنا، أفلا يكفينا ما قدّمنا من تنازلات وخسارات منذ العام 1948! فليس ثمة ما نركن إليه سوى أننا "أصحاب الحق"، وحتى هذا "السلاح" الذي طالما منحنا الأمل تحول أكثر فأكثر إلى فكرة شعاراتية وخطابية فقدت واقعية جدواها.
مشكلتنا ذلك "الكرم" في غير أوانه أو مكانه؛ نذهب دائماً للتفاوض ونحن مستعدون للتنازل، فقد فهمنا أنّنا في لعبة ترفع مِن شأن المهزوم الذي يمتلك روحاً رياضية! متناسين أن هذه الروح ليست إلا تعبيراً عن سلبية أو تجميلاً لهزيمة أخرى قد لا ترضي حتى مَن نهديها إليه.

اقرأ أيضاً: "صفقة القرن" نتاج مصيدة الاتفاقات مع اسرائيل
إلى حين، ظلت الأجواء مزدحمة بكلام يتردد بقوة حول صفقة القرن، سكت قليلاً قبيل انتخابات الكنيست الأخيرة، ويبدو أنه سيسكت أكثر خاصة في ظل أنباء حول تأجيلها، وأنّ الإعلان عنها لن يكون قريباً، وأنّ "هذا التوقيت السياسي الحساس بعد الانتخابات" -كما وصفته قناة كان العبرية- سيفرض حالة جديدة بخصوص الصفقة، وأكثر ما يمكن أن يبرهن على ذلك كان يصدر عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه؛ قبل الانتخابات كان يقول إنّ الإعلان - ولو جزئياً - عن صفقة القرن سيتم بعد انتخابات الكنيست، لكن أعادت إدارته توجيه الحديث إلى أنه لن يكون الإعلان خلال وقت قريب.

ظلت الأجواء مزدحمة بالكلام حول صفقة القرن لكنه سكت قليلاً قبيل انتخابات الكنيست الأخيرة ويبدو أنه سيسكت أكثر

وجود كتلة جنرالات "أزرق أبيض"، في الواجهة السياسية الإسرائيلية، ووجود "المزعجين" أو "المنافقين" بتعبير نتنياهو، وهم النواب العرب في الكنيست، يجعل الولايات المتحدة الأميركية تعيد إنتاج خياراتها حول الصفقة وربما جدواها، وهذا تفاؤل ليس له ما يبرره؛ فثمة من سيقول إن "صفقة القرن" أصبحت تمثل أقصى حدود إستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية تجاه قضية السلام في الشرق الأوسط.
لكن كل ذلك لا يعني أبداً أنّها لن تستطيع الذهاب لأبعد من ذلك أو تلتمس طريقاً آخر، أو تبتكر خطة سلام أو صفقة سلام جديدة؛ فالحياة مفاوضات كما يقول "صائب عريقات"، والمفاوضات مثل قصة صخرة سيزيف، وإسرائيل بسلوكها التفاوضي الممنهج تحرص دوماً على خلق دوامات تفاوضية تغرق فيها الطرف العربي والمفاوض الفلسطيني الذي فقد اتجاهه وأدواته وقدرته على كبح جماح التنازلات.
قيل إنّ عملية السلام لقيت حتفها حين انتخب أرييل شارون رئيساً لوزراء إسرائيل عام 2000، لكن مع كل رئيس وزراء جديد فإنّ عملية السلام يتم إعادة اغتيالها بطلقة أخرى من تحت الطاولة أو فوقها.. بانتظار طلقات جنرالات "أزرق أبيض".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية