كيف ألهمني محمد صلاح لأن أصبح مسلماً؟

كيف ألهمني محمد صلاح لأن أصبح مسلماً؟


13/10/2019

ترجمة: محمد الدخاخني


لقد ألهمني محمّد صلاح حقّاً وصدقاً. إنّني حامل تذكرة موسميّة في نادي نوتنغهام فورست، ويمكن أن أقدّم نفسي على هذا النحو فقط، لكن لأنّني أعلنت عن إيماني، فلأتحدّث بوصفي مسلماً. ما زلت الشّخص الّذي كنته، وهذا ما تعلّمته من محمّد صلاح. وأنا أحبّ لو ألتقي به، فقط حتّى أصافحه وألقي عليه التّحية وأقول له "شكراً".

اقرأ أيضاً: محمد صلاح يتبرع لمعهد الأورام بـ 3 ملايين دولار
لا أظنّ أنّ زملائي يعتقدون فعليّاً أنّني مسلم، وذلك لأنّني لم أتغيّر حقّاً. كلّ ما في الأمر أنّني أعتقد أنّ قلبي في حال أفضل. أحاول بالفعل التّغيّر في أيّام المباريات. فعادةً ما نذهب إلى حانة، ونراهن، وبعد المباراة نعود إلى الحانة وندرك أنّنا خسرنا الكثير من المال. ويكون من الصّعب العدول عن ذلك عندما يتعوّد المرء على مثل هذه الثّقافة، الّتي هي جزء من كرة القدم بالنّسبة إلى كثير من النّاس.

كان صلاح أوّل مسلم أجد نفسي في شخصيّته والأمر يرتبط بالطّريقة التي يعيش بها حياته وكيف يتحدّث إلى النّاس

أشعر بالحرج من قول هذا، لكن، في الواقع، آرائي حول الإسلام كان ملخّصها أنّ أصحاب هذا الدّين لم يندمجوا وأرادوا الاستحواذ على مجتمعاتنا. كما نظرت دائماً إلى المسلمين باعتبارهم الفيل الّذي في الغرفة. وكرهتهم.
عندما كنت في المرحلة السّادسة، مررت بفترة، كما أعتقد، احتجت فيها إلى شخص ألومه على ما يحلّ بي من مِحَن. لسوء الحظّ، حصل المسلمون على العبء الأكبر من ذلك واكتشفت بسرعة المنصّات الإعلاميّة اليمينيّة. وقد قام أصحابها بالاعتناء بي عبر إرسال قطع دعائيّة طويلة وما إلى ذلك.
وبالرّغم من إيماني وقتها بأفكارٍ رهيبة حول الإسلام، فإنّني لم ألفظ بها البتّة في وجه مسلم. ففي هذه المرحلة لم أكن أعرف أيّ مسلم. لكن دراستي ضمن قسم دراسات الشّرق الأوسط بجامعة ليدز غيّرت كلّ شيء.
كان علينا أن نكتب أطروحة وأردتّ القيام بشيء مختلف إلى حدّ ما. أتذكّر أنّ معلّمي، الّذي كان يساعدني في تجاوز عسر القراءة، قد أخبرني: "ماذا عن أغنية محمد صلاح"؟ كنت على دراية بها واعتقدتّ أنّها رائعة ولكنّني لم أفكّر فيها على هذا النّحو من قبل.

بن بيرد، حامل تذاكر الموسم في نوتنغهام فوريست
وأخيراً، وصلت إلى السّؤال البحثيّ: "محمد صلاح، هدية من الله. هل يُلهِب أداء محمد صلاح نقاشاً يحارب الإسلاموفوبيا في الأوساط الإعلاميّة والسّياسيّة"؟
تشتمل أغنية مشجّعي ليفربول - والّتي تأتي موافقة للحن أغنية "غود إنوف" لفرقة الرّوك دودجي - على سطر يقول: "إذا سجّل عدداً قليلاً من الأهداف، فسأكون مسلماً أيضاً"،  وقد أخذت هذا بجديّة وحرفيّة.
كنت طالباً أبيض نموذجيّاً ذهب إلى مدينة مختلفة وشرب حتّى الثّمالة وعاش الحياة الطّلابيّة بكلّ تفاصيلها. وخلال حصولي على درجتي العلميّة، عرفتُ الإسلام للمرّة الأولى بطريقة أكاديميّة.

اقرأ أيضاً: مكة ترافق محمد صلاح لتسلمه جائزة هداف الدوري الإنجليزي
كذلك، منحتني الجامعة الفرصة للقاء الكثير من الطّلاب السّعوديّين. ظننت في السّابق أنّهم أناس أشرار يحملون السّيوف، لكن اتّضح فيما بعد أنّهم ألطف من عرفت. والأحكام المسبقة الّتي كانت لديّ حول الدّول العربيّة ذابت بالكامل.
كان محمد صلاح أوّل مسلم أجد نفسي في شخصيّته. والأمر يرتبط بالطّريقة التي يعيش بها حياته، وكيف يتحدّث  إلى النّاس. خلال أحد الأسابيع الماضية، قام بالتقاط صورة مع أحد مشجّعي ليفربول الّذي أصيب بكسر في الأنف أثناء ملاحقته لصلاح. وأعرف أنّ بعض لاعبي كرة القدم الآخرين سيفعلون ذلك لو حصل معهم الأمر نفسه، ولكنّك تتوقّع ذلك الآن من صلاح.
في الجامعة التقيت بعدد من الطّلاب المصريّين وعندما اكتشفوا أنّ بحثي يدور حول "محمّد صلاح، هديّة من الله" - وهي أغنية أخرى لنادي ليفربول - تحدّثوا معي لساعات حول روعته وما قدّمه من أجل بلدهم. والعام الماضي، أبطل مليون مصريّ أصواتهم وصوّتوا لصالحه ليكون رئيساً.

اقرأ أيضاً: محمد صلاح ضمن 100 شخصية مؤثرة في العالم
وقد أخبرني أحد المصريّين الّذين تحدّثت إليهم أنّ صلاح يمثّل ما ينبغي أن يكون عليه المسلم، وأنّه يتبع الإسلام بشكل صحيح. كما اعتقدَ أنّ صلاح قد جعل النّاس يحبّون المسلمين مجدّداً.
وهذا يجد صداه عندي. فعندما يسجّل صلاح هدفاً، أعتقد أنّه يسجّله في سبيل الإيمان. وعندما فاز بدوري الأبطال، قلت لصديقي إنّه انتصار للإسلام. وبعد كلّ هدف يسجّله، يقوم صلاح بالسّجود ويعرض أمام العالم رمزاً إسلاميّاً للغاية. كم من النّاس يشاهدون الدّوري الإنجليزيّ الممتاز كلّ أسبوع؟ الملايين على مستوى العالم.

محمد صلاح يمارس السجود بعد تسجيله هدفاً لفريق ليفربول ضد أرسنال في آب
لقد أظهر لي صلاح أنّه يمكنك أن تكون مسلماً وطبيعيّاً، إذا كانت هذه هي العبارة الصّحيحة. أنّه يمكنك أن تكون نفسك. إنّه لاعب رائع ويحظى باحترام مجتمع كرة القدم وقناعاته السّياسيّة والدّينيّة، لا تخصّ أحد - وهذا، بالنّسبة إليّ، ما يمكن لكرة القدّم أن تقوم به.
عندما يقرأ النّاس القرآن الكريم، أو يقرؤون عن الإسلام، فإنّهم يرون شيئاً مختلفاً لا  يُصوَّر دائماً في وسائل الإعلام. وأنا جديد على المجتمع الإسلاميّ وما زلت أتعلّم. إنّ الأمر صعب. إنّه تغيير يمسّ نمط الحياة.

وصلت إلى السّؤال البحثيّ: هل يُلهِب أداء محمد صلاح نقاشاً يحارب الإسلاموفوبيا في الأوساط الإعلاميّة والسّياسيّة؟

ماذا أقول للشخص الّذي كنته قبل الإسلام؟ لقد صفعته، لأكون صادقاً، ويمكنني أن أقول له: 'كيف تجرؤ على التّفكير على هذا النّحو في أناسٍ متنوّعين للغاية. عليك البدء في التّحدّث مع النّاس. عليك البدء في طرح الأسئلة. فنحن نعيش في مجتمع متعدّد الثّقافات ومتعدّد الأديان ومتعدّد القوميّات'.
في الموسم الماضي، كان مشجّعو تشيلسي يغنّون "صلاح مُفجّر قنابل". وكانت هذه هي المرّة الأولى على وسائل التّواصل الاجتماعيّ الّتي أتعاطى فيها مع الأمر بشكل صحيح. كنت حانقاً لأنّني مع المزاح الكرويّ لكنّك تعرف عندما تسير الأمور بشكل غير صحيح.
والآن، أقول للأطفال المسلمين: "لا تخافوا من الذّهاب إلى إحدى مباريات كرة القدم". أعتقد أنّ هذه مسألة يجب أن ننظر إليها من كلا الجانبين. كنت خائفاً من أن يتمّ عزلي. فلا أريد أن أخسر زملائي؛ لأنّني أنظر إليهم كإخوة لي. والآن، خُمس سكّان العالم هم إخوتي وأخواتي.
يجب على المسلمين في إنجلترا توسيع أنشطتهم، ولعب كرة القدم، والذّهاب إلى المباريات. والأمر متروك لنا لندرك أنّنا في هذا معاً. وأفضل متحدّث عن ذلك هو محمّد صلاح.


بن بيرد، الغارديان

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:
https://www.theguardian.com/football/2019/oct/03/mohamed-salah-inspired-me-become-muslim-liverpool-islam



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية