"شهيد الشهامة".. ما هي قصة محمود البنا؟

مصر

"شهيد الشهامة".. ما هي قصة محمود البنا؟


23/10/2019

تصدرت قضية ما يعرف بـ"شهيد الشهامة – محمود البنا" الشارع المصري، وأصبح تريند (إعدام_راجح_قاتل_البنا)، منذ وقوع الحادث، الأول في مصر، كما تطرقت برامج تلفزيونية للجريمة وما حصل، ونشرت الصحف اليومية تفاصيل القضية التي أحالها النائب العام للقضاء.

اقرأ أيضاً: لماذا يميل المجتمع لاختلاق الأعذار للمتحرش؟
ودخل فنانون وإعلاميون ورياضيون على الخط إما بالحديث عن قضية قتل البنا، أو زيارة أسرة الضحية. في حين استغلت جماعة الإخوان وقنواتها ما جرى ودفعت بعناصرها لإثارة المشاكل ونشر أخبار كاذبة للترويج لعدم وجود العدالة للحكم في القضية.
بداية الجريمة
تعود أحداث القضية عندما رأى محمود البنا أحد زملائه وهو محمود راجح يتحرش بفتاة ثم يتعدى عليها بالضرب، فنشر كتابات له على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعى "إنستغرام" يدين فيها سلوك الجاني، مما أثار غضبه، فأرسل إليه رسائل تهديد، واتفق مع مجموعة من أصدقائه على قتله أثناء رجوعه من درسه يوم الأربعاء الموافق 9 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، ووفق ما ورد في تحقيقات النيابة المصرية، فإنّ الجناة تربصوا بالمجني عليه، ونفثوا في وجهه مادة حارقة، ولمّا سمع أصدقاؤه صراخه، هرعوا إليه وخلصوه من أيديهم، فركض محاولاً الهرب، إلا أنّ المتهمين تعقبوه وطعنوه بالسكين، ليلفظ أنفاسه الأخيرة قبل نقله للمستشفى.

تعود أحداث القضية عندما رأى محمود البنا أحد زملائه وهو محمود راجح يتحرش بفتاة ثم يتعدى عليها بالضرب

مكافحة ظاهرة التحرش بالفتيات في شوارع القاهرة كانت سبباً في هذه الجريمة، وأوضحت صحيفة "الوطن" المصرية أنّ محمود البنا تبنى حملة تحت عنوان "معاكسة الفتيات ليست من الرجولة"، وذلك يوم الثلاثاء 8 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، حسبما أوضح أحمد عبدالغفار أحد أقارب الضحية.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي الساحة الأولى لقضية قتل البنا؛ بل "وساهمت في التعجيل بجريمة القتل"، وفق محمد البنا والد الشاب محمود  "عاتب أحدهم على مغازلة إحدى الفتيات في الشارع والتحرش بها، فتطور الأمر إلى مشاجرة عبر حساباتهم الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتوعده أحدهم، ثم قتلوه في اليوم نفسه".
في يوم الخميس 10 تشرين الثاني (أكتوبر) تم تشييع جثمان محمود البنا، وسط ترديد عبارات "في الجنة يا شهيد"، "حقك مش هيروح يا شهيد".
مكافحة ظاهرة التحرش بالفتيات في شوارع القاهرة كانت سبباً في هذه الجريمة

العالم الافتراضي يشعل القضية
أسهمت السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي في نشر فيديو المشاجرة بين محمد أشرف راجح وإحدى الفتيات، وهي تحاول الهرب منه أثناء تحرشه بها، وهي الواقعة التي أدت إلى مقتل البنا، لتصبح حديث الرأي العام في مصر.
بعد الجريمة، انتشر هاشتاغ #راجح_ قاتل، كما دارت مناقشات كبيرة في منتديات وصفحات المشاهير، وأشعل ذلك نقل بعض المستخدمين لمحادثات بالواتساب، قيل عبر صفحات التواصل، أنّها منسوبة لجدّ المتهم الرئيسي الذي يعمل لواء شرطة، وهو يطلب من أحد الموظفين تزوير شهادة الميلاد والأوراق الثبوتية التي تثبت أنّ راجح لم يتعدَّ سن البلوغ، وهذا ما يعني إحالته لمحاكمة خاصة ستحيله لو ثبتت عملية القتل إلى محكمة الأحداث، التي ستحكم عليه بحكم مخفف.

بعكس التوقعات أحالت النيابة العامة المتهمين للمحكمة الجنائية وليس محكمة الأحداث

عقب انتشار تلك المحادثات أجلت محكمة جنايات الأحداث بشبين الكوم في محافظة المنوفية النظر في القضية إلى 27 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري للاطلاع على المستندات والتأكد من صحة سن القاتل، محمد أشرف راجح (18 عاماً) طالب، وزملائه إسلام عاطف (طالب)، وإسلام إسماعيل، ومصطفى محمد مصطفى ( 17 عاماً)، بحسب وسائل الإعلام المصرية.
وكان محامي المتهم (راجح) قد أعلن انسحابه من القضية وعدم حضوره جلسات المحاكمة، وطالب أعضاء هيئة الدفاع عن المجني عليه المكونة من 5 محامين، بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم.
ووفقاً لوسائل إعلام مصرية، كشفت تحريات الأجهزة الأمنية والقضائية، أنّ الطالب محمود البنا (18 عاماً)، أصيب بجرح طعني بفخذه الأيسر، وآخر قطعي أسفل عينه اليسرى، نتيجة التعدي عليه بسلاح أبيض من قبل المتهمين.

اقرأ أيضاً: قضية اللاعب عمرو وردة: هل ما جرى تحرش أم عرض وطلب؟
وفي حديث لفضائية "صدى البلد" طالب والد الضحية بمحاكمة عادلة للمتهمين بقتل نجله، مؤكداً أنّ المتهم الرئيسي في الواقعة، وفق قوله، "كان له العديد من الجرائم، ونظراً لثراء أسرته كانت الأمور تمر دون أن يكون هناك أي عقاب، الأمر الذي يخشى أن يضيع حق ابنه كباقي الوقائع"، على حدّ تعبيره، فيما رددت والدة البنا، عبارة "ابني مات علشان دافع عن شرف جارته" مؤكدة أنّ أقل شيء هو أن يتم إعدام القتلة وتحصيل حق نجلها.
الإخوان يدخلون على الخط
دخلت جماعة الإخوان وقنواتها على خط الحدث، محاولة الاستثمار في القصة، وادعّت قناة "مكملين" أن والدة محمود البنا قالت "إنّهم نقلوا ابنها وهو ينزف، وفي حالة خطرة إلى إحدى المستشفيات، لكنها رفضت استقباله وإنقاذه، وأنهم اضطروا للذهاب إلى مستشفى آخر لكنه فارق الحياة"، وهذا ما يتعارض مع تصريح آخر لوالدة القتيل وهي في مقابلة مع الإعلامية بسمة وهبة، أنّ زملاء ابنها أخبروها أن ابنها ينزف في المستشفى وأنّها حينما ذهبت وجدته قد فارق الحياة.

أسهمت مواقع التواصل بنشر فيديو مشاجرة المتهم وإحدى الفتيات وهي تحاول الهرب منه

وتداولت الصفحات الإخوانية محادثات تمت ما بين عائلة راجح وموظفين من الدولة، وقول جده إنه لن يُسجن أبداً، وزيادة في الإثارة ادّعى أتباع الجماعة أن الطالبة التي تم التحرش بها استدعيت من قبل جهات التحقيق، وأنّها اتهمت محمود البنا بالتحرش بها وليس محمد أشرف راجح، وهذا ما نفته والدة الفتاة؛ حيث قالت، لوسائل الإعلام المصرية، إنّ ابنتها حتى الآن لم تستدعَ من قبل النيابة العامة للشهادة و"كل ما أثير عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك لا أساس له من الصحة ومجرد شائعة فقط لا غير"، مؤكدة أنّه في حالة استدعاء النيابة العامة لها لن تتأخر بالشهادة في حق المجني عليه محمود البنا، الذي دافع عنها أمام المتهم محمد أشرف راجح، وأنّها ستظل مدينة طيلة حياتها للمجني عليه الذي أنقذ شرف نجلتها.
 النيابة العامة أكدت إجراء أعضائها تحقيقات سريعة وافية للوصول إلى حقيقة الجريمة

حسم الجدل
ورداً على ما يتردد بمواقع التواصل الاجتماعي بأنّ والد البنا، أو "شهيد الشهامة"، كما أصبح يُعرف، رفض مقابلة المحافظ، مطالباً بأن يكون الحق له بالحكم العادل والقصاص من القاتل وأن يتم المحاسبة لكل من تورط في قتل نجله، نظّم وفد من مجلس النواب زيارة لتقديم واجب العزاء لأسرة محمود البنا التي طالبت بأن يتم تعديل القانون الذي سيتم الاستناد إليه في قضية القاتل ويجعله يحاكَم في محكمة الأحداث.

دخلت جماعة الإخوان وقنواتها على خط الحدث محاولة استغلاله لبث أخبار غير صحيحة

في السياق ذاته، ألقت وزارة الداخلية المصرية، أمس، القبض على 22 إخوانياً بينهم فتاة، متهمة إياهم بتلقي تكليفات من الجماعة باستغلال الحادث لإثارة المواطنين، وعرض التلفزيون الرسمي اعترافات المتهمين صوتاً وصورة.
ورداً على ذلك قال الكاتب الصحافي، غالي محمد، في تصريح لـ "حفريات": ما يروجه الإخوان كلام غير واقعي؛ فكيف سيتم تزوير بطاقة وهناك أوراق من قبل في المدارس، يصعب التزوير فيها، خاصة تزوير الرقم القومي، لكن قضية البنا قضية رأي عام وليس غريباً أنّ يسعى الإخوان لاستغلالها بهذا الشكل.
وحول دعوات التظاهرات التي أطلقتها جماعة الإخوان، قال نائب رئيس تحرير مجلة المصور طه فرغلي: إنّ الجريمة التي حصلت بشعة بكل المقاييس ومطلوب توقيع أقصى عقوبة على المتهمين وفقاً لنصوص القانون، وهذا الذي طالبت به النيابة العامة في قرار الإحالة.
وأضاف في حديثه لـ"حفريات": "لكن فكرة المظاهرات والضغوط على القضاء فكرة مرفوضة، وإن كان التعاطف مع أسرة المجني عليه مطلوباً وبشدة في إطار ما يقال أيضاً عن ضغوط مقابلة من أسرة المتهم لقبول الدية".
وفاجأت النيابة العامة المراقبين بإحالة المتهمين للمحكمة الجنائية، وليس محكمة الأحداث، وفي بيان لها ناشدت بالتريث والتعقل واحترام القانون؛ وقالت إنّ "حضارات الدول لا تقوم إلا على احترام وإعلاء قيم الشرعية الإجرائية، وإن النيابة العامة في مقام مباشرتها إجراءات الدعوى ممثلة عن المجتمع؛ لن يكفيها أداء لأمانتها إلا المطالبة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين جميعاً، وتؤكد أنّه لا مجال لأي تدخلات من أي طرف كان؛ فالجميع أمام القانون سواء".
وإشارةً إلى ما يتم تداوله بوسائل الإعلام والتواصل المختلفة، فإنّ النيابة العامة أكدت إجراء أعضائها تحقيقات سريعة وافية للوصول إلى حقيقة الجريمة وإثباتها على مرتكبيها، استمعوا خلالها إلى شهود عيان رأوا الواقعة، وعكفوا على مشاهدة المقاطع المصورة لآلات المراقبة المنتشرة بأماكن حدوث الجريمة، واطلعوا على رسائل التهديد والوعيد المرسلة من المتهم محمد راجح إلى المجني عليه، وتحققوا من جميع ما قدم من مستندات رسمية بالدعوى بما لا يدع مجالاً للشك في صحتها؛ فضلاً عن استجواب المتهمين جميعاً ومواجهتهم بأدلة الإثبات، كما ندبت خلال تلك التحقيقات أطباء مصلحة الطب الشرعي، وخبراء الأصوات بالهيئة الوطنية للإعلام؛ للوقوف على حقيقة الواقعة بأدلة فنية دامغة، تطابقت وجميع الأدلة القولية التي حصلتها التحقيقات؛ وقدمت المتهمين جميعاً إلى المحاكمة الجنائية بعد وقوع الجريمة بأيام معدودة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية