المرأة اللبنانية تحطم الصورة النمطية وتصنع أيقونة الثورات العربية

لبنان

المرأة اللبنانية تحطم الصورة النمطية وتصنع أيقونة الثورات العربية


28/10/2019

منذ انتفاضة الشعب اللبناني، التي اندلعت يوم الخميس 17 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وهي تلفت انتباه العالم، بحضور المرأة القوي؛ في المظاهرات، والاعتصامات، والوقفات الاحتجاجية.
صحيح أنّ المتظاهرين نزلوا إلى الشارع رافعين شعارات تنتقد الوضع الاقتصادي المـتأزم في لبنان، وتنتقد فساد الحكومة، وتطالب بإسقاطها، إلا أنّ رقعة الاحتجاجات اتّسعت لتشمل مطالب كثيرة، أبرزها؛ مطالب حقوقية للمرأة اللبنانية.

اقرأ أيضاً: الإضراب يعمّ لبنان..
وضع المرأة اللبنانية ليس بهذه الصورة الوردية التي يعتقدها البعض من العرب، ممن امتلأت صفحاتهم على مواقع السوشيال ميديا بتعليقات، بعضها يشيد بحضور المرأة اللبنانية بالمظاهرات، والبعض الآخر كان يسخّف ويسطّح هذا الحضور من خلال تعليقات لا علاقة لها إلا بالمظهر والشكل الخارجي المتحرّر، الذي تظهر فيه المتظاهرات.
رقعة الاحتجاجات اتّسعت لتشمل مطالب كثيرة، أبرزها؛ مطالب حقوقية للمرأة اللبنانية

مقاومة الوصاية الأبوية
المرأة اللبنانية لا تختلف كثيراً عن المرأة العربية، من جهة معاناتها مع المجتمع الذكوري، والقوانين المجحفة بحقّها، هذا عدا عن الوصاية الأبوية التي تمارس عليها، وهناك بعض القوانين والتشريعات الموجودة في لبنان، خاضت منظمات نسوية وحقوقية معارك لتغييرها، لكنها إلى الآن لم تتغير، ونذكر، على سبيل المثال: حقّ منح الأم جنسيتها لأبنائها؛ فالأم اللبنانية إلى الآن لا تستطيع منح جنيستها اللبنانية لأبنائها، في حال كانت متزوجة من أجنبي، كما أنّ المرأة اللبنانية التي تنتمي للطائفة الشيعية، هي أسيرة قوانين وتشريعات المحكمة الجعفرية، والتي من ضمن قوانينها؛ أنّها لا تمنح الحضانة لأم الطفل في حال تطلقت من زوجها، سوى عامين للذكر، و7 أعوام للأنثى.

ناشطات لبنانيات يتحدثن عن المقولات والشعارات التي يستخدمنها في المظاهرات لتشجيع النساء مثل "الثائرات هنَّ الجميلات" و"ثوري فالثورة أنثى"

قبل أن ينتفض اللبنانيون في الشوارع بـ 12 يوماً، توفّيت الناشطة الحقوقية اللبنانية، نادين جوني، فجر الأحد 6 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، إثر حادث سير عنيف أثناء عودتها إلى بيروت على طريق الدامور.
ونادين جوني عانت من الزواج المبكر بدايةً، ثمّ حُرمت من حقّ حضانة ابنها "كرم"، ما جعلها تناضل من أجل حقّها وحقّ نساء كثيرات ممن ينتمين للطائفة الشيعية في لبنان، ضدّ القوانين والتشريعات الظالمة التي تُفرض عليهن من قبل المحاكم الجعفرية، وماتت نادين قبل أن تحصل على حقّ حضانة ابنها.
"حفريات" التقت بكاتبات وناشطات حقوقيات لبنانيات، ممن شاركن في الحراك بمختلف المدن والمناطق في لبنان، لتعرف آراءهنّ في دور المرأة اللبنانية في الانتفاضة الشعبية الحاصلة اليوم، والمطالب الحقوقية للمرأة التي برزت ضمن سياق المطالب التي طرحتها المتظاهرات في الساحات والميادين.
أحد الشعارات التي رفعتها محتجة من ذوي الاحتياجات الخاصة

ماذا قالت الصحفية اللبنانية ديانا مقلد؟
طرحنا على الصحفية اللبنانية، ديانا مقلد، بعض الأسئلة، وهي: كيف ترين تفاعل المرأة اللبنانية بالمظاهرات اليوم؟ فأجابت: "مشاركة اللبنانيات في الحراك هو ترجمة لحضورهنّ القوي في المجتمع بكافة الشرائح؛ جامعات وسوق عمل وحراك مدني ونشاط سياسي، اللبنانيات تظلمهن القوانين والطائفية، لكنّ حضورهنّ قوي وبارز، بالتالي؛ هنّ موجودات بالتظاهر لجهة التنظيم والتخطيط والتفاعل السريع. اليوم صباحاً؛ تضاعفت عمليات قطع الطرق، وخلال جولتي الصباحية وجدت عند نقاط قطع الطريق دوراً بارزاً للمتظاهرات، أنا سعيدة جداً بالحضور القوي للنساء اللبنانيات، ويجب أن يُترجم ذلك لاحقاً بحقوق وعدالة ومساواة.

مشاركة النساء في الحراك لم تكن الأولى في تاريخ لبنان إذ إنّ تاريخ المرأة اللبنانية حافل بالتحركات الشعبية

وسئلت ديانا: هل تعتقدين أنّ الاحتجاجات من الممكن أن تكون مدخلاً لتغيير قوانين مجحفة بحقّ المرأة، مثل: الزواج المدني، والحريات الشخصية، وحق الحضانة؟ فأجابت: "نعم، أعتقد أنّ القوة الهائلة التي ترجمها الحضور النسائي لا بدَّ أن تكون مدخلاً للضغط بشأن قوانين أكثر عدالة ومساواة كاملة، ما حصل من زلزال في لبنان، خلال الأيام الماضية، سيترجم على أكثر من جهة، وسيشكّل زخماً هائلاً لحراك حقوقي، بدءاً من الآن؛ نرى الكثير من التجمعات ترفع مطالب نسوية حقوقية، وبالتالي هذه حيوية تستحق البناء عليها.
وبسؤالها أيضاً: هل ترين أنّ الحراك النسوي يجب أن يتوسع أكثر على الأرض، أم يجب أن يكون متسقاً مع مطالب الثورة؟ أجابت: لا أعتقد أنّ الحراك النسوي غير منسجم مع الحراك السياسي، أعتقد أنّه متّسق معه تماماً، حتى في أكثر مظاهره تمرداً (رقص وغناء وشتائم)، البعض حاول أن يصوّب على اللبنانيات لجهة لباسهنّ ورقصهنّ وشتائمهنّ، لكن – في رأيي- هذه مظاهر صحية تشبه الحياة الفعلية، ولا أعتقد أنّ هناك أيّ تنافر أبداً.. ما نراه صحي جداً.
للكاتبة الصحفية بادية فحص قصة أخرى
وللكاتبة الصحفية، بادية فحص، قصة وعلاقة مختلفتَان مع الانتفاضة الشعبية، وما قبلها؛ إذ إنّ بادية فحص حُرمت من رؤية ابنها، إياد، 11 عاماً، بسبب قوانين وتشريعات المحاكم الجعفرية، وبتاريخ 20 الشهر الجاري؛ أي في اليوم الرابع لانطلاقة الانتفاضة الشعبية في لبنان، كتبت بادية على صفحتها الشخصية على الفيسبوك منشوراً قالت فيه: "اليوم قررت أن أنزل إلى الاعتصام بالنبطية، حاملة أمنية بقلبي عمرها 11 عاماً، فكتبت على كرتونة بيضاء صغيرة "بدي شوف ولدي"، ووقفت بين الناس، دقائق قليلة وصارت هذه الجملة المختصرة هي المظاهرة، طبعاً، النبطية مدينة صغيرة، ضيعة كبيرة، وهذا يعني أنّ الناس تعرف بعضها، وتتناقل قصص بعضها، وأنا حكايتي معروفة. بتجي صبية بتقلي إنها من شوي شافت ابني إياد، بيتحمس شب وبياخذ مني الكرتونة وبيضيف عليها أسماء ولادي، وبيعطيها لصبية بتحملها وبتوقف على المنصة، وبيصيروا الشباب والصبايا ينادوا: وينك يا إياد إمك هون بدها تشوفك، وبيدور التفتيش (...) ولأول مرة من 11 سنة ابني بلحمه ودمه بكون إدامي، ما عرفت شو بدي أعمل ولا شو بدي احكي، خفت أبكي وخفت أضحك، وخفت أفرح، وخفت أحضنه، وخفت قله إني مشتاقتله وإني بحبه، ما أنا ما بعرفه ولا هو بيعرفني ...".

بادية فحص
تتحدث بادية، في تصريح لـ "حفريات"، عن الانتفاضة الشعبية، وما تمثلها لها شخصياً، وما يمكن أن يكون لها تأثير على قضيتها الشخصية، فتقول: "على الصعيد الشخصي، وجدت أنّ هذا الحراك فرصة لي لإيصال صوتي، ليس فقط للعالم، بل لابني، إياد؛ لأنّني أحسست من داخل قلبي، بأنه سيكون موجوداً في الحراك، ولأنّ الشباب الذين من عمره، كانوا موجودين، هو يبلغ من العمر الآن 14 عاماً. خلال تواجدي في ساحة الاعتصام وقتها، عدت للبيت، بيتي قريب من الساحة، وكتبت على ورقة بيضاء "بدي شوف ولادي... إياد وعلي" وعدت إلى الاعتصام ورفعت الورقة، وحدث ما كتبته في منشوري على الفيسبوك".
الأمهات المحرومات من رؤية أبنائهنّ
وتتابع بداية: "الحراك شكّل بالنسبة إلى النساء التي مثلنا، أي الأمهات المحرومات من رؤية أبنائهنّ، أو من حضانة أبنائهنّ، شكّل فرصة أو منبراً لهنّ لإيصال صوتهنّ للعالم، ولإيصال صوتهنّ لأبنائهنّ، بأنّهنّ يخضن معارك من أجل رؤيتهم، بعكس الصورة التي زرعت في أذهانهم، أما عن الآمال المتوقعة، بأن يحدث تغيير، من خلاله نستطيع أن نحقق مكاسب في هذا الحراك، بالنسبة إلي؛ أنا فاقدة الأمل كلياً، وليس فقط في هذا الحراك، وحتى بعد الحراك، وحتى بعد أعوام من الحراك، لأننا أمام مؤسسة دينية حديدية متماسكة، عمرها مئات السنين، قائمة على التخلف والجهل، وترفض التغيير؛ لأنّ التغيير يهدّد سلطتها، ويهدّد هيبتها أمام الناس، الدكتاتور لا يتغير، ومجرد تغييره يصبح غير دكتاتور، ويتوجب عليه الاعتراف بحقوق كثيرة، وتميع شخصيته".

ديانا مقلد: القوة الهائلة التي ترجمها الحضور النسائي لا بدَّ أن تكون مدخلاً للضغط بشأن قوانين أكثر عدالة ومساواة

وتضيف بادية: "الصبايا والأمهات اللواتي يعملن في حملة رفع سنّ الحضانة عند الطائفة الشيعية، أمثال الناشطة النسوية الراحلة نادين جوني، وهناك الناشطة زينة إبراهيم، مضى على حملتهنّ 7 أعوام، وهن يعملن في هذا القضية، وإلى الآن، لم يتقدمن خطوة واحدة، باستثناء البطولات الفردية لبعض النساء اللواتي حاربن بشراسة للحصول على الحضانة، وكان ذلك على طريقة المافيات، التي طالبن فيها، ليس الحضانة بشكل كامل، إنّما برفع سنّ الحضانة من عامين إلى أربعة أعوام، تخيل فقط رفع سنّ الحضانة؛ أي إنّ الموضوع ما يزال ينظر إليه بشكل مبدئي، وإلى الآن لم يتقدمن خطوة واحدة، وأنا لا أقول أنهنّ لا يعملن على ذلك، إنما السؤال هو؛ نحن مع من نتحدث؟".
وترى بادية؛ أنّ "الأمل الوحيد في هذه الحياة، كي نستطيع إيجاد تغيير وتشريعات وقوانين جديدة هو الدولة المدنية؛ أن يكون هناك قانون مدني للأحوال الشخصية، تُحفَظ من خلاله حقوق المرأة، وأنا لست من النسويات اللواتي يطالبن بالمساواة مع الرجل؛ أنا أرى أنّ المرأة سابقة للرجل وأرقى منه"، بحسب تعبيرها.

اقرأ أيضاً: هناك شعب آخر في لبنان لا تعرفه سيد نصرالله
وتطالب بادية بالعدالة للنساء: "العدالة بالنسبة إليّ أهم من المساواة؛ يجب أن يكون هناك قانون مدني للأحوال الشخصية، يتعامل بعدالة، ويعطي المرأة حقوقها كاملة، ويعطيها حضانة غير مشروطة، إلا في حال لم تكن أهلاً للحضانة، وهذا تحدده المحكمة، ووفق آليات معينة، وغير ذلك، يجب إغلاق المحاكم الدينية والروحية جميعها، وإنهاء عملها، وفصل الدين عند الدولة".
وتنظر بادية للانتفاضة الشعبية اليوم على أنّها "حراك نسوي بالأساس، وترى أنّ "النساء فيه هنَّ القائدات، وهنَّ من يقفن في المقدمة، ومثل ما يقال "الثورة أنثى"، والثورة اللبنانية هي أنثى بكل المعاني، المرأة تنزل الشارع قبل الجميع، وتهتف قبل الجميع، ولا يهمها إن تعرّضت للمضايقات، قوية، واثقة من نفسها، وتعرف ما هي مطالبها، ومتوازنة، وهي غير ناسية لنضالها، ولمعركتها الأساسية، التي هي ضدّ الذكورية، وضدّ التمييز".
 الحراك النسوي في لبنان، أحدث نقلة نوعية وكبيرة في المظاهرات

الناشطة دونا نمور: النساء رائدات
أما الناشطة اللبنانية، دونا ماريا عفاف نمور، فقد اختارت مدينة طرابلس لترصد فيها الحراك النسوي، وحضور المرأة ضمن التظاهرات التي خرجت فيها في المدنية. تقول دونا: "في أغلب الوقت كنت أعمل على تغطية المظاهرات في مدينة طرابلس؛ لأنّ الحراك النسوي في هذه المدنية جديد، ورغم وجود الجمعيات النسوية، ورغم الوجود الطوعي الذي تركز عليه الجمعيات في الشارع، ما تزال المرأة اللبنانية في طرابلس، تعاني الضغط "الذكوري" من النظام الأبوي، الذي يظلمها دائماً، ويضعها داخل إطار، كأن يقول لها: "لا يمكنك المشاركة بجميع النشاطات الاجتماعية"، وهذا هو الشيء الذي انكسر في المظاهرات مؤخراً؛ فالحراك النسوي الذي يحدث الآن في طرابلس، جميل جداً، والنساء اليوم قادرات على المطالبة بحقوقهنّ، عندما نتحدث عن النظام الأبوي أمام النساء اليوم، على الأقل، هنّ يسمعننا".

اقرأ أيضاً: "كلّن يعني كلّن": هل يستكمل لبنان ثورته؟
وتتابع دونا حديثها: "أما بالنسبة إلى لبنان كاملاً، إذا لاحظتم، النساء رائدات؛ بقيادة المظاهرات والهتافات، وترديد الشعارات، وتوعية الناس، وهنّ دائماً في الواجهة، وهذا إذ دلَّ على شيء، فهو يدلّ على أننا، كنساء، بتنا على وعي ومعرفة بحقوقنا، ونعرف أنّ مطالبنا في هذه الثورة، وفي الحراك والمظاهرات، لا تقتصر على مطالبتنا بنظام اقتصادي جديد، لا، نحن نطالب بإسقاط نظام يقوم على تعزيز الطائفية في لبنان، وعلى تعزيز النظام الذكوري والأبوي في لبنان".

اقرأ أيضاً: مظاهرات لبنان: هل بدأ نظام المحاصصة الطائفية يتصدع؟
وتضيف دونا: "نحن نريد حقوقاً مدنية، وقانون أحوال شخصية مدني، وحقّ الحضانة لأطفالنا، ولا نريد أن تحكمنا الأديان ويكون القرار لها، بما نستحق وما لا نستحق؛ لذلك النساء موجودات على الأرض بقوة".
وترى دونا أنّ المرأة اللبنانية حاضرة دوماً بشتى الأشكال، عن طريق الإسعافات، وعن طريق الهتافات، وكتابة البيانات، أو التجول في المظاهرات، أو تنظيم الأمن.
تقول دونا: "أغلب النساء يقفن كحواجز بشرية بين القوى الأمنية والمتظاهرين؛ إذ جرت العادة في لبنان، أنّ القوى الأمنية لا تضرب النساء، بقدر ما تضرب الرجال، فنحن نستغل هذه النقطة، التي نعتبرها لا مساواة طبعاً، لكننا نستغلها لحماية المتظاهرين".

اقرأ أيضاً: هل يعلن نصر الله الجهاد على لبنان؟
وترى أنّ الحراك النسوي في لبنان، أحدث نقلة نوعية وكبيرة في المظاهرات: "نحن تقدمنا خطوات كبيرة للأمام، وأقلّها كان على صعيد التوعية، فما عدنا نخاف القول إنّنا نريد حقّنا في الحضانة، وإلغاء النظام الأبوي. أنا، كامرأة، يحقّ لي أن أكون مثل الرجل، متساوية في كلّ الحقوق، وكلّ هذا المطالب لم تكن بارزة على الساحة بهذه القوة من قبل".
وعلقت دونا على قضية الناشطة الراحلة، نادين جوني: "قضية نادين جوني لم تنتهِ بعد؛ إذ إنّ عائلة نادين تطالب عائلة طليقها في حقّها برؤية "كرم"، ابن نادين، لكنّ عائلة طليقها ترفض ذلك، ويقولون لهم: "تحقّ لكم رؤيته ثلاث ساعات في الشهر، وفي منزلنا حصراً"، هذا المنزل ذاته، الذي تعرضت فيه نادين للضرب والإذلال، قبل الطلاق من زوجها؛ لذلك قضية نادين ما تزال بارزة إلى الآن، ونحن ما نزال مستمرين في المطالبة بحقّ حضانة ابنها، وحقّ عائلتها في رؤيته".

 الناشطة النسوية الراحلة نادين جوني
وترى دونا أنّ حاجز الخوف انكسر الآن عند نساء كثيرات؛ "لو لاحظتم أيضاً تواجد رجال دين، من شيوخ وخوارنة، معنا في المظاهرات، هذا التواجد المشترك في الشارع، فتح المجال لوصول مطالبنا وأصواتنا لهم مباشرةً، لا توجد امرأة من النساء اللواتي تواجدن في المظاهرات، إلا والتقت بوجوه رجال دين، فطرحن حقوقهنّ أمامهم بكلّ حرية، ودون أيّ خوف".
الثائرات هنَّ الجميلات
وتتحدث دونا أيضاً عن المقولات والشعارات التي يستخدمنها في المظاهرات، لتشجيع النساء، مثل "الثائرات هنَّ الجميلات"، و"ثوري فالثورة أنثى"، ولنقول للمرأة: "وجودكِ لا يقتصر فقط على المنزل، والمطبخ، وتربية الأولاد فقط، إنّما أنتِ حرة، وأنتِ ثورة، وأنتِ يجب أن تكوني على الأرض، وأن تكوني قدوة، منك تخرج الحياة، ومنك النساء كلّها، ومنك يخلق الكوكب كلّه، أنتِ لستِ جزءاً من الرجل، أنتِ كلّ شيء"، بحسب تعبيرها.

اقرأ أيضاً: هل نحن فعلاً أمام ثورة في لبنان أم هناك قصة أخرى؟
تقول دونا: "نحن نعمل على هذه الأفكار، ومحاولة إيصالها لكلّ النساء، حتى يرفضن الظلم، ويتمردن، ويطالبن بحقوقهنَّ، من دون أيّ خوف، كما أننا لا يمكن أن ننسى المطالبة بحقّ المرأة، بإعطاء الجنسية لأبنائها، دون أيّ استثناء، كما حملة "جنسيتي كرامتي"، وكثير من الحملات التي تطالب بهذا الحقّ، استفادت جداً من الحراك الحاصل، واستمرار المظاهرات، التي كان في إحداها، فتاة تحمل لافتة كتبت عليها: "أنا ما بقدر آخذ جنسية أمي، بس فيي اتظاهر بثورتها".
سناء النميري، ناشطة لبنانية مغتربة، تعيش في ألمانيا منذ عشرة أعوام، أم لطفلين، وتعمل منذ أربعة أعوام في مجال الحقوق الاجتماعية في برلين، تقول لـ "حفريات": "جميع المظاهرات التي قامت في أنحاء عالمنا العربي، أثبتت أنّ المرأة هي أيقونة المظاهرات العربية التي حدثت طوال الفترة الأخيرة؛ من تونس، والسودان، وليبيا، ولبنان، وفلسطين. والمظاهرات الحاصلة في لبنان حالياً، كان الحراك النسوي حاضراً بقوة فيها، وهذا ليس غريباً، فمشاركة النساء في الحراك، لم تكن الأولى في تاريخ لبنان؛ إذ إنّ تاريخ المرأة اللبنانية حافل بالتحركات الشعبية، ولها تاريخ نضالي في هذا المجال".
المرأة والرجل في خانة واحدة
وتتابع سناء حديثها: "الثورة اللبنانية، اليوم، أثبتت أنّ المرأة والرجل في خانة واحدة، الاثنان سواء، الشراكة بين الرجل والمرأة ليست عبارة عن شعارات، بل هي موجودة في الشارع والساحات، والنساء شاركن بمختلف الأعمار في الحراك، ومن مختلف المناطق والميادين، الهتافات التي تخرج من حناجر النساء من قلب الساحات، والتي أثبتت أنّ صوت المرأة هو الثورة، والمرأة هي الثورة".

اقرأ أيضاً: نصر الله ولبنان: هيهات منّا الاستقالة!
وترى سناء؛ أنّ المواجهات التي تحدث بين المتظاهرين والبلطجية، أو الشبيحة، المرأة تكون هنا بمثابة الخطّ الفاصل بينهم، والتي تقف بوجه البلطجية والشبيحة" بحسب تعبيرها.
تقول سناء: "المرأة اللبنانية، اليوم، استطاعت أن تُظهر قواها الجسدية والبدنية في هذه المظاهرات، وأضف إلى ذلك؛ أنّ المرأة اللبنانية ما تزال تطالب بحقوقها المسلوبة، منها في لبنان من سنين طويلة، والحراك اليوم، كان مساحة لها، للتعبير عن كلّ القضايا، منها قضية الفساد داخل المحاكم الدينية، والعنف المجتمعي الذي تعاني منه، والتهميش، والذكورية الموجودة بكثرة بالمجتمع اللبناني، والعربي أيضاً، إضافة إلى حقّ المرأة بإعطاء جنسيتها لأبنائها، والمحاكم الدينية".

اقرأ أيضاً: ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"
وتستدرك: "بالطبع، لا ننسى نضال الناشطة الراحلة، نادين جوني، التي أصبحت رمزاً لنضال الأمهات، بوجه القمع والتمييز ضدّ النساء والفتيات في لبنان، والتي أمضت أربعة أعوام تناضل من أجل حقّ الحصول على حضانة ابنها، وللأسف ماتت، قبل أن تحصل على هذا الحقّ، ونحن واجبنا كسيدات لبنانيات، وغير لبنانيات، أن نستمر بهذا النضال".

الصفحة الرئيسية