هل إيران عنوان التحدي الأبرز لأمريكا؟

هل إيران عنوان التحدي الأبرز لأمريكا؟


10/11/2019

إيران عنوان التحدي الأمريكي الأبرز... هل يبدو هذا منطقياً؟
أعتقد ذلك؛ فبحسب تعبير كونداليزا رايس؛ هي التحدي الإستراتيجي الأخطر على أمريكا، وهي تشكّل حالة مزدوجة من ناحية كونها هدفاً في حدّ ذاتها، ومبرراً لأهداف أخرى، بمعنى أنّ الهدف الأمريكي من إيران هو كبح جماح تطور قدراتها النووية وإفشال مساعيها وأدوارها في العراق، وفي لبنان فيما يتصل بحزب الله، ووقف تنامي نفوذها وتقليص حجم محوريتها في المنطقة بشكل عام، وهي في الوقت ذاته مبرر وعنوان رئيس لأهداف أخرى، أهمّها بقاء أمريكا في المنطقة لأطول فترة ممكنة، وذريعة للتدخّل في لبنان بحجة ارتباط حزب الله بإيران.

اقرأ أيضاً: هل زادت فرص نشوب صراع عسكري بين إيران وأمريكا؟
ليس سهلاً على أيّ أحد القول إنّ من مصلحة أمريكا أن يبقى الخطر الإيراني قائماً، ليبقى معه كلّ هذا الاضطراب في المنطقة، إلا أنّ هذا الأمر ليس مستبعداً، بدليل أنّ أمريكا حريصة على أن يكون لها سبب أو عنوان أو مبرّر لوجودها، وكلّما انتهى سبب، استطاعت أن تخلق سبباً آخر.

أمريكا حريصة على أن يكون لها سبب أو مبرّر لوجودها وكلّما انتهى سبب استطاعت أن تخلق آخر

كان العراق سبباً كبيراً للوجود الأمريكي، وحتى لا تصل أمريكا في وقت من الأوقات إلى حالة تكون فيها مضطرة للخروج من العراق، ومن المنطقة، أوجدت عنواناً دائماً لها، يسمى "إيران"، وقدرة هذه الأخيرة على خلق الجدل وتثوير المجال السياسي العام في المنطقة، وأهمها سوريا ولبنان وحزب الله، كدولة موازية داخل الدولة.

الحرب التي وقعت فعلاً هي الحرب على العراق، والحرب التي تقع باستمرار هي الحرب على إيران، من جهة الولايات المتحدة الأمريكية أولاً، ومن جهة الشعوب التي بدأت تعيد صياغة مواقفها من المسلّمات التي حشرت عنوة في وعيها، مثل وعي الممانعة والمقاومة فيما يتصل بحزب الله تحديداً، الذراع الإيراني الخطير، في خاصرة لبنان.
أياً كانت التحليلات والتوقعات فإنّ قرار إبقاء المشهد الإيراني مفتوحاً على احتمالات متعددة، متصل بالمشهد العام في المنطقة برمّتها، "العراق وسوريا ولبنان" على وجه التحديد، لذا كان الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج دبليو، على سبيل المثال، ممتلئاً بقناعة أنّ إيران لا يجدي معها أيّ جهد دبلوماسي، ومع ذلك بقي دبلوماسياً معها إلى حدّ ما، كذلك الحال مع دونالد ترامب الذي لا يمكن اعتبار قناعاته أسباباً كافية للحرب، ولا للسلام؛ إنّه يبدو كما لو أنّه يعتنق مبدأ الحرب أو اللاحرب، وليس الحرب أو السلام، وثمة فارق كبير بين المبدأين، أن تبقى إيران بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، في حالة الحرب أو اللاحرب، أما مسألة السلام فتلك فكرة لا يمكن الإيمان بها في أجواء مشحونة بالمصالح غير المنجزة للقوى العالمية ولشعوب المنطقة أيضاً، تلك الشعوب التي بدأت تقرأ عناوين مصالحها وخياراتها جيداً، كما حدث في تونس، وكما يحدث اليوم في لبنان عبر انحياز الشعب الخارج في الشوارع لمصالحه، وليس لفئاته السياسية، أو لتكتلات السلطة ومحاصصات نفوذها.

قرار إبقاء المشهد الإيراني مفتوحاً على احتمالات متعددة متصل بالمشهد العام بالمنطقة برمّتها وعلى وجه التحديد بالعراق وسوريا ولبنان

عبث إيران في هوامشها سيؤول حتماً إلى نتائج وخيمة عليها، وليس لها، سواء أكان ذلك في وقت قريب أم بعيد، فليست إيران الوحيدة التي تتقن فنّ إدارة الزمن، واللعب البطيء، إنّ خمسة عشر يوماً في الشوارع ليست فترة طويلة، وليست قصيرة أيضاً، إذا كانت المسألة تعبيراً عن حالة رفض عام، أعني احتجاجات الشعب اللبناني، لكنّها مؤشر على أنّ الشعب اللبناني جادّ وحاسم في وقف العبث بمصالحه ومستقبله، لصالح أجندات سياسية متصلة بمصالح خارجية وأذرع عسكرية أيضاً مرتبطة بمصالح خارجية.

اقرأ أيضاً: أمريكا تعاقب إيران على هجوم أرامكو.. بهذه الطريقة

أختم المقالة بأنّ الخبراء الأمريكيين الذين حاولوا سابقاً الركون للرأي القائل إنّ إيران، مع ما تسبّبه من قلق، فإنّها لا تسعى باتجاه جعل المنطقة أكثر اضطراباً؛ لأنّ ذلك لا يوحي بأنّه يخدم مصالحها وتوجهاتها، ربما أدركوا كم كانوا واهمين، أو لم يدركوا، ذلك شأنهم، لكنّ شواهد المنطقة التي تحتضن هوامش إيران، تؤكد أنّ العبث الإيراني الذي تأسس، سياسياً وعسكرياً، في عدد من الدول، يقدم نتائج بالجملة، فإيران متن مهم من متون السياسة الأمريكية، بينما العراق وسوريا ولبنان هوامش.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية