صفحات من التاريخ المجهول لليابان الفاشية.. هل تعرفها؟

اليابان

صفحات من التاريخ المجهول لليابان الفاشية.. هل تعرفها؟


01/12/2019

بعد أكثر من سبعة عقود على انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما تزال هوليوود تستعرض الممارسات النازية البشعة التي ارتكبت بحقّ العديد من الأقليات الأوروبية من قبل الجيش الألماني، لكن ما تغفله السينما، هو أنّ ألمانيا لم تكن وحدها، وأنّ هتلر ليس أبشع الزعماء المجرمين بحقّ البشرية، فقد ارتكبت إمبراطورية اليابان وجيشها فظاعات بحقّ الشعب الصيني والشعوب الآسيوية من دول الجوار، وجرائم ربما تتفوق على ما قام به هتلر.

 

 

اليابان الفاشية
تزامناً مع صعود اليمين المتطرف في أوروبا، قبيل الحرب العالمية الثانية، امتلكت اليابان (إحدى أصغر الدول الآسيوية) إمبراطوراً لا يقل دموية عن هتلر وموسوليني، بسط نفوذه على القارة الآسيوية بأكلمها، فقد نُصِّب الإمبراطور الياباني "هيروهيتو" حاكماً على اليابان، العام 1926، وهو ابن خمسة وعشرين عاماً، وظلّ في الحكم حتى وفاته، العام 1989، وخلال الحرب العالمية الثانية تحالف مع هتلر في ألمانيا، وبدأت حملة سياسية من الشعارات القومية والعسكرة، التي بدأ تطبيقها بشنّ هجوم على كلّ جيرانه الآسيويين، فعندما تولى هيروهيتو العرش، كان قد صدر للتوّ قانون اقتراع عام للذكور، وكانت الأحزاب السياسية على وشك الوصول إلى ذروة سلطاتها قبل الحرب، لكن سرعان ما تسبّب الاقتصاد المتدهور، والنزعة العسكرية المتزايدة وسلسلة من الاغتيالات السياسية في أزمة للحركة المؤيدة للديمقراطية.

رتكب الجيش الياباني فظاعات بحقّ الشعب الصيني والشعوب الآسيوية تتفوق على ما قام به هتلر

وبدأ حكم هيروهيتو، الذي كان أعلى سلطة روحية في البلاد، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وتمّ إطلاق النار على رئيس الوزراء، وأصيب بجروح قاتلة.
وفي العام 1932؛ تمّ اغتيال رئيس وزراء آخر على يد ضباط البحرية الذين ضاقوا ذرعاً من معاهدة الحدّ من عدد السفن الحربية اليابانية، ومنذ ذلك الحين؛ جاء جميع رؤساء الوزراء تقريباً من الجيش بدلاً من الأحزاب السياسية، التي تمّ حلّها تماماً.

الإمبراطور الياباني "هيروهيتو"
حدث المزيد من العنف السياسي العام 1935، عندما قام ضابط برتبة مقدم من الجيش، بإعدام جنرال حتى الموت بسيف من الساموراي، وفي العام 1936؛ تمرّد أكثر من 1400 جندي في طوكيو، وتمّ الاستيلاء على وزارة الدفاع وقتل العديد من السياسيين رفيعي المستوى، ووفقاً لتقرير نشرته شبكة الإذاعة الأمريكية عن فترة حكم هيروهيتو؛ فإنّه بحلول العام 1931، كان صراع اليابان مع الصين ينمو، خاصّة بعد أن بدأ ضباط الجيش الياباني ما تسمى بـ "حادثة منشوريا"، فأحدثوا تفجيراً في السكك الحديدية وألصقوه بقطاع الطرق الصيني.
احتلال الصين
استخدم الجيش الياباني ذلك الحدث كذريعة للسيطرة على منشوريا في شمال شرق الصين، وإقامة دولة هناك، وسرعان ما تبعتها رحلات استعمارية إلى مناطق أخرى من البلاد، وبحلول العام 1937 اندلعت الحرب، وقتل الجيش الياباني ما يقدر بنحو 200 ألف مدني في مدينة نانكينغ وحولها.

خلال الحرب العالمية الثانية تحالفت طوكيو مع هتلر وبدأت حملة سياسية من الشعارات القومية والعسكرة

وفي كتابه "إمبريالية اليابان في الحرب العالمية الثانية"، يوضح الكاتب الأسترالي، ويرنير غرول؛ أنّ "الاغتصاب كان شائعاً في تلك الفترة من الجيش الياباني لنساء الصين، وتمّ جلب النساء من جميع أنحاء المناطق التي تسيطر عليها اليابان في آسيا للعمل كبغايا، ولم يتسامح هيروهيتو مع الجوانب الأكثر إثارة للاشمئزاز من الغزو، لكن ربّما لأنّه كان قلقاً من أن الجيش سيجعله يتنازل ففشل في معاقبة المسؤولين، أو فرض عقوبات على استخدام الأسلحة الكيميائية واقتلاع الفلاحين من أراضيهم، كما يخبرنا الكتاب بأنّ الإمبراطور قد وقّع اتفاقية مع الثنائي "هتلر وموسوليني"، العام 1940، لمساعدة بعضهم في حال تعرّض أيّ منهم لهجوم من قبل دولة غير متورّطة في الحرب.

كتاب "إمبريالية اليابان في الحرب العالمية الثانية"

إثر ذلك أرسلت اليابان قوات لاحتلال الهند الصينية الفرنسية، واستجابت الولايات المتحدة للعقوبات الاقتصادية، بما في ذلك فرض حظر على النفط والصلب، وبعد أكثر من عام، وافق هيروهيتو على قرار حكومته بمهاجمة الأمريكيين، وفي 7 كانون الأول (ديسمبر) 1941 قصفت الطائرات اليابانية القاعدة البحرية الأمريكية في بيرل هاربور بالقرب من هونولولو/ هاواي، ودمّرت 18 سفينة، وقُتل في هذا الهجوم حوالي 2500 أمريكي، لتعلن الولايات المتحدة الحرب على اليابان وحلفائها بعد يوم واحد، وخلال الأشهر السبعة التالية، احتلت اليابان جزر الهند الشرقية الهولندية وسنغافورة البريطانية وغينيا الجديدة والفلبين، وعدداً من المواقع الأخرى في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ.

اقرأ أيضاً: الوجه الآخر لليابان الذي نغضّ الطرف عنه
في كتابها "الرعب الخفي: جرائم اليابان في الحرب العالمية الثانية"؛ تسرد الصحفية اليابانية المقيمة في واشنطن، يوكيكو تاناكا، سلسلة من الجرائم البشعة التي ارتكبت بحقّ الصينيين من قبل الجيش الياباني؛ إذ قامت  القوات اليابانية بعمليات قتل جماعية واغتصاب وسرقات ونهب وإشعال حرائق عن عمد وجرائم ضد السكان المدنيين في نانكينغ، وأجرى ضابطان يابانيان، هما: توشياكي ميكاي، وتيسيوشي نودا، مسابقة خلال المسيرة إلى نانكينغ ليقررا أيّاً منهما سيقتل ما مجموعه 100 صيني باستخدام سيفه، واستمر كلاهما في المسابقة، وتجاوزا العدد المستهدف، ليقررا تمديد العدد الإجمالي إلى 150، وفي نهاية المطاف تمت محاكمة الضابطَين وإدانتهما بجرائم حرب بعد النجاة من الحرب، وأُعدما رمياً بالرصاص.

 

الوجه المجهول لليابان
خلال تلك الحرب المروعة؛ تمّ اغتصاب أكثر من 20 ألف امرأة صينية على أيدي القوات اليابانية، وقُتلت معظم هؤلاء الضحايا، كما تمّ تشويه أجسادهنّ باستخدام أعواد من الخيزران أو الحراب.
وكانت "الوحدة 731" التابعة للجيش الياباني في ولاية مانشوكو، تستخدم لإجراء تجارب الأسلحة البيولوجية والكيميائية، سجناء صينيين وسوفييت، وغيرهم من الحلفاء، للدراسة، وإعدام الذين نجوا من التجارب بشكل روتيني.

اقرأ أيضاً: قصة الإسلام في اليابان
وتختلف تقديرات عدد المدنيين الصينيين وأسرى الحرب الذين قتلوا على أيدي القوات اليابانية؛ حيث زعمت المصادر الصينية أنّهم أكثر من 300 ألف، والمصادر الغربية تتحدث عن قرابة 200 ألف، بينما تنكر العديد من المصادر اليابانية مدى المذبحة، بدعوى أنّ تقارير الحدث كانت مبالغة من قبل الصينيين.
يذكر أنّه حتى العام 2005، لم تكن كتب التاريخ، المستخدمة في المدارس  اليابانية تشير إلى هذه المذبحة، أمّا الموقف الياباني الرسمي يخبرنا بأنّه على الرغم من وقوع بعض عمليات القتل للمدنيين، إلا أنّ الصينيين تجاوزوا هذا الحدث بشكل كبير وحلّت الثقة في العلاقات الصينية اليابانية اليوم.

خلال تلك الحرب المروعة تمّ اغتصاب أكثر من 20 ألف امرأة صينية على أيدي القوات اليابانية

وعلى عكس النازيين في أوروبا، الذين تركوا وراءهم سجلات مفصلة للأنشطة المماثلة التي سجلها السوفييت والحلفاء الغربيون، دمّر اليابانيون كثيراً من الأدلة التي تؤرخ لجرائم الحرب قبل وبعد استسلامهم للحلفاء.
وفي أعقاب الحرب، عرضت الولايات المتحدة الحصانة على أعضاء "الوحدة 731"، مقابل أيّ سجلات لتجاربهم، وكانت تقع هذه الوحدة في "هاربين"، ثاني أكبر مدينة في مقاطعة مانشوكو، وتبين أن ضحايا التجارب كان يتمّ التخلص منهم عن طريق الحرق، كان بعضهم مصابين بأمراض متعمدة، وبعد ظهور الأعراض تعرضوا للتشريح، دون أيّ تخدير، أجريت هذه التجارب على الرجال والنساء والأطفال، وكانت دائماً قاتلة، وغالباً ما تمّ اغتصاب السجينات قبل استخدامهنّ للتجربة، وأحياناً كجزء من التجارب، وأُجبر السجناء الآخرون على الحصول على قضمة الصقيع "مرض جلدي"، والتي تُركت دون علاج لتتحول إلى الغرغرينا.
بعد استسلام اليابان في الحرب العالمية، ساعدتها الولايات المتحدة في إخفاء جرائمها ضدّ الشعب الصيني، صاحب النصيب الأكبر من الجرائم، ورغم ذلك استطاعت اليابان، بفضل قوتها الثقافية وتحالفها مع أعداء الأمس، أن تمسح ما فعلت من الذاكرة الجمعية لشعوب العالم، الذي غضّ الطرف عن كلّ تلك الفظاعات غير الموجهة إلى (ذوي البشرة البيضاء)، ولا يكاد يذكر منها سوى بيرل هاربر أو معركة (Midway) المنسية التي أعادت هوليوود التذكير بها هذا العام بعمل ضخم!



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية