ما هي الجماعات الإرهابية الأخطر على مستوى العالم؟

ما هي الجماعات الإرهابية الأخطر على مستوى العالم؟


04/12/2019

ترجمة: علي نوار


شهد عام 2018 نشاطاً مطّرداً لجماعات إرهابية عدّة، لكن أكثرها خطورة كانت حركة طالبان، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروف باسم "داعش"، وفرع تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان وجماعة بوكو حرام؛ حيث إنّها كانت الأكثر دموية وأوقعت عدداً أكبر من الضحايا.

اقرأ أيضاً: ذئب جسر لندن.. كيف أربك عثمان خان إستراتيجية مواجهة الإرهاب؟
وإجمالاً كانت هذه الجماعات مسؤولة عن مصرع تسعة آلاف و223 قتيلاً في هجمات إرهابية؛ أي ما يمثّل 57.8% من إجمالي ضحايا الإرهاب عام 2018. وفي العام 2012؛ أي قبل تصاعد وتيرة النشاط الإرهابي على مستوى العالم، تسبّبت هذه الجماعات الأربع في مقتل 29% من إجمالي ضحايا الإرهاب. أما قبل 10 أعوام، فقد كانت حركة طالبان هي الوحيدة التي لها وجود من بين التنظيمات الأربع المُشار إليها.

 

 

إنّ تحديد الجماعات الإرهابية الأنشط والمسؤولة عن الرقم الأكبر من القتلى ربما يكون عملية صعبة، نظراً لأنّ الكثير منها يحظى بفروع في مناطق أخرى وكذلك تنظيمات تربط بينها علاقة تحالف أو حتى تعمل معاً تحت إمرة قيادة واحدة بشكل جزئي. ويعتمد التحليل الفصل بين الجماعات بحيث لن يجرى دمج أي تنظيم بفروعه الموالية له. فعلى سبيل المثال سيُقصد بـ "داعش" تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" فقط وليس "ولاية خراسان" أو "ولاية سيناء"، حتى مع الروابط القوية بين التنظيمين. وبنفس الطريقة ستُحسب جماعة "الشباب" كتنظيم منفصل وليس فرعاً لتنظيم القاعدة.

 

اقرأ أيضاً: داعش والقاعدة في السواحل الأفريقية: الشتات الإرهابي واحتمالات المواجهة

شهد العقد المنصرم تصاعداً حثيثاً في النشاط الإرهابي هو الأكبر على مدار الأعوام الخمسين الأخيرة. لكن من بين الجماعات الأربع الأكثر دموية وخطورة عام 2018 كانت طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية في خراسان هما اللتان شهدتا تزايداً في أنشطتهما الإرهابية في العام الأخير.

طالبان
نشأت حركة طالبان في أفغانستان عام 1994 وكانت تضم في عضويتها المجاهدين الذين سبق لهم القتال ضد الغزو السوفييتي في 1979 إلى جوار قبائل البشتون. سيطر عناصر طالبان على أفغانستان في العام 1996. وأعلنت الجماعة قيام إمارة إسلامية في البلاد ومنحت زعيمها صلاحيات رئيس الدولة حتى 2001 حين أسقط تحالف بقيادة حلف شمال الأطلسي (ناتو) النظام الذي كان يُعتقد أنّه يوفّر الملاذ لتنظيم القاعدة. لكن بعد سقوط ذلك النظام، عاودت الحركة تنظيم نفسها على الجانب الآخر من الحدود مع باكستان ومنذ ذلك الوقت قادت عمليات ضد الحكومة الأفغانية وقوات المساعدة الدولية بقيادة الولايات المتحدة.

 

 

ومنذ 2001 بدأت حركة طالبان تدريجياً في استرداد سيطرتها على الأراضي في أفغانستان. وبحلول عام 2018 قُدّرت المساحة التي يسيطرون عليها بـ15% من إجمالي 229 منطقة، بينما لا تزال 119 منطقة أخرى محلّ نزاع. كما ارتفعت وتيرة النشاط الإرهابي المنسوب لطالبان بشكل ملحوظ في 2018 خاصّة بعد أن شنّت الجماعة هجمات في جميع ولايات أفغانستان وإحدى ولايات طاجيكستان.

ماذا حدث في 2018؟

في عام 2018 وصل عدد ضحايا العمليات الإرهابية التي نفّذتها حركة طالبان إلى رقم قياسي جديد. حيث أسقطت الحركة ستة آلاف و103 قتلى ذلك العام؛ أي بزيادة 71% مقارنة بحصيلة ضحاياها عام 2017. وبهدف تعزيز موقفها في مفاوضات مستقبلية من أجل السلام، اندفعت طالبان في جهود دموية لكسب مزيد من الأراضي عام 2018.

ارتفع العدد الإجمالي للهجمات التي شنّتها طالبان بنسبة 39% في العام الماضي ليصل إلى 972 اعتداء

وقد ارتفع العدد الإجمالي للهجمات التي شنّتها طالبان بنسبة 39% في العام المنصرم ليصل إلى 972 اعتداء. وباتت الهجمات أكثر دموية بمعدّل 6.3 حالة وفاة لكل هجوم، مقارنة بـ5.1 في 2017. ويُعتقد أنّ نصف تعداد سكّان أفغانستان- أي 15 مليون نسمة- يعيشون بمناطق تنشط فيها طالبان أو تنفّذ فيها هجمات بصورة متكرّرة.
وبينما كان العام دامياً بسبب عمليات طالبان في أفغانستان، شهد نشاط فرع الحركة على الجانب الآخر من الحدود في باكستان تراجعاً ملحوظاً في عدد ضحايا الإرهاب. فقد نفّذت طالبان باكستان إجمالاً 57 هجوماً راح ضحيتها 102 قتيل؛ أي بانخفاض نسبته 56% مقارنة بـ2017.

 

 

وبحلول 10 آب (أغسطس) من العام 2018 كانت حركة طالبان قد ارتكبت الاعتداء الإرهابي الأكثر دموية في ذلك العام بالهجوم على مدينة غزنة في أفغانستان والذي أودى بحياة 466 شخصاً. وسعت الحركة على مدار 2018  للتوسّع في الأراضي التي تسيطر عليها عن طريق الحصار المسلّح للمدن الاستراتيجية، والتي كان لها بالغ الأهمية في حصول طالبان على أراضي وموارد لوجيستية استغلّتها في التخطيط وشنّ هجمات دامية.

اقرأ أيضاً: هل صعود اليمين المتطرف مرتبط حقاً بتنامي تيار الإرهاب؟

ومقارنة بعام 2017، يمكن بسهولة رؤية كيف أنّ حركة طالبان توسّعت فيما هو أبعد من ميادين القتال الواقعة بالشطر الجنوبي من البلاد وباتت تنشط حالياً في جميع ولايات الشمال والشرق والغرب الأفغاني.

التكتيك المُفضّل

كان الهدف الرئيس للحركة عام 2018 هو قوات الجيش والشرطة بنسبة 53% من الهجمات و59% من الضحايا. ولطالما كان التركيز على استهداف القوات النظامية ملمحاً أساسياً لعمليات طالبان كوسيلة لتقويض الدولة. ففي 2018 لقي ما لا يقلّ عن ثلاثة آلاف و600 عسكري مصرعهم جراء هجمات منسوبة للحركة. إلّا أنّ أغلب هذه الاعتداءات كانت تتمّ بشكل متقطّع، مثل؛ استهداف مباني ونقاط تفتيش أمنية، كما كانت الحركة مسؤولة كذلك عن سلسلة من الهجمات بالعبوات الناسفة.

أدرجت منظمة الأمم المتحدة "داعش" ضمن قائمة الجماعات التي تستخدم العنف الجنسي لأهداف استراتيجية وعلى نحو منهجي

على الجانب الآخر، قفز عدد الضحايا من المدنيين بنسبة 108%، من 548 قتيلاً عام 2017 إلى ألف و140 في عام 2018. ونُفّذت أغلب الهجمات ضد المدنيين بواسطة المتفجّرات والتي ارتفعت وتيرتها أيضاً بـ49% مقارنة بالعام 2017. فبعد تراجع نسبة الضحايا المدنيين عام 2017، يظهر اهتمام طالبان المتجدّد بالأساليب التوسّعية. وسقط أغلب القتلى المدنيين خلال عمليات واسعة النطاق للجماعة في قرى ومدن مثل غزنة وفراه.

لا تزال الهجمات بالأسلحة والقنابل أبرز الأساليب القتالية لطالبان. وبينما تراجعت نسبة الاعتداءات بالمتفجرات بصورة طفيفة، تزايدت الهجمات المسلّحة بنسبة 23%. بالمثل، تزايدت حالات الاختطاف بشكل ملحوظ بنسبة 92% مقارنة بعام 2017، وكانت في غالبيتها موجّهة لأفراد الشرطة والجيش، ثم المدنيين وراءهم.

 

 

"الدولة الإسلامية في العراق والشام"

للمرة الأولى منذ 2014، لا يأتي تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المعروف اختصارا باسم "داعش"- على رأس قائمة المنظّمات الإرهابية الأكثر خطورة في العالم. تعود جذور التنظيم إلى وحدات شعبية مسلّحة في العراق مطلع عام 2000، والتي كانت فيما بعد نواة لتنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق. وبعد تشكيله في 2010، ضمّ بقايا تنظيم القاعدة في العراق وأفراداً سابقين مستبعدين من ميليشيات (الصحوة) التي درّبتها الولايات المتحدة بغرض دعم العمليات الأمريكية الهادفة لتفكيك تنظيم القاعدة في العراق قبل خروج القوات الأمريكية عام 2010.

اقرأ أيضاً: مؤشر الإرهاب 2019: لماذا أفريقيا الأكثر تضرراً؟

كشف "داعش" عن نفسه رسمياً في 2014 حين أعلن زعيمه أبو بكر البغدادي قيام خلافة إسلامية في أجزاء من العراق وسوريا، وبعد السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي في شمال العراق، أصبح التنظيم مسؤولًا عن مقتل 27 ألف و947 ضحية. وتبلغ النسبة 80% في العراق، و17% في سوريا.

ماذا حدث في 2018؟

تسبّب "داعش" عام 2018 في مقتل ألف و328 شخصاً؛ أي بتراجع نسبته 69% مقارنة بالعام الذي سبقه و85% منذ وصوله لذروة وحشيته في 2016. يُعزى هذا الانخفاض الحاد في النشاط الإرهابي للتنظيم خلال العامين الماضيين بصورة أساسية إلى الانتصارات التي حقّقتها القوات المحلية والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، اللذان أنزلا هزائم عسكرية كبيرة بالتنظيم سواء في سوريا أوالعراق. وبخلاف نشاطه في الأراضي العراقية والسورية، تقلّصت رقعة عمله عالمياً أيضاً. ففي عام 2018 اقتصر نشاط "داعش" على خمس دول، رغم أنّه كان يحظى بوجود في 10 دول عام 2017، و15 دولة عام 2016.

 

 

كما أنّه على الرغم من شنّ تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق والشام لـ6% فقط من هجماته عام 2018 في سوريا، إلّا أنّ هذه الاعتداءات أسقطت 36% من ضحاياه في ذلك العام. وكان ذلك نتيجة لسلسة من العمليات الدامية في سوريا، وكذلك عدد ملحوظ من الهجمات الفاشلة في العراق. وأوقعت 38% تقريباً من الهجمات في العراق صفر ضحايا، بينما كانت حصيلة 25% من الاعتداءات قتيلاً واحداً. أما الاعتداء الأكثر دموية لـ "داعش" في عام 2018 فكان ذلك الذي وقع بمحافظة دير الزور السورية حيث هاجم 10 انتحاريين يستقلّون أربع عربات مفّخخة تجمّعاً من الأشخاص ليقع 51 قتيلاً.

جاءت "بوكو حرام" رابعة في تصنيف أخطر منظمة إرهابية في 2018 والأكثر دموية على مستوى أفريقيا جنوب الصحراء

بيد أنّ هزيمة "داعش" في العراق وسوريا وضعت حكومات العالم في مأزق لا سيما كيفية التعامل مع المواطنين الذين تركوا دولهم كي ينخرطوا في صفوف هذا التنظيم. ولا يزال آلاف المقاتلين الأجانب قابعين بمنطقة حرب تحت سيطرة تحالف "قوات سوريا الديمقراطية". لكن الكثير من الحكومات لا تبدو مرحّبة باستعادة مواطنيها المتطرّفين. فمن بين إجمالي 41 ألف و490 مقاتلاً أجنبياً تسنّى تسجيلهم، لم يتمكّن سوى 18% من العودة إلى بلدانهم الأصلية.

ورغم الانحسار الكبير في نشاط تنظيم "الدولة الإسلامية" بالعراق والشام، ما زال عدد أفرعه والتنظيمات الموالية له خارج العراق وسوريا آخذاً في التزايد، وكذلك عدد الجماعات التي أقسمت الولاء له. كما يستمرّ تأثير "داعش" في جنوب آسيا، ممثّلاً في تنظيم "الدولة الإسلامية"-ولاية خراسان- ثالث أخطر تنظيم إرهابي في 2018، وكذلك شمال وغرب أفريقيا عبر تنظيم "الدولة الإسلامية" في الصحراء الكبرى- تاسع أخطر تنظيم إرهابي.

 

 

التكتيك المفضّل

اكتسب "داعش" جزءاً من شهرته نتيجة عمليات الاختطاف وبتر الرؤوس التي ارتكبها بحق عدد من رهائنه، وبعضهم صحفيون عالميون، ونشر مقاطع فيديو لهذه الجرائم عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وعلاوة على استعماله التكتيكات الإرهابية "التقليدية"، أدرجت منظمة الأمم المتحدة "داعش" ضمن قائمة الجماعات التي تستخدم العنف الجنسي لأهداف استراتيجية وعلى نحو منهجي.

بوكو حرام

جماعة بوكو حرام أو المعروفة رسمياً باسم "جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد"، لا تزال تظهر مؤشّرات على تراجع نشاطها منذ وصوله لذروته في 2014. ورغم ذلك، لكنّها جاءت رابعة في تصنيف أخطر منظمة إرهابية في 2018، والأكثر دموية على مستوى أفريقيا جنوب الصحراء.

تتبنّى "بوكو حرام" استراتيجية حثيثة لتجنيد النساء والأطفال كإرهابيين انتحاريين وتفعل ذلك بالقوة أحياناً

فمنذ صعودها عام 2009، كانت بوكو حرام مسؤولة عن مقتل آلاف الأشخاص في جميع إقليم بحيرة تشاد بغرب أفريقيا. وتسبّب النشاط الجهادي السلفي المسلّح في مصرع 35 ألف شخص سقطوا خلال معارك، إضافة إلى 18 ألف نتيجة عمليات إرهابية منذ 2011، وبصورة رئيسة في نيجيريا. وتنشط الجماعة بشكل أساسي في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا، إلّا أنّها نفّذت بالمثل عمليات في بوركينا فاسو والكاميرون.

يُعدّ الطابع الديمغرافي أحد الخصائص المميّزة لجماعة بوكو حرام بين المنظّمات الإرهابية الأخرى؛ حيث يدخل في عضوية التنظيم وبنسب غير مألوفة النساء والأطفال. وتمثّل النساء نسبة الثلثين من الإرهابيين الانتحاريين في بوكو حرام، وواحدة من كل ثلاث نساء هن قاصرات.

 

 

ماذا حدث في 2018؟

أدّت الخلافات الداخلية إلى انقسام "بوكو حرام" لعدة فصائل تبدو متناحرة فيما بينها الآن. لكن الفصيل الأكبر هو "ولاية غرب أفريقيا" من تنظيم "الدولة الإسلامية" المرتبط بتنظيم "داعش" ويقوده أبو مصعب البرناوي. ومن الواضح أنّ تنظيم "الدولة الإسلامية"-ولاية غرب أفريقيا، يسيطر على الأراضي الواقعة على ضفاف بحيرة تشاد ويجمع الضرائب في شمال غربي نيجيريا. أما الفصيل الغريم لـ"ولاية غرب أفريقيا" فهو ذلك الذي يتزعّمه أبو بكر شيكاو. في المقابل، يركّز تنظيم "ولاية غرب أفريقيا" على استهداف القوات المسلّحة والموالية لحكومة نيجيريا، فيما يُعرف عن تنظيم شيكاو اعتباره لأي مسلم لا يبايعه كهدف محتمل. ويُعتقد أنّ هذا الاختلاف هو الدافع وراء الانقسام الذي حدث.

ومن حيث ضحايا جماعة "بوكو حرام"، فقد تراجعت النسبة بـ42% عام 2018 مقارنة بالعام الذي سبقه، وترتفع نسبة الانخفاض لـ89% إذا ما قورنت بذروة نشاط الحركة التي كانت في عام 2014. بالمثل، انخفض عدد الضحايا الذين يسقطون في كل اعتداء لـ"بوكو حرام" من 15 قتيلًا في الهجوم الواحد، إلى أربعة على مدار الأعوام الخمسة الأخيرة. لكنّ الحركة لم تغيّر مسرح عملياتها بشكل جذري، حيث وقعت 85% من هجماتها عام 2018 داخل الأراضي النيجيرية.

اقرأ أيضاً: زيادة عدد الدول المتأثرة بالإرهاب

وتتمثّل أكبر جهود مكافحة "بوكو حرام" في القوات المشتركة التي تعمل بالتنسيق مع الجيش النيجيري. وقد أسهمت العمليات التي شنّتها هذه القوات- من دول بنين والكاميرون وتشاد والنيجر إضافة إلى نيجيريا- عامي 2015 و2016 في تجريد "بوكو حرام" من مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت الحركة تسيطر عليها، فضلًا عن إضعاف الجماعة بشكل كبير. لكن ورغم استمرار القوات المسلّحة المشتركة في تحقيق الانتصارات المتتالية عسكرياً على حساب "بوكو حرام"، إلّا أنّ الجماعة كانت سبباً في مقتل 615 شخصاً خلال اشتباكات في الأشهر الثمانية الأولى فقط من عام 2019.

التكتيك المفضّل

تشتهر "بوكو حرام" بتفضيلها لتنفيذ هجماتها باستخدام العبوات الناسفة شديدة الانفجار، إضافة إلى العمليات الانتحارية. والأخيرة تحديداً تعُدّ تكتيكاً إرهابياً غير شائع في أفريقيا جنوب الصحراء. ورغم دمويتها، لا تُعتبر العمليات الانتحارية السبب الرئيس في مقتل ضحايا الجماعة؛ فأغلب الانتحاريين من الحركة لا يستطيعون تفجير القنابل التي يحملونها، وحتى إن تمكّنوا من فعل ذلك يكون معدّل القتلى أقلّ بكثير من جماعات إرهابية أخرى.

إلّا أنّ "بوكو حرام" نفّذت العدد الأكبر من الهجمات الانتحارية مقارنة بأي جماعة إرهابية أخرى عام 2018، وأسقط هذا النوع من الاعتداءات 19% من ضحايا "بوكو حرام"، مقارنة بـ38% لتنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق والشام.

اقرأ أيضاً: الإرهاب والسياحة: ذئاب تفترس الاقتصادات الوطنية

كما تتبنّى "بوكو حرام" استراتيجية حثيثة لتجنيد النساء والأطفال كإرهابيين انتحاريين وتفعل ذلك بالقوة أحياناً. وقد انتبه قادة الجماعة للمميزات الاستراتيجية الكامنة في تجنيد مزيد من النساء والقصّر. ففرص انكشاف أمر النساء أقل بكثير من مثيلتها بالنسبة للرجال، خاصة في دول تتشكّل قواتها النظامية بصورة كاسحة من الرجال وتوجد بها لوائح تميّز بين الجنسين، بينما يندر الاشتباه في الأطفال. وبالفعل كانت العمليات الانتحارية التي نفّذها أطفال ضد محطّات للحافلات أو أسواق تجارية، هي صاحبة الحصيلة الأكبر من القتلى إذا ما قورنت بتلك التي شنّها البالغون.

 

 

تنظيم "الدولة الإسلامية"- ولاية خراسان

يُعدّ تنظيم "الدولة الإسلامية"- ولاية خراسان فرعاً من تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق والشام، ينشط في أفغانستان وباكستان والهند. وبوصفه فرعاً من "داعش"، يسعى تنظيم "ولاية خراسان" لإقامة خلافة في إقليم خراسان الذي يشمل أجزاء من إيران وآسيا الوسطى وأفغانستان وباكستان.

ظهر تنظيم "ولاية خراسان" في 2014 على يد مسلّحين محليين وعناصر في حركة طالبان الباكستانية وأعضاء سابقين في جماعة "لشكر إسلام" أو "جيش الإسلام" السلفية الجهادية. ويتركّز الجانب الأكبر من نشاط "ولاية خراسان" الإرهابي في أفغانستان وباكستان، حيث راح ضحية هجماته ألفان و800 قتيل خلال 419 عملية إرهابية منذ عام 2014.

اقرأ أيضاً: ماذا تعني الهجمات الإرهابية في مجتمعات بعيدة عن الدين؟

وفي كانون الثاني (يناير) 2015، أقسم "ولاية خراسان" الولاء لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام". وبعد خسارة الأخير للأراضي التي كانت تخضع لسيطرته في كل من العراق وسوريا، سهّل تنظيم "الدولة الإسلامية" عمليات إرسال عناصره إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في خراسان" بأفغانستان. وبوصفه فرعاً لـ"داعش"، يعمل التنظيم على استلهام تكتيكاته في العمليات التي ينفّذها سواء محلّياً أو عالمياً. وقد حذّرت منظمة الأمم المتحدة من خطط إرهابية تم إفشالها في أوروبا عام 2018 وكان تنظيم "ولاية خراسان" يدبّر لشنّها.

لكن التوسّع الحثيث لـ"ولاية خراسان" في جنوب آسيا قوبل بعدائية من قبل التنظيمات الأصولية النشطة في المنطقة بالفعل، وعلى رأسها حركة طالبان. والواقع أنّ تصاعد وتيرة نشاط "ولاية خراسان" في أفغانستان يهدّد بوأد محادثات السلام بين "طالبان" والولايات المتحدة. وقُدّر عام 2018 أنّ تنظيم "ولاية خراسان" يمتلك قوات مقاتلة يتراوح قوامها بين 600 و800 فردًا، ما يعدّ تراجعاً كبيراً مقارنة بعام 2016 حين كان التنظيم يحظى بعدد يتراوح بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف مقاتل.

 

 

ماذا حدث في 2018؟

كان 2018 هو العام الأكثر دموية بالنسبة لتنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان". فقد ازداد عدد ضحايا هجماته الإرهابية بنسبة 24% حيث قفز الرقم من 891 قتيلاً عام 2017 إلى ألف و60 قتيلاً عام 2018. ومن بين ألف و60 من ضحايا التنظيم، سقط 75% جراء عمليات شنّت على الأراضي الأفغانية. وتأتي باكستان في المركز الثاني بـ241 قتيلاً، تليها الهند بخمسة قتلى. ولا يزال تنظيم "ولاية خراسان" هو ثاني أكثر تنظيم دموي في جنوب آسيا للعام الثالث على التوالي.

اقرأ أيضاً: الذئاب المنفردة: هل هو إرهاب عشوائي بالفعل؟

وعلى الرغم من ارتفاع عدد الضحايا، إلّا أنّ عدد الهجمات انخفض، ما يرفع بالتالي معدّل الضحايا لكل هجوم ويزيد من وطأة خطورة "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان". فقد نفّذ التنظيم 125 هجوماً عام 2018، مقارنة بـ148 اعتداء في العام 2017. وأخذ معدّل الضحايا لكل هجوم في الازدياد بشكل مستمر، من قتيل واحد لكل عملية، وصولاً إلى 8.5 ضحية لكل هجوم في 2018.

أما في باكستان، فقد ارتفع معدّل الضحايا بشكل مأساوي من 6.3 ضحية لكل هجوم عام 2017 إلى 12.1 ضحية لكل هجوم في 2018.

لكن، واعتباراً من 2018، تعرّض التنظيم لضغط عسكري مكثّف من قبل قوات الأمن الأفغانية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. بيد أنّ "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" لا يزال يحتفظ بوجود في شرق وشمال أفغانستان، فضلاً عن خلايا نائمة في العاصمة كابول، وكذلك في مدينتي هرات وجلال أباد. بينما يقع الجانب الأعظم من العمليات المنسوبة لـ"ولاية خراسان" بولاية ننكرهار في الشرق الأفغاني حيث يتمتّع التنظيم بهيمنة مطلقة. فيما سقط أغلب ضحايا "ولاية خراسان" عام 2018 بكابول في أفغانستان وبارتفاع قدره 61% مقارنة بعام 2017.

 

 

التكتيك المفضّل

على غرار "داعش"، يعتمد تنظيم "ولاية خراسان" بصورة كبيرة على القنابل والمتفجّرات في عملياته بنسبة 59%. وقد أودت هذه الهجمات بحياة 881 شخصاً في عام 2018. بالمثل، يشنّ التنظيم اعتداءات بالأسلحة النارية وعمليات قتل واختطاف بحقّ المدنيين وقوات الشرطة والجيش وأهداف حكومية. ومن 125 هجوماً وقعت عام 2018 كانت 36% منها انتحارية؛ أي ما يمثّل ارتفاعاً بمقدار 50% مقارنة بالعام الذي سبقه. وقد أوقعت العمليات الانتحارية بالعبوات الناسفة التي ارتكبها "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" في أفغانستان 9% من إجمالي ضحايا العمليات الإرهاب في مجملها عام 2018.

لا يزال تنظيم "ولاية خراسان" هو ثاني أكثر تنظيم دموي في جنوب آسيا للعام الثالث على التوالي

واستهدفت أغلب عمليات "ولاية خراسان" المدنيين بصورة رئيسة حيث سقط 292 ضحية، بزيادة 139% في 2018 عن العام الذي سبقه. وبينما ارتفع عدد الضحايا من المدنيين، انخفضت وتيرة العمليات ضدهم من 47 هجوماً عام 2017 إلى 32 اعتداء عام 2018. ومثله في ذلك مثل "داعش"، ينتهج "ولاية خراسان" العنف الطائفي؛ حيث يركّز عند استهدافه المدنيين على أبناء الطائفة الشيعية من المسلمين.
وفي أفغانستان، كثّف تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" من عملياته ضد الأهداف الحكومية، ليتضاعف عددها في 2018 عما كانت عليه في 2017. وفي ننكرهار، ارتفعت وتيرة العمليات الموجّهة ضد الحكومة بنسبة 240% خلال 2018، بينما تراجعت حدّة الاعتداءات التي تستهدف المدنيين بنسبة 35%. وكانت أغلب الاعتداءات التي ضربت أهدافاً حكومية رداً على الانتخابات البرلمانية التي أجريت في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 حين قُتل 156 شخصاً في كابول.


مصدر الترجمة عن الإسبانية:

https://bit.ly/33KJ31e



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية