قانون تفكيك نظام الإنقاذ.. هل ينقذ السودان من تركة الإخوان؟

السودان

قانون تفكيك نظام الإنقاذ.. هل ينقذ السودان من تركة الإخوان؟


15/12/2019

أجاز مجلسا الوزراء والسيادة في السودان الأسبوع الماضي قانون تفكيك نظام الإنقاذ لسنة 2019 المكوّن من خمسة فصول، وقد احتوت المادة الثانية عن نص يفض الاشتباك عند حدوث أي تعارض بين القانون المذكور وأي قوانين أخرى تم سنّها في عهد النظام البائد يُمكن أن تعيق سريانه ونفاذه، تقول المادة: "تسود أحكام هذا القانون وتعلو نصوصه عند التعارض على أي قانون آخر".

خبير قانوني: أهم مادة التي تمنع رموز الإخوان من ممارسة العمل السياسي لمدة لا تقل عن عشرة أعوام

واعتبر كثيرون أنّ قانون تفكيك نظام الإنقاذ أكبر خطوة في سبيل تحقيق أهداف الثورة؛ حيثُ ما تزال الدولة الإخوانية العميقة متحكمة في مفاصل الدولة وأجهزة الأمن والقطاع الاقتصادي، ما يعيق عمل الحكومة الانتقالية ويعرقله، وقد احتفى السودانيون وخرجوا في مظاهرات داعمة ومؤيدة للقانون الجديد، فيما رفضه حزب المؤتمر الوطني (الإخواني) وهدد بالتظاهر ضده وإسقاط الحكومة، معتبراً إياه محاولة لمصادرة حق الجماعة في التعبير عن نفسها، والمنافسة الديمقراطية الحرة، خاصة وأنّ المادة السادسة منه قضت بحل الحزب وواجهاته وحذفه من السِجل، فيما نصت المادتان السابعة والثامنة على مصادرة ممتلكاته وأصوله لصالح حكومة السودان، مع منع كافة رموز الإنقاذ (الإخوان) من ممارسة العمل السياسي لمدة لا تقل عن عشرة أعوام تسري من تاريخ إجازة القانون.
وكان رئيس الوزراء الانتقالي عبد الله حمدوك صرّح في تغريدة له على (تويتر) عقب إجازة القانون قائلاً: "إنّ قانون تفكيك النظام البائد وإزالة التمكين ليس قانوناً للانتقام، بل هو من أجل حفظ كرامة هذا الشعب بعد أن أنهكته ضربات المستبدين، وعبثت بثرواته ومقدراته أيادي بعض عديمي الذمة"، مضيفا أنّ هذا القانون يرمي إلى "استرداد الثروات المنهوبة من خيرات الشعب".

تفكيك وعزل سياسي
في هذا السياق قال الخبير القانوني، محمود الباقر، إنّ قانون تفكيك النظام "لا تشوبه شائبة ولا يكتنفه عيب من الناحية القانونية التقنية"، موضحاً في حديثه لـ"حفريات": لربما يجادل البعض عن المادة الرابعة من الفصل الثاني للقانون التي تتحدث عن الجهة المنفذة للقانون والمتمثلة في "لجنة تفكيك نظام الإنقاذ" والتي يتولى رئاستها أحد أعضاء مجلس السيادة، ويكون له رئيس مناوب يختاره مجلس الوزراء من أعضائه، وتضم اللجنة في عضويتها وزراء العدل والداخلية والصحة وجهاز الاستخبارات وبنك السودان، وخمسة آخرين يختارهم رئيس الوزراء، بأنّها لجنة سياسية أكثر مما هي قانونية، لكن الأمر ليس كذلك، فاللجنة ليست لها صبغة قانونية وإنما هي جهة تنفيذية فقط، تتولى متابعة وتنفيذ الأحكام الصادرة في القانون أو الأحكام القضائية في هذا الصدد.

اقرأ أيضاً: السودان يغلق صفحة الإسلاميين بقانون للتفكيك وإنهاء التمكين
يتابع الباقر: أهم مادة في هذا القانون قد تثير جدلاً كبيراً، هي المادة المتعلقة بالعزل السياسي والتي تنص على حلّ حزب المؤتمر الوطني الحاكم في عهد الرئيس المعزول البشير، وحذفه من سجل التنظيمات والأحزاب السياسية في السودان، علاوة على حل مجمل الواجهات التي كان يستخدمها والمنظمات الأخرى التابعة له أو لأي شخص أو كيان مرتبط به، ويقر القانون العزل السياسي لرموز نظام الإنقاذ بمنعهم من ممارسة العمل السياسي لمدة لا تقل عن عشر سنوات، وفي هذا تحوّط ضروري لعدم عودة الفساد والاستبداد مرة أخرى عبر استغلاله للبيئة الديمقراطية والحريات المبذولة ودولة القانون والمؤسسات.
الرئيس المعزول عمر البشير

الإخوان يلوحون بالتصعيد
وكان حزب المؤتمر الوطني (إخوان مسلمون) المحلول أصدر بياناً قال فيه: "إنّ صبره على هذه الممارسات الانصرافية قد نفد"، مندداً باعتقال قادته تعسفياً، وشدد الحزب أنّ حله لن يزيد البلاد إلّا احتقاناً وغلواً مدمراً للحياة السياسية التي ينتظر أن تتعافى من أمراض الماضي، وحمّلَ قوى الحرية والتغيير المسؤولية عن إعادة البلاد إلى ما أسماها  بـ "الدائرة الجهنمية الخبيثة" التي أقعدت الوطن طيلة 64 عاماً الماضية، مضيفاً أنّ قانون تفكيك النظام ما هو إلا "خطوة في اتجاه تشريد الكفاءات وساحة جديدة للانتقام والمواجهات التي لا تخدم القضايا والأولويات الوطنية الراهنة"، وأنّ صمته على هذه الخطوة لا يسقط حقه في ممارسة الحياة السياسية، مضيفاً أنّه "متماسك وقوي ويعمل جاهداً على ترتيب أوضاعه للمساهمة في قضايا استقرار البلاد و لمقابلة الاستحقاق الانتخابي المقبل".

محللة سياسية: القانون يجنب البلاد عودة سريعة لجماعة الإخوان المعروفة بقدرتها على التلون والتنكر في أزياء كثيرة

وفي حديثه لـ"حفريات" قال عضو حزب المؤتمر الوطني المحلول عباس إبراهيم السر، إنّ حزبه "أصدر بياناً ضافياً وقويّاً يُندد فيه بهذه الخطوة الحمقاء"، على حد وصفه، وحذر السر حكومة حمدوك من تداعيات هذه الإجراء، مضيفاً أنّها "فتحت على نفسها أبواب الجحيم"، مُتهماً  قوى الحرية والتغيير، وهي الجهة التي تبنّت الاحتجاجات التي أطاحت بنظام عمر البشير، بشن حملة تشهير ضد الإخوان بعد أن اختطفت من صانعيها الحقيقيين"، وأضاف: لقد حولت الحكومة الفترة الانتقالية إلى فترة "انتقامية"، محذراً إياها من "جر البلاد للحرب والفوضى وعدم الاستقرار".

خطوة ضرورية
من جهتها اعتبرت المحللة السياسية والباحثة الاجتماعية، سامية الجاك، الخطوة ضرورية ومهمة، من نواحٍ كثيرة، أولها أنّها "تحقق الهدف الرئيس من الثورة؛ وهو عزل من تسببوا في تردي الأوضاع، وأفسدوا الحياة العامة في البلاد لثلاثة عقود متواصلة"، مؤكدة أنّ "القانون يجنب البلاد عودة سريعة لجماعة الإخوان المسلمين المعروفة بقدرتها على التلون والتنكر في أزياء كثيرة، فيمكنها أن تؤسس حزباً علمانياً، على سبيل المثال، وأن تتبنّى شعارات الثورة علاوة على الشعارات الدينية الأخرى التي تدخرها لتتاجر بها في مواسم الكسب السياسي الكبرى حين إجراء الانتخابات عقب اكتمال الفترة الانتقالية، وهذا ما يخشاه حتى المواطن السوداني العادي".

اقرأ أيضاً: تغلغل الحركة الإسلامية في السودان لا يمنع تفكيكها
تمضي الجاك قائلة: تتجلى الحكمة والإنصاف في القانون موضوع الحديث في الجزئية المتعلقة بإعادة كل من فُصلوا تعسفياً من الخدمة العامة، خلال حكم الرئيس المعزول عمر البشير، إلى وظائفهم، بشرط أن تقل أعمارهم عن 65 عاماً، وهذه النقطة بالتحديد تحدث عنها رئيس الوزراء، وأعتبرها من القضايا ذات الأولوية لحكومة الثورة، وقد باشرت اللجنة المعنية بتسوية قضايا المفصولين أعمالها منذ شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية