تعرف إلى أبرز 3 ملفات تؤرق المغرب في 2020

بانوراما 2019

تعرف إلى أبرز 3 ملفات تؤرق المغرب في 2020


23/12/2019

في العام 2019 لقي مئات الشباب المغاربة حتفهم غرقاً في رحلة العبور إلى "الفردوس الأوروبي"، وغيرهم اختار التطرف للهروب من مُجتمعه، وفي العديد من المناطق بالمغرب خرج السكان للاحتجاج والمطالبة بحقهم في الماء الصالح للشرب.

اقرأ أيضاً: ما موقف الإسلاميين في المغرب من الأمازيغية؟
الهجرة والتطرف والتحديات البيئية هي ملفات لازالت تُؤرق المغاربة ويأملون في أن تجد الحكومة حلولاً لها، حتى لا تتكرر نفس السيناريوهات في العام الجديد، في هذا الملف تستعرض "حفريات" آراء خبراء في هذه القضايا وسبل حلّها في 2020.
عيّن العاهل المغربي لجنة مكلفة بإيجاد حلول تنموية في عام 2020

تحقيق التنمية
مع نهاية هذا العام، أعلن الملك محمد السادس عن تعيين أعضاء اللجنة الاستشارية التي ستتولى إعداد نموذج تنموي جديد للمغرب، ويتطلع المغاربة إلى هذه الخطوة لتحسين وضعيتهم الاقتصادية، وتوفير فرص العمل، وضمان الوصول إلى الصحة والتعليم، وتحسين جودة العيش.

الجوط عبدالله: لا يُمكن الاكتفاء بالنظرة التقنية في إيجاد حلول تنموية عبر تشكيل لجنة من الخبراء

وأشار البيان، الصادر عن الديوان الملكي، إلى أنّ أعضاء اللجنة يتوفرون على مسارات أكاديمية ومهنية متعددة، "وعلى دراية واسعة بالمجتمع المغربي وبالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية".
وفي تعليقه على لجنة نموذج التنموي يقول المحلل السياسي الجوط عبد الله: "إنّ التنمية هي مشروع مُجتمعي يتضمن الشق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بالتالي يجب أن يكون هناك انسجام على كافة الأصعدة، بينما نُلاحظ أنّ تعدد اللجان في المغرب أصبح ظاهرة غريبة فيما يخص التدبير".
ويُضيف الجوط عبد الله في حديثه لـ "حفريات": "لا يُمكن أن نكتفي بالنظرة التقنية في إيجاد حلول تنموية عبر تشكيل لجنة من الخبراء، فهذا  التصور الذي تبنّاه البنك الدولي مُنذ بداية أربعينيات القرن الماضي، ولاحظنا أنّ الدول التي اعتمدت عليه لم تُحقق التنمية"، موضحاً: "أرى أنّ أهم عامل يجب أن يُراهن عليه المغرب في العام 2020 هو التعليم والاستثمار في الإنسان والبنيات التحتية".
ويمضي قائلاً: "نُلاحظ أنّنا لازلنا نعتمد التصور التقني فيما يخص التنمية، في حين هناك تصورات أخرى نحن بحاجتها، مثل؛ الديمقراطية والنقاش المجتمعي وتكافؤ الفرص والمساواة بين المرأة والرجل".


ويرى عبدالله أنّه توجد مجموعة من القضايا يجب حسمها "لتحقيق التنمية وتُعد أصل جميع المشاكل الاجتماعية التي نُعاني منها، وهي علاقتنا مع الدين والأسرة والذات، والتاريخ، لازلنا لا نُناقش القضايا الجوهرية بل نُناقش حلالاً أم حراماً".
ويشدد المحلل السياسي على حاجة المغرب إلى الديمقراطية الحقيقية، مشيراً إلى أنّ الشرعية لا يمكن أن نستمدها من لجنة بل يجب أن نهتم بالتعليم "الاهتمام بتعليم الفرد المغربي والاستثمار فيه، يعد شرطاً أساسياً لتحقيق التنمية".
في 2019 لقي 665 شخصاً حتفهم خلال رحلة عبورهم إلى أوروبا وثلثهم يحمل الجنسية المغربية

 

ضحايا الهجرة السرية
ومن القضايا المقلقة التي تتعلق بالأجيال الشابة على وجه الخصوص، تنامي ظاهرة الهجرة السرية التي تعد من أبرز الملفات الساخنة، التي لازال يُنتظر من الحكومة المغربية إيجاد حلول لها.
وكشفت منظمة الهجرة العالمية في تقرير لها خلال الأسبوع الجاري أنّ العام 2019 شهد مصرع المئات من المهاجرين غرقاً، منهم من جرى انتشال جثثهم وآخرون ابتلعهم البحر، وأكدت المنظمة مقتل 665 شخصاً موزعين على الواجهة المتوسطية لإسبانيا والواجهة الأطلسية، أكثر من ثلثهم يحملون الجنسية المغربية.

من القضايا المقلقة التي تتعلق بالأجيال الشابة على وجه الخصوص تنامي ظاهرة الهجرة السرية

ويُضيف التقرير غرق 425 شخصاً خلال مغامرة العبور من شواطئ المغرب والجزائر نحو شواطئ إسبانيا في البحر الأبيض المتوسط، بينما لقي 240 حتفهم في مياه المحيط الأطلسي خلال مغامرة الوصول إلى شواطئ جزر الكناري الإسبانية.
وفي هذا السياق، يقول الناشط الحقوقي حسن العماري: "إنّ المغرب يتعامل مع ملف الهجرة بمقاربة أمنية، من خلال إبعاد المهاجرين من تطوان الحسيمة الناظور شمال المغرب، ونقلهم الى المدن الجنوبية مما يزيد معاناة المهاجرين،  وجعل من بعض المدن محطات جديدة للهجرة، وهذا سيخلق كوارث أخرى مستقبلاً".
يرى الخبير في الهجرة في تصريحه لـ"حفريات" أنّ المغرب "يجب أن يتعامل مع ملف الهجرة في 2020 بواقعية باعتباره مكاناً للعبور والاستقبال، بمعنى أنّه يجب أن يتفاوض مع الاتحاد الأوروبي بمنطق قوة وليس بمنطق أمني ويلعب دور الدركي الحارس للحدود الأوروبية".

اقرأ أيضاً: المغرب: لماذا يلوم الشباب ضحايا التطرف شيوخَهم التائبين؟
ويُتابع: "نحن نفتقد لسياسة واقعية تراعي وضع الشباب، ويجب على الحكومة أن تجد حلولاً اجتماعية وسياسية واقتصادية، ففشلها في حل مشاكل الريف هو سبب في تقديم شبابه طلبات اللجوء إلى إسبانيا والبرتغال، وشعورهم باليأس يدفعهم إلى المخاطرة بحياتهم لأجل العبور إلى الضفة الأخرى".
غياب الحوار وإدماج الشباب بالمجتمع يساهم في تنامي الفكر المتطرف

الهروب إلى التطرف
في الوقت الذي اختار بعض الشباب الهجرة ليعيش ويُحقق أحلامه حتى وإن خاطر بحياته، ثمة من هرب باتجاه التطرف ليقتل أحلامه وأحلام الآخرين، فكيف يمكن أن يعالج المغرب هذا الملف في العام 2020 كي لا يتكرر سيناريو الأعوام الماضية مرة أخرى؟

حسن العماري: شعور الشباب باليأس يدفعهم إلى المخاطرة بحياتهم لأجل العبور إلى الضفة الأخرى

يُجيب أستاذ مقاربة الأديان في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء مصطفى بوهندي، قائلاً إنّ "التطرف موضوع عالمي يتطلب معالجات ثقافية وعلمية، البلاد التي تعاني من الأمية المعرفية ويعتمد مواطنوها على مصادر واحدة، سلوك الناس فيها يكون عبارة عن ردود أفعال أكثر منه تفكيراً عقلانياً"، موضحاً لـ"حفريات": "نحن نحتاج إلى إشراك الشباب في البرامج، وأن نشرح ونوضح لهم كل شيء، لكي لا نسمح لأي أحد أن يُؤثر عليهم؛ وتقديم برامج تعليمية وإعلامية لا تكون مُنحازة؛ لأنّ الشاب ذكي وقادر على التمييز، ويجب أن ينخرط الشباب وأن يكونوا عنصراً مهماً في حل المشاكل وأن يُدركوا أنّ الملفات لا تحل بالعاطفة بل بالعقل".
ويُتابع الباحث المغربي: "الإعلام المغربي الموجّه للشباب لا يكاد يهتهم، في معظمه، سوى بكرة القدم والأغاني وما شابه من برامج الترفيه، هذا ما يعزل الشاب عن واقعه، وعندما يتخذ موقفاً فهو يكون عاطفياً، في حين إذا كانت لدينا برامج فكرية واقتصادية واجتماعية فسنوفر بيئة لشاب يتفهم واقعه ويتفاعل معه".

 


ينتقد بوهندي المقاربة الأمنية القائمة على العنف، مشدداً على أنّها: "ليست حلاً لأنّ العالم  يتضمن العديد من التناقضات يجب أن نشرحها لشبابنا، ولا نمنعهم من الحديث عن السياسة يجب أن يفهموا، ويُشاركوا ونقدم لهم مشعل القيادة ونشرح لهم واقعهم ليتخذوا مواقف إصلاحية، ويتعلموا كيف يحلون المشاكل وكيف يحاورون".

 

اقرأ أيضاً: هل يلجأ الإسلاميون في المغرب للخطاب الشعبوي لتبرير فشلهم السياسي؟
ويعزو الباحث المغربي ظاهرة التطرف إلى الهوة الشاسعة بين الأجيال وغياب الحوار، موضحاً: "علينا أن نشد على أيديهم، فمن السهل أن نحكم عليهم ونصفهم بالتطرف لكن من الصعب أن نفهم لماذا تطرفوا؟ هل سمعنا مشاكل شبابنا، لا بد من حوار مجتمعي، ونُدرك أنّ حل التطرف هو أن يحس بك الشخص المهدد بهذا التوجه، أنّك تحبه وترغب في مساعدته ومهتم به، إن لم يجد الشاب من يسمعه ويفهمه فهناك متطرفون سيجعلون منه بطلاً ويحلون جميع مشاكله بلغة عاطفية".
ويرى بوهندي أنّ إهمال أبناء الكادحين في فرص التعليم والعمل والرفاه، نوع من التطرف يمارس إزاء الفئات الكادحة؛ لأنهم يدفعونهم إلى التطرف والإرهاب والهروب من الواقع وعندما يجد الشاب باب البطولة الخادع مفتوحاً أمامه فسيلجأ إليه للأسف".
تعاني العديد من المناطق بالمغرب من ندرة المياه

أزمة العطش
وكانت أقاليم الجنوب الشرقي شهدت احتجاجات في أعوام الماضية، عرفت بانتفاضة العطش جراء معاناة الناس مع ندرة الماء.
وفي هذا الصدد يقول رئيس جمعية أصدقاء البيئة، جمال اقشباب إنّ "التغيرات المناخية أدت إلى ارتفاع قياسي في درجات الحرارة وقلة التساقطات المطرية، وارتفاع نسب التصحر وملوحة التربة وخطر الفيضانات الموسمية، ما ساهم في ندرة الموارد المائية".  ويقترح الناشط البيئي في حواره مع "حفريات" أنّه "أمام هذا الوضع الكارثي يتطلب الأمر عقد حوار وطني حول هذه القضية بحضور خبراء ومختصين وكل الفاعلين على مستوى كل الجهات لتشخيص دقيق للوضع".
وأضاف: "يجب وضع مخطط وطني لتحقيق الأمن المائي لكل المناطق والجهات، والمدخل الأساسي لهذه اﻻستراتيجية هو إعادة النظر في السياسة الفلاحية للمغرب، وتبني رؤية مستدامة ومندمجة وتضامنية في هذا المجال، ويمكن الاستفادة من تجارب الدول الأوروبية".
ويرى اقشباب: "أنّه  يجب تفعيل مبدأ التضامن المائي بين الجهات وخلق منشآت مائية من سدود وتحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة، ولتحقيق الهدف يجب اعتماد الحكامة الجيدة في تدبير هذه المشاريع المائية وتفعيل دور المراقبة والمحاسبة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية