حماس من عدو إلى شريك محتمل لإسرائيل

حماس من عدو إلى شريك محتمل لإسرائيل


02/01/2020

حذرت دوائر إسرائيلية من أن السياسات التي ينتهجها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إزاء قطاع غزة من شأنها تقوية حماس ودعم حكمها هناك. ورأت هذه المصادر أن اتفاق التهدئة الذي تتجه إسرائيل إلى إبرامه مع الحركة الفلسطينية يوفر المزيد من الإمكانات إلى هذا التنظيم على نحو قد يحوله إلى خطر استراتيجي جدي في جنوب إسرائيل.

وبدأ المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون السياسية والأمنية، الأربعاء، اجتماعات لمناقشة ملف التسوية مع حماس في قطاع غزة.

وكانت هيئة البث الإسرائيلي ذكرت أن وزراء المجلس تسلموا، الأحد، تفاصيل اتفاق التسوية الذي تمت بلورته برعاية مصرية بهدف تحقيق تهدئة طويلة مع حماس قد تصل إلى 10 سنوات.

وأعلن وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي تساحي هنغبي، في وقت سابق عن “قرب التوصل إلى اتفاق تهدئة شامل وطويل الأمد”، وقال إن هذه “التسوية باتت أقرب من أي وقت مضى”. وذكر هنغبي أن هناك بعض العقبات تتعلق بإصرار حماس على عدم فتح ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى، قبل الاتفاق على إطلاق محرري صفقة جلعاد شاليط الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم، لكن المسألة قيد البحث وعلى أعلى المستويات.

ولفتت الدوائر الإسرائيلية القلقة من الاتفاق إلى أن المسألة لا تتعلق بقرارات كيفية تتخذها الحكومة الإسرائيلية للردّ على ظروف أمنية معينة يفرضها منطق وقف الحروب، بل إن الأمر بات يعكس مقاربة استراتيجية طويلة الأمد تعول من خلالها إسرائيل على شراكة مع حركة حماس تأتي على حساب أي شراكة في المستقبل مع قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله في الضفة الغربية.

وكشفت الدوائر عن أن الأمر يجري بتواطؤ كامل مع قطر التي تدفع بحماس لإجراء تحوّلات سياسية تمكنها من أن تكون شريكا مقبولا للمجتمع الدولي، لاسيما الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأضافت أن ترويج جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للمقاربة الاقتصادية في قطاع غزة كمدخل أساسي لصفقة القرن الشهيرة التي يرعى ولادتها، يتأسس على معطيات جدية عن أن حماس باتت جاهزة للدخول في تسوية سياسية كبرى ترضي واشنطن وتل أبيب. وتعتبر المصادر أن إنشاء مستشفى أميركي في قطاع غزة بموافقة كاملة من حركة حماس يمثل واجهة واضحة للمدى الذي وصلت إليه المداولات الخلفية المتعلقة بمواقف حماس المقبلة في هذا الشأن.

وتشرف منظمة “فريند شيبس”  الأميركية على إنشاء المستشفى. وعبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية عن خشيته من أن يجسد المستشفى “المخطط الأميركي الرافض للتعامل مع المطالب السياسية والحقوق الوطنية لشعبنا”. وقالت حركة فتح إن “حماس ترتكب جريمة ضد القضية الفلسطينية وضد شعبنا بموافقتها على إنشاء المستشفى الأميركي”.

وأعلنت وزارة الصحة في رام الله أنها “لن تتعامل مع المستشفى الأميركي في غزة”. وتحدث مراقبون عن انقلاب لافت في موقف وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت من رفض سابق لأي اتفاق مع حركة حماس إلى راع لتلك الاتفاقات التي توصف بالمشبوهة في إسرائيل.

وحين شغل نفتالي منصب وزير الاقتصاد والتجارة، وبعد ذلك وزيرا للتعليم، هاجم، وعلى نطاق واسع السياسة الإسرائيلية التي تنتهجها حكومة نتنياهو في غزة.

ويرتكز بينيت إلى أيديولوجيا يمينية واضحة، وهو يتبنى فكرة الحق في “أرض إسرائيل الكاملة”، وهو من أشد المدافعين عن الاستيطان، والرد العسكري والسياسات العنيفة تجاه الفلسطينيين.

وقالت تقارير إنه، في عام 2018، اتهم بينيت وزير الدفاع آنذاك أفيغدور ليبرمان “بالاستسلام لحماس”، وقاد حملة شرسة ضد سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في غزة. وقد وصف مرارا سياسة الحكومة في القطاع بأنها “مترددة” و”ضعيفة”، مدعيا أن إسرائيل تسمح لميليشيات حماس بتعزيز قدراتها. وحذر من أن إسرائيل ستجد نفسها تواجه حزب الله جديدا في غضون ثلاث سنوات.

وذهب بينيت حينها إلى التعبير عن غضبه ضد “أي شخص يدفع أموال الحماية” لمن “سيشن الحرب علينا”، مضيفا أنه “يجب أن تخاف حماس من إيذائنا، وليس الاستفادة منها”.

وتقول أوساط إسرائيلية إن مواقف بينيت في شأن تعيين وزير دفاع “قادر”، أتت بعد أن قدم ليبرمان استقالته من منصبه كوزير للدفاع في نوفمبر 2018. وتضيف الأوساط أن نتنياهو قد يكون قد فهم الرسالة أو أنه أراد استيعاب الضجيج الذي يحدثه بينيت فعينه بعد عام،وزيرا للدفاع.

وفي 29 ديسمبر الماضي، ناقش مجلس الوزراء الأمني بما في ذلك بينيت الاتفاق الناشئ بين إسرائيل وحماس. وتشمل الصفقة التي تتم بوساطة مصرية العديد من المزايا لحماس، من بينها التدفق المستمر للملايين من الدولارات التي يتم تسليمها بانتظام من قبل مبعوث قطر وتعزيز إمدادات الطاقة، وتوسيع منطقة الصيد في غزة، وتصاريح لسكان غزة للعمل في إسرائيل.

واستغرب المراقبون في إسرائيل أن بينيت لم يقل شيئا ضد الاتفاقية، لا بل إن تفاصيلها كانت منسقة وبشكل كامل معه. ورأى هؤلاء أن بينيت قد فهم حين بات داخل الحكومة أن “مصلحة الدولة” باتت تتطلب السكوت عن هذه الصفقة بصفتها جزءا من خارطة طريق تتم بالتنسيق الكامل مع واشنطن وأن الأمر بات خارج ميدان المزايدات السابقة.

وكان موقف حماس لافتا واستثنائيا حين رفضت المشاركة في التصعيد الأخير في غزة حين استهدفت إسرائيل أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي بعد ساعات على محاولتها اغتيال أحد قادة نفس التنظيم في العاصمة دمشق.

وفي تحليل أوردته صحيفة “هآرتس” ، في نوفمبر، يقول الكاتب أموس هاريل إن الجيش الإسرائيلي واجه هذه المرة أصغر “أعدائه” في القطاع بعدما قررت حماس عدم المغامرة وتنحت جانبا.

واعتبر الكاتب أن خطوة حماس عدم إطلاق أي صاروخ تجاه إسرائيل رغم مقتل 30 فلسطينيا، هي خطوة استثنائية.

وتتحدث تسريبات صادرة عن المخابرات العسكرية الإسرائيلية، أن حماس كانت منذ وقت طويل مهتمة بالتحرك في اتجاه تحقيق هدنة مطولة مع إسرائيل. وكانت حماس نفت قبل أيام وجود أيّ حديث عن اتفاقات تهدئة أو تسوية شاملة مع إسرائيل، لتتراجع الأربعاء وتعلن أن هناك مفاوضات ولكن التسوية لم تنضج بعد.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية