«حركات» الحركة المدنية.. والإخوان!

«حركات» الحركة المدنية.. والإخوان!


01/02/2018

ليس هناك عاقل يصدق أن الإخوان يرغبون في انتخابات رئاسية في مصر، يتنافس فيها أكثر من مرشح يتمتعون بفرص متساوية للفوز بالسباق، وتُتخذ كل الإجراءات لضمان سلامتها، وتكون معبرة بحق عن رأي الشعب المصري واختياره لرئيسه في السنوات الأربع المقبلة، فالجماعة تمارس سلوكاً ثأرياً، ليس فقط تجاه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولكن أيضاً ضد الشعب الذي ثار على حكمها وأطاح محمد مرسي من المقعد الرئاسي. وليس هناك شخص يدري حقيقة الأوضاع في مصر يصدق أن لدى قوى المعارضة المصرية، بمختلف أطيافها، القدرة على طرح مرشح ينافس السيسي، وأعداد الأصوات التي نالها بعض رموزها في انتخابات رئاسية سابقة هزيلة أو مخجلة!

الإخوان لا يريدون انتخابات في مصر، وما الإرهاب والعنف والحرائق والاستقواء بالغرب والتحالف مع تركيا وقطر، وتجييش وسائل الإعلام واللجان الإلكترونية لزرع الفتنة ونشر الأكاذيب، وتحويل المعارضة إلى سباب وشتائم وبذاءات، والاغتيال المعنوي لكل شخص لم يساند الجماعة وكل جهة عارضت حكمها، وكل دولة ساندت الشعب المصري، إلا حلقات ضمن استراتيجية اعتمدها الإخوان لعقاب معارضيهم وهدم الدولة على من فيها. إذا كانت الجماعة جيّشت كل داعميها وعناصرها، وأنفقت أموالاً طائلة على مدى السنوات الخمس الأخيرة، لتسفيه كل إنجاز وتحقير كل مشروع وتشويه كل عمل، هل ستغير اليوم مواقفها وتُبدل أهدافها وتحتفي بانتخابات ستأتي لمصر برئيس غير إخوانجي؟ أهداف الإخوان في مصر الآن لا علاقة لها بالسياسة أو الانتخابات أو نزاهتها، وضجيج المنصات الإعلامية للتنظيم يملأ الدنيا صخباً، قبل أن يبدي خالد علي رغبته في الترشح، أو يدرك الناس أن الفريق سامي عنان ينوي اقتحام عالم السياسة، والاتهامات بالتدخل في الانتخابات أو تزويرها جاهزة ومعدة للاستخدام، حتى لو كان بين المرشحين عنصر إخواني كامن أو غير معلن! والجماعة بررت دعمها عنان ومساندتها «عسكري سبعيني» بعجزها عن تحريك الشعب المصري ضد السيسي، واعتبرته مجرد «منطقة رمادية» تحتاج التنظيم، والوقوف خلفه لا يعني التخلي عن عودة مرسي!

أما حلفاء الإخوان وداعموهم والناشطون الذين تمتطيهم الجماعة، سواء تخفوا خلف لافتة «الحركة المدنية» أو «التيارات الثورية» فمواقفهم تتسق مع ضعفهم وقلة حيلتهم وبحثهم الدائم عن حدث أو كارثة تعيد مصر إلى أجواء كانون الثاني- يناير 2011، وهم جميعاً ظلوا يسعون لتحقيق ذلك الغرض على مدى السنوات الماضية. أتاحت أجواء الانتخابات لهؤلاء فرصة إعادة تسويق «مبررات» مضحكة لعجزهم عن طرح، أو قل صنع، مرشح يحظى بدعم شعبي ينافس السيسي، فأمسكوا بتلابيب كل شخص أعلن نيته الترشح ثم تراجع، أو لم تنطبق عليه شروط الترشح المعروفة والمعلنة، لاتهام الدولة بأنها عاجزة عن طرح مرشحين للرئاسة أو غير راغبة بالأساس في تحقيق تنافس على المنصب، أو أنها اهتمت بالبنية الأساسية وتطوير الخدمات وتأسيس المشروعات واستصلاح الأراضي، دون أن تتبنى مشروعاً لـ»استصلاح» المرشحين وبناء الكوادر السياسية وتشييد الجسور للعبور إلى الديموقراطية، وبالتالي فإن أي إعلان عن مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة إجراء مضحك لأنه يصدر عن أطراف لا علاقة لها بالانتخابات أصلاً!

ظلت قوى المعارضة المصرية بما فيها الإخوان طوال عهد مبارك تشكو التضييق والملاحقات وغياب الحريات، وبعد تنحيه تمتعت البلاد، أو قل عانت، حريات لا حدود لها واندفع رموز المعارضة والوجوه الثورية إلى الاستديوات واحتلوا أماكنهم في القنوات، بينما كان الإخوان يرتبون الأوضاع للمستقبل ويعقدون الصفقات ليقفزوا على السلطة. لم تبذل «الحركة المدنية» أي جهد للتواصل مع الناس أو وضع برامج تنقذ مصر من عثرتها أو تقنع الناس بجدوى السياسة وسلامة نيات السياسيين، وانقسمت المعارضة ما بين باحثين عن مظلة الإخوان أو مطالبين بهدم الدولة ثم إعادة بنائها من جديد، وفشل الفريقان في استغلال الحرية المطلقة والمجتمع المفتوح وفوضى الإعلام في تأسيس قواعد جماهيرية منفصلة عن اليمين الديني، أو تكوين كيانات شعبية بدعم ثوري أو حتى رجعي.

الخلاصة أن الإخوان لا هدف لهم سوى إسقاط الحكم والعودة مرحلياً إلى واجهة الصورة، لكنهم عاجزون عن العودة، بينما الأحزاب على حالها مهترئة ضعيفة واهية تبحث دائماً عن غطاء، سواء لدى السلطة أو عباءة الإخوان، أما ذلك الخليط المطالب بمقاطعة الانتخابات من بعض الناصريين واليساريين والليبراليين والمتشددين الدينيين والمتطرفين الملحدين فإنهم «يترعرعون» فقط في أجواء الفوضى حيث ترتفع الحناجر الفولاذية للتمتع بكرم وسخاء «الجهات الداعمة».

محمد صلاح - عن صحيفة "الحياة"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية