هيثم بن طارق.. على موعد مع التحديث الثاني لعُمان

سلطنة عُمان

هيثم بن طارق.. على موعد مع التحديث الثاني لعُمان


12/01/2020

لعلّ من ضمن ما سيسعى إليه سلطان عُمان الجديد، خرّيج جامعة أوكسفورد، أن يربط اسمه بشكل أقوى بخطة 2040 التي تنطوي على رؤية وأهداف السلطنة المستقبلية، خلال العقدين المقبلين، ورسم خريطة العمل لتلك الرؤية الطموحة وآليات التنفيذ.

يتولى السلطان العُماني الجديد الحكمَ في وقت تلوح فيه بالأفق تحديات داخلية، وتشهد فيه المنطقة توتراً بين إيران وأمريكا

ويتولى السلطان العُماني الجديد الحكمَ "في وقت تلوح فيه بالأفق تحديات داخلية؛ ابتداء من الأوضاع المالية المضغوطة إلى ارتفاع نسبة البطالة، وتشهد فيه كذلك المنطقة توتراً متزايداً بين إيران والولايات المتحدة وحليفتها السعودية"، وفقاً لوكالة "رويترز" للأنباء.
وفي انتقال سلس للسلطة، أدى وزير التراث والثقافة العُماني هيثم بن طارق، أمس السبت، اليمين الدستورية بعد تعيينه سلطاناً لعُمان خلفاً لابن عمه الراحل قابوس بن سعيد، وفق ما أعلنت الحكومة.
وقالت الحكومة العُمانية في تغريدة على "تويتر": "صاحب الجلالة السلطان #هيثم_بن_طارق بن تيمور آل سعيد - حفظه الله - يؤدي القسم سلطاناً للبلاد إثر انعقاد مجلس العائلة المالكة وتقريره تثبيت من أوصى به جلالة السلطان #قابوس_بن_سعيد".

اقرأ أيضاً: السلطان هيثم بن طارق خلفاً للراحل قابوس: هل يدق التغيير أبواب عُمان؟
وسبق للسلطان الجديد، هيثم بن طارق، أن كان رئيس اللجنة المسؤولة عن الرؤية المستقبلية "عُمان 2040"، بعدما عيّنه مؤسس النهضة والتحديث في عُمان السلطان الراحل قابوس في العام 2013 ليقود خطة تطوير السلطنة في العقدين المقبلين.


وللسلطنة أقل ناتج محلي إجمالي للفرد في دول "مجلس التعاون" الخليجي، وهي تعتمد بشكل أساسي على النفط والغاز كمحركين رئيسيين للنمو الاقتصادي. وتهدف السلطنة مستقبلاً إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد لكي يصل إلى معدل نمو يبلغ 6 في المائة. وستكون عُمان، في ظل سلطانها الجديد، أمام تحديات للإقدام على مزيد من الإصلاحات في القوانين والاستثمار ونظام التعليم والمعاشات وغيرها؛ للعبور نحو مرحلة ثانية من النهضة والتحديث والتنمية.
رؤية 2040
وقد عقدت السلطنة مؤتمرها الوطني لرؤية 2040 في 27 و28 (كانون الثاني) 2019، حيث وضعت خريطة طريق تسعى إلى إعادة التوازن لاقتصاد الدولة.
ورؤية "عُمان 2040" هي رؤية شاملة تستهدف تطوير مناحي الحياة كافة في السلطنة؛ من خلال تنويع مصادر الدخل والابتعاد تدريجيّا عن الاعتماد على صادرات الطاقة، مع تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد. وتركز إستراتيجية التنويع في عُمان على تحويل اقتصاد الدولة إلى خمسة قطاعات محورية: السياحة، واللوجيستيات، والتصنيع، وصيد الأسماك، والتعدين. كما تهدف "عُمان 2040" إلى زيادة نسبة عمالة المواطنين العمانيين في القطاع الخاص إلى 42 % بحلول عام 2040، وزيادة الاستثمارات الأجنبية إلى 10 % من الناتج المحلي الإجمالي.

رؤية "عُمان 2040" شاملة تستهدف تطوير مناحي الحياة كافة في السلطنة؛ من خلال تنويع مصادر الدخل

والتحقت مسقط بركب جيرانها في الخليج، وخاصة الإمارات والسعودية، في السير في هذا الدرب خاصة بعد أن تضررت موازنتها منذ العام 2014 جرّاء تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وتأمل مسقط عبر تلك الرؤية في الوصول إلى أن تكون ضمن أفضل 20 دولة في العالم، وضمن العشر دول الأوائل تجارياً.
وأكد طلال بن سليمان الرحبي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط في عُمان، في المؤتمر الوطني للرؤية الذي انعقد قبل عامٍ، أنّ أبرز أهداف "رؤية 2040" هو مضاعفة الدخل السنوي للمواطن العماني، وأن تسهم القطاعات غير النفطية بنحو 93 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي.
وبيّن أن إجمالي عدد المشاركين بشكل مباشر في إعداد الرؤية يبلغ 22 ألف شخص من بينها مؤسسات المجتمع المدني والمحافظات والمجالس البلدية والقطاع الحكومي وغيرها.
تحديات
وتشكل سلطنة عُمان مثالاً على التحديات المتمثلة في توليد الاستثمار، وتنمية البنية التحتية؛ في ظل تناقص الموارد المالية. هذا ما كتبته كارين إ. يونغ، وهي باحثة مقيمة أولى في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، وكانت زميلة أبحاث في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية منذ عام 2014-2015.

اقرأ أيضاً: 3 أسئلة مثيرة حول الهجمات الأخيرة في خليج عُمان
وفي مقاربتها، التي نشرها "معهد دول الخليج العربية" في واشنطن على موقعه الإلكتروني، تقول المحللة يونغ: "هنالك شقان للاستراتيجية العُمانية": الشق الأول: الاقتراض في ظل العجز المالي، والشقّ الثاني: التعامل مع الإصلاحات الهيكلية بحذر، خاصة بسبب التأثير في تكاليف المعيشة والنمو الوظيفي.


وتؤكد يونغ أنّ هناك قلقاً واضحاً لدى الاستشاريين السياسيين حول أثر التقشف، فبدلاً من إلغاء تدابير التقشف (كما فعلت السعودية، مرتين خلال عام 2017)، حاولت عُمان التركيز على الاتصالات الاستراتيجية مع المواطنين حول طبيعة الإصلاحات وتأثيرها الفوري. وفي حالة التخفيضات في دعم الحكومة للوقود، أنشأت الحكومة نظام تحويل مباشر لمساعدة المواطنين ذوي الدخل المنخفض على دفع تكاليف الوقود المرتفعة. ومع تصاعد الضغوط لخلق المزيد من فرص العمل في القطاع العام للمواطنين، فإنّ إعطاء الأولوية للاستقرار له ما يبرره. لكنه سيكلف كثيراً.

اقرأ أيضاً: ماذا تستفيد إيران من الهجمات في خليج عُمان وعلى السعودية؟
وتلفت يونغ الأنظار إلى تأكيد الوزراء والمستشارين الاقتصاديين في عُمان الحاجة إلى تحقيق النمو وزيادة المبادرات الاستثمارية الطويلة الأجل، حتى ولو على حساب العجز المتضخم، وإهمال التوجهات الإقليمية في تفعيل نظام الضرائب وإصلاح الدعم الحكومي. وهذا هو مظهر "التريث" في النهج؛ أما "الانطلاق" فهو يتمثل في الجهود الرامية لدفع مشاريع البنية التحتية والتنمية قدماً وعلى نطاق واسع، وإيجاد شركاء للحفاظ على استمرارية تدفق رأس المال المطلوب.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية