هل ستكون حماس جزءاً من الردّ الإيراني على مقتل سليماني؟

بشكل مفاجئ، ودون تنسيق مسبق، ظهر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، والوفد المرافق له في جولته الخارجية التي بدأها قبل شهر، وهو يلقي خطاباً أمام آلاف الإيرانيين خلال تشييع جثمان قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس"، التابع للحرس الثوري الإيراني، في غارة أمريكية بالعاصمة العراقية بغداد.

اقرأ أيضاً: إيران وحماس.. حبل لن ينقطع
وقد زار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس منزل سليماني، وقدم واجب العزاء لعائلته، وأشاد بمواقفه تجاه القضية الفلسطينية ودعمه لفصائل المقاومة، ووصفه بـ "شهيد القدس"، وأكّد على ضرورة الردّ على مقتله، إضافة إلى إقامة بيت عزاء لسليماني في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة.

عبّر نشطاء فلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن رفضهم مشاركة رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في جنازة سليماني

وكان هنية قد بدأ جولة خارجية، الشهر الماضي، شملت عدة دول، بدأت بزيارة تركيا ومن ثم قطر، ولم يكن من المخطط له أن تشمل تلك الجولة إيران، فتلك الزيارة كانت مفاجئة وصادمة، لمن يؤيّد حماس ويعارض إيران وسليماني.
وعبّر نشطاء فلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن رفضهم مشاركة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بجنازة قاسم سليماني، ورفضهم تدخّل الفلسطينيين بملفات خارجية لا علاقة لهم بها، معتبرين أنّ موقف حركة حماس يأتي في إطار حزبي، وضمن مصالح الحركة وقياداتها.
وحذرت "إسرائيل" حركتَي حماس والجهاد الإسلامي من المشاركة في ردّ انتقامي لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.
وذكر موقع "ويلا" العبري؛ أنّ تل أبيب وجهت، عبر مصر، تحذيرات لكلّ من حماس والجهاد الإسلامي من أيّة محاولة لإطلاق صواريخ، أو شنّ هجمات من داخل القطاع على أهداف إسرائيلية.

مصلحة سياسية لحماس
وفي هذا السياق، يقول الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية، يوسف الشرقاوي، لـ "حفريات": إنّ "حركة حماس تعدّ من محور المقاومة الذي تدعمه إيران، وهي معنية للمشاركة في أيّة مواجهة عسكرية، للردّ على مقتل قاسم سليماني، لتستفيد ما بعد الحرب سياسياً، فإذا ارتأت الحركة أنّ نتيجة المعركة سوف تكون لصالح إيران وحزب الله، فهي سوف تكون جزءاً في المواجهة؛ لأنّها معنية فيما بعد الحرب، لتستفيد سياسياً".

اقرأ أيضاً: محللون لـ "حفريات": تركيا تدعم حماس لتقوية التواجد الإخواني في غزة
ويضيف: "هناك بوادر للردّ الأمريكي على إيران، خاصة بعد قصف قاعدة أمريكية في العراق، وإيران مستعدة لأن تخوض حرباً محدودة في المنطقة، بالتالي حماس، سوف تشارك في تلك المعركة، خاصة في ظلّ الاتهامات الإيرانية لإسرائيل، بأنّ لها ضلوعاً في مقتل سليماني، وهذا يدلّل على أنّ هناك ضربات سوف تتوجه للعمق الإسرائيلي، وهذا سيكون بواسطة حلفاء إيران بالمنطقة (حماس وحزب الله وسوريا)".
ويلفت إلى أنّ حركة حماس لديها القدرة على ضرب إسرائي، واستهداف الجبهة الداخلية لدولة الكيان الإسرائيلي، والتي تمثل عصب الدولة، مشيراً إلى أنّه في حال بدأت حماس بالردّ، وضربت إسرائيل فإنّها ستكون حرب استنزاف، والأولى ستستخدم كافة قدراتها العسكرية، لتثبت لحليفتها الأقوى في المنطقة إيران، أنّها قادرة على ضرب المحتل.
إيران الحليف الوحيد لحماس
وعن سبب مشاركة حركة حماس في أيّة مواجهة عسكرية للردّ على مقتل قاسم سليماني، علّل قائلاً: "المعركة ستكون مع حلفاء حماس في المنطقة، وبالتالي من صالحها الانخراط في تلك المعركة لتعزز تقاربها معهم، ولتستفيد من الدعم المادي والسياسي والعسكري؛ لأنّ إيران هي الحليف الوحيد لحماس، على عكس قطر، التي تعدّ مجرد أداة لجلب الأموال، وليست حليفاً إستراتيجياً".

اقرأ أيضاً: حماس والأعرابي: ما الذي كشفه مقتل قاسم سليماني؟
ويفيد بأنّ حركة حماس لن تشارك وحدها في المواجهة العسكرية مع إسرائيل، وسيكون هناك ردّ موحّد من الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية؛ لأنّ حماس تريد أن تستثمر الفوز، لذلك ستطالب المساندة من كافة الفصائل لتعزز المواجهة العسكرية.
ويعلق على ذلك الكاتب والمحلل السياسي د. وجيه أبو ظريفة، حيث يقول لـ "حفريات" إنّ "مقتل قاسم سليماني يحتاج إلى ردّ إيران وحلفائها في المنطقة؛ لأنّه كان الممثل الإيراني للتواصل معهم، واغتياله في حاجة إلى ردّ، لكنّ الردّ الأساسي هو ردّ إيران؛ لأنّ الكرامة الإيرانية تحتاج لأن تردّ بذاتها".

حماس لا تريد عدواناً على غزة
ويتوقع أبو ظريفة عدم مشاركة حماس بالردّ على مقتل سليماني بشكل مباشر؛ "لأنّ غزة لها اعتبارات كثيرة، فهي منطقة صغيرة ومحاصرة، وإسرائيل دائماً تحاول أن تجد ذريعة لشنّ عدوان مدمر للقطاع، وبالتالي حماس لا تريد أن تجلب هذا العدوان، إضافة إلى أنّها تخشى من عزلها عن دول المحور السنّي، التي لها علاقة معها، خاصة مصر".

اقرأ أيضاً: في الجدل بين فتح وحماس عن غزة ومستقبلها
ولا تريد حماس أن تكون محصورة بشكل مباشر، "وواضح أنّها ضمن المحور الإيراني، خاصة في ظلّ التعقيدات بين إيران والعديد من الدول العربية، خاصة المملكة العربية السعودية، وحماس لا تريد أن تكون علاقتها بطرف على حساب أطراف أخرى، خاصة في ظلّ الانتقادات الكثيرة التي وجهت للحركة بعد خطاب إسماعيل هنية في تشييع جثمان سليماني في طهران".
ويبين أنّ حركة حماس لن تكون جزءاً من أي ردّ إيراني على مقتل سليماني، لكن في حال شنّ إسرائيل عدواناً على قطاع غزة، أو استهداف قيادات من حماس في لبنان وفي دول أخرى، فإنّ ذلك سيدفع الحركة للمواجهة العسكرية مع إسرائيل".

دعم إيران لحماس لن يتغير
ويفيد بأنّه في حال نشوب حرب بين والولايات المتحدة، وتدخّل حلفاء إيران ما عدا حركة حماس، فهذا لن يؤثر كثيراً في العلاقة بين الطرفين، لأنّ إيران تدرك تماماً الوضع الصعب في قطاع غزة، وهي أكثر تفهماً من غيرها، وسيستمر الدعم الإيراني لحماس كما استمر بعد معارضة الأخيرة للنظام السوري عقب اندلاع الثورة السورية، وخروجها من سوريا التي تعد حليفاً قوياً لإيران.

يوسف الشرقاوي: حماس معنية بالمشاركة في أيّة مواجهة عسكرية للردّ على مقتل قاسم سليماني، لتستفيد سياسياً ما بعد الحرب

وشدّد على أنّ "مشاركة أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس في جنازة قاسم سليماني، وإلقاء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خطاباً أمام آلاف الإيرانيين، كانت مفاجئة للجميع، خاصة أنّه غادر القطاع لإجراء تفاهمات خارجية، لكنّ هذا لا يعني أنّ حماس ستكون جزءاً من الردّ الإيراني على مقتل سليماني".
ويتفق الخبير العسكري اللواء الركن المتقاعد، واصف عريقات، مع سابقه، في أنّ حركة حماس لن تكون جزءاً من الردّ الإيراني على مقتل قاسم سليماني.
وأبلغ عريقات "حفريات": "ما يجري الآن هو بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وليس معركة شاملة، والفلسطينيون لديهم قضيتهم، فالشعب الفلسطيني مقاوم، منذ وعد بلفور، ويحارب الاحتلال الإسرائيلي والإمبريالية الأمريكية، فهذا الشعب له خصوصية تجعله ينأى بنفسه".

المقاومة ليست معنية بالحرب
ويضيف: "فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، لن تبدأ بمهاجمة مواقع وأهداف للاحتلال الإسرائيلي، إلا إذا كانت في حال الدفاع عن النفس على الاعتداءات الإسرائيلية على المقاومة الفلسطينية؛ لأنّ المقاومة ليست معنية في فتح جبهة مع الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الحالي".
وحتى الآن، لا توجد نية للقيام بحرب شاملة، وهناك تدخل دولي لاحتواء الموقف، وعدم الانجرار إلى حرب شاملة واسعة الأوفق، "لكن في حال ردّ الولايات الأمريكية على الردّ الإيراني، واستهداف قاعدة عسكرية أمريكية في العراق، فقد هددت إيران بأنّها سوف تردّ تجاه إسرائيل، وفي حال تمّ ذلك؛ فإنّ الأخيرة سوف تتدخل، ومن هنا سوف تتدحرج الأوضاع".