مؤتمر برلين: حماسة أوروبية دون إقرار عقوبات.. فهل جاء بحجم التوقعات؟

مؤتمر برلين

مؤتمر برلين: حماسة أوروبية دون إقرار عقوبات.. فهل جاء بحجم التوقعات؟


20/01/2020

إذا كان يُحسب للمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قدرتها على إحضار جميع الأطراف المتنازعة في ليبيا إلى طاولة الحوار والمفاوضات في مؤتمربرلين، أمس، فإنّ ميركل أقرت بأنّه لم يكن لأحد أن يرفع سقف التوقعات بأن هذا المؤتمر سيفضي إلى التوصل إلى حل فوري للأزمة الليبية. وقد عكس مؤتمر برلين رغبة وحماسة قوية من الأوروبيين في ممارسة ضغوط باتجاه إحداث تهدئة قوية تقود إلى تسوية، حتى لو تطلب ذلك إرسال قوات لحفظ السلام، وهو اقتراح وقف خلفه الإيطاليون والألمان، ولقي معارضة روسية. من جانبه قال رئيس وزراء إيطاليا، جوزيبي كونتي، عقب انتهاء المؤتمر إنّ بلاده مستعدة للقيام بدور بارز في مراقبة اتفاق لوقف إطلاق النار في ليبيا.

اقرأ أيضاً: هل يكون مؤتمر برلين الفرصة الأخيرة لليبيا موحدة؟

وفي إطار الضغوط غير المباشرة على تركيا دعا المؤتمر إلى وقف إرسال السلاح إلى ليبيا، وذكرت ميركل بأنّه لا بدّ من تحسين مراقبة الالتزام بهذه المسألة الأساسية في المستقبل. وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس، إنّ بريطانيا مستعدة لإرسال "أشخاص وخبراء" للمساعدة في مراقبة وقف إطلاق نار في ليبيا.
ومع أنّ التبيانات في الموقف الأوروبي إزاء ليبيا مستمرة، يصرّ الأوروبيون على ضرورة عدم تكرار سيناريو الأزمة السورية في ليبيا.
وقد اتفقت مصر والإمارات وتركيا على دعم وقف إطلاق النار في ليبيا. ونقلت وكالة أنباء الإمارات "وام" عن وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد قوله، أمس، إنّ الإمارات تدعم تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا على أساس عدم التدخل في شؤونها الداخلية.

الفريق المتشائم
ولا شكّ في أنّ صراع النفوذ بين الأطراف الإقليمية والدولية، والتطلع إلى الموارد النفطية، وغياب حكومة مركزية مستقرة وقوية في ليبيا، إضافة إلى تمسك الأطراف المتنازعة، حتى الآن، بالمعادلات الصفرية، وعدم ترك السلاح...

عكس مؤتمر برلين رغبة وحماسة قوية من الأوروبيين في ممارسة ضغوط باتجاه إحداث تهدئة قوية تقود إلى تسوية

هي عوامل من شأنها أن تعزز رؤية الفريق المتشائم تجاه مؤتمر برلين، الذي راهن على أنّ الظروف ما تزال غير مواتية لإحداث اختراق أو انفراجة في الأزمة الليبية، وذهب هذا الفريق إلى القول إنّ مؤتمر برلين سينضم إلى قائمة مؤتمرات عديدة حول ليبيا لم تحقق اختراقاً نوعياً، مثل قمة روما (2015) واتفاق الصخيرات (2015) واتفاق باريس (2018) واتفاق باليرمو في إيطاليا (نهاية 2018) وأخيراً اتفاق بوتين-أردوغان الشهر الجاري.
وفي إطار تجنّب الأخطاء التي وقعت فيها مناطق نزاع وتوتر في المنطقة العربية، ركّزت ميركل على أهمية أن تمتلك الأطراف الليبية رؤية متكاملة للحل ولما بعد وقف إطلاق النار، ما يعني تأكيداً لأهمية تقريب وجهات النظر وإقامة توافقات قبل الشروع بإقامة انتخابات أو مناقشة مسائل الدستور.

اجتماع بعد أسبوعين
من جانبه، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، عن اجتماع بعد أسبوعين لمتابعة جهود إرساء السلام في ليبيا، منوّهاً إلى أنّ الوضع في ليبيا يهدد بأزمة إقليمية. وأكد غوتيرش أنّه لا حلّ عسكرياً للأزمة الليبية، وأنّه ينبغي الكفّ عن التدخل في شؤون ليبيا والالتزام الدولي بإرسال المساعدات إلى ليبيا، وأن تتوازى المسارات السياسية مع الاقتصادية والعسكرية. ولم تشهد قمة برلين لقاء مباشراً بين قائد الجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر، ورئيس الحكومة الليبية، فائز السراج، وكان التشارور معهما يتمّ من وراء الكواليس وعبر وسطاء، الأمر الذي دل على أنّ الخلافات بين الأطراف المحلية المتصارعة في ليبيا ما تزال كثيفة.

اقرأ أيضاً: ليبيا: مؤتمر برلين وخطر الدوران في الحلقة المفرغة
وفي مؤتمر صحفي منفصل، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: "لا حوار جدياً" بين طرفي النزاع في ليبيا، مضيفاً أنّه "لا يزال من المستحيل تنظيم حوار بين طرفي الصراع". وقال لافروف إنّ قمة برلين حول ليبيا اتفقت على تشكيل لجنة دولية لمراقبة وقف إطلاق النار. وصرح لافروف للصحفيين "الوثيقة تطالب بضرورة حل الأزمة الليبية بواسطة الليبيين أنفسهم من دون تدخل خارجي".
وأضاف، بحسب "رويترز": "طرفا الصراع في ليبيا حققا تقدماً بسيطاً عن الاجتماع الذي جرى في موسكو في 13 كانون الثاني (يناير) الجاري. اتفقا على‭‭‭ ‬‬‬أن يشارك كل طرف بخمسة ممثلين في لجنة عسكرية يتم تشكيلها بموجب مبادرة للأمم المتحدة". إلى ذلك، حذّر وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، من تواجد القوات الأجنبية في ليبيا، مؤكداً إحراز تقدّم بشأن تثبيت وقف إطلاق النار في ليبيا.

فرصة حقيقية
ميركل، راعية المؤتمر مع الأمم المتحدة، قالت في المؤتمر الصحفي في ختام القمة إنّ هناك فرصة حقيقية لاستمرار وقف إطلاق النار، مؤكدة بأنّ طرفي الصراع في ليبيا والداعمين الدوليين لهما اتفقوا خلال قمة برلين على ضرورة احترام حظر السلاح وتعزيزه من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار على الأرض، كما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء. وأكدت ميركل أنّ زعماء العالم لم يبحثوا أثناء قمتهم حول ليبيا في برلين إمكانية فرض عقوبات في حالة انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا. ووصفت ميركل نتائج المؤتمر بأنها تمثل بداية سياسية جديدة ودفعة من أجل دعم جهود الأمم المتحدة لإحلال السلام في ليبيا.

الفريق المتشائم تجاه المؤتمر راهن على أنّ الظروف ما تزال غير مواتية لإحداث اختراق أو انفراجة في الأزمة الليبية

وقال وزير خارجية ألمانيا، هايكو ماس ، في مؤتمر صحفي مشترك مع ميركل، إنّ جانبي الصراع في ليبيا تعهدا بمحاولة التوصل إلى حل بشأن موانئ النفط المغلقة في هذا البلد. في المقابل، اعترفت المستشارة الألمانية بأنّ الملف النفطي في ليبيا سيحتاج إلى الكثير من الجهود من أجل إخراجه من دوائر الصراع والتجاذب بين الأطراف الليبية المتنازعة.
وقال هايكو ماس إنّه سيتم تشكيل لجنة متابعة لتحديد الخطوات التي يتعين اتخاذها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.  أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فطالب بـ "وقف" إرسال مقاتلين سوريين موالين لتركيا إلى طرابلس دعماً للحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة.  وقال ماكرون خلال قمة برلين "يجب أن أقول لكم إنّ ما يقلقني بشدة هو وصول مقاتلين سوريين وأجانب إلى مدينة طرابلس، يجب أن يتوقف ذلك".
وقامت تركيا بإرسال آلاف المقاتلين السوريين الموالين لها إلى ليبيا لدعم حكومة فايز السراج والتي تواجه هجوماً يشنه على مقرها طرابلس، المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على ثلاثة أرباع الأراضي الليبية. وأضاف الرئيس الفرنسي "من يعتقدون أنّهم يحققون مكاسب من ذلك لا يدركون المجازفات التي يعرضون أنفسهم ونحن جميعاً لها".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية