حقائق مريرة عن العراق يقدمها رئيسه للعالم.. ما هي؟

العراق

حقائق مريرة عن العراق يقدمها رئيسه للعالم.. ما هي؟


25/01/2020

في الكلمة بالغة الأهمية للرئيس برهم صالح، أمام دافوس، كان هناك إقرار بجملة حقائق مريرة عن العراق، فهو "في عين العاصفة"، بحسب الرئيس، في كلمته المنشورة على موقع رئاسة جمهورية العراق، لا بل إنّه أكد "لن يندهش أحد في هذه القاعة حين أقول بكل صراحة: هذه أوقات عصيبة بالنسبة للعراق".

برهم صالح: يتظاهر المحتجون ومعظمهم من الشباب العراقي من أجل حياة أفضل ووطن ووضع حد للفساد الذي أصاب بلادنا بالشلل

هذا الاعتراف "الصادم" لم يأت كملمح وحيد في خطاب صالح بل موقفه المؤيد الضمني للاحتجاجات الشعبية، فثمة حديث الإعجاب عن المتظاهرين السلميين وعبر التوصيفات التالية:
*تأييد الفكرة التي قامت عليها التظاهرات بقوله: "يتظاهر المحتجون، ومعظمهم من الشباب العراقي، في الشوارع منذ نحو أربعة أشهر، واضعين حياتهم على المحك للمطالبة بالتغيير". فهم يحتجون "من أجل حياة أفضل، ووطن، ومزيد من الوظائف، وتحسين الخدمات، ووضع حد للفساد الذي أصاب بلادنا بالشلل منذ فترة طويلة. إنني أريد الشيء ذاته لهم".
* التعارض الكلي مع كل الاتهامات التي وجهها مسؤولون عراقيون في الحكومة والبرلمان، ناهيك عن معظم قادة المجموعات المسلحة بكون المتظاهرين ينفذون "أجندات خارجية" فهو وصف المحتجين السلميين على هذا النحو "لديهم رغبات عميقة ومطالب بفرص اقتصادية وأخرى لوطن، وأن يجعلوا أصواتهم مسموعة ومستجابة".

خلال الكلمة للرئيس برهم صالح أمام دافوس
*وحتى الصدام الأمريكي- الإيراني الذي وضع العراق في "عين العاصفة"، كان له موقف واضح من الشباب المحتج عبّر عنه صالح في الحاجة الماسة إلى إبعاد البلاد عن هذا الصراع "وهذا ما يطالب به عشرات الآلاف من الشباب العراقي في احتجاجات سلمية في شوارع بغداد وغيرها من المدن، والتي بدأت منذ نحو أربعة أشهر".
* ثنائه على إحياء المتظاهرين لفكرة الوطنية العراقية التي كادت 14 عاماً من الطائفية أن تقلتها "إنّهم يريدون أن تكون الوطنية العراقية شاملة، ولا تنقسم وفقاً للهوية الطائفية".

اقرأ أيضاً: استهداف ساحات الاعتصامات في العراق.. من وراءه؟
*الشباب المتظاهرون هم الأمل بعافية لـ "الديمقرطية" العراقية " إنّهم يريدون نظاماً سياسياً ديمقراطياً يعكس هويتهم الجامعة ويستعيد كرامتهم. إنهم يريدون انتخابات حرة ونزيهة".
* إدانة الرئيس الواضحة للعنف الوحشي والواسع الذي مارسته سلطات العراق بحق المتظاهرين "إنّه لأمر مدمر ومؤلم من أنّ أعمال العنف التي يرتكبها الخارجون عن القانون أدت إلى مقتل أكثر من 600 من المتظاهرين الأبرياء السلميين". هذا وإن بدا إدانة ضمنية حتى لموقعه كرئيس للبلاد، فهو يكشف وجود سلطات أقوى من الدولة العراقية هي من تقول كلمتها، بل تبدو استغاثة أمام العالم إن أنقذوا العراق من قتلة أبنائه فنحن غير قادرين على ذلك!

جوهر التهديد والوعيد؟

ست حقائق توفر ستة أسباب لتعرض الرئيس لهجوم، بل تهديد من المجموعات المسلّحة (الشيعية) الخارجة على القانون ومنها "كتاب حزب الله"، وفق موقع "عواجل برس"، حتى وإن تذرعت بكونه صافح ترامب "قاتل الشهيد أبو مهدي المهندس وضيفه المجاهد قاسم سليماني" على حد وصف تلك المجموعات. اللافت أنّ رئيس الوزراء وكل أركان حكومته لم يوفروا احتجاجاً على التهديدات الموجهة للرئيس صالح، وجاءت المواقف المؤيدة له من شخصيات سياسية بارزة خارج الحكومة، كما فعل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي شدد على أنّ رئيس الجمهورية هو "حامي الدستور وحامي الثوار"، لا بل إنّه وعلى لسان الناطق باسمه زاد على ذلك بكون برهم صالح "أعاد الاعتبار لموقع رئاسة الجمهورية وعلى حساب سلطة الأحزاب"، وفق ما أورد موقع "التحريرنيوز"
هنا كانت الحاجةُ ماسةً لردع المجموعات الشيعية المسلّحة الخارجة على القانون ولا أحد قادرٌ على مثل هذا الردع مثلما يوفره زعيم التيار الصدري.

هشاشة النظام السياسي العراقي
كشفت تلك المواقف والمؤشرات هشاشة النظام السياسي الممعن في فساده؛ المادي والمعنوي، ففي التقرير الصادر الأسبوع الماضي جاء العراق، وفق ما أورد موقع "الحرة"، في المركز 16 عربياً (162 عالمياً) في لائحة النزاهة التي أصدرتها مؤخراً منظمة الشفافية العالمية، مثلما تحوّل نظامه السياسي من "ديمقراطي هجين" إلى "استبدادي" كما ذكر  تقرير "مؤشر الديمقراطية" الذي أصدرته مؤخراً "وحدة الاستخبارات الاقتصادية" التي تتبع مجموعة مجلة الإيكونوميست البريطانية الشهيرة.

مقتدى الصدر: رئيس الجمهورية هو حامي الدستور وحامي الثوار، وأعاد الاعتبار لموقع الرئاسة وعلى حساب سلطة الأحزاب

ويشير التقرير إلى أنّ العراق "تحول من نظام هجين إلى نظام استبدادي نتيجة الإضرابات العنيفة التي اندلعت في تشرين الأول (أكتوبر) 2019 ضد الفساد والبطالة".
اللافت أنّ المؤشرين الآنفي الذكر (الفساد والتحول إلى الاستبداد) كانا حاضرين في خطاب الرئيس صالح كأنّه، وإن ظل متفائلاً بقدرة البلاد على الخروج من أزماتها، يرثي نظامه السياسي فهو قال في دافوس "يجب القضاء على الفساد مرة واحدة وإلى الأبد ويجب إرساء الحكم الرشيد وسيادة القانون في الممارسة العملية، بدلاً من أن تكون مجرد كلمات وبلاغة تكرر مراراً وتكراراً إلى ما لا نهاية"، مثلما قال مراراً وتكراراً بحاجة البلاد إلى "انتخابات حقيقية تتولاها مفوضية مستقلة بكل معنى الكلمة"، وفي ذلك إقرارٌ في أنّ الانتخابات السابقة لم تكن نزيهة وأدارتها هيئات غير مستقلة.

اقرأ أيضاً: لماذا لم يستغل داعش التظاهرات في العراق؟
لكن ثمة من يرى أنّ "طبيعة النظام السياسي في العراق لم تعد أمراً يعني الأمريكيين" كما يهب إلى ذلك الكاتب والباحث العراقي د. حيدر سعيد بقوله في مقال له منشور في موقع "العربي الجديد": "لم يعد يعني الولايات المتحدة ما إذا كان النظامُ في العراق ديمقراطياً أم لا، ليبرالياً أم لا، يصون حقوق الإنسان والحريات أم لا، ولم يعد يعنيها تقويمُ هذا النظام ودعمه ليتقدم في هذا المجال، بقدر ما تعنيها مواجهة إيران، وتبعية النظام في العراق لإيران، ونفوذ أتباعها فيه"، لا بل إنّه يشدد "لا ينبغي أن ننسى أنّ الولايات المتحدة كانت مع بقاء عادل عبد المهدي في منصبه رئيساً للوزراء، لولا شجاعة الحراك الثوري، الذي دفعه مرغماً على الاستقالة، على الرغم من اتفاق إيران والولايات المتحدة على بقائه".

صوت حزين في دافوس لدم مسفوح ببغداد
ولو أضفنا تعبيرأ نفسياً يمكن من خلاله قراءة كلمة الرئيس صالح، وتحديداً ما خص أهوال العنف الممارس بحق المتظاهرين السلميين في بغداد الأسبوع الماضي، لوجدناه يمثل "استغاثة دامعة"، شجعت هيئات رسمية عراقية على قول ما لم تكن قادرةً على قوله سابقاً فقد أكدت "مفوضية حقوق الإنسان" العراقية أنّ الجماعات المسلّحة المجهولة التي تستهدف المحتجين تظهر أنّ قوات الأمن غير قادرة على حماية المواطنين".

اقرأ أيضاً: ما هي رسالة طهران إلى واشنطن من خلال وجودها في العراق؟
وقال عضو المفوضية علي البياتي "أشّرنا مقتل أربعة متظاهرين في بغداد، وواحد في ديالى، واثنين في كربلاء، وخمسة في البصرة"، مشدداً على أنّ "العنف ضد المتظاهرين مستمر بشكل واضح".
هنا جاء تصريح البياتي لجهة أنّ "الجماعات المسلّحة المجهولة التي تستهدف المحتجين تظهر أنّ قوات الأمن غير قادرة على حماية المواطنين"، متوافقاً مع تعبير الرئيس صالح في إدانة العنف الوحشي والواسع الذي مارسته سلطات العراق بحق المتظاهرين "إنه لأمر مدمر ومؤلم من أنّ أعمال العنف التي يرتكبها الخارجون عن القانون أدت إلى مقتل أكثر من 600 من المتظاهرين الأبرياء السلميين".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية