8 محللين جزائريين يعاينون موقف بلادهم من الأزمة في ليبيا

الجزائر

8 محللين جزائريين يعاينون موقف بلادهم من الأزمة في ليبيا


29/01/2020

كشفت مراجع مطلّعة لـ"حفريات"، عن أسرار تخص الوساطة الجزائرية لتفكيك ألغام الأزمة الليبية المستعرة، ويؤكد 8 محللين جزائريين أنّ بلادهم ماضية في جهود الوساطة بعيداً عن محاولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لجعل الجزائر جزءاً من محور أنقرة مع السراج.

المحللة السياسية مريم حمرارس: رفض جزائري قاطع لتوجّه أردوغان وتغليبه الحلّ العسكري على الحلّ السياسي

وبُعيد ثالث زيارة قادت أردوغان إلى الجزائر، يومي الأحد والإثنين، ثم جولة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، يؤكد المستشار سيد علي عزوني أنّ الجزائر بصدد طهي وساطة فيما يتعلق بالقضية الليبية.

وأبرز عزوني أنّ الجزائر التي تتمتع بعلاقة جيدة مع أطراف القضية الليبية ماضية في مسعاها الذي حظي بالترحيب ويقوده وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم في سبيل "الخروج باتفاق سياسي ينتصر للتهدئة"، علماً أنّ الرئيس الجزائري أبلغ أردوغان، رفضه القاطع لمخطط التدخل الأجنبي في ليبيا.

 الرئيس الجزائري أبلغ أردوغان رفضه القاطع لمخطط التدخل الأجنبي في ليبيا

من جانبه، يكشف الأستاذ الجامعي، أمين مصباح، عن جانب مهم في جهود الوساطة الجزائرية، ويقوم على "إرسال قوة أفريقية إلى ليبيا تحت إشراف أممي، على نحو يضمن احترام وقف إطلاق النار الساري بين أطراف النزاع في الأزمة، والمحافظة على أرواح المدنيين والإبقاء على استمرار عمل مؤسسات البلاد، طالما أنّه في ظلّ غياب آليات إشراف في الميدان، يبقى وقف إطلاق النار هشاً وقابلاً للخروقات".

وتابع مصباح: "الجزائر واعية بدورها المهم في تسوية المعضلة الليبية، وطرحت رؤيتها في الاجتماع الأخير لوزراء خارجية بلدان الجوار الليبي بالجزائر".
وعلى المنوال ذاته، يلفت محمد بوكراس الأستاذ في جامعة المدية إلى أنّ "الجزائر كبلد قارة له حدود طويلة مع الجارة ليبيا، وهي بصدد الدخول في مرحلة جديدة تستلزم تركيز الجهود على الشأن الداخلي للبلد، والعمل على الجبهتين الاجتماعية والسياسية، من تغيير دستور واستحقاقات برلمانية ومحلية وغيرها، لذلك تريد الجزائر أن تكون وسيطاً في الحوار وجمع الأطراف الليبية على طاولة واحدة لتجنيب المنطقة حرباً كارثية".

من جهته، يشدّد د. عبد القادر دريدي أنّ تركيا والجزائر لا تقفان على طرفي نقيض من الأزمة الليبية، بل لديهما رؤية متقاربة كونهما يدعمان معاً حكومة الوفاق الوطني، فضلاً عن توافقهما المبدئي بشأن مستويات التنسيق والتعاون الاقتصادي والأمني.

ورقة ضغط مزدوجة
وبشأن قضية التدخل العسكري التركي في ليبيا، يقول دريدي: "هي ورقة ضغط على طاولة الحوار تفيد الجزائر مثلما تفيد تركيا، فالجزائر مستفيدة لأنّها لا يمكن أن تمارس ضغطاً ميدانياً من خلال الجيش الجزائري الذي لا يمكنه التدخل ميدانياً لأسباب دستورية".

اقرأ أيضاً: في زيارته إلى الجزائر: أردوغان وتبون.. هذه الملفات التي تمّ بحثها

ويضيف دريدي: "القضية تفيد تركيا التي وجدت نفسها مجبرة على التدخل عسكرياً لحماية الاتفاق الاقتصادي العسكري الموقّع مع حكومة الوفاق الوطني، وهو اتفاق نافذ قانوناً وبالتالي فإنّ تخلّف الحماية العسكرية لحكومة الوفاق هو تخلّف عن الالتزام بهذا الاتفاق".

اقرأ أيضاً: إخوان الجزائر يعلنون موقفهم من التدخل التركي في ليبيا

بدوره، يسجّل الإعلامي الجزائري المغترب بألمانيا، رشدي شياخي، تمسك السلطات الجزائرية بمعارضة فكرة إرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا، لكن ذلك لن يدفع، بنظر شياخي، إلى تصادم جزائري تركي لأنّ "أردوغان براغماتي إلى أبعد الحدود، ولن يتجاوز الجزائر كدولة محورية لها دورها في حلحلة الأزمة الليبية".

الجزائر في تحدٍّ كبير وهو موازنة المصالح، والتمسك بالحل الليبي - الليبي دون تدخل أجنبي، والحوار بدل التدخل العسكري

ويوقن دريدي، المحلل المتخصص في الشؤون الإقليمية والليبية، أنّ زيارة أردوغان للجزائر أبرزت أنّ أفق التنسيق والتعاون بين البلدين بات أكثر وضوحاً من ذي قبل، مشيراً إلى ترسبات فترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وانعكاس ذلك على مستوى المبادلات التجارية والتنسيق الأمني والسياسي بين البلدين.

ويشرح: "حاولت تركيا أن تحقّق تقارباً في الرؤى الإستراتيجية مع الجزائر، لكن النظام البائد كان يفضّل مصلحة فرنسا، ومؤشر ذلك تصريح رئيس الوزراء المسجون أحمد أويحيى رداً على أردوغان الذي قال إنّه على فرنسا أن تخجل من ماضيها الاستعماري في أفريقيا عموماً والجزائر خصوصاً، فأجاب أويحيى إنّ الجزائر لا تسمح لأردوغان بالاستشهاد بها أو الدفاع عنها".

من جهتها، تستبعد المحللة السياسية مريم حمرارس، أن تكون الجزائر جزءاً من محور أردوغان، وحرصها على أن تبقى على مسافة واحدة مع جميع الفرقاء الليبيين، حتى وإن كانت تؤيد حكومة فايز السراج.

وفي منظور دريدي، فإنّه "لولا التلويح التركي بالتدخل العسكري في ليبيا، وقبول الجزائر ضمنياً التنسيق أمنياً مع القوات الليبية، لما تمكنت الجزائر من استعادة مكانتها ضمن خريطة التحالفات الدولية في وقت وجيز، واتضح ذلك في مؤتمر برلين بعدما جرى إقصاء الجزائر منه أكثر من مرة".

اقرأ أيضاً: لماذا فشل لوبي أردوغان في "توجيه" القرار السياسي الجزائري؟

ويتصور دريدي أنّ الحديث عن وقف لإطلاق النار في ليبيا بعد التقدم العسكري لقوات القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر بدعم وتحفيز الدول الداعمة له، "جاء بعد خروج الجزائر من دائرة الحياد المطلق ودعمها الضمني للتواجد التركي في ليبيا بما يضمن تمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل".

موازنة المصالح
يركّز الباحث السياسي عبد الحق بن سعدي، على أنّ الجزائر تبحث عن حل سياسي يضمن لها الاستقرار، انطلاقاً من كون ليبيا تشكّل عمقاً استراتيجياً لها، ولذلك تسعى إلى إقناع الفرقاء الليبيين والدول الفاعلة في الأزمة الليبية بالخيار السياسي بدل الحسم العسكري الذي أبان استحالة تحقيقه في ظل ما يلفّ الصراع.

الخبير أمين مداسي: مراهنة تركية متجددة لرفع حضور أنقرة الاقتصادي في شمال أفريقيا، ولا سيما الجزائر

ومن زاوية مغايرة، تشير مريم حمرارس إلى رفض جزائري قاطع لتوجّه أردوغان وتغليبه الحلّ العسكري على الحلّ السياسي، فيما يركّز بن سعدي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، على محاولة بلاده أن تكون محل توافق مع كل الأطراف، وتركيا جزء من هذه الأطراف.

ويحيل السوسيولوجي محمد بوكراس إلى أنّ الجزائر لا تريد اليوم أن تكون طرفاً في أي محور "لأنّ الأمور غير واضحة في ليبيا، والصراع المؤجّل بعد سقوط القذافي يعود اليوم للواجهة، بعد التفرغ من ملف سوريا تقريباً".

ويشرح بوكراس: "أعتقد أنّ للجزائر مصالح مشتركة مع حليفها القديم روسيا، ومع الإمارات وقطر والسعودية ومصر والاتحاد الأوروبي، ومع تركيا الوافد الجديد في المنطقة، وهذه الأطراف كلّها موزّعة على محورين، بما يضع الجزائر في تحدٍّ كبير وهو موازنة المصالح، والتمسك بالحل الليبي - الليبي دون تدخل أجنبي، والحوار بدل التدخل العسكري لأنّ الأخير سيدخل المنطقة لا محالة في دوامة كبيرة".

في غضون ذلك، كشف وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب، عن إبرام بلاده اتفاقاً يقضي بتموين تركيا بالغاز الطبيعي المسال إلى غاية 2024، وأتى ذلك متزامناً مع تأكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون،؛ الأحد؛ توافق بلاده مع تأسيس مجلس تعاون جزائري تركي رفيع المستوى.

اقرأ أيضاً: الجزائر: إرسال أردوغان للمرتزقة السوريين فاقم أزمة ليبيا

وأشار عرقاب إلى أنّ الجزائر تستحوذ على 38% من السوق التركية في ما يخص التموين بالغاز، وأعلن عن شراكة بين مجموعتي "رونيسونس" التركية و"سوناطراك" الجزائرية بـ1.4 مليار دولار، لإنجاز مركب بتروكيماوي لإنتاج البروبيلان والبوليبروبيلان في مدينة أضنة التركية في غضون العام الجاري، على أن يشرع في الإنتاج قبل نهاية العام 2022.

ويقرأ الخبير أمين مداسي ما تقدّم، على أنّه مراهنة تركية متجددة لرفع حضور أنقرة الاقتصادي في شمال أفريقيا، ولا سيما الجزائر، عبر إقرار مشروعات تقفز بحجم مبادلات البلدين التجارية إلى ما يفوق الخمسة مليارات دولار، لكن ذلك في نظر مراقبين جزائريين لن يجعل الجزائر تنخرط في إطار محور أنقرة مع فايز السراج.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية