هل تسعى قطر لإعادة الإخوان إلى السلطة في السودان؟

السودان

هل تسعى قطر لإعادة الإخوان إلى السلطة في السودان؟


29/01/2020

لا يزال اللواء عبد الهادي عبد الباسط، الذي تقدّمه قناة الجزيرة القطريّة على أنّه خبير استراتيجي، ينثر الأكاذيب ويُحرّض العسكر على الانقضاض على الديمقراطية الوليدة في السودان والإجهاز عليها، فيما يسخر من حديثه الشعب السوداني، الذي يعرف سيرته، وقرأ مقاله الوحيد المنشور عام 2012 في صحيفة الإخوان المسلمين (الانتباهة)، والتي كان يملكها خال الرئيس المعزول عمر البشير، المعروف أيضاً. كما يعرف السودانيون جولات عبدالباسط في أحياء الخرطوم الجنوبيّة على ظهر دراجته النارية من أجل رصد المعارضين وتخويفهم وكتابة التقارير الأمنيّة عنهم.

اقرأ أيضاً: قطر والثورة السودانية.. كيف يقاوم السودان الجديد محاولات الدوحة زعزعة استقراره؟
كان ذلك قبل أن تضع جماعة الإخوان المسلمين على كتفيه رتبة لواء، وتُسمِّيهِ مديراً للأمن الاقتصادي، الذي تردّى إبان تولّيه المنصب إلى أسوأ حالاته، فشاع الاتجار بالعملات الصعبة على قوارع الطرق الرئيسية والفرعية في العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى، وعمّ الفساد وانهار الجنيه، نتيجة سوء إدارة هذا الرجل كما أوردت تقارير إخبارية محلية.
رئيس الأركان القطري يحل ضيفاً على الخرطوم

الدعم القطري لجماعة الإخوان السودانية
يعتقد السواد الأعظم من السودانيين أنّ الحكومة القطرّية تسعى عبر مسارات مختلفة وحيل مُبتكرة لإعادة الإخوان المسلمين إلى السلطة في السودان مرةً أخرى، وهذا أمر بالغ الصعوبة بالنسبة للسودانيين، الذين عانوا 3 عقود متواصلة من حكم هذه الفئة، حولت فيها بلادهم إلى مزرعة لتنظيم الجماعة الدولي، وسخّرت كافة مواردها لتمويل أنشطتها الدعوية - السياسية في كافة أرجاء العالم، فيما رزح المواطنون تحت الفقر والفاقة والجهل، لذلك يتوجسون خوفاً من أي تقارب بين الحكومة الانتقالية والدوحة؛ إذ يعتقدون أنّها لن تتورع في إحداث بلبلة وقلاقل لضرب التوجّه نحو تأسيس دولة مدنية ديمقراطية على أنقاض دولة الإخوان المسلمين.
القو ة الناعمة – الاستثمار القطري
يقول الخبير الاستراتيجي؛ أحمد ميرغني لـ "حفريات"؛ إنّ التحركات القطريّة في التعامل مع الملف السوداني لا تنظر أبداً إلى المصلحة العليا للدولتين، بل تُصوّب دائماً نحو مصلحة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، لذلك فإنّ "المواطنين والسياسيين وأجهزة الأمن، تنظر بريبة وشك وتوجّس إلى أي تحرك قطري نحو دعم الحكومة السودانية الانتقالية القائمة، خاصة وأنّ السودانيين لن يسمحوا بوضعهم رهائن لتنظيم الإخوان مجدداً، فقد عانوا منه بما فيه الكفاية".

يعتقد السواد الأعظم من السودانيين أنّ الحكومة القطرّية تسعى إلى إعادة الإخوان إلى السلطة في السودان مرة أخرى

ويضيف ميرغني: إنّ الأسباب الحقيقية لزيارة الفريق غانم بن شاهين، رئيس أركان القوات المسلحة القطرية إلى السودان، لم تُعرف حتى الآن، عدا ما قيل عن جلسة المباحثات المشتركة بين رئيس هيئة الأركان السوداني ونظيره القطري، والتي تناولت أوجه التعاون العسكري في المجالات المختلفة وسبل تعزيزها، ولم يرشح للإعلام شيء آخر، بيد أنّ اجتماعاً مثل هذا لا يستحق زيارة ليومين، بل لساعات فقط، فلماذا مكث رئيس هيئة الأركان القطري 48 ساعة، وماذا فعل خلالها، ومن التقى؟ كلها أسئلة تحتاج إلى إجابات، خاصة عندما نعلم أنّ كثيراً من قيادات الجيش السوداني الحالي لهم علاقة ما بجماعة الإخوان المسلمين.

اقرأ أيضاً: هل لقطر أذرع خفيّة في السودان؟
ويشير ميرغني إلى ما يسميه "خفايا الزيارة"، فيقول لـ "حفريات": إنّه بالتزامن مع زيارة الفريق غانم بن شاهين، شنّت الكتائب الإلكترونية التابعة للحزب البائد، وهي معروفة بالدجاج الإلكتروني في السودان، حملة شعواء على حكومة عبد الله حمدوك وطالبت الشارع بالتحرك ضدها، مبررة ذلك بالغلاء الفاحش في أسعار السلع الرئيسية وشح الخبز والوقود، وهي مشاكل موروثة من النظام السابق، فيما لم يتجاوز عمر الحكومة الانتقالية الراهنة، التي تعمل بجد وقوة لمعالجة خراب 30 عاماً، سوى 3 أشهر.


ليس ذلك فحسب، وإنما الأخطر منه، وفق ميرغني، هو التدخل عبر ما يُسمى بالقوة الناعمة، فلقاء السفير القطري بالخرطوم؛ عبد الرحمن الكبيسي، بوزير المعادن السوداني عادل إبراهيم في مكتبه، وإبداء الأول رغبة بلاده تفعيل الاتفاقيات التي أبرمت مع حكومة الإخوان المسلمين المنصرفة، والمتعلقة بالتنقيب عن المعادن وتصديرها عبر القطاعين؛ العام والخاص القطريين، ودعوة اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، والتي شُكّلت في ظل النظام البائد، للانعقاد في الدوحة، بعد أن التأم شملها في الخرطوم، وتأكيد السفير القطري على أنّ شركة قطر للمعادن (حكومية) لديها مشاريع كبيرة في مجال الطاقة والكهرباء بالسودان، كلها أمور تدعو للشك والريبة والتعامل معها بحذر شديد، خاصة وأنّ قطر هي المركز الثاني عالمياً في احتضان جماعة الإخوان المسلمين، بعد تركيا.
من دواء شافٍ إلى سلاح فتاك
تصدّر هاشتاق "قطر تخدع السودان"، هذه الأيام، قائمة أكثر الهاشتاقات تداولاً على تويتر، حيث ندد مغردون سودانيون وآخرون، بما أسموه "التدخل القطري السافر في الشؤون السودانية"، ومحاولة إعادة حليفتهم؛ جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة مرةً أخرى، عبر شركاتهم الاستثمارية تارة، والدعايات المسمومة التي تبثها كتائب الظل الإلكترونية التابعة لهم تارة أخرى، وعبر الأخبار المفبركة التي تبثها قناة الجزيرة في معظم الأحيان.

خبير استراتيجي: التدخل  القطري عبر ما يُسمى بالقوة الناعمة الأكثر خطورة خاصة عبر الاتفاقيات التي أبرمت مع حكومة الإخوان السابقة

ويُشار إلى أنّ قطر كانت قد أرسلت طائرة محمّلة بأدوية ومعدات طبية كمساعدة إلى (إقليم دارفور) في السودان، الأسبوع المنصرم، وبالتزامن مع ذلك، قالت السلطات السودانية، ممثلة في قوات الدعم السريع إنّها ضبطت شحنة أسلحة مهربة إلى أحد أطراف النزاع في ليبيا، وقال مغردون سودانيون إنّ الشحنة القطرية مهرّبة عبر السودان لدعم ميليشيات حكومة الوفاق الإخوانية بطرابلس، وإنّ ذلك تم بإيعاز من تركيا، الأمر الذي يعتبره السودانيون انتهاكاً صارخاً لسيادة بلادهم وتدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية، ومحاولة بائسة لتقويض الديمقراطية الناشئة وإطاحة حكومة حمدوك والعودة بنظام الفساد والاستبداد الإخواني مُجدداً.

رصد تحركات أذرع قطر
يتوجس السودانيون خيفة من الدور القطري، المدعوم من تركيا؛ لأنهم أكثر شعوب المنطقة اكتواءً بنار الإخوان، بحسب تعبير موسى عبد الغفار؛ أستاذ العلاقات الدولية، في حديثة لـ "حفريات"، ويضيف عبد الغفار؛ "بطبيعة الحال فإنّ قطر تقدّم الدعم للطرف المتشدّد في جماعة الإخوان المسلمين، بقيادة الشيخ عبد الحي يوسف، كما أنّها تفرض نفوذها على بعض قادة الحركات الدارفورية المسلّحة، التي وقعت اتفاقية مع حكومة النظام البائد، تحت رعاية ودعم قطري، على رأسهم قادة حركة التحرير والعدالة، التي كانت جزءاً من النظام السابق، ويمكنها فرض أجندتها عليهم ودعمهم مالياً للعمل على تقويض التوجه الديمقراطي وإعادة الجماعة الإخوانية إلى السلطة، إلا أنّ الحكومة بجناحيها؛ المدني والعسكري، خاصة قائد الدعم السريع، شديدة الانتباه والمتابعة والرصد لهذا الملف، والدليل على هذا ضبط قوات الدعم السريع للطائرة القطرية المحملة بالسلاح إلى ميليشيات طرابلس الإخوانية، فيما ادعت أنّها أدوية لمساعدة السودانيين".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية