تصاعد سخط الأتراك من أردوغان

تصاعد سخط الأتراك من أردوغان


29/01/2020

ياوز بيدر

تمر تركيا بمرحلة حرجة تاريخياً فيما يتعلق بحاضرها ومستقبلها. يتركز جزء كبير من النقاش على سؤال حاسم: هل يستطيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعزيز سلطته حول شخصه والكوادر الموالية له أم أنه سيواجه صعوبات متزايدة في ضمان السيطرة على المؤسسات الرئيسة؟

في ظل الافتقار الواضح لاستراتيجية الخروج بالنسبة له وسط تعمق "أزمة النظام" في تركيا، يبدو السؤال مستعصياً على الحل. يكتنف الغموض الوضع بشكل لم يسبق له مثيل بالنسبة لتركيا وطبقتها السياسية.

ما يفاقم المعضلة نوع التوازن بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وشريكه الأصغر حزب الحركة القومية من جهة وبين كتلة المعارضة من جهة أخرى.

وأشار استطلاع للرأي أجرته مؤسسة متروبول التي تتخذ من أنقرة مقراً لها، وهي إحدى مؤسسات استطلاعات الرأي القليلة الموثوقة، إلى أن تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية يحظى بنسبة تأييد تبلغ 51 في المئة في حين لا يحصل حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي العلماني على أكثر من 25 في المئة. وتراجع شريكه المعارض القومي، الحزب الصالح، لأقل من الحد الأدنى البالغ 10 في المئة اللازم لدخول البرلمان وتشير استطلاعات الرأي إلى أن تأييد حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد يزيد قليلاً على 11 في المئة.

وتختمر حالة من السخط وسط الناخبين بسبب المصاعب الاقتصادية. وأولئك الذين يعارضون التحركات لإرسال قوات إلى ليبيا تزيد نسبتهم قليلاً عن 50 في المئة. ويمثل مشروع قناة إسطنبول المثير للجدل قضية أخرى لا يبدو أنها تقنع أعداداً كبيرة من الناخبين في منطقة بلدية إسطنبول الكبرى الضخمة.

ومع ذلك، قال مدير مؤسسة متروبول أوزر سنكار لموقع (أحوال تركية) إن كتلة "الناخبين المعنية" داخل حزب العدالة والتنمية ليست مقتنعة بما تقدمه المعارضة كبديل سياسي.

وهذا يمثل خبراً ساراً لأردوغان. هذا يتيح له الوقت لبناء مستقبل لصالحه، ولكن كما توضح قناة إسطنبول وليبيا وشرق المتوسط، يبدو أن عقلية "تصرف أولاً وفكر لاحقاً"، لا تحفز البيروقراطية في أنقرة ويتزايد الشعور باليأس.

وعبر زعيم المعارضة الرئيسة في تركيا، كمال كليجدار أوغلو، عن "مخاوف مؤسسية عميقة" في اجتماع مع الصحفيين في الآونة الأخيرة. ولدى كليجدار أوغلو خلفية عميقة الجذور كبيروقراطي في أجهزة الدولة التركية وبالتالي تحظى تصريحاته بأهمية بالغة.

وللمرة الأولى، قال كليجدار أوغلو "اعتماد تركيا على روسيا آخذ في الازدياد. نحن نعتمد على روسيا في 60 في المئة من موارد الطاقة. هذا خطأ. الأهم من ذلك، بدأ (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين في صياغة السياسة الخارجية لتركيا. لبوتين القول الفصل في كل من سوريا وليبيا".

في جزء آخر من الاجتماع، ذكرت تقارير أن كليجدار أوغلو قد دق ناقوس الخطر من محاولات أردوغان المستمرة للسيطرة الكاملة على القضاء التركي وإعادة الهيكلة المستمرة للقوات المسلحة التركية.

الجمود في ميزان القوى بين الحكومة وكتل المعارضة في تركيا، إلى جانب برلمان بلا أي صلاحيات، يخلق فراغاً خطيراً قد يؤدي إلى الانهيار ما لم يهتم أردوغان بالدعوات إلى العودة إلى السياسات المسؤولة ويتخلى عن تحركاته العسكرية في المنطقة.

وقد ألقى تقرير صادر عن مؤسسة الأبحاث والتطوير (راند) الضوء على مفترق طرق يشبه حقل الألغام حيث تجد تركيا نفسها. واستند التقرير جزئياً إلى تقييمات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الداخلية وحذر من أن "تحركات تركيا القوية في السياسة الخارجية تشمل دعم الإسلاميين السياسيين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين - وهي جماعة تعتبرها دول خليجية ومصر منظمة إرهابية - ومحاولتها المطالبة بحصة من ثروة النفط والغاز في شرق البحر المتوسط".

على نفس القدر من الأهمية، يقول التقرير المؤلف من 243 صفحة إن الضباط ذوي الرتب المتوسطة في القوات المسلحة التركية يشعرون "بقلق عميق" من عمليات التطهير التي حدثت منذ الانقلاب الفاشل في عام 2016، وقد يؤدي ذلك إلى محاولة مدمرة أخرى. ويضيف التقرير أن أردوغان على دراية بذلك.

وتحدد مؤسسة راند أربعة سيناريوهات تتراوح بين بقاء تركيا جزءاً من التحالف الغربي إلى "فك الارتباط" على نطاق واسع مع تحالفاتها السابقة والانتقال إلى روسيا والصين ولكنها تترك علامة استفهام على خريطة أردوغان نحو عام 2023 - عام المئوية للجمهورية التركية.

الأمر الواضح هو أن سياساته الحازمة والمغامرة والموجهة نحو الأزمة بدأت في مراكمة الطاقة السلبية تحت خطوط الصدع السياسية لأنقرة.

عن "أحوال" التركية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية