من هو شريك سليماني في قتل العراقيين والأمريكيين؟

العراق

من هو شريك سليماني في قتل العراقيين والأمريكيين؟


02/02/2020

في بحر يومين من الأسبوع الماضي؛ أورد موقع "ديلي بيست" الأمريكي تقريراً مهماً عن أحد مساعدي الجنرال الراحل قاسم سليماني، ودوره في قتل المئات من الأمريكيين والعراقيين، مثلما عرض موقع "المكافآت من أجل العدالة"، التابع للخارجية الأمريكية، تفاصيل عن قائد داعش الجديد وتعقّب خطاه.

ثمة مفهوم جديد في واشنطن قائم على أنّ أيّ صعود لوجود طائفي مسلح في المنطقة سيقابله صعود طائفي بالمقابل

الفكرة هي أنّ هناك رمزَين للعنف الوحشي (الميليشياوي الشيعي والمتطرف الداعشي) باتا تحت دائرة المراقبة، لينهض معها مفهوم جديد باتت تلتزمه الإدارة الأمريكية، بعد أعوام 2003-2008، بتغليب للشيعة، سياسياً وعسكرياً، في العراق، تولّته ضمن خطة ممنهجة من قبل رئاسة جورج بوش، وقائمة على أنّ "الشيعة حليف يمكن الوثوق به في عراق ما بعد صدام حسين"، وغضّ نظر عن النفوذ الإيراني المسلّح والسياسي في العراق والمنطقة، من قبل إدارة الرئيس أوباما (2009-2016) القائمة على أنّ حرب العراق "إرث بوش" الذي يجب التخلص منه وبأي ثمن، فضلاً عن مساومات الاتفاق النووي مع طهران (2015)، وضرورة عدم تعكير الأجواء معها.

إعلان الخارجية الأمريكية مكافأة للقبض على زعيم داعش الجديد
اليوم؛ نهض مفهوم جديد في واشنطن قائم على فكرة أنّ أيّ صعود لوجود طائفي مسلّح في المنطقة سيقابله بالضرورة صعود طائفي بالمقابل، بالتالي؛ التطرف والعنف سيتواصلان مهما بلغت تكاليف مواجهتهما، وهو مفهوم بات يؤكده وزير الخارجية، مايك بومبيو، شديد التأثير في ترامب، بل هو صاحب القرار الفعلي في تصفية زعيم تيار النفوذ الإيراني المسلّح؛ الجنرال قاسم سليماني.

اقرأ أيضاً: الخلافة الإيرانية وتداعيات مقتل سليماني
في الشقّ الأول (التطرف الميليشياوي الشيعي الذي تصاعد خلال إدارة بوش)؛ لم يكن سليماني هو المسؤول الوحيد عن التحريض على الحملة العنيفة ضدّ الولايات المتحدة في العراق، بعد عام 2003، والتي أدّت إلى مقتل 600 جندي أمريكي، إلا أنّه لم يكن وحده في هذا المضمار، فكان من بينهم الجنرال أحمد فروزندة، كما يكشف ذلك تقرير موقع "ديلي بيست".
ويلاحظ الباحث في كلية الدراسات العليا البحرية الأمريكية، أفشون أوستوفار (من أصل إيراني)؛ "كان فروزندة واحداً من أبرز العاملين في ساحة العمليات بالعراق، لكن لم يكن اسمه معروفاً".

اقرأ أيضاً: هل سيتقلص نهج إيران في التمدّد الإقليمي بعد مصرع سليماني؟
وتظهر وثائق اطّلع عليها موقع "ديلي بيست"؛ أنّ فروزندة والحرس الثوري الإيراني قاما بنقل الأسلحة والأموال والجواسيس إلى العراق، واغتيال أمريكيين وعراقيين.
كما ألمحت الوثائق إلى أنّ الرجل الذي ساعد في قتل المئات من الأمريكيين خلال حرب العراق، ربما لم يتقاعد بالفعل منذ أعوام، لكنّه استمر في العمل مستشاراً لدى رؤسائه السابقين بعد فترة طويلة من انتهاء الحرب.
ماذا فعل فروزندة في العراق؟
العقيد دونالد باكون، رئيس العمليات الخاصة والمعلومات الاستخباراتية للتحالف الدولي، قال في مؤتمر صحفي، عام 2007: إنّ "فيلق رمضان" نفّذ عمليات في العراق، وإنّ عناصره مسؤولون عن نقل الأسلحة وتمويل الميليشيات العراقية المتطرفة وتدريب المنتمين إليها في داخل إيران.

اقرأ أيضاً: اهتزاز صورة المرشد في إيران بعد مقتل سليماني
وأضاف تقرير "ديلي بيست": "فيلق رمضان شكّل القوة المكلفة داخل الحرس الثوري لإذكاء روح الفوضى في العراق، على الأقل في الوقت الذي تولى فيه فروزندة قيادته، وقبلها، عندما كان فروزندة نائباً لرئيس الفيلق، عمل مع قيادة "فجر"، وهي القاعدة العسكرية في منطقة الأحواز الإيرانية، وتولت العمليات في البصرة وجنوب العراق".

أحمد فروزندة مساعد سليماني في العراق

زعيم داعش الجديد؟
الحاج عبد الله، أبو عبد الله القرشي، عبد الله قردش، ألقاب تطلق على المدعو أمير محمد عبد الرحمن المولى الصلبي، الذي عين زعيماً لتنظيم داعش بعد أن قتلت غارة أمريكية أبو بكر البغدادي.
ويعدّ الزعيم الجديد "عرّاب" الأيديولوجيا المتطرفة التي ينتهجها التنظيم في العنف والقتل، وللرجل تاريخ أسود في التنكيل بالمدنيين، وسجله حافل بانتهاكات بحقّ النساء والأطفال، خاصة الإيزيديين الذين قاد ضدّهم حملة قمع عنيفة إبان سيطرة التنظيم على مساحات واسعة من العراق.

"ديلي بيست": لم يكن سليماني المسؤول الوحيد عن التحريض ضدّ الولايات المتحدة، بل كان معه الجنرال أحمد فروزندة

ويشير موقع "المكافآت من أجل العدالة" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية إلى الحاج عبد الله بـ "الباحث الديني"، الذي كان من بين القادة غير العرب ضمن صفوف داعش، ولا توجد معلومات مؤكدة حول وقت توطد علاقة الحاج عبد الله بأبي بكر البغدادي، الذي قتلته الولايات المتحدة أواخر عام 2019؛ إذ تشير معلومات إلى أنّهما ربما كانا في سجن بوكا (جنوب العراق) عام 2004.
وأمير الصلبي حاصل على شهادة في الشريعة الإسلامية من جامعة الموصل، وتكشف المعلومات الاستخباراتية أنّ انضمامه لداعش لم يكن أول مراحله في التطرف؛ إذ إنّه كان قد انخرط في صفوف تنظيم القاعدة بالعراق.
وولد الحاج عبد الله لعائلة تركمانية، سكنت بلدة تلعفر، التي تقع في شمال غرب العراق، وتتبع محافظة نينوى، وتركمان العراق يعودون في أصولهم إلى قبائل تركية، وما يزالون يشتركون معهم بالكثير من الروابط الثقافية واللغوية.
ورغم شحّ المعلومات وتضاربها حول الصلبي، إلا أنّ البيانات الاستخباراتية تؤكد تورطه في استهداف الإيزيديين، شمال غرب العراق، والتعامل معهم بعنفهم وذبحهم بما يرقى للتطهير العرقي.

اقرأ أيضاً: ما الذي تكشفه ردّة فعل تنظيم القاعدة على مقتل سليماني؟
ورغم عدم معرفة سبب استهدافه لهذه الأقلية العرقية في العراق، إلا أنّه كان دائماً يجد أسباباً وأذرعاً متطرفة يستند إليها في استهداف الإيزيديين، وذبحهم، وعدم التعامل معهم برحمة على الإطلاق، حتى إنّه كان يشرف في العديد من الأحيان على عمليات قتلهم.


وقال مصدر استخباراتي لصحيفة "الغارديان" البريطانية: إنّ البحث عن الصلبي ما يزال قائماً بشكل حثيث في العراق وسوريا، وحتى في تركيا، خاصة أنّ شقيقه، عادل الصلبي، العضو في حزب "الجبهة التركمانية" العراقي، يقيم هناك وتشير المعلومات إلى أنّهما على علاقة قوية ببعضهما.

اقرأ أيضاً: اغتيال سليماني.. انتشاء "داعشي" وتخوّفات إقليمية
وترجّح أجهزة الاستخبارات التي تبحث عنه أنّه يتنقل بين بلدات غرب الموصل ضمن مجموعات قليلة العدد، خوفاً من استهدافه كما حصل مع البغدادي.
ومع النفوذ المتصاعد للميليشيات الشيعية المتطرفة في العراق وتراجع الدولة والقانون حيالها، يحذّر خبراء من عودة تنظيم داعش الإرهابي، خلال 2020، ويرجحون أنّه قد يكون أقوى مما كان عليه خلال الفترة الماضية، خاصة أنّ مقتل زعيمه "أبو بكر البغدادي" لا تعني نهاية التنظيم.

يحذّر خبراء غربيون من عودة تنظيم داعش الإرهابي خلال 2020، ويرجّحون أنّه قد يكون أقوى مما كان عليه

وقالت آن برادلي، المحللة الاقتصادية السابقة في مكتب أبحاث الإرهاب التابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية: "لا ينبغي لنا أن نفترض أنّ داعش قد هزم وأنّه لن يظهر مرة أخرى في المستقبل".
وأضافت برادلي، التي تعمل حالياً مديرة لصندوق الدراسات الأمريكية لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية: "موت البغدادي هو ثمن باهظ دفعه داعش، لكن ذلك سيتطلب أن يتكيفوا مع الأمر"، فضلاً عن أنّ موت البغدادي لا يمكن اعتباره نصراً كما حصل مع موت زعيم القاعدة أسامة بن لادن.
وقالت المحللة: يجب التذكير بأنّ داعش كان يسيطر على مناطق في سوريا والعراق بحجم بريطانيا، كاشفة أنّ "التنظيم ما يزال يمتلك أصولاً تقدر قيمتها بـ 400 مليون دولار، وقد يستخدمها في تمويل عمليات يمكن أن ينفذها عام 2020".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية