نازح من معرة النعمان لـ"حفريات": قصفونا بالصواريخ العنقودية

نازح من معرة النعمان لـ"حفريات": قصفونا بالصواريخ العنقودية


03/02/2020

تشهد مدينة معرة النعمان، جنوب إدلب، نزوحاً جماعياً لأهالي المنطقة، بعد القصف العنيف بالصواريخ العنقودية على المنطقة، المدعوم بضربات جوية روسية، الذي بدأ يوم الثلاثاء 28 كانون الثاني (يناير) الماضي. وبحسب تقرير نشرته جريدة "عنب بلدي" السورية، بتاريخ 31 كانون الثاني (يناير) الماضي؛ فقد "وصل عدد النازحين نتيجة الحملة العسكرية الأخيرة التي شنّها النظام وروسيا على منطقة "خفض التصعيد" في شمال غرب سوريا، إلى 120 ألفاً من أهالي ريف حلب الغربي، و148 ألفًا و500 من أهالي ريفَي إدلب الجنوبي والشرقي".
وتعدّ معرة النعمان ثاني أكبر المدن على الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بدمشق.
تعدّ معرة النعمان ثاني أكبر المدن على الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بدمشق

بعد السيطرة على المعرة
إلا أنّ المعارك لم تنتهِ عند هذا الحدّ؛ فبعد السيطرة على المعرة، كثّفَ النظام قصفه لريف حلب الجنوبي والغربي. وبحسب تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان؛ تمّ "رصد استهداف قوات النظام لمناطق في ريفي حلب الغربي والجنوبي الغربي، بأكثر من 500 قذيفة صاروخية ومدفعية، وذلك منذ ما بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء (28 و29 كانون الثاني/ يناير الماضي)، وسط استمرار الاشتباكات العنيفة بين الفصائل ومجموعات جهادية من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر، على محاور شويحنة والصحفيين والراشدين الخامسة، غرب حلب، ومحاور أخرى في محيط خلصة وخان طومان جنوب المدينة".

نازح سوري: هناك اتفاقيات من "تحت الطاولة" جرى التخطيط لها، بين تركيا وروسيا؛ منها انسحاب الفصائل دون مقاومة

إلا أنّ الفصائل المعارضة تمكّنت من السيطرة مجدداً "على كتلة الصحفيين بريف حلب الغربي، بعد اشتباكات مع قوات النظام والميليشيات الإيرانية" يوم الجمعة 31 كانون الثاني (يناير) من الشهر الماضي.
أما قوات النظام فقد استمرّت في التقدم على محوري القراصي والقلعجية، جنوب مدينة حلب، فيما قصف الطائرات الروسية مواقع بالقرب من طريق "M5"، وألقت الطائرات المروحية براميل متفجرة على خان العسل بالريف الحلبي، وذلك بحسب تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأضاف التقرير: "بذلك، يرتفع عدد الغارات الروسية إلى 25 على سراقب ومحيطها، في ريف إدلب ومناطق متفرقة من ريف حلب، كما ارتفع عدد البراميل المتفجرة التي ألقتها الطائرات المروحية على سراقب وريفها ومحيط تل مرديخ إلى 16".

ماذا يقول النازح زكريا قيطاز؟
"حفريات" تواصلت مع الناشط السوري من مدينة معرة النعمان، زكريا قيطاز، الذي خرج هو وعائلته جراء القصف من معرة النعمان باتجاه مناطق ريف إدلب الشمالي. يقول زكريا: "في تاريخ 19 كانون الأول (ديسمبر) 2019، بدأ النظام السوري حملته الشرسة على مدينة معرة النعمان، وقصفها بأكثر من مئة صاروخ "أرض أرض" ثقيل، قادرة على هدم بناء بشكل كامل، إضافة إلى غارات الطيران والصواريخ العنقودية المكثفة؛ كي يُجبر السكان على إخلاء المدينة، ومن هذا التاريخ حتى 28 كانون الثاني (يناير) من العام الجاري، كان القصف على المدينة كثيفاً وبشكل يومي، مع تقدّم قوات النظام بشكل سريع نحو المدينة".

اقرأ أيضاً: حين عضّ الجوعُ السوريين في السويداء فهتفوا "بدنا نعيش"
وأضاف زكريا: "بالطبع أنا وعائلتي خرجنا من معرة النعمان بعد عمليات القصف باتجاه مناطق ريف إدلب الشمالي، كونها تعدّ مناطق آمنة نسبياً، نتيجة عدم وصول مدى المدفعيات لهذه المناطق والطيران نادراً ما يقصفها".
القصف، كما وصفه زكريا، "كان شديداً وعنيفاً ومركّزاً على المدنيين، ونتيجة ذلك؛ خسرت مدينة معرة النعمان 25 شاباً خلال يومين، إضافة إلى عشرات الجرحى"، بحسب تعبيره.

كما حدث في الغوطة وحلب
وبعد تمكّن قوات وميليشيات النظام وحلفائه من السيطرة على مدينة معرة النعمان، في أعقاب إطباق الحصار عليها بنسبة 80%، "اتّبعوا أسلوباً مشابهاً للأسلوب الذي اتبعوه في حصار الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وفي حلب والمدن الكبيرة، كي يتجنبوا قتال الشوارع، ويجبروا المقاتلين على ألّا يتحصنوا في الأبنية والخنادق المجهَّزة، ولإجبارهم على الانسحاب خوفاً من الحصار"، وفق زكريا الذي يضيف: "في أقلّ من 24 ساعة من الحصار، وبعد تمهيد بالقصف المكثف على المنطقة، تقدموا بأريحية شديدة، والمعارك التي تمّ خوضها كانت "تحصيل حاصل"، وتمّت السيطرة على المدينة".

قوات النظام السوري وحلفائه اتبعت في معرة النعمان أسلوباً مشابهاً لأسلوب حصار الغوطة الشرقية وحلب والمدن الكبيرة

وفي تعليقه على التصعيد الأخير على المنطقة، قال زكريا: "يبدو أنّ هناك اتفاقيات من "تحت الطاولة" جرى التخطيط لها، بين تركيا وروسيا؛ منها انسحاب الفصائل دون مقاومة، وتثبيت نقاط مراقبة تركية جديدة كي تتمّ محاصرتها كالنقاط التي كانت قبلها، لقد كان واضحاً أنّ ذلك مدروس مسبقاً، وعدم السماح للمقاتلين من "الجيش الوطني" بالدخول إلى إدلب إلا بعد فوات الأوان؛ إذ دخل المقاتلون اليوم (بتاريخ 30 كانون الثاني (يناير)، من ريف حلب الشمالي باتجاه إدلب، ليدافعوا عن المدينة، لكن بعد أن سقطت المنطقة بيد النظام".
وما تبقى من تصريحات وكلام ومؤتمرات واجتماعات، في نظر زكريا "لم يعد له أثر على أرض الواقع، هناك عملية تغيير ديموغرافي تجري في المنطقة؛ إذ يتم إجبار الناس على الخروج من مناطقهم، والاتجاه نحو مناطق ريف حلب الشمالي، والمناطق التي يكون فيها تواجد "كردي"، من أجل تحقيق معادلة وموازنة سكانية، بأن يساوي عدد العرب الأكراد أو أن يكونوا أكثر منهم".
نزحوا باتجاه مناطق "درع الفرات"

النزوح باتجاه مناطق درع الفرات
ويرجع زكريا تحليله لما يحدث بقوله: "عرفنا أنّ النازحين، بعد أن خرجوا، نزحوا باتجاه مناطق "درع الفرات"؛ إذ كانت هناك إحصائيات دقيقة تجريها قوى الأمن التركية والجيش التركي، لا منظمات ولا الإدارة المحلية؛ بل الجيش التركي هو الذي أشرف على هذا الموضوع، ومن خلال الحواجز العسكرية، التي يحصي أفرادها عدد السكان الذي يدخلون المنطقة، ويأخذون منهم معلوماتهم الشخصية، ومن ثم يطلبون منهم تعبئة أوراق استبيان، كي يكونوا على علم بالمناطق التي سيتجهون نحوها".

اقرأ أيضاً: سعي أمريكي لإعادة التموضع ورسم قواعد الاشتباك في العراق وسوريا.. كيف؟
وفيما يتعلّق بمعاناة الناس بعد خروجهم ونزوحهم من مدينة معرة النعمان، قال زكريا: "المعاناة يصعب وصفها، وقد لمستها أنا وعائلتي بشكل شخصي؛ فمنذ ثلاثة أيام وأنا أبحث عن بيت للإيجار، في مناطق ريف حلب الشمالي وريف إدلب الشمالي، لكن دون جدوى، لم أستطع تأمين بيت؛ إذ وصلت أسعار إيجارات البيوت في مناطق ريف حلب الشمالي، لأسعار تضاهي أسعار الإيجارات في إسطنبول، وهذه الشقق تكون من دون مياه وكهرباء، وبخدمات صرف صحي سيئة جداً، وأحياناً لا تكون موجودة"، مضيفاً: "وصل إيجار الشقق هناك إلى 350 دولاراً نتيجة الكثافة العددية الكبيرة في المنطقة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية