هكذا فتك فيروس كورونا بإيران

إيران

هكذا فتك فيروس كورونا بإيران


09/03/2020

لا يعرف أحد بالفعل كيف وصل فيروس "كورونا" إلى إيران في مطلع كانون الثاني (يناير) 2020. ما يبدو أنّه حقيقة حتى الآن، أنّه جاء من الصين، وأنّه انتشر ابتداءً في مدينة قم ذات المكانة الدينية الخاصة في الجمهورية الإسلامية.
يتردّد على المدينة من الصين تجّار وعُمّال وطلبة مسلمون يدرسون في الحوزات العلمية، وهناك إيرانيون أيضاً يترددون على الصين، لكنّ ما لا يرقى إليه الشك يتمثل في أنّ الجمهورية الإسلامية بدت مرتبكة وتائهة، مع انتشار هذا المرض، كما لم تكن طوال 4 عقود، هي عمر الثورة الإيرانية.

اختبار صعب لكفاءة الدولة

لم يختبر كورونا أنظمة المناعة لدى ضحاياه فقط، بل اختبر قبل ذلك وبعده، كفاءة الدول والمؤسسات، عصَف بالاقتصادات، ودفع الجميع لإعادة التفكير في طريقة عيشهم، عرقل قيماً واتجاهات سائدة، وعزز قيماً واتجاهات أخرى، وطرح ثالثة بديلة. فتك كورونا بآخر القلاع المدافعة عن العولمة في جمهورية الصين الشعبية، ليعلن عودة عصر القلاع والكانتونات، مؤقتاً على الأقل، وإنها لمفارقة أساساً أن تتصدر الصين جبهة المدافعين عن العولمة في هذا المشهد الكوني، وإنها لمفارقة أكبر أن ينجح فيروس متناهي الصغر في إحداث كل هذا التغيير في المشهد الكوني الواسع.

لم يختبر كورونا أنظمة المناعة لدى ضحاياه فقط، بل اختبر قبل ذلك وبعده كفاءة الدول والمؤسسات

لم تصدر أي مؤشرات حول ما يبدو أنّها إدارة فاعلة لهذه الأزمة في إيران؛ وتمثّلت أولى مؤشرات الاستهتار باستمرار شركة "ماهان" للطيران بتسيير رحلاتها المعتادة إلى الصين، على الرغم من توقف معظم رحلات شركات الطيران العالمية، كما بادرت وزارة الصناعة والتجارة الإيرانية إلى إرسال مخزون إيران من الأقنعة إلى الصين، وكشفت السجالات بين وزارة الصحة الإيرانية وباقي المؤسسات عن حالة من انعدام المهنية في القرارات الإدارية والسياسية وحتى الصحية، فعلى سبيل المثال؛ عجزت وزارة الصحة عن تمرير قرار بفرض حجر صحي على مدينة قم التي تعتبر البؤرة الأساسية لاحتواء الوباء، في ظل أنباء عن خلافات بين وزارة الصحة التي كانت تميل إلى فرض الحجر الصحي وبين مراكز عسكرية ومراكز دينية رفضت تطبيق ذلك، كما عجزت الوزارة عن الحصول على الدفعة الأولى من قسائم الكشف المبكر عن الفيروس التي وصلت من الصين إلى وزارة الصناعة والتجارة الإيرانية، فجرى توزيعها بين المسؤولين بدلاً من تزويد المستشفيات والمراكز الصحية بها، وهو ما دفع وزير الصحة إلى تقديم استقالته معترضاً قبل أن يقنعه خامنئي بالعدول عن الاستقالة.
انتشر الفيروس ابتداءً في مدينة قم ذات المكانة الدينية الخاصة في الجمهورية الإسلامية

كورونا يكشف حجم الفساد المتفشي
كانت الصين قد أرسلت 5000 قسيمة إلى إيران قبل أكثر من أسبوعين، لكنّ المسؤولين تقاسموا معظم هذه القسائم فيما بينهم، ولم يصل إلى المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية إلا النزر اليسير منها، ولذلك لاحظ المتابع، خلال الأسبوعين الماضيين، الإعلان عن عدد كبير من الإصابات بين المسؤولين ممّن جرى الكشف عن إصابتهم مُبكراً وقبل استفحال المرض في أجسادهم؛ ما مكّنهم من مخاطبة الناس والإعلان عن إصابتهم بالمرض وهم في وضع صحي جيّد نتيجة الكشف المبكر عن الفيروس باستخدام القسائم الصينية.

كشفت السجالات بين وزارة الصحة الإيرانية وباقي المؤسسات عن انعدام المهنية في القرارات الإدارية والسياسية والصحية

ومع نهاية شباط (فبراير) 2020، وصلت الدفعة الثانية من قسائم الكشف المبكر عن الفيروس من الصين، قيل إنّها بلغت 20 ألف قسيمة، فخرج وزير الصحة الإيراني معلناً أنّ الأسبوع القادم سيكون الأسوأ من حيث أعداد المصابين.
تصريحات الوزير لم تكن ناتجة عن رصد انتشار أكبر للمرض، بل مرتبطة بحصول إيران على تلك القسائم، وبالتالي ستتمكن المستشفيات الإيرانية من الكشف المبكر عن الإصابات، وهو ما سيرفع الأعداد المسجلة.
وفي صباح اليوم التالي؛ ظهرت رسالة داخلية من وزارة الصحة إلى إدارات المستشفيات، تؤكد على ضرورة الامتناع عن قبول أي مريض في حالات غير اضطرارية ابتداءً من صباح يوم الأحد 1 آذار (مارس) 2020، وتطلب أن يتم قبول كل الحالات المشبوهة والمشابهة للإصابة بفيروس كورونا تحت أي ظرف، وإعطاء المرض أولوية قصوى، وهو ما يعني أنّ إيران قررت توظيف معظم طاقاتها الصحية لمواجهة كورونا، وأنّ الأزمة دخلت مرحلة مهمة للغاية، وخلال 4 أيام، تضاعفت الأرقام الرسمية لأعداد المصابين؛ حيث وصلت 2336 حالة، كما وصل عدد الوفيات إلى 77 شخصاً، وأعلنت الحكومة الإيرانية تسجيل حالات إصابة في جميع المحافظات الإيرانية الـ 31، كما أعلنت منظمة الصحة العالمية، من جانبها، أنّ فيروس "كورونا" بات مترسخاً في إيران، محذرة من أنّ قلة التجهيزات الوقائية لعمال الرعاية الصحية تعقّد جهود احتواء تفشي الفيروس، وقال المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في المنظمة؛ مايكل راين؛ إنّ الوضع في طهران ليس سهلاً وأنّه على درجة عالية من الخطورة، وأضاف؛ أنّ "الأطباء والممرضين قلقون من عدم توفر الكميات اللازمة من التجهيزات والإمدادات وأجهزة المساعدة على التنفس والأكسجين".
تزايدت الشكوك بشأن إصابة مزيد من المسؤولين بفيروس كورونا

زلزال سياسي على شكل فيروس
كان المرض قد انتقل إلى طهران، رسمياً، مع إصابة مدير بلدية إحدى مديريات العاصمة، ليتم بعد ذلك توقيف عمل مجلس بلدية العاصمة، ثمّ تتالت الأسماء؛ إذ أكدت مصادر أنّ كلاً من مساعد وزير الصحة، والمتحدث باسم الحكومة أصيبا بالمرض، إلى جانب حوالي 10 من نواب البرلمان، حيث تمّ الإعلان عن تعليق عمل البرلمان حتى إشعار آخر، ما أدى إلى توقف العمل على مناقشة الموازنة العامة.

اقرأ أيضاً: إيران تلوّح باستخدام القوة لمواجهة الكورونا..
وبسرعة كبيرة؛ ترك انتشار وباء كورونا تأثيراً عميقاً في ملامح المشهد السياسي في إيران، وكشف عن مكامن الضعف في مؤسسات الدولة وجهازها الإداري، وأظهر نقاط الصّدع في جسد الاقتصاد الإيراني المنهك بفعل العقوبات والفساد وسوء الإدارة، وإلى جانب العيوب التنظيمية في طهران، ثبت أنّها تعاني من عجز كبير في الثقة العامة؛ فلم يصدّق المواطنون أي مزاعم من جانب المسؤولين بخصوص فيروس كورونا.

عجزت وزارة الصحة عن تمرير قرار بفرض حجر صحي على مدينة قم التي تعتبر البؤرة الأساسية لاحتواء الوباء

وفي غضون ذلك؛ انتشرت نظريات المؤامرة حول من يقف وراء انتشار الفيروس في إيران، وبدلاً من التركيز على العيوب الواضحة في الاستجابة لهذه الأزمة، أمضى المسؤولون في طهران الكثير من الوقت مرة أخرى بالتركيز على توجيه أصابع الاتهام نحو "أعداء" مجهولين، كما أشار الرئيس حسن روحاني.
أمّا على صعيد البرلمان الإيراني؛ فقد أكّد نواب البرلمان أنّ المرشد الأعلى أصدر أمراً بإحالة مشروع الموازنة العامة إلى مجلس نيابة الدستور للنظر فيه، دون الحاجة إلى مناقشتها في البرلمان، الذي كان قد رفض المشروع وأعاده للحكومة، ومن الواضح أنّ النظام قد وجد "كورونا" فرصة للمضي في أجندته بمنح دور تشريعي أكبر للمؤسسات غير المنتخبة، ذلك بعد أن أعلنت السلطات تعليق عمل البرلمان نتيجة تفشي الفيروس بين النواب، وتؤكد آخر الأرقام الرسمية أنّ 23 من نواب البرلمان مصابون بالوباء، لذلك تم تعطيل البرلمان، وقال المتحدث باسم الحكومة صراحة إنّ القرارات سيتخذها مجلس رؤساء السلطات الثلاث، وهو سيسن القوانين، ما يعني تعطيل عمل البرلمان نهائياً، والتحوّل إلى حالة أشبه بالأحكام العرفية.


ووسط هذا الارتباك، تزايدت الشكوك بشأن إصابة مزيد من المسؤولين بفيروس كورونا، وبدا أنّ كل مسؤول يريد تجنّب ظهور إشاعة إصابته بالمرض، فعليه أن يظهر للعلن بشكل متواصل، وحرص المتحدث باسم الحكومة الإيرانية مراراً على طمأنة مخاطبيه حول صحة الرئيس، خاصة بعد إصابة معصومة ابتكار؛ نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والتي تتواجد عادة بشكل دائم في مقر الرئاسة الإيرانية في "باستور"، كما طالت الإشاعات وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الذي غاب عن الظهور العلني لأكثر من أسبوعين، خاصة بعد الإعلان عن إصابة حسين شيخ الإسلام؛ المستشار السابق لظريف، وقالت وسائل إعلام إيرانية إنّ نائباً في البرلمان (فاز في الانتخابات التي أجريت يوم 21 شباط/ فبراير)، توفي بسبب إصابته بفيروس كورونا، كما أعلن مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، في بيان، عن وفاة محمد مير محمدي؛ العضو في المجلس بفيروس كورونا، وتوفيت والدة محمدي في أحد مشافي مدينة قم نتيجة إصابتها بالفيروس، وهي شقيقة المرجع الديني؛ موسى شبيري زنجاني، الذي يخضع للحجر الصحي بعد وفاة المسؤول التنفيذي والمالي في مكتبه جراء الإصابة بالفيروس.
ووسط كل هذه الفوضى خرج خامنئي مطالباً الناس بعدم القلق من كورونا قائلًا؛ إنّ "كورونا ليس كارثة كبيرة، اقرأوا الدعاء السابع في الصحیفة السجادیة"!
شلل تام في الحياة العامة
بدأت حملات التعبئة الشعبية ضد المرض، وتوقفت الحياة اليومية بشكل شبه كامل مع مطلع آذار (مارس) الجاري، فتوقفت الأنشطة الاجتماعية؛ المسارح، ودور السينما، وصالات الأفراح أغلقت أبوابها، وتوقفت صلاة الجمعة في المساجد الجامعة، وتراجع الإقبال على المساجد والحسينيات بشكل عام، وجرى وقف عبادة الاعتكاف نهائياً، كما توقف التدريس في الحوزات العلمية، وعُلقت الدراسة بالمدارس والجامعات، وجرى تطبيق نظام المناوبة والعمل عن بعد في الدوائر الحكومية، وأصدرت وزارة التربية والتعليم برامج متعددة للتعليم عن بعد عبر شبكة الإنترنت وعبر محطات التلفزة الحكومية، لكنّ تفاعل الطلبة والأهالي مع هذه البرامج جاء ضعيفاً، وعملياً يمكن القول إنّ عطلة عيد النوروز (رأس السنة الفارسية)، قد بدأت مبكراً جداً هذا العام في إيران، وقد تستغرق شهر آذار الجاري كاملاً.

 

آثار اقتصادية مدمرة
دخلت الأسواق الإيرانية في حالة ركود حادة جداً، على الرغم من اقتراب عيد النوروز وعطلة رأس السنة الإيرانية، التي تحمل معها عادةً نشاطاً كبيراً في الأسواق، وأكدت شركات القطارات أنّ أكثر المسافرين استعادوا تذاكرهم التي اشتروها لعطلة العيد، وأعلن غلام حسين محمدي (مسؤول في بلدية طهران)، عن انخفاض حاد في استخدام المترو من قبل المواطنين الإيرانيين، وتراجعت أسعار تذاكر الطيران بنسبة تزيد عن 25 بالمئة على مختلف الخطوط الداخلية، علماً بأنّها تشهد في مثل هذا الوقت من العام ارتفاعاً يزيد عن 100 بالمئة، كما أعلنت العديد من المدن أنّ مرافقها السياحية مغلقة في وجه السياح القادمين من باقي المحافظات، وظهرت أولى التقديرات الإيرانية حول تداعيات انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد الإيراني؛ حيث جعلت مصادر غرفة التجارة الإيرانية الحد الأدنى للخسائر المالية للحكومة بسبب انتشار المرض عند 100 – 120 مليون دولار يومياً في حال لم تفرض الحكومة الحجر الصحي ولم تعطل الحياة الإدارية، أمّا الدولار والذهب فقفزت أسعارهما في الأسواق بعد انخفاض طويل، بعدما تجاوب السوق مع القلق من احتمال توسع عدوى "كورونا" وتداعيات ذلك على الاقتصاد.

اقرأ أيضاً: إيران تواصل تضليل مواطنيها حول الكورونا..
ومن جهة أخرى، قامت الحكومة بإلزام البنوك بتأجيل مواعيد تأدية القروض البنكية لشهرين إضافيين، وتمديد بطاقات التأمين الصحي حتى نهاية الشهر الإيراني الأول من العام الجديد، كما أعلنت استمرار حالة التعليم التلفزيوني لثلاثة أشهر، وأعلنت وزارة الاتصالات أنّ الإنترنت سيكون مجانياً لمواقع التدريس عن بعد.
العسكر يدخلون على خط الأزمة
على الصعيد الأمني، ظهر إيرانيون في مقطع فيديو وهم يحرقون مستشفى حكومياً في مدينة بندر عباس جنوبي إيران، بعد تداول أنباء عن وجود مصابين بفيروس كورونا داخل المستشفى، في خطوة تظهر انعدام الثقة والتوتر المنفلت بسبب عدم الثقة في البيانات والأرقام الحكومية، واعتقلت السلطات الإيرانية شخصاً صوَّر تكدّس أعداد كبيرة من الجثث بسبب كورونا في مستشفى مدينة قم المركزي.

عُلّقَ عمل البرلمان الإيراني بسبب إصابة 10 نواب بالفيروس، ما أدى إلى توقف العمل على مناقشة الموازنة العامة

وأعلن "الحرس الثوري" عن برنامج لتنظيم 300 ألف عضو في منظمة الباسيج في وحدات، وإرسالهم لباب البيوت في حملة عامة لتمشيط الشارع عن حالات الإصابة بالمرض، ودعا الشارع إلى عدم التعاون مع هذه الوحدات، وسط انتقادات لفاعلية مثل هذه الخطوات واحتمال تأثيرها في توسيع العدوى، كما أعلنت قيادة الأركان العامة تأجيل موعد الخدمة العسكرية لشهرين، لكل من آن أوان خدمته العسكرية في آذار (مارس) 2020، وأعلنت عن تخصيص 7.5 طن من المعدات الصحية لمواجهة الوباء، مؤكدة أنّها فرّغت نحو 15 ألفاً من العاملين ضمن الكوادر الطبية التابعة لها مكافحةً للمرض.
وانتشرت أنباء عن وفاة اثنين، على الأقل، من السجناء في سجون طهران وأورومية، بأعراض یُشتبه أن تکون ناتجة عن فيروس کورونا، وحذّرت مصادر حقوقية من احتمالات تعرّض الآلاف من السجناء الموجودين في السجون الإيرانية لفيروس کورونا.

اقرأ أيضاً: آخر تطورات الكورونا في الدول العربية وإيران
ورداً على المخاوف حول احتمال إصابة "نازنين زاغري" بالفيروس؛ أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية؛ غلام حسين إسماعيلي، يوم الثلاثاء 3 آذار (مارس) الجاري، أنّ حالتها الصحية جيدة، لكنّ "ريتشارد راتكليف"؛ زوج السجينة الإيرانية – البريطانية في سجن إيفين بطهران، قال، في تصريح أدلى به لقناة "إيران إنترناشيونال"؛ إنّ "السلطات القضائية منعت زوجتي من إجراء اتصال هاتفي معي، وحتى الآن لم يتم إجراء أي تحليل لها لتحديد إصابتها بفيروس كورونا.

 

 

أمريكا وسياسة اقتناص الفرص
واصلت إدارة الرئيس الأمريكي؛ دونالد ترامب، محاولاتها إحداث اختراق في الإجماع القائم داخل النظام الإيراني، بشأن المواجهة مع الولايات المتحدة عبر تقديم مقترحات ودّية لمساعدة إيران في التغلب على أزمة كورونا، وقال ترامب؛ "إذا كنّا نستطيع مساعدة الإيرانيين في هذه المسألة، فنحن على استعداد بالتأكيد للقيام بذلك... الشيء الوحيد الذي يتعين عليهم القيام به هو طلب ذلك، سيكون لنا اختصاصيون رائعون هناك"، وكانت الإدارة الأمريكية أعلنت عن توفر خط إغاثي إنساني إلى إيران عبر السفارة السويسرية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية