التطرف في زمن كورونا: هل حرّض إسلاميون مغاربة ضدّ الحجر الصحي؟

كورونا

التطرف في زمن كورونا: هل حرّض إسلاميون مغاربة ضدّ الحجر الصحي؟


24/03/2020

خرج العشرات من المواطنين المغاربة لشوارع في مدن طنجة وفاس وسلا، للتهليل والتكبير، مرددين أدعية دينية، من أجل إبعاد فيروس الكورونا عن المغرب، غير مبالين بحالة الطوارئ الصحية التي فرضها المغرب للحماية من انتشار فيروس كورونا.
وأثار ذلك موجة من الاستياء في صفوف نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أنّ هذا الاستهتار سيُهدّد صحة المواطنين.

أطلق نشطاء مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي مبادرات للتطوع من أجل مساعدة الفقراء لمواجهة أزمة فيروس كورونا

مشاهد وصفها البعض بـ "الصادمة" لشباب يتجمعون ويسجدون على أرض، مرددين "الله أكبر"، في ساعات متأخرة من الليل، وهم يخرقون الحجر الصحي.
وتعليقاً على ذلك، كتب سعيد الكحل الباحث في قضايا الاسلام السياسي تدوينة على فيسبوك: "إنّ معظم المدن التي يسيرها الإسلاميون خرقت الحجر الصحي في مظاهرة منسقة بالتوقيت".
وفي حديثه لـ "حفريات"، قال الكاتب والإعلامي المغربي، عبد المجيد فنيش: "الذين خرجوا يجوبون بعض شوارع في مدن مغربية، في أوج الحظر الذي لا بديل له ولا عنه، هؤلاء الذين نسوا من جهلهم أنّ الله معهم في كلّ حين وحيز، وأنّ الله الذي خرجوا ليلاً يتضرعون إليه، هو الله الحقّ الذي حرّم إلقاء النفس إلى التهلكة، وإنّه تعالى حرم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. "

اقرأ أيضاً: إحصائيات جديدة للكورونا في العالم العربي
ويُضيف الكاتب المغربي: "حقاً إنّ الجهل يفعل بصاحبه ما يفعل العدو بعدوه، ولا شكّ في أنّ فيروس كورونا الآن في أبهى أوقاته، فقد وجد مساكن جديدة تأويه وتنشره".

"السيطرة على الأرواح الخائفة"
ويشار إلى أنّ عدداً من الفنانين المغاربة دعوا إلى ترديد النشيد الوطني عبر النوافذ والشرفات، وكما طالب البعض بضرورة أن يُقرأ القرآن أيضاً، لكن سرعان ما خرج عدد من المواطنين من بيوتهم للتكبير في الشارع والسجود في مسيرة احتجاجية ضدّ الفيروس.

اقرأ أيضاً: عالم ما بعد كورونا

ومن جهته، أشار الكاتب المغربي، سعيد ناشيد، في تدوينة على فيسبوك، إلى أنّه "لا شكّ في أنّ خروج المظاهرات في مدن مختلفة، وفي توقيت متزامن، يضعنا أمام فرضية وجود عمل تنسيقي من قبل مجموعات عمل تحاول استغلال الانفعالات السلبية التي تثيرها الجائحة كي تُسيطر على الأرواح الخائفة، لا سيما بعد أن حرمتها حالة الطوارئ من التجمعات التي تنشط فيها ."

"صمت الإسلام السياسي"
وأضاف الكاتب المغربي: "كما أنّ مواصلة عديد من الكتائب الإلكترونية هجومها على الفنانين المغاربة، وعلى الفن عموماً، بدعوى أنّنا في زمن يشبه "أهوال القيامة" فلا يليق غير الاستغفار، معناه أنّنا أمام فرضية راجحة".
ويتابع ناشيد: "صمت الإسلام السياسي، الموصوف رسمياً بالاعتدال، أمام شياطين الفتنة، سواء في هذه الظروف أو ظروف قبلها، وإصرار كتائبه على الاستهانة أو الإنكار، يُحيلنا إلى أخلاق الجبن والتقية والنفاق، لكنه يحيلنا أيضاً إلى الخلاصة السياسية التالية: لا يمكن للدولة أن تواجه الغلو في الجهل بجهل معتدل".

اقرأ أيضاً: نعومي كلاين: كيف نهزم "رأسمالية الكورونا"؟
ويختم تدوينته قائلاً: "في معارك الجهل ينتصر الجهلة الأكثر جهلاً بالضرورة، وخلاصة أخرى أقولها للنبهاء حصراً: "بعد كلّ كارثة أو جائحة من هذا الحجم، تتغير موازين القوى ومنظومة العلاقات بالضرورة، هذا ما يُخبرنا به التاريخ، فإما أن نتحكم في التغيير أو أن الثور الأعمى سيدوسنا جميعاً".

"الأوبئة تثور أحياناً ضدّ الإنسان"
وتساءل بعض النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي: "هل للجماعات الإسلامية دور في خروج مواطنين مغاربة إلى الشارع لخرق الحجر الصحي؟". 
وكان محمد عبادي، أمين عام جماعة العدل والاحسان، صرّح بأنّ الأوبئة هي جند من جنود الله، خلقها الله لخدمة الإنسان.

وفاة امرأة طاعنة في السنّ بكورونا، في ضواحي مدينة الدار البيضاء؛ دحض الأفكار المغلوطة بأنّ الفيروس لا يُصيب المغاربة

وأضاف عبادي، في فيديو بثّه على قناة الشاهد التابعة للجماعة نفسها: "هذه الأوبئة تثور أحياناً ضدّ الإنسان، وتفتك بمئات وآلاف وملايين البشر، مع أنّ الأصل في خلقها هي أن تكون في خدمة الإنسان".
وتابع شيخ الجماعة: " تثور الأوبئة في وجه الإنسان عندما يتخلى عن وظيفته، فتغضب لله وتنتقم لله، فهي جند من جنود الله يسخرها الله سبحانه تعالى، عزّ وجل، ليؤدب بها الإنسان ليرجع إلى مولاه".
ورأى عبادي؛ أنّ "هذه الأوبئة ظاهرها نقمة وفي طيها نعمة، فهي من رسائل الله التي تدعو الإنسان ليرجع إلى ربه ليسعد في هذه الدنيا وفي الآخرة".
وقال عبادي: "الغاية من تسخير الله لهذه المخلوقات لإيذاء الإنسان الأصل فيها هو إرجاع الإنسان إلى الهداية وعبادة الله ."

اقرأ أيضاً: كيف جاءت استجابة دول الخليج في مواجهة كورونا؟

وتتباين ردود الأفعال حول انتشار فيروس الكورونا في المغرب من منطقة إلى أخرى، بين الخوف أو الاستهتار.
وأثار خبر وفاة المرأة الطاعنة في السنّ، المصابة بفيروس كورونا، الكثير من الهلع والخوف بصفوف الأهالي في حي التشارك، ضواحي مدينة الدار البيضاء؛ حيث كانت تتواجد قبل نقلها إلى المستشفى. وهذا ما دحض جميع الأفكار المغلوطة لدى السكان بأنّ الفيروس لا يُصيب المغاربة وأنّهم بمنأى عنه.
"أغلب سكان الحي خائفون، لا سيما أنّ المصابة قبل وفاتها كانت قد أشرفت على وليمة تواجدت فيها نساء من الحي، بمناسبة وفاة زوج أختها، الذي وافته المنية قبل مجيئها من إيطاليا"، تقول نعيمة التي تسكن في الحي لـ "حفريات".

وتُضيف المرأة البالغة من العمر 60 عاماً: "كان في الوليمة 30 امرأة، ولم يكن أحد حينها لديه أية فكرة عن وجود الوباء، وأنّه منتشر في إيطاليا ويقتل الناس".
وترى المتحدثة ذاتها؛ أنّه بمجرد ما عُرف في الحي أنّ السيدة القادمة من إيطاليا مصابة بفيروس كورونا، وأنّ السلطات والأطباء جاؤوا لأخذها، انتشر الخوف والهلع من أن ينتقل الفيروس لعدد كبير من سكان، مشيرةً إلى أنّ الخوف تضاعف بعد وفاتها.

اقرأ أيضاً: كورونا يحصد الأرواح في إيطاليا وأمريكا ويجعلهما أكثر الدول المتضررة.. آخر التطورات
وتابعت: الفيروس لا يُصيب المغاربة، إنّه مجرد مؤامرة وكذبة، هي أفكار كانت تروج في الحي قبل اكتشاف أول حالة فيه مصابة بفيروس "كوفيد 19".
"الناس أميون.. لا نعرف شيئاً عن الفيروس"
"هذا الحي هامشي، والناس أميون، لا نعرف شيئاً عن الفيروس، ونشعر بالخوف من أن ينتشر المرض، لا سيما عندما سمعنا أنّها ماتت"، يقول إسماعيل، شاب يبلغ 36 عاماً، يعيش في الحي.
ويُضيف إسماعيل في حديثه لـ "حفريات": "في البداية كُنت أظنّ أنّ الوباء مجرد إشاعات وأنّه غير موجود، لكن عندما جاء الأطباء لنقل السيدة، وعقموا العمارة التي كانت تتواجد فيها، أدركت أنّ الوباء موجود".
وفي الوقت الذي يتعاطف البعض مع أسرة الراحلة، ينحي البعض عليها باللائمة، معتبرين أنّها جلبت لهم فيروس كورونا للحي.


وأعرب شاب في مقتبل العمر عن غضبه لوجود حالة في حيّه، وجاء ذلك في فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ودعا الشاب المغاربة المقيمين في الخارج بالبقاء في أوروبا، وألا يجلبوا للمغرب المرض، ووصفهم بعبارات عنصرية، وحمّلهم مسؤولية تسجيل المغرب لحالات مصابة بمرض "كوفيد 19".
التهافت لشراء السلع
وقبل الإعلان عن الحجر الصحي بالمغرب، توافد عدد كبير من المغاربة على مراكز التسوق، لشراء كميات كبيرة من المواد الغذائية، ما أثار الكثير من الجدل، ورأى البعض أنّ هذا الازدحام من شأنه أن يزيد من عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا.

اقرأ أيضاً: وباء "كورونا" إذ يصيب دعاة الخطاب الديني
وتقول خديجة، أرملة تعيش في حي سيدي مومن، لـ "حفريات": "من لديهم إمكانيات يتهافتون على السلع لتخزينها، يُشعرني هذا بالحزن لأنّ لا أحد يهتم بالفئات التي ليس بمقدورها الشراء".
وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مبادرات للتطوع من أجل مساعدة الفقراء في هذه الأزمة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية