شوارع السعودية خالية بسبب كورونا: الترقب سيد المكان

كورونا

شوارع السعودية خالية بسبب كورونا: الترقب سيد المكان


30/03/2020

فيما بدت الشوارع خالية والصمت سيد المكان، ينتاب المرء في مدينة الرياض شعور كما لو أنّ ذلك الهدوء هو ضرب من سكون أيام الأعياد؛ حيث تسكن شوارع الرياض في صباحاتها من أصوات السيارات والمارة.
لكن، هذه المرة، سيتمدّد موسم الحزن، لا الفرح، في سكون المدن السعودية على مدى أسابيع، لتخلو تلك الشوارع إلا من خطوات فيروس كورونا الذي ألزم العالم بردود فعل واحدة حيال ما جلب من موت متنقّل بين مدن العالم، منذ ظهوره في مدينة ووهان الصينية قبل أشهر!

اقرأ أيضاً: الإمارات تكافح فيروس كورونا في سوريا
إجراءات عديدة ظلت حكومة المملكة العربية السعودية تتخذها باستمرار لمواكبة تطورات أحداث مرض كورونا، كان آخرها؛ إصدار الملك سلمان أمراً ملكياً بحظر التجول في جميع مدن المملكة، منذ يوم الإثنين 23 آذار (مارس) لمدة 21 يوماً.
تخلو تلك الشوارع إلا من خطوات فيروس كورونا

تحديث الإجراءات
أمس، الأحد، وفي تحديث للإجراءات، أعلنت الداخلية السعودية، تقديم موعد منع التجول في محافظة جدة ليكون ابتداء من الساعة الثالثة مساء، وتعليق الدخول والخروج منها.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن مصدر في وزارة الداخلية قوله إنّه تنفيذاً للإجراءات الاحترازية الإضافية للحد من انتشار فيروس كورونا الجديد، فقد تقرر تقديم موعد منع التجول في محافظة جدة ليكون ابتداء من الساعة الثالثة مساء من يوم الأحد 29 آذار (مارس) الجاري.

التفاعل الذي أبداه بعض المشاهير الذين أصيبوا بفيروس كورونا عكس بدوره أهمية المشاركة الوجدانية والحديث عن المرض

وأشار المصدر إلى أنّه تقرر تعليق الدخول والخروج من محافظة جدة، وأنّ قرار التعليق يطبق حتى انتهاء مدة منع التجول المحددة بالأمر الملكي الصادر في يوم الإثنين 27 رجب 1441 هجرية.
ولا يشمل قرار التعليق الفئات المستثناة في قرار منع التجول، مع مراعاة أن يكون الاستثناء في أضيق نطاق ووفق الإجراءات والضوابط التي تضعها الجهة المعنية.

وأكد المصدر أنّ استمرار تعاون جميع المواطنين والمقيمين في تنفيذ الإجراءات الاحترازية، سيكون له أبلغ الأثر في إنجاح الإجراءات المتخذة، وتمكين الجهات الصحية المختصة من تقديم الرعاية الطبية الأفضل، لمنع انتشار الفيروس والقضاء عليه، ضماناً لسلامة الجميع.
 تداعى الناس إلى مراكز التسوق من أجل تخزين المواد الغذائية

إعلان الحجر الصحي في البيوت
وقبل إعلان الحجر الصحي في البيوت؛ انتشر مقطع صوتي على الواتساب لطبيب سعودي، حذّر فيه الناس من خطورة فيروس كورونا بطريقة درامية شديدة التأثير أثارت الرعب في كلّ من استمع له، وكان ذلك من أثر الخوف الذي انتظم العالم بأسره من الخطر القادم لفيروس كورونا، وما لبث بعد ذلك أن تداعى الناس إلى مراكز التسوق من أجل تخزين المواد الغذائية والإقبال على مولات التسوق الشهيرة في الرياض، مثل: "العثيم"، " بندة "، "السدحان".

اقرأ أيضاً: هكذا تواجه غزة المحاصرة فيروس كورونا
ومن خلال التفاعل مع يوميات كورونا، طورت مراكز التسوق الغذائية الكبيرة، مثل متجر " بندة"، طرقاً تتواءم مع مسلك "التباعد الاجتماعي" أو "التباعد الجسدي"؛ حيث يجد المتسوق لوحات إرشادية على أرضية المول تعكس خطوات تطبيقية في تنفيذ سلوك "التباعد الاجتماعي"، مما يجعله تلقائياً أكثر قدرة على الانسجام في أداء ذلك السلوك.
كانت للمملكة تجربة سابقة مع فيروس كورونا من نوع آخر، عام 2012، وهو فيروس أخف ضرراً من فيروس "كوفيد 19" المستجد، وسمِّي في ذلك الوقت "فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية" لهذا كانت الإجراءات التي اتخذتها المملكة مبكرةً مع ظهور وانتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، مثل تعليق الدخول إلى المملكة للمعتمرين من كافة أنحاء العالم، في جملة من القرارات المتسارعة التي كان من ضمنها كذلك؛ تعليق صلاة الجمعة والجماعات في الحرمين الشريفين، وكافة مساجد المملكة العربية السعودية.

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا: خمسة أسباب لتشعر بالتفاؤل رغم تفشي الوباء
لعلّ هذه هي المرة الأولى التي يشهد السعوديون في المملكة إغلاقاً للحرمين وتعليقاً للجمع والجماعات، في واقع لم يتصور أحد أن تصل فيه خطورة فيروس كورونا إلى هذه الدرجة.
المرة الأولى التي يشهد السعوديون في المملكة إغلاقاً للحرمين

تصاعد وتيرة الإصابات
تسارعت القرارات التي اتخذتها المملكة مع تصاعد وتيرة الإصابات بالفيروس، منذ يوم 2 آذار (مارس) الجاري، حين تمّ اكتشاف أول حالة لكورونا في مواطن سعودي، كان قادماً من إيران، وهكذا بدأت القرارات تتصاعد إلى أن تمّ، الإثنين الماضي، إصدار أمر من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بمنع التجول، للحدّ من انتشار فيروس كورونا المستجد، ابتداءً من السابعة مساءً وحتى الساعة السادسة صباحاً، لمدة 21 يوماً من مساء الإثنين 28 رجب 1441هـ، الموافق 23 آذار (مارس) 2020، مع عقوبات جزائية.

غابت ردود فعل من كانوا يعرفون سابقاً بمشائخ الصحوة الذين طالما كانوا نجوماً في مثل هذه الأحداث الكبرى

ورغم الإجراءات الصارمة إلا أنّ طبيعة الناس وعاداتهم تتململ من الجلوس والمكوث في البيوت، لا سيما أنّ المجتمع السعودي تميز بالطابع الاجتماعي في علاقاته من مناسبات ولقاءات عائلية في الاستراحات (وهي مضافات  خارج الرياض يقضي فيها كثير من السعوديين من مختلف الأعمار ، ولا سيما الشباب، أمسياتهم ويسهرون فيها خلال العطل الأسبوعية) لهذا كانت حالات الإصابة بفايروس كورونا المستجد  في غالبيتها ناتجة عن اكتساب العدوى من خلال مخالطة حالات سابقة، وارتبط بعضها بحضور مناسبات اجتماعية؛ كالتجمع للعزاء، واللقاءات العائلية، كما جاء في تقرير وزارة الصحة على موقعها الإلكتروني.
وفيما كانت العاصمة السعودية، الرياض، تشهد مؤخراً نشاطات وحفلات ومهرجانات مختلفةً في عدد من المجالات الترفيهية، كان آخرها المهرجان العالمي لسباق الخيل تحت عنوان "كأس السعودية"، بدا الحظّ معاكساً لأحد أشهر مناسباتها الثقافية التي تتم عادة في شهر آذار (مارس) من كلّ سنة، وهو معرض الرياض الدولي للكتاب الذي تنتظره دور النشر العربية بفارغ الصبر؛ لما يتميز به هذا المعرض من فعاليات وقوة شرائية وتنظيم مرموق.

اقرأ أيضاً: هل ينجو النظام الإيراني من صدمة فيروس كورونا؟
الحياة في مدينة الرياض متعددة المستويات؛ نظراً لكونها مدينة يعيش فيها الملايين، وتستقطب في داخلها جنسيات مختلفة من كافة أنحاء العالم، لكن طبيعة الحياة المتصلة بمجال الأعمال عززت في المقيمين سلوكاً أقرب إلى الانتظام المدني، الأمر الذي سيسهل إمكان التأقلم مع تعليمات الحجر الصحي المنزلي وحظر التجوال.

حياة رقمية
في الرياض أيضاً، ونظراً للبنية التحتية التي تتمتع بها المدينة في مجال الاتصالات والإنترنت ثمة حياة رقمية بدت طاغيةً على ساكنيها، سواء لناحية التسوق الإلكتروني، أو لناحية جلب الطلبات إلكترونياً، عبر تطبيقات عديدة للمطاعم والمقاهي المنتشرة بماركاتها العالمية في مختلف أحياء الرياض.

اقرأ أيضاً: هل ستقلب البشرية صفحة كورونا نحو مستقبل أفضل؟
هذا يعني أنّ إمكانية التواؤم مع الحجر الصحي الذاتي ستلقى استجابة واسعة وكبيرة، كما أنّ الغرامات التي تترتب على المخالفات رسخت في وعي المواطنين والمقيمين صرامة معهودة في الإيفاء بها، حتى لا تتضاعف.
الهواجس والمخاوف تخترق الجميع في المملكة، سواء كانوا مواطنين أم مقيمين، وليس غريباً أن ترى في الصيدليات ولدى مقدمي الخدمات، مثل شركات الاتصالات وغيرها، تفضيلاً لدفع الحساب عبر بطاقة الصراف بدلاً من استلام النقود الورقية، وفيما يبدو المشتري خائفاً أيضاً، لاحتمال مرور العدوى من بين أصابعه عند استخدام ماكينة الدفع، إلا أنّه سيتعين عليه القبول حتى لا تفوته الخدمة!

اقرأ أيضاً: هل قضى كورونا على ابتزاز أردوغان لأوروبا بورقة اللاجئين؟
في أزمنة الأوبئة يخاف الناس أكثر؛ لأنّ فوبيا العدوى من الفيروس القاتل وخفائه عن العين سيصيب الجميع بالحذر المفرط؛ حدث ذلك معي فيما كنت خارجاً من المنزل ليلاً (قبل إعلان حظر التجول بيوم واحد) وحين توهمت سيارة صديقي في ملامح سيارة أخرى، وأشرت بيدي لصاحب السيارة ظاناً أنّه صديقي، ما كان من هذا الأخير إلا أن دفع بسيارته مسرعاً خوفاً من العدوى، بطريقة أثارت في نفسي مزيجاً من الضحك والتعجب!
في السعودية يقيم حوالي 11 مليون وافد من مختلف دول العالم

11 مليون وافد
في السعودية يقيم حوالي 11 مليون وافد من مختلف دول العالم، وقد اتخذت حكومة المملكة العربية السعودية إجراءات وتدابير استثنائية فيما يتعلق بحركة المقيمين وسفرهم والحالات التي تواجه تأشيرات المقيمين في البلدان المختلفة، وذلك مواكبة للضرورات التي اقتضت تسهيلات لازمة بسبب جائحة كورونا.

اقرأ أيضاً: من يحكم الحوثيين... وما علاقة ذلك بـ"كورونا"؟
على صعيد التوعية بالخطورة غير المسبوقة لفيروس كورونا، ولسهولة انتشاره وسرعتها؛ اتخذت الحكومة والقطاع الخاص جملة من التدابير، منها المؤتمر الصحفي اليومي لرصد حالات الإصابة بفيروس كورونا، وتمليك الحقائق للناس مع إذاعة التوعية والإرشادات التي شارك فيها وزراء، على رأسهم الدكتور توفيق الربيعة، وزير الصحة السعودي، من خلال تغريدات ينشرها على حسابه بتويتر، إلى جانب حملات إعلانية ومراكز اتصال يتم عبرها تبليغ بالحالات، كما تمّ تنظيم وبثّ عروض توعية درامية في التلفزيون عبر مقاطع تمثيلية سريعة، شارك فيها كبار الممثلين السعوديين، من أمثال: ناصر القصبي، وراشد الشمراني، وحبيب الحبيب.

غياب مشائخ "الصحوة"
ثمة ملاحظة مهمة هي غياب ردود فعل من كانوا يعرفون سابقاً بمشائخ الصحوة الذين طالما كانوا نجوماً في مثل هذه الأحداث الكبرى، عبر مقاطع فيديو يشرحون فيها بطرق استعراضية تعكس فقط الإيحاء بضرورة أن يدلوا بدلوهم في أيّ شأن، مهما كان صغيراً أو كبيراً، توهماً منهم بأنّ شمولية الإسلام تقتضي ذلك! وربما كان ذلك الغياب الملحوظ نتيجة للالتزام بلوائح الضبط الإعلامي على منصات البثّ في المملكة العربية السعودية، وهو توجه خفف كثيراً من غلواء التدخل في كلّ حدث والخوض فيه من طرف مشائخ الصحوة، بوجهات نظر كانت تعكس تفسيرات فطيرة تدور حول نظرية المؤامرة وما شاكلها.

اقرأ أيضاً: إيران وكورونا… وسلطة رجل الدين
التفاعل الذي أبداه بعض المشاهير الذين أصيبوا بفيروس "كوفيد 19" على مستوى العالم والمنطقة العربية، سواء كانوا نجوماً أو سياسيين، عكس بدوره أهمية المشاركة الوجدانية والحديث عن المرض، كنوع من التضامن الإنساني ولتشجيع كثيرين للإعلان عن إصابتهم بالمرض من أجل تبديد وهم الوصمة الاجتماعية من ناحية والمساعدة في حصار المرض والحدّ من انتشاره بالإعلان عنه وحماية الآخرين منه من ناحية ثانية.
وفي سياق كهذا؛ كشف حاتم المسحل، نائب رئيس مجلس إدارة نادي فريق الاتفاق الرياضي بالمنطقة الشرقية، لصحيفة "الشرق الأوسط"، إصابته بفيروس كورونا وخضوعه للعزل الصحي في الفترة المقبلة، وكتب المسحل على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: "تمّ تشخيصي بالإصابة بكورونا، وقد كنت في عزل صحي في المنزل بعيداً عن المناسبات الاجتماعية والاحتكاك مع الآخرين إلا عند الضرورة، وبارتداء الكمامة، وبحول الله سوف أقضي 14 يوماً بالعزل الصحي في المجمع الطبي في ‫الدمام‬، ونصيحتي لكم: اتبعوا التعليمات".‬ ‬‬‬‬‬‬



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية